د. سعد البازعي
من الصعب العثور على كلمة أنسب من «الحزبي» لوصف الخطاب النقدي الذي يتبناه الناقد العراقي طراد الكبيسي في كتابه «الغابة والفصول» الصادر في بغداد سنة 1979، إنه أنموذج فاقع للنقد الأدبي الذي يشعرك في كل جملة من جمله بأن ثمة رقيباً صارماً يطل من عيني الناقد نفسه. غير أن وصف الخطاب لا يعني وصف الناقد، فالخطاب حالة متعينة من حالات المواجهة التي تمثل الناقد في ظرف أو ظروف محددة قد لا تتكرر دائماً، الأمر الذي يصدق على الكبيسي وغيره. هنا ننظر في حالة رقابية تتمثل في خطاب نقدي منتج ضمن ظروف حتمت على الناقد تبني أساليب محددة في الكتابة.
أود فيما يلي أن أتوقف عند أنموذج عربي بارز لما أسميته في مقالة سابقة «سياسيات النقد الأدبي» إيضاحاً للفكرة وتأملاً للنص النقدي وهو يواجه ضغوط السياسة، ويتفنن في مقاومتها (وهي ملاحظات مستمدة مما تضمنه كتاب لي يصدر قريباً عن المركز الثقافي العربي بعنوان «مواجهات السلطة: قلق الهيمنة عبر الثقافات»). النص أو العمل النقدي المشار إليه مشهور ومهم، كنت أحد الذين تعلموا منه في بداية قراءتي للنقد الأدبي مثلما تعلمت أجيال من دارسي الأدب في الوطن العربي.
التسييس، كما ألمحت في مقالة سابقة، ظاهرة أساسية في المعرفة الإنسانية، لا غرابة فيها ولا حاجة لتبرير وجودها؛ ما نحتاجه هو التعرف عليها وإدراك حجم تأثيرها، لا سيما أن كل المشتغلين في حقول المعرفة معرضون لذلك التأثير، سواء فيما يتلقون من المعرفة المسيسة أو ما ينتجون منها، إن كانوا من أهل الإنتاج. إننا لا نتحدث عن مواقف مسيئة أو مخططات مضللة بالضرورة، وإنما عن مصالح شخصية أو فئوية تتسرب إلى خطابات المعرفة بوصفها نتيجة طبيعية لكوننا بشراً نعيش في مجتمعات، لنا مصالح وتربطنا علاقات بالآخرين، بعضها إيجابي وبعضها سلبي. كل ذلك من المحتم أن ينعكس بقدر ما على ما نتلقى وما ننتج.
السياسيات – وليس السياسات – مفهوم متداول في الفكر المعاصر، لكنه مع ذلك ليس من الشيوع بما يكفي ليتضح الفرق بينه وبين السياسات. ولأنه مفهوم أساسي لما أنا بصدد طرحه، فمن الضروري أن أبدأ بتوضيح ما أقصد به. السياسيات ترجمة للمفردة الأجنبية «بوليتيكس» politics، وهذه تختلف عن السياسة «بوليسي» policy. السياسيات هي مجموع المواقف والخطوات التي يتخذها شخص أو تتخذها جهة ما لتعزيز مكانة أو مصلحة أو غير ذلك، وهي مواقف وخطوات مؤقتة ومرتبطة بهدف تنتهي بتحقق الهدف. هذا في حين أن السياسة بمعنى «بوليسي» هي مجموع الرؤى والمواقف التي تميل إلى الثبات في سعيها لتحقيق هدف محدد.
لا يكاد الاستشراق لدى البعض، وربما الكثيرين، يتجاوز كونه نشاطاً بحثياً غربياً جيداً ومفيداً في بعض جوانبه، وضاراً مشبوهاً في جوانب أخرى. يعترف البعض للمستشرقين بجهودهم في تحقيق التراث العربي الإسلامي حين كان أهله في غفلة الأمية، ولكنهم يرون أن تلك الجهود لم تخل من سوء نية أو سوء تفسير أدى إلى تشويه الكثير من ذلك الجهد.
حملت الأخبار مؤخراً قرار الولايات المتحدة الخروج من منظمة اليونيسكو، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، وتصدر الخبر وسائل الإعلام متضمناً أن الخروج كان بسبب مواقف المنظمة تجاه إسرائيل، فيما أشار المندوب الأميركي لدى المنظمة إلى سبب آخر ذكره أولاً كما لو أنه السبب الأهم، وهو الإدارة المالية للمنظمة، لكن الجميع يعلم أن السبب الثاني، موقف المنظمة من الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما احتلالها للقدس، وعبثها بالمواقع الإسلامية، هو السبب الحقيقي. وليس خافياً على الجميع أن علاقة الولايات المتحدة وإسرائيل بالمنظمة كانت دائماً علاقة مليئة بالصخور والأشواك، علاقة مضطربة أدت في عهد رونالد ريغان إل
كان 30 سبتمبر (أيلول) الماضي هو يوم الترجمة العالمي، وفي يوم كهذا نجد أنفسنا نحن العرب مطالبين بطرح أسئلة مهمة حول الموقع الذي حققناه، والذي يمكننا أن نحققه في ذلك المضمار الحضاري الكبير. المقالة التالية لن تطرح كل الأسئلة ولا كل الهموم، ناهيك عن أن تجيب على كل الأسئلة، أو تخفف من كل الهموم، لكنها ستحاول رسم بعض معالم الصورة استناداً إلى بعض المعلومات والآراء. تقول إحدى الإحصاءات إن نسبة ما يترجم من اللغة الإنجليزية إلى لغات العالم يتجاوز 41 في المائة من مجموع ما يترجم من اللغات الأخرى.
قد لا يتذكر البعض من الشاعر والكاتب السعودي حسن السبع، الذي رحل قبل أيام، سوى خفة ظله وضحكته المجلجلة. لكن أولئك هم الذين لم يعرفوه حقاً: لم يعرفوه شاعراً مبدعاً وكاتباً جاداً واسع المعرفة آسر الأسلوب.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة