د. خالد يايموت
أدَّت الجهود الدولية المضنية لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط إلى كسر شوكة «داعش» بزعامة أبو بكر البغدادي، إذ إن التنظيم لم يعد يسيطر إلا على 1 في المائة من الجغرافيا التي أعلنت ما تُسمّى بأرض «الخلافة» المزعومة. غير أن هذا التراجع يقابله ارتفاع وتيرة نشاط الجماعات الإرهابية بغرب القارة الأفريقية، خصوصاً بنيجيريا... حيث تشير تقارير بحثية عديدة إلى الصعود المخيف لتنظيم «أنصارو» التابع لـ«القاعدة»، بعد أن تراجع تنظيم «بوكو حرام» في بعض دول الإقليم. مع بداية 2019، أصبح تنظيم «أنصارو»، أكثر خطورة من تنظيم أبو بكر شيكاو، حيث بات «أنصارو»، يسيطر على مساحة شاسعة تعادل مساحة دولة بلجيكا.
تواصل حركة الشباب الصومالية نشاطاتها الإرهابية في دول شرق القارة الأفريقية؛ حيث تمكنت من تنفيذ هجوم نوعي بالعاصمة الكينية، نيروبي يوم 15 و16 يناير (كانون الثاني) الجاري. وقد استهدف الهجوم مجمعا ضخما يضم مكاتب وفندق «دوسيت»؛ وأسفرت العملية التي نفذها أربعة من مقاتلي حركة الشباب، عن قتل 21 شخصا، من بينهم مواطنون، أجانب وغربيين.
أظهرت العملية الإرهابية التي وقعت بمنطقة إمليل قرب مدينة مراكش السياحية، في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2018؛ والتي أسفرت عن مقتل سائحة دنماركية وأخرى نرويجية، أن المغرب لا يزال يعاني بشكل مباشر من الخطر الإرهابي. ومن المثير أن تنظيم داعش لم يعلن إلى اليوم، مسؤوليته عن العملية؛ رغم أن المنفذين أعلنوا مبايعتهم للتنظيم المتطرف. كما بينت التحريات التي ما زالت مستمرة، وأدت لاعتقال 17 شخصاً، أن الأمر لا يتعلق بمجرد «ذئاب منفردة»، أو خلية من الخلايا المحلية؛ والتي اعتادت المصالح الأمنية التعامل معها منذ سنة 2003.
شهدت الأيام القليلة الماضية تطورا لافتا للنظر في المواجهة العسكرية بين تنظيمين إرهابيين نشيطين في الصومال. ورغم أن الاشتباك الأخير، لا يعد الأول من نوعه، حيث كانت بداية المواجهات بين المجموعتين قد انطلقت سنة 2015.
عاد بقوة تنظيم «الدولة بغرب أفريقيا» المعروف بحركة «بوكو حرام» إلى الواجهة. فقد قتل نحو 100 جندي نيجيري في هجمات نفذها مقاتلو هذا التنظيم الإرهابي، في النصف الثاني من هذا الشهر، نوفمبر (تشرين الثاني) 2018؛ حسب ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، نقلاً عن مصادر أمنية لم تسمها. ويأتي ذلك في سياق المواجهات اليومية العنيفة، التي يستعمل فيها الطرفان الأسلحة المتوسطة، والثقيلة؛ كما أدت الهجمات الأخيرة، للتنظيم الإرهابي إلى مقتل أكثر من 150 من المدنيين، 56 منهم سقطوا في الأيام الأخيرة.
خلف الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم داعش الإرهابي، نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بواحة الفقهاء، والذي أوقع 5 قتلى و10 مخطوفين، في صفوف القوات الأمنية الليبية. ومثل هذه العمليات مؤشر واضح على احتفاظ فرع ليبيا من «جماعة البغدادي»، على قدرة مهمة في زعزعة الاستقرار؛ ليس فقط بمنطقة الجفرة، وإنما في عموم الجنوب الليبي.
تعيش منطقة الساحل والصحراء وسط اضطرابات أمنية متزايدة؛ في الوقت الذي يؤكد كثير من الدراسات وتحليلات مراكز الأبحاث، أن حالة عدم الاستقرار الأمني بهذه المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد، لأسباب إثنية وسياسية وجغرافية مجالية.
تسارعت في الأسابيع الأخيرة وتيرة الهجمات التي تشنها «حركة الشباب» الصومالية، كما توسعت مساحة تحرك هذا التنظيم الإرهابي، لتشمل مناطق واسعة من جغرافية البلد الذي يعيش أزمة استقرار، في غياب جيش وطني منظم. وبحسب تقارير لباحثين ومراكز مختصة في القرن الأفريقي والمنظمات الإرهابية في الصومال، فإن النشاط النوعي الحالي لـ«الشباب المجاهدين»، بزعامة أحمد ديري أبو عبيدة، يعود لعاملين أساسيين. ويتعلق الأول بالمرونة التي اكتسبها التنظيم، والتي أهلته للتكيف مع الظروف الصعبة التي عاشها في الفترة الممتدة بين 2014 و2017.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة