محمود أبو عواد
وضعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أوزارها بعد 50 يوما من هجوم كاسح طال كافة مناحي الحياة في القطاع وغير معالم أحياء بأكملها وأصبح أكثر من ربع سكانه البالغ عددهم قرابة 1.8 مليون بلا مأوى، كما خلف آلاف القتلى والجرحى. وارتكبت إسرائيل خلال تلك الحرب التي تعتبر الأطول والأكثر خسارة للطرفين من بين كل الحروب التي شهدتها غزة خلال العقد الأخير، عشرات المجازر بحق عائلات أبيدت بأكملها كما دمرت أبراج سكنية تقطن بها عشرات العائلات، واستهدفت مقار حكومية وتجارية ناهيك بآلاف المنازل. كما وقعت خسائر في الجانب الإسرائيلي كانت أغلبها اقتصادية.
كان أحمد الشوا (23 سنة) جالسا في شقته، يراقب من زجاج نوافذها الغارات المكثفة التي كانت تضرب مناطق مختلفة من مدينة غزة ويتصاعد منها الدخان والغبار. مل أحمد ذاك الجو والشعور بأنه حبيس المنزل خوفا من أن يصاب في حال غادره. قرر ترك شقته والبرج السكني واللقاء بصديق يقطن في منزل قريب من البرج. قضى أحمد ساعات في منزل عماد وهما يتجاذبان أطراف الحديث بشأن الحرب والدمار الذي طال القطاع. حان موعد المغادرة والعودة إلى شقته لكنه فضل قبل ذلك أن يتوجه إلى السوبر ماركت لشراء بعض الحاجات مثل المكسرات والشوكولاته والكولا وغيرها. تناول حاجاته وغادر المحل الذي يبعد أمتارا قلائل عن البرج.
كثفت إسرائيل منذ مساء الجمعة وعلى مدار أمس غاراتها الجوية على قطاع غزة والتي خلفت نحو 10 قتلى وإصابة 80 آخرين. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف نحو 20 هدفا بما في ذلك منصات إطلاق صواريخ ومخابئ أسلحة، كما ألقت طائراته آلاف المنشورات على عدد من أحياء القطاع تحذرهم من التعامل مع عناصر حركة حماس. وأودت إحدى الغارات الإسرائيلية بحياة خمسة من أفراد عائلة واحدة، إذ أعلنت وزارة الصحة أن 5 فلسطينيين من عائلة أبو دحروج لقوا حتفهم في غارة على منزلهم في بلدة الزوايدة وسط القطاع غزة.
غادر مؤمن مقداد (23 سنة) منزله في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة على متن سيارة أجرة متجها إلى موقف سيارات الجنوب، بالقرب من مستشفى الشفاء، ليستقل من هناك حافلة صغيرة (سيرفيس) للذهاب إلى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.
يحاول سلاح الجو الإسرائيلي فرض معادلة جديدة على سكان قطاع غزة من خلال تكثيف غاراته الجوية التي تستهدف كل هدف متحرك أو ثابت يشتبه في وجود حركة داخله، كما جرى في أحد محالات البقالة في حي الزيتون عند ظهر أول من أمس (الأربعاء) وأدى إلى مقتل 6 فلسطينيين، من بينهم 4 أطفال كانوا قد خرجوا من منزلهم المجاور للبقالة بهدف شراء بعض حاجاتهم. وشهدت الحرب الإسرائيلية، المستمرة في غزة منذ أكثر من 45 يوما، استهدافا متكررا من قبل قوات الاحتلال للمدنيين الفلسطينيين خلال تحركاتهم المختلفة، سواء في محيط منازلهم أو بعيدا عنهم.
بدا المشهد في بعض أحياء غزة كأن تسونامي هائلا سيضربها، في وقت يبحث فيه الأهالي عن ملاذ لا يطاله ذاك الخطر الداهم.
لم يعد بإمكان الأطفال والعائلات الفلسطينية عموما في قطاع غزة قضاء إجازات الأعياد وغيرها في المنتجعات والمدن السياحية، على ندرتها، بعد أن وضعتها إسرائيل ضمن بنك الأهداف خلال الحرب فتعرضت تلك المتنزهات لتدمير واسع كباقي مرافق الحياة في القطاع. وكانت مدينة بيسان الترفيهية شمال قطاع غزة والتي تضم أكبر حديقة حيوانات في القطاع، أحد أهداف الطائرات الإسرائيلية التي حولت تلك «الجنة الخضراء»، كما يصفها الفلسطينيون، إلى كومة رماد بعد أن كانت المزار المفضل لدى العائلات الفلسطينية. ويقول مدير مدينة بيسان المهندس شادي حمد، لـ«الشرق الأوسط» إن خسائر البنية التحتية لحديقة الحيوان في المدينة بلغت نحو 100 ألف د
لم يبق في غزة هدف حتى نالت منه الصواريخ الإسرائيلية وإن كان لا يتعلق بالبشر، بل حتى بالشجر والحجر وصولا إلى الدواجن والمواشي.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة