هويدا سعد
نادراً ما كانت نساء شرق حلب يغادرن بيوتهن قبل الحرب، لكنهن أصبحن الآن يشكلن وجه السلام المرير. ففي المناطق الفقيرة والمتمسكة بتقاليدها القديمة في العاصمة التجارية القديمة لسوريا، نادراً ما غادرت النساء بيوتهن، وإذا حدث فبصحبة أزواجهن.
لم يكن الصبي يرغب في رؤية قطع الرؤوس، لذلك أمسك بيدي والدته وأغلق عينيه بشدة. ولكن رؤية عمليات الإعدام كانت إجبارية عندما كانت البلدة مسقط رأسه خاضعة لسيطرة «داعش» في شمال سوريا... إذا كنت موجودا في الشارع، فلا بد من أن تشهد الإعدام. ويتذكر الصبي، البالغ من العمر 11 عاما الآن واللاجئ في بيروت، أنه شاهد 10 عمليات لقطع الرؤوس على أيدي «داعش»، وذات مرة شاهد أحد الرجال المتهمين بجريمة ما وهم يلقونه من أعلى مبنى شاهق في البلدة. وكانت أفلام عمليات الإعدام تعرض بعد التنفيذ، وكانوا يدعون الأطفال للمشاهدة داخل المساجد.
على امتداد أكثر من عام، قمنا بعمل صحافي استثنائي. من جانبه، حرص «أبو المجد»، ضابط شرطة سوري، جرت الاستعانة به كثيرًا في أدوار تليق بضابط جيش، على إرسال رسائل نصية إلينا طيلة الوقت، وضمت الرسائل أخبارًا من الخطوط الأمامية، وشكوى من الدوريات المملة الرتيبة التي يتعين عليه القيام بها، وأحيانا كانت تتخلل شكواه تعبيرات تكشف مشاعر رعب أو فخر أو شك. بالنسبة لنا، كان أبو المجد بمثابة نافذة بالغة الأهمية على حرب مستعرة داخل سوريا أجبرنا في كثير من الأحيان على متابعتها عن بعد.
في السنوات الأولى للانتفاضة السورية، كان يصور المتظاهرين في شوارع حيه الذي يسيطر عليه المتمردون، في المركز التاريخي لمدينة حمص. كان يهتف من أجل الكرامة والحرية، حاملا راية من الألوان الأبيض والأخضر والأسود، وهي النسخة القديمة من العلم الوطني. عندما حاصرت القوات الحكومية المدينة القديمة، كان يزرع الخضراوات على سطح منزل عائلته، كان يبكي وهو يترك ثمار الطماطم على فروعها مغادرا على مضض إثر قرار بوقف إطلاق النار.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة