د. محمد الزغول

د. محمد الزغول
كاتب من مركز «الإمارات للسياسات»

ما مدى نجاح واشنطن في وقف صادرات النفط الإيرانية؟

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الثامن من مايو (أيار) 2018، بأنه ينبغي على الجميع التوقّف عن شراء النفط الخام الإيراني اعتباراً من الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، لكن يبدو أن السؤال الأهم يتعلق بإمكانية تطبيق مثل هذا الحظر على صادرات النفط الإيرانية من جانب القوة العالمية الأولى منفردة.

تعميق أزمة نظام الملالي

توصف السياسة الخارجية الأميركية بأنها سياسة الخطط البديلة والسيناريوهات المتزامنة، بينما يُعرف عن النظام الإيراني تفضيله دبلوماسية اللحظة أو الفرصة الأخيرة، وبراعته في عمليات المراوغة والتشتيت والتظليل لإضعاف تركيز الخصوم على طبيعة ومستوى التنازلات، وحصر طموحاتهم في الحصول عليها أولاً.

النظام الإيراني... عودة هواجس البقاء

اتضحت الصورة بشكل جليّ في طهران. الولايات المتحدة عازمة على تكرار محاولات تغيير النظام الإيراني. هذا ما أوضحه إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بشأن الاستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه إيران. جاءت لائحة الشروط الأميركية شاملة لكل نقاط الاختلاف بين إيران وجيرانها العرب والخليجيين من جهة، ومُعبِّرة عن كل الخطوط الحمر، والهواجس الأمنية الإقليمية والدولية تجاه المسألة الإيرانية عموماً. هناك اعتقاد قوي في طهران بأن الخصوم الإقليميين كان لهم دور كبير في انسحاب الرئيس ترمب من الاتفاق النووي، وفي رسم معالم الاستراتيجية الأميركية الجديدة في المواجهة مع إيران.

أوهام النظام التوسعية أنهكت الإيرانيين

ظهرت إيران منقسمة على نفسها، ومضطربة، خلال الأيام القليلة الماضية، كما لم تكن طوال أربعة عقود من عمر «الثورة الإسلامية»، وذلك بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» المعروفة بـ«الاتفاق النووي». وتسارعت وتيرة وقوّة نزعة التشكيك في قدرة النظام الإيراني على إصلاح نفسه من الداخل، نتيجة الإخفاقات المتتالية في إحداث أي انفراجه في أزمات النظام المركّبة داخلياً وخارجياً.

الحل في سوريا وافتراق المتحالفين

عندما تمتد الأزمات والصراعات تتصدع تحالفاتُها الأوليّة. تتشكّل خرائط مصالح جديدة، وتتآكل أخرى. ومن يتأخر عن اللحاق بالتحوُّلات والحقائق الجديدة على الأرض، يُترَك. لا عواطفَ في الأمر، ولا فسحة من الوقت لدى الحلفاء المتقدمين للوقوف، وانتظار وصول الصديق المتأخر. أنهى جنرالات روسيا الاتحادية مهمتهم في سوريا. روسيا باتت قريبة جداً من الوصول إلى السيناريو الأمثل الذي كانت موسكو تتوخاه. ومجمل أهداف فلاديمير بوتين الاستراتيجية تحققت بنجاح؛ أعاد الرجل الاعتبار لمكانة روسيا الدولية. نجح في مواجهة الولايات المتحدة.

ضرورة وقف النظام الإيراني عند حدوده الجغرافية

عنوان لافت وضعه منظمو «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الرابع» للجلسة التي خُصِّصت لمناقشة المسألة الإيرانية، خلال الأسبوع الماضي في العاصمة الإماراتية؛ «تفكيك شفرة إيران». عنوانٌ يشي برغبة إقليمية في فهم مُحرِّكات السلوك الإيراني، واستكشاف ديناميّات صناعة القرار في بلد أصبح اسمه مُقترناً بكلّ أزمات المنطقة بلا استثناء.

خيبة أمل في طهران

حُزنٌ عميقٌ يخيّم على طهران هذه الأيام. شعور بالخسارة والانكسار يمتدّ ليشمل الجميع؛ المسؤول والمواطن، الفقير والغني، رجل الدين وغير المؤمن. محاولة الاحتيال على العالم أخفقت. الابتسامات العريضة لم تتمكن من إخفاء عيوب الصورة الظاهرة. أمس «حزب الله» و«حرس» الولي الفقيه، عادوا مرة أخرى تحت وطأة عقوبات أميركية واسعة النطاق. عودة كاملة إلى ظروف عام 2008 الخانقة. الدائرة السوداء تعود. عاد كثيرون في طهران إلى أرشيفهم للبحث عن ملفات «مغلقة» منذ سنتين؛ أرقام هواتف وعناوين أشخاص، وجهات لم تعد طهران تحتاجها بعد توقيع «الاتفاق» الكبير. اليوم لا بدّ من إحياء تلك الخطوط والشبكات.