«كريستيان ديور» تحتفل بمؤسسها في معرض «مصمم الأحلام» بباريس

بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيسها وانطلاق ثورتها النسوية

كل المصممين الذين تعاقبوا عليها حافظوا على جيناتها واجتهدوا في تطويرها - جانب من المعرض الذي ينظمه «متحف الفنون الزخرفية» بباريس وتعرض فيه فساتين  من أرشيف الدار أو مستعارة من متاحف عالمية (تصوير: نيكولا ألان كوب) - أصبحت ورشاتها في «أفينيو مونتين» معلماً ومرادفة للحرفية والرقي - من تشكيلة ماريا غراتزيا كيوري الأخيرة من خط الـ«هوت كوتير»
كل المصممين الذين تعاقبوا عليها حافظوا على جيناتها واجتهدوا في تطويرها - جانب من المعرض الذي ينظمه «متحف الفنون الزخرفية» بباريس وتعرض فيه فساتين من أرشيف الدار أو مستعارة من متاحف عالمية (تصوير: نيكولا ألان كوب) - أصبحت ورشاتها في «أفينيو مونتين» معلماً ومرادفة للحرفية والرقي - من تشكيلة ماريا غراتزيا كيوري الأخيرة من خط الـ«هوت كوتير»
TT

«كريستيان ديور» تحتفل بمؤسسها في معرض «مصمم الأحلام» بباريس

كل المصممين الذين تعاقبوا عليها حافظوا على جيناتها واجتهدوا في تطويرها - جانب من المعرض الذي ينظمه «متحف الفنون الزخرفية» بباريس وتعرض فيه فساتين  من أرشيف الدار أو مستعارة من متاحف عالمية (تصوير: نيكولا ألان كوب) - أصبحت ورشاتها في «أفينيو مونتين» معلماً ومرادفة للحرفية والرقي - من تشكيلة ماريا غراتزيا كيوري الأخيرة من خط الـ«هوت كوتير»
كل المصممين الذين تعاقبوا عليها حافظوا على جيناتها واجتهدوا في تطويرها - جانب من المعرض الذي ينظمه «متحف الفنون الزخرفية» بباريس وتعرض فيه فساتين من أرشيف الدار أو مستعارة من متاحف عالمية (تصوير: نيكولا ألان كوب) - أصبحت ورشاتها في «أفينيو مونتين» معلماً ومرادفة للحرفية والرقي - من تشكيلة ماريا غراتزيا كيوري الأخيرة من خط الـ«هوت كوتير»

70 سنة مرت على تأسيس دار «ديور». تعرف جيدا أنها ليست بقدم الأهرامات مثلا، ومع ذلك تستشعر كما لو كانت كذلك. فهي هرم بالنسبة للفرنسيين، كما أن الجيل الجديد من عشاق الموضة فتحوا أعينهم وذائقتهم على أسلوبها. 70 عاما تختزل إرثا غنيا بدأه كريستيان ديور في عام 1947 بما أصبح يُعرف بالـ«نيو لوك» وطوره كل من تسلم المشعل من بعده، وهم 6 مصممين لحد الآن؛ من الراحل إيف سان لوران الذي تقول كتب الموضة إنه كان أصغر مصمم يتسلم مقاليد مؤسسة بحجم «ديور» إثر موت أستاذه المفاجئ في عام 1957، مرورا بمارك بوهان، وجيانفرنكو فيري، وجون غاليانو، وراف سيمونز، إلى ماريا غراتزيا كيوري التي أصبحت أول امرأة تدخل الدار بصفتها مصممة في عام 2016.
بهذا التاريخ المميز، يحتفل متحف الفنون الزخرفيّة بباريس من 5 يوليو (تموز) 2017 حتى 7 يناير (كانون الثاني) 2018؛ نظم معرضا شاملا يدعو فيه الزوار إلى خوض رحلة استكشافيّة تجمع الماضي بالحاضر بخيوط من الترف والإبداع. فـ«ديور» اليوم ليست مجرد دار أزياء عالمية؛ بل مؤسسة ثقافية تفتخر بها فرنسا كلها، وأسلوبها الرومانسي لا يزال يؤثر على أذواقنا وحياتنا بشكل أو بآخر. هذه الرومانسية قد تبدو جد مألوفة على يد مصممين شباب لا يزالون يغرفون من نبعها، إلا أنها في زمنها كانت ثورة بكل المقاييس.
فكريستيان ديور، كما يؤكد المعرض، لم يكن مصمما عاديا. صحيح أن شخصيته كانت هادئة، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بعملية الإبداع، كان يميل فيها إلى خض التابوهات، مدفوعا بحبه للمرأة من جهة؛ وتعامله مع الـ«هوت كوتير» بصفته فنا قائما بذاته من جهة أخرى. ولعل الـ«نيو لوك» أكثر ما يرتبط باسمه ويحدد مدرسته. وهو «لوك» لم يأت من فراغ أو تبخر فيه بعد موسم أو موسمين فقط. فقد كان ثورة أعادت للمرأة أنوثتها بعد أعوام طويلة من الحرب وما تطلبته من تقشف. عوض الأقمشة الخشنة التي كانت مستعملة طوال سنوات الحرب، استعمل أقمشة مترفة. وبدلا من متر أو مترين فقط، لم يبخل على القطعة الواحدة بأمتار طويلة أثارت عليه نقمة البعض. الرافضون كل الثورات استنكروا فعلته: كيف لهذا الفرنسي البورجوازي أن يسمح لنفسه بأن يقدم للمرأة كل هذا البذخ؟ هل يعيش في معزل عن الواقع ولا يعرف ما يجري من حوله؟
بالنسبة لعاشقاته كان هذا الاتهام أبعد ما يكون عن الحقيقة. فهو لم يكن يصمم بمعزل عما يجري من حوله، بل العكس تماما. عايش معاناة المرأة، وكان نعم المنصت لها. لم يُعجبه أن تضيع رومانسيتها بسبب حرب كانت من صنيعة الرجل وهو من شب في وسط يقدر الجمال. كانت طفولته سعيدة بين أحضان عائلة بورجوازية تعشق الطبيعة، الأمر الذي شكل شخصيته وأسلوبه في الوقت ذاته. لهذا نجد أن الطبيعة لا تزال جزءا من رموز الدار إلى اليوم. وتقول القصة إنه كان يساعد والدته على شذبها وغرسها والعناية بها في حديقة بيت العائلة في غرانفيل. وبما أن الطفل هو أبو الرجل، فإن حب الورود رافقه إلى مماته وورثه لخلفائه من بعد. كان يتفاءل بها فكانت تظهر دائما في عروضه وفي عطوره.
بالقدر نفسه الذي أغدق فيه الرومانسية والأنوثة على المرأة، بادلته هي الأخرى التقدير ولم تنس له جميله في إخراجها من حالة البؤس التي كانت تعيشها الموضة في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. فقد أتاح لها معانقة أنوثتها من جديد عندما أعاد لها خصرها الذي ضيعته التصاميم العملية والأقمشة الخشنة.
ورغم أن الموت غيبه بشكل مفاجئ إثر سكتة قلبية في عام 1957، فإن الدار أكملت مسيرته متقيدة بمبادئه؛ فقد عينت تلميذه الموهوب إيف سان لوران خليفة له آنذاك، ليكون أصغر مصمم يتولى قيادة الدار. لم يخيب آمال عشاق الموضة والإبداع الذين يتوقعون الجديد في كل موسم، لكنه أثار حفيظة زبونات الدار المخلصات بجموحه للتغيير. كان بإمكان امرأة «ديور» أن تغفر له جموحه هذا وتفسره على أنه فورة الشباب، وأن الزمن كفيل بترويضه، لكنها لم تستطع أن تغفر له أن يسرق منها خصرها ثانية. ما قام به أنه استقى تصميمه المثير للجدل «ترابيز» Trapèze، من مجموعة «كورولا» Corolla التي أبدعها أستاذه تكريماً منه لمفهوم «المرأة - الزهرة»، لكن نفذه بشكل عكسي، أي مقلوب... جاء الفستان منسدلا من الأكتاف إلى الركبة مبتعدا عن الخصر بشكل واضح. لم تمر التشكيلة مرور الكرام، كما يعرف كل متابع للموضة. وكما أثار إعجاب عُشاق الموضة والفنانين على أساس أنه كان سابقا لأوانه، أثار حفيظة زبونة «ديور» المخلصة للمؤسس. والنتيجة أنه لم يُعمر في الدار طويلا، إلا أنه أصبح جزءا من تاريخها، كما يؤكد المعرض.
مع اقتراب حلول فترة الستينيّات، كان قد فتح الأبواب أمام أسلوب «الموجة الجديدة» New Wave. هذه الموجة هي التي حددت عهد خليفته المصمم مارك بوهان. على العكس من إيف سان لوران لم يكن منجذبا نحو إحداث الصدمة وفرض نفسه بابتكار إطلالات قوية تخض المجتمع أو تطرح تساؤلات فكرية. كان يفضل الفخامة على كل هذا، ولم يخرج كثيرا عن النص الذي كتبه كريستيان ديور، مع أخذه بعين الاعتبار التغييرات الاجتماعية التي شهدتها حقبتا الستينات ثم السبعينات.
طوال سنواته الـ29 في الدار، قدّم بوهان مجموعات رائعة، تارة من خلال أسلوب «سليم لوك» Slim Look الذي يتميز بالبساطة والخطوط البعيدة عن أي مبالغات، أو بابتكاره شعار «ديور» الذي بدأت الدار باستخدامه على الإكسسوارات والأزياء في عام 1968. لكن لكل شيء نهايته، وفي أواخر الثمانينات تنحى عن عرشه وعينت الدار بديلا له هو الإيطالي جيانفرنكو فيري. اختيار إيطالي لقيادة مؤسسة فرنسية في 1989 أثار عاصفة إعلاميّة كبيرة في فرنسا. كيف تختار الدار مهندسا معماريا من ميلانو؟ هل قلت المواهب الفرنسية؟ وما شابه من تساؤلات واستنكارات.
لحسن الحظ أن جيانفرنكو فيري نجح سريعا في تذويب مقاومة الفرنسيين له بموهبته وقدراته الهندسية الفذة على تفصيل كل قطعة. كان مثل المؤسس يعشق الأحجام الهندسية والترف. والأهم من هذا جاء هذا الترف والتفرد في وقت كانت فيه الـ«هوت كوتير» في أمسّ الحاجة إليه مضادا أمام الهجمة التي تعرض لها هذا القطاع من قبل الأزياء الجاهزة. إعجابه بفن الباروك تحديدا منح الأقمشة الفاخرة والتصاميم المنسدلة والزخرفات المسرحيّة بُعدا جديدا استحضر أسلوب الراحل ديور وعشقه للفن والهندسة على سواء. وهكذا أفحم هذا المصمم الإيطالي معارضيه.
بيد أن كل ما حققه من نجاح وإثارة لا يقارنان بما حققه البريطاني جون غاليانو عند تسلم المشعل منه عام 1997، فقد عزز أنوثة الدار وارتقى بفنيتها لمرحلة غير مسبوقة من الرومانسية والدراما. لم يضاه حب المصمم البريطاني لتقمص الأدوار والشخصيات الدرامية سوى عشقه لاستكشاف ثقافات بعيدة؛ زمنيا وجغرافيا. أعاد في مرة من المرات الـ«نيو لوك» New Look الذي أسسه ديور في عام 1947 بلمسة ذات طابع يابانيّ. ومرة أخرى كرم مادلين ديور، والدة المؤسِّس، بجمعه الزي التقليدي لمحاربي الماساي بالأنسجة المخرّمة ومشدّات «الكورسيه» من القرن العشرين، ومرة ثالثة أخذنا إلى الحضارة الفرعونية... وهكذا. كانت موهبته فذة، كما كان صعب المراس لا يعرف الحلول الوسطى. للأسف لم تكن نهايته في الدار ودية، وغادرها فاتحا المجال لدخول راف سيمونز، الذي لم يكن الاختيار المتوقع.
فهو من الحركة المينيماليّة التي ترفع شعار «القليل كثير» بينما «ديور» قائمة على الفخامة والتفاصيل الباذخة. ما يُحسب له أنه كان متحمسا ويُدرك أنها فرصة العمر، لهذا غاص في أرشيف الدار وفهم جيناتها الرومانسية. ترجمته هذه الرومانسية تجسدت في آلاف الزهور التي كانت تستقبل الحضور في كل عروضه لتُذكر بعشق كريستيان ديور لها وتفاؤله بها. بعد 3 سنوات، استقال مفضلا أن يتفرغ لداره والابتعاد عن الأضواء. لم تتسرع الدار بتعيين خليفة له. كان مهما بالنسبة لها أن تتوصل إلى المصمم المناسب للزمن المناسب. وهكذا في عام 2016 اختارت أن تقودها امرأة لأول مرة. وبعد موسمين فقط، أكدت الإيطالية ماريا غراتزيا كيوري أنها كانت خيارا موفقا. أعطت الأنوثة معنى جديدا بإطلاقها ما أصبح يُعرف الآن في أوساط الموضة بـ«الحركة النسوية». مجموعتها الأولى تضمنت مثلا «تي شيرت» أبيض كتبت عليه قولا للروائيّة النيجيريّة شيماماندا نغوزي أديشي: «كلنا ناشطات نسويات». وصلت رسالتها سريعا إلى عاشقات الموضة في كل أنحاء العالم. لكنها وفي خضم هذه الثورة النسوية، لم تتجاهل إرث الدار؛ بل العكس طورته بلغة العصر؛ تارة بإضافتها أغطية للرأس على بدلات مفصلة أو أقنعة من الريش، وكأنها تريد أن تُذكرنا بالحفلات التنكّرية التي كان يقيمها أو يحضرها المؤسس، وتارة بإعادة صياغة تصميم جاكيت الـ«بار» المحدد عند الخصر، الذي كان سلفها راف سيمونز قد وسعه بعض السنتيمترات. وفي كل الحالات كانت الرسالة قوية تعكس الأحداث التي نعيشها. فكما أعاد كريستيان ديور للمرأة أنوثتها في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، نجحت ماريا غراتزيا كيوري في أن تعيد لها صوتها ورغبتها في الحفاظ على ما اكتسبته من حقوق.
فقد تختلف اللغة ومصادر الإلهام والوجهات وقصص الحياة، إلا أن الأساس لم يتغير، والنتيجة التي تستخلصها من المعرض أنه لا فرق بين الماضي والحاضر؛ فمنذ 70 سنة بدأت القصة بحق المرأة في الحفاظ على أنوثتها، والآن تنادي بحقها في التمسك بقوتها واستقلاليتها، أو هذا ما يؤكده على الأقل نحو 300 فستان تم تصميمها من 1947 إلى اليوم. أما في حال لم تكن هذه الفساتين كافية لتقدم قراءة وافية عن كل التطورات الاجتماعية والثقافية التي مرت بها المرأة، فإن لوحات فنية وصورا فوتوغرافية ومئات الرسومات والصور الوثائقية، والرسائل والملاحظات والوثائق الإعلانية، من شأنها أن تساعد في تسليط مزيد من الضوء على مسيرة دار أسسها رجل كان يحلم بأن يصبح مهندسا، وانتهي به الأمر أن يكون مصمما، مخلفا لنا إرثا لم نشبع منه بعد.
يقام المعرض في متحف الفنون الزخرفيّة The Musée des Arts Décoratifsبباريس من 5 يوليو 2017 حتى 7 يناير 2018.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.