نائب دي ميستورا لـ «الشرق الأوسط» : مؤشرات إيجابية يمكن ترجمتها في «جنيف»

أطلع ممثلي الدول العربية على مستجدات الملف السوري

TT

نائب دي ميستورا لـ «الشرق الأوسط» : مؤشرات إيجابية يمكن ترجمتها في «جنيف»

أكد نائب المبعوث الأممي إلى سوريا رمزي عز الدين لـ«الشرق الأوسط» أنه عرض على اجتماع مجلس الجامعة العربية في القاهرة أمس تطورات الملف السوري منذ شهر مارس (آذار) الماضي، وسمع تصورات الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط حول خطة التسوية، وطبيعة المفاوضات المقبلة المقررة في جنيف في سبتمبر (أيلول) المقبل.
من جهته، أكد ناطق باسم الجامعة العربية 4 أولويات؛ بينها رفع أي ترتيبات تؤدي إلى تقسيم سوريا أو أن تكون بديلاً من المسار السياسي لتسوية الأزمة السورية بصورة شاملة وفقا لمقررات جنيف وعلى أساس قرار مجلس الأمن «2254».
وأكد رمزي في حديث إلى «الشرق الأوسط» في القاهرة، أهمية «الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية وتوضيح المخاوف التي تتحدث عن التقسيم، مع إقامة مناطق تخفيف التوتر». كما تحدث عن المبادئ التي طرحها المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا التي تحدد شكل الدولة. وقال في حال الاتفاق الكامل عليها من الحكومة والمعارضة «ستشكل بداية لبناء الثقة والأمل في التوصل إلى تسوية سياسية». كما أشاد بالدور الروسى في توحيد منصات المعارضة الثلاث؛ موسكو والرياض والقاهرة. وشدد على أهمية الدور العربي بعد الجهود التي قامت بها كل من مصر والأردن في تخفيض التوتر في بعض المناطق.
وتابع أن هذا هو الاجتماع الثالث بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة للتنسيق في الملف السوري، حيث سبق اجتماع للمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا مع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، و«هذا يؤكد حرص الطرفين على التشاور المستمر بين الأمم المتحدة والجامعة العربية؛ إذ إنني عرضت في الاجتماع تطورات الأوضاع منذ شهر مارس الماضي عندما تحدث المبعوث الخاص إلى سوريا أمام الاجتماع الوزاري». وتابع: «في تقديرنا أن الصورة العامة بها بعض المؤشرات الإيجابية؛ سواء المستوى الميداني والمناطق التي تسيطر عليها المجموعات، والتوصل إلى اتفاقات في مناطق خفض التوتر».
وعلى المستوى السياسي، أشار رمزي إلى «بعض المؤشرات الإيجابية التي نشهدها في نشاط الدور الفرنسي، وكذلك استمرار الاتحاد الروسى في بذل جهود كبيرة لتحقيق التقدم فيما يتعلق بالتقارب في وجهات النظر بين منصات القاهرة والرياض وموسكو واتخاذ مواقف متطابقة على قضايا أساسية مثل المبادئ التي تحكم مستقبل سوريا، والبرنامج الزمني، وعملية صياغة الدستور». وأضاف: «تحدثت عن الأولوية التي يعطيها المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب، وقد انعكس ذلك في تصريحات رئيسي فرنسا وأميركا. كما عرضت الرؤية التي طرحها المبعوث الخاص خلال الجولة السابعة، وكيفية التعامل مع الأحداث على أرض الواقع، وأهم ما أحرزته مباحثات جنيف».
وقال إنه يأمل في إحداث نقلة جديدة في مفاوضات جنيف «فيما يتعلق بالمبادئ التي تحكم مستقبل سوريا، خصوصا أن هناك تقدما فعليا، ولكن نأمل في المزيد». وتابع: «معروف أن دي ميستورا سبق أن قدمها منذ بداية العام في 12 بندا محددا تتحدث عن شكل دولة سوريا في إطار الحل السياسي؛ بحيث تصلح هذه المبادئ أن تكون مبادئ أساسية للدستور. على سبيل المثال؛ طبيعة العلاقة بين السلطات، ووضع مكونات المجتمع السوري، وكلها أمور لا يختلف عليها أي سوري من النظام أو حتى المعارضة، وهذا أمر مهم، لأنه يعد إجراء بناء ثقة للشعب السوري عندما يرى التوافق والاتفاق بين المعارضة والحكومة، ويعطى الأمل في التسوية السياسة للحل في سوريا».
وكان أبو الغيط أكد على ضرورة أن تكون «سوريا المستقبل صاحبة سيادة على أراضيها، وألا يكون هناك مكان للميليشيات الأجنبية أو المقاتلين الأجانب والجماعات الإرهابية على الأراضي السورية».
وأكد خلال الاجتماع التشاوري للمندوبين الدائمين للدول الأعضاء لدى الجامعة العربية الذي انعقد الأربعاء «أهمية الترتيبات المؤقتة لوقف نزف الدم في سوريا»، مشددا في الوقت نفسه على «ضرورة ألا تكون تلك الترتيبات بديلا عن الحل السياسي للأزمة السورية». وأكد على «ضرورة أن تظل هذه الترتيبات مؤقتة، ولا ينبغي أن تمثل بأي حال من الأحوال تمهيدا لاستدامة الأوضاع المرتبطة بتقسيم فعلي للوطن السوري»، قائلا: «نحن لا نقبل إلا بسوريا موحدة ومستقلة وذات سيادة».
وقال أبو الغيط: «نؤيد كل ترتيب واتفاق يكون من شأنه حقن الدماء في سوريا وحفظ الأنفس، ونشجع أي جهد يبذل في هذا الاتجاه، ويكون من شأنه خفض التصعيد العسكري، ووقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وإدخال المساعدات الإنسانية».
وأوضح الوزير المفوض محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، أنه «تم التأكيد على ثوابت موقف الجامعة العربية تجاه الأزمة السورية التي تتمثل في 4 نقاط رئيسية: الأولى: تأييد كل ترتيب أو اتفاق أو جهد يكون من شأنه حقن دماء السوريين وحماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. الثانية، رفض أي ترتيبات من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم سوريا أو الإخلال بوضعيتها كدولة موحدة. الثالثة، أن سوريا المستقبل يجب أن تكون صاحبة سيادة حقيقية على أراضيها ولا مكان فيها للجماعات الإرهابية أو للمقاتلين الأجانب. الرابعة، أن أي ترتيبات مؤقتة يتم اتخاذها، على أهميتها الكبيرة في وقف نزف الدم، ينبغي ألا تكون بديلا عن المسار السياسي لتسوية الأزمة السورية بصورة شاملة وفقا لمقررات (جنيف) وعلى أساس قرار مجلس الأمن (2254)».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.