انتقل التوتر العسكري والاهتمامات الدولية خلال الأيام القليلة الماضية من شمال سوريا إلى جنوبها، وذلك بعد قرار النظام وحلفائه فتح معركة الوصول إلى الحدود العراقية. ومن ثم، تأمين ممر بغداد - دمشق ولاحقا ممر بيروت - طهران، بالتزامن مع ما يجري تداوله عن حشود عسكرية على الحدود الأردنية مع سوريا، تمهيدا لعملية تدعمها واشنطن في الجنوب.
«الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» اللبناني «نبّه» مما وصفه بـ«تحركات لقوات أميركية وبريطانية وأردنية باتجاه الأراضي السورية». ووجه تهديدا مباشرا لواشنطن على لسان مصدر مطلع قائلا: «ليعلم الأميركيون وحلفاؤهم أنهم سيدفعون الثمن غالياً، وسيكونون أهدافا جراء استباحتهم الأرض السورية». وفي المقابل، نفت فصائل «الجيش السوري الحر» المنضوية في غرفة عمليات «الموك» (ومقرها الأردن) أن تكون قد أُبلغت بنية واشنطن القيام بعملية مماثلة، أو قد طُلب منها الاستعداد لمعركة مشتركة. ورجّح سعد الحاج، مسؤول المكتب الإعلامي لـ«جيش الأسود الشرقية»، أن يكون النظام والروس «يشيعون أخبارا عن عملية أميركية - بريطانية - أردنية، لتبرير هجومهم الجديد على البادية، وتحقيقهم تقدما عسكريا في المنطقة جارٍ حاليا التصدي له». وأكد الحاج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يتم إبلاغهم أو إبلاغ أي فصيل في الجبهة الجنوبية بالتحضير لعملية مماثلة. وأردف: «نحن لا نزال نخوض معارك بوجه (داعش) والنظام في إطار حملة (سرجنا الجياد) التي تهدف لفك الحصار عن القلمون الشرقي وتوسيع رقعة سيطرة الجيش الحر في حال حاول النظام التقدم باتجاه دير الزور والمنطقة الشرقية».
أيضاً، تحدث الحاج عن «سحب النظام أعدادا كبيرة من عناصره من جبهات الشمال السوري إلى البادية، وعن معلومات جارٍ التأكد منها عن سحب تشكيلات لـ«حزب الله» يُرجح أن تشارك بمعارك البادية». وأوضح: «الروس موجودون بشكل دائم في المنطقة لاهتمامهم بخط الغاز الممتد من تدمر إلى البادية، كما أن مشاركة (حزب الله) بالقتال لن يكون مستبعدا، لأن الهدف الرئيسي من المعركة الحالية بالنسبة لطهران هو فتح طريق بيروت - طهران».
أما المعارض السوري عبد الرحمن الحاج فنفى لـ«الشرق الأوسط» وجود معلومات مؤكدة عن عملية عسكرية ستُشن عبر الحدود الأردنية، لافتا إلى أن «ما يهم عمّان حاليا هو تأمين حدودها بشكل كامل ومنع اختراقها من قبل عناصر (داعش) و(القاعدة)». وتابع: «إذا حصل وشنّت الأردن بدعم أميركي - بريطاني عملية مماثلة على حدودها، فلن يكون مستبعدا أن تتوسّع هذه العملية لقطع الطريق على النظام وحلفائه الذين يسعون للوصول إلى الحدود العراقية وفتح طريق بغداد - دمشق». واستطرد شارحا أن «المعركة الرئيسية بالنسبة لإيران والأولوية الحالية هي فتح هذا الممر، إلا أننا نستبعد تماما أي مواجهة بين الإيرانيين والأميركيين، أو حتى بين موسكو وواشنطن. فكل الأطراف يعون تماما أن قدراتهم محدودة جدا أمام القدرات الأميركية ولن ينجروا إلى مواجهة تنهي وجودهم بشكل كلي في سوريا».
من جهته، وضع الباحث والمعارض السوري أحمد أبازيد تنبيه النظام و«حزب الله» من «مواجهة كبرى» في الجنوب، ضمن إطار «السباق الحاصل بين موسكو وحلفائها من جهة وواشنطن وحلفائها من جهة أخرى إلى مدينة دير الزور».
ولفت أبازيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «معركة البادية - دير الزور هي معركة واحدة من منطلق أن السيطرة عليهما تعني فتح طريق دمشق - بغداد البرية، وهذا ما يسعى له الإيرانيون والروس». ثم أضاف: «نحن لا نعتقد أن الأميركيين سيتساهلون مع هذا المخطط، باعتبار أن المشروع الأميركي يقول حاليا بالحد من النفوذ الإيراني وليس منح طهران ممرا دائما». وتابع قائلا: «منذ فترة تحاول واشنطن إخضاع منطقة دير الزور والبادية لسيطرتها، إلا أن الروس يحاولون ممارسة ضغوط من خلال تحركات عسكرية على الأرض».
جدير بالذكر، أن «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» نشر مساء أول من أمس (الاثنين) ما زعم أنها صور جوية تُظهر الحشود داخل الأراضي الأردنية، وذيلها بعبارة «ما تقومون به يقع تحت مرمى البصر والنار». وأتبع الصور ببيان منسوب إلى «مصدر مطّلع»، جاء فيه قوله: «سوريا وجميع حلفائها يتابعون عن كثب ما تسعى له أميركا من وجودها عند الحدود الأردنية السورية، وتراقب تحركاتها في تلك المنطقة، حيث تم رصد تحركات لقوات أميركية وبريطانية وأردنية باتجاه الأراضي السورية».
وحمل البيان تهديدا مباشرا للأميركيين إذ قال: «ليعلم الأميركيون وحلفاؤهم أنهم سيدفعون الثمن غالياً، وسيكونون أهدافا جراء استباحتهم الأرض السورية». ورأى المصدر أنّ «المناورة التي تجري حاليا عند الحدود الأردنية السورية مناورة مشبوهة، يراد منها التغطية على مشروع لاجتياح واحتلال أراضٍ سوريا تحت عناوين محاربة (داعش) التي ليس لها أي وجود فعلي عند تلك الحدود».
وأضاف أن «هذه المناورة هي غطاء لتجميع قوات متنوعة من أميركيين وغربيين وعرب، في معسكر الزرقا، حيث يبلغ عدد المسلحين نحو 4500 مسلح تم تدريبهم منذ فترة وإعدادهم لتلك العملية، بالإضافة إلى القوات الأجنبية، لتحقيق مشروع الحزام الأمني مثل الأحزمة الأمنية حول سوريا التي لا تعدو كونها مشاريع احتلال».
من جانبها، تحدثت قناة «الميادين» المقربة من النظام السوري و«حزب الله»، أيضا عن «رصد تحركات عسكرية ضخمة تشير إلى اقتراب ساعة الصفر على الحدود السورية مع الأردن»، مدعية «تجمّع حشود عسكرية أميركية وبريطانية وأردنية على الحدود الجنوبية لمحافظتي السويداء ودرعا من تل شهاب إلى معبر نصيب وإلى منطقة الرمثا وانتهاء بخربة عواد، بوجود كتائب دبابات بريطانية ثقيلة من نوع (تشالنجر) مع 2300 مسلح وعدد من الطائرات المروحية (الهليكوبتر) من طرازي (كوبرا) و(بلاك هوك)». وزعمت القناة أن «قرابة 4000 مسلح ممن دربوا في الأردن موجودون في منطقة التنف داخل الحدود السورية».
إلا أنه لم يصدر، في المقابل، أي تعليق رسمي أردني أو أميركي بخصوص أي استعدادات لعملية عسكرية مرتقبة في الجنوب السوري. ومن المعلوم أنه يجري التحضير لمناورات «الأسد المتأهب» لعام 2017 التي تشارك 23 دولة خلال الفترة الواقعة من 7 ولغاية 18 مايو (أيار). وأشار الناطق الإعلامي باسم القوات الأردنية المشاركة إلى أن مناورات «الأسد المتأهب» لعام 2017 ستشارك فيها قوات برية وبحرية وجوية يبلغ عددها قرابة 7200 مشارك يمثلون القوات المسلحة الأردنية والجيش العربي وممثلون عن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية.
الجنوب السوري مهدد بالاشتعال في ضوء حسابات معركة البادية ـ دير الزور
النظام و«حزب الله» يحذران من «مواجهة كبرى» ويهددان واشنطن
الجنوب السوري مهدد بالاشتعال في ضوء حسابات معركة البادية ـ دير الزور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة