شيرين قباني
أعادت التفجيرات الأخيرة والتحذيرات الأمنية والدبلوماسية المتكررة التي شهدتها الساحة اللبنانية خلال الأسبوعين الأخيرين، الخوف إلى نفوس اللبنانيين الذين وقعوا ضحية شائعات نفتها الأجهزة الأمنية أمس.
على حسابها في برنامج المحادثة الفورية، غيرت إيمان حجازي «الحالة» قبل يوم من مقتلها، كتبت تقول: «اللهم إني أستودعك عاما مضى من عمري وسأستقبل عاما لا أعرف ما فيه، لكن الأمل يهمس في داخلي بأنه سيكون عاما جميلا بإذن الله». أمنية إيمان لم تتحقق، فهي كانت واحدة من ضحايا تفجير حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية أول من أمس برفقة ابنة زوجها ملاك التي استأثرت باهتمام إعلامي واسع وانتشرت صورتها في وسائل الإعلام بوصفها رمزا لضحايا عملية التفجير. في بلدة مجدل سلم (جنوب لبنان) شيع الأهالي أمس ملاك زهوي البالغة من العمر سبع عشرة سنة، وزوجة والدها إيمان.
«للحظة كدت أكون أنا الخبر»، عبارة تتكرر مع كل تفجير أو عمل إرهابي يستهدف الناس. اللحظات الأخيرة قبل انفجار السيارات المفخخة أو العبوات الناسفة المزروعة في الشوارع، يرويها أناس عايشوا الموت في ثوان قليلة وهم أحياء، وفي كل تفجير قصة. نجت هيفاء مجبور من الموت مرتين، المرة الأولى كانت في عام 2005 حين اغتيل الشهيد الرئيس رفيق الحريري، والمرة الثانية كان وجودها في وسط العاصمة بيروت، بالقرب من الانفجار الذي أودى بحياة مستشار الرئيس سعد الحريري، الوزير الشهيد محمد شطح.
لم يغير الصراع في سوريا منذ اندلاعه في 15 مارس (آذار) 2011 الخارطة السياسية للمنطقة فقط، وإنما غير أيضا حياة شبان انخرطوا في الحراك المعادي للنظام رافعين شعارات تطالب بالحرية، فكرسوا إمكاناتهم العلمية والمادية في سبيل إنجاح «ثورة رغبوا فيها في ظل ديكتاتورية نظام فرض عليهم روتينا سياسيا أوضعهم في دائرة ضيقة لا يتعدى الطموح فيها إطار العمل ولو بأجر زهيد من أجل تأمين لقمة العيش»، كما يصف أبو جعفر واقع الشاب السوري قبل تأزم الوضع في سوريا. لكل شاب وشابة حكاية مع النظام.
«أصبح الموت في حلب حدثا روتينيا، بسبب الأعداد الكبيرة من الضحايا التي تقع يوميا ضحية البراميل المتفجرة وشظاياها، ليتخطى عددها المائة برميل في اليوم».. هكذا يبدأ الناشط الميداني أبو فراس الحلبي وصفه الواقع الذي يعيشه أهالي المنطقة، يتنقلون في الشوارع والأزقة وأعينهم تراقب السماء، تحسبا لأي غارة ممكن أن تشنها طائرات النظام. تشكل حلب عاصمة اقتصادية نشطة ونقطة استراتيجية مهمة بالنسبة للنظام، وفيها يتمركز العدد الأكبر من المعارضين المسلحين في الجيش الحر الذين يسيطرون على معابر تعتبر حلقة وصل مع تركيا، الأمر الذي يسهل عملية إمدادهم بالسلاح.
أجرت عناصر قوى الأمن الداخلي عمليات تفتيش غرف المبنى «ب» في سجن رومية، وذلك غداة طلب وزير الداخلية والبلديات مروان شربل بدء عمليات التفتيش في كل غرف المبنى أسبوعيا، وعثرت بنتيجتها على آلات حادة، تم جمعها لنقلها إلى خارج السجن. وأكد شربل لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تفتيش زنزانات الموقوفين الإسلاميين جميعهم أمام وسائل الإعلام اللبنانية واقتصرت المضبوطات على بعض الآلات الحادة، ولم نجد القنابل والصواريخ المتفجرة التي قيل بأنها بحوزة الإسلاميين.
تشكو جمعيات أهلية لبنانية ودولية من تصاعد النزعة العدائية حيال اللاجئين السوريين، خصوصا مع ارتفاع أعداد الوافدين إلى لبنان وتخطيهم خلال الأسابيع الأخيرة عتبة الـ800 ألف لاجئ، معظمهم من الأطفال والنساء.
في شارع مونو البيروتي الراقي، الذي يغص بمقاهيه ومطاعمه وجامعاته، عجوز خمسيني يضع آلة الأكسجين على وجهه ويخاطب نفسه بكلمات غير مفهومة. يجلس أبو علي، اللاجئ السوري من منطقة حماه إلى بيروت، على كرسي بلاستيكي إلى جانب بوابة تشكل مدخلا لمستودع صغير تحت الأرض تأكله العفونة ونسبة الرطوبة المرتفعة. في المستودع، حيث مأواه «البيروتي»، يعيش أبو علي مع زوجته وأولاده الخمسة. يعاني من التهاب رئوي حاد، يجعله عاجزا عن العمل أو الحركة. سريره عبارة عن قطعة خشب مسطحة مهترئة ومتسخة، موضوعة على مدخل الرواق المؤدي إلى المخزن بسبب الرطوبة المرتفعة في داخله. تحاصره علب الأدوية والإبر التي لا يقوى على العيش من دونها.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة