عبد الله المطيري
ولد ديفيد بوم David Bohm في ولاية بينسلفينيا الأميركية خريف 1917 وتوفي في لندن في خريف 1992 بعد أربع وسبعين سنة عمل فيها كأحد أهم علماء فيزياء الكم في القرن العشرين، وكأحد أهم منظري الحوار في القرن ذاته. قد يوحي هذا الاهتمام المشترك بالعلم والحوار بشيء من الغرابة من الوهلة الأولى. في الأخير العلم مشغول بإيجاد معلومات موضوعية عن الواقع وهذه المعلومات يفترض أن لا تخضع للقراءات الفردية. وفي المقابل فإن الحوار قائم على التواصل من خلال القراءات الذاتية والرؤى الفردية. هذه الصورة توحي بتعارض ظاهري يعترض عليه بوم ويعد أنه سبب من أسباب أزمة التواصل التي عصفت ولا تزال تعصف بالبشرية.
بول إردش (Paul Erdos)(1913 - 1996) عالم رياضيات هنغاري عاش بلا سكن وبلا وظيفة ورغم هذا فهو أكثر علماء الرياضيات نشرا على مدار التاريخ. بحسب «نيويورك تايمز» فقد نشر إردش في حدود 1475م دراسة أو بحثا في الرياضيات وعلوم الحاسب. ليس هذا فقط بل أيضا يعد إردش من أكثر علماء الرياضيات إنتاجا لأبحاث مشتركة مع آخرين. الصورة كالتالي: يصل لإردش خبر أن عالما رياضيا في مكان ما من العالم مهتم بقضية يهتم بها «awdh» ويقرر إردش الرحيل لمقابلة ذلك الشخص والعمل معه لفترة معينة ليخرجوا بدراسة علمية وليبحث إردش عن صديق وعن مشكلة رياضية أخرى. كان إردش بارعا في تصور وشرح المشكلات الرياضية.
يبدو أن كرت غردل، عالم المنطق الذي تحدثنا عنه هنا سابقا، لم يكن لا منطقيا بالكامل حين قرر ألا يأكل إلا من يد زوجته، الوحيدة التي كان يثق فيها، فقد مات معاصره عالم المنطق الرياضي البريطاني آلان تيورينغ (Alan Turing) وإلى جانبه تفاحة مسمومة كان قد أكل جزءا منها. الأسبوع الماضي أذاعت وكالة الأنباء البريطانية «BBC» برنامجا خاصا عن حياة تيورينغ الذي وضعه الرئيس الأميركي أوباما في خطبته في لندن ضمن هذه المجموعة «نيوتن، داروين، آينشتاين، ستيف جوبز» كقادة لعالم الإبداع.
من العلامات الفارقة في الساحة الفنية الأميركية أعمال «ستاند آب» كوميدي، ومن العلامات الفارقة داخل هذا اللون الفني أعمال الكوميديان لوي سي كي. أعمال «ستاند آب كوميدي» فارقة لعدة اعتبارات من أهمها أنها تتحرك في المنطقة الأكثر حساسية اجتماعيا وسياسيا. بمعنى أنه في الكوميديا الواقفة نعثر على ملامسة قريبة للخطوط الحمراء في المجتمع. في أميركا وتحت حماية حق التعبير المضمون في الدستور يبقى على الكوميديان إجراء حساباته الخاصة للمناطق الحساسة التي يريد ملامستها كوميديا. البعض يختار القضايا السياسية والدينية محورا أساسيا لنقوداته وملاحظاته كما نجد عند بل مار مثلا.
يروى عن أينشتاين أنه فقد حماسه لكثير من أعماله في آخر عمره، وأنه كان يذهب يوميا لمكتبه لـ«يحظى بمتعة الحديث مع المنطقي النمساوي - الأميركي غردل في طريق العودة للمنزل». تعرفت على أفكار غردل لأول مرة خلال دراستي للمنطق الرياضي من خلال أطروحته في مبرهنة اللااكتمال، التي برهن فيها على أن أي مجموعة من المبادئ للحساب لا يمكن أن تكون مكتملة، بمعنى أنها لا يمكن أن تبرهن على صحة كل الجمل الحسابية داخل هذه المجموعة. هذا يعني أنه ستكون دائما هناك عبارات نعرف أنها صحيحة لكن مجموعة المبادئ الأساسية لا تبرهنها.
قبل الحديث عن جمهورية أفلاطون لا بد من الإشارة إلى إشكالية متعلقة بأفلاطون نفسه. لا أعني هنا مسألة حقيقة وجوده التاريخي، بل قضية العلاقة بينه وبين سقراط ونسبة الأطروحات لأي منهما. واقعيا، سقراط لم يكتب شيئا، بينما كل ما كتبه أفلاطون نسبه إلى سقراط. أي أننا أمام أفلاطون الذي كتب كل شيء ثم نسبه لسقراط. لا يوجد شيء منسوب مباشرة لأفلاطون، وكل ما ينسب لسقراط لم يكتبه بنفسه. للخروج من هذه الإشكالية يرى بعض الباحثين أنه يمكن التمييز بين أفلاطون وسقراط في كتابات أفلاطون كالتالي: سقراط هو المحاور المتسائل الشكاك، بينما أفلاطون هو الذي يقدم أطروحات إيجابية.
ماذا يعني أن تعيش في أوروبا إبان الحرب العالمية الأولى والثانية؟ بل ماذا يعني أن تكون يهوديا في تلك الفترة؟ بل، أيضا، ماذا يعني أن تكون يهوديا ألمانيا في تلك الفترة؟ حياة مارتن بوبر، المولود في 1878 والمتوفى عام 1965، يمكن أن تكون نموذجا للتفكير في تلك الأسئلة. بوبر، الفيلسوف الوجودي، اختار أن يكون الحوار جوابه عن الكوارث التي مرت بأوروبا وبالعالم في ذلك الوقت. في كتابه الشهير «أنا وأنت» (I and Thou)، أسس بوبر لفلسفة حوارية تقوم على اعتبار الحوار شكلا من أشكال الوجود الإنساني وليس فقط مجرد وسيلة للتواصل.
كان أبي يجيد إلقاء القصص والحكايات المدعومة بأبيات الشعر في مجلسه الخاصة والمجالس التي كان يرتادها. كانت حكاياته محلية ومن إطاره الثقافي الخاص، وكثير منها من تجربته الشخصية. في بعض الأحيان، كان أبي يتفاعل بشدة مع أحداث قصته لدرجة أن يبكي وتتساقط دموعه وتحمر عيناه. كان هذا المشهد يقلقني كثيرا وأنا صغير. من جهة لم أكن أحب أن يبكي أبي أمام الناس؛ فالبكاء كان علامة ضعف لا تليق بالرجال، فقد تربينا ونحن صغار على أن البكاء للنساء وليس للرجال. من جهة أخرى، كنت لا أفهم بكاء أبي على قصة لم يكن طرفا فيها وكانت قد حدثت قبل زمن طويل. كنت أقول في نفسي: لماذا تبكي والموضوع قد انقضى ولم يعد مهما اليوم!
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة