ما حقيقة منع فيتامين B17 الذي يقضي على السرطان؟

ما حقيقة منع فيتامين B17 الذي يقضي على السرطان؟
TT

ما حقيقة منع فيتامين B17 الذي يقضي على السرطان؟

ما حقيقة منع فيتامين B17 الذي يقضي على السرطان؟

فيتامين B17 هو الشكل المركّز من بذور المشمش التي تقدم فوائد صحية لا تحصى، إن تمّ استعمالها بالشكل المناسب. قلة قليلة يعرفون ان الجمعية الأميركية الطبية وجمعية السرطان الأميركية وإدارة الغذاء والدواء الأميركية حاولتا منع الناس عن كتابة الكتب وإنتاج الأفلام عن الفيتامين B17 المذهل بقدراته كمضاد للسرطان. لقد أوقفوا أشخاصاً لقيامهم بإخبار الآخرين برأيهم في الموضوع في اجتماعات عامة، ولاحقوا أيضاً أطباء طبقوا هذا العلاج بهدف إنقاذ حياة مرضاهم.
"قد لا يُصدِّق الإنسان أن المرض الذي يجتاح العالم ولا مفرّ من أن يُسبّب الموت هو تجارة صنعتها شركات الأدوية،" بحسب مؤلف كتاب "عالم بلا سرطان"، إدوارد غريفين. ويضيف أنه بخطوات بسيطة يمكن الوقاية من السرطان ومُعالجته من دون التطرق للعِلاجات المُستعصية.
وفي فيديو لسيدة تروي قصتها مع السرطان، قالت "كنت مصابة بالسرطان لمدة سنتين. إذا كنتم تريدون إنقاذ حياتكم، قوموا بأبحاثكم ! يمكنكم أن تبدأوا بكتاب "عالم من دون سرطان"، لمؤلفه G. Edward Griffinn، على Amazon، المكان الوحيد الذي تستطيعون أن تشتروا فيه الفيتامين B17 (عبر الأنترنت)". وأضافت، "الفترة الوحيدة التي تراجع فيها السرطان عندي هي عندما كنت تحت تأثير B17. وعندما توقفت عن تناوله بسبب خوفي من "السيانيد" الموجود فيه، عاد السرطان".
” اسمي ساندي، وقهرت السرطان بواسطة فيتامين. أنا أم لأربعة أولاد وقد حاربت السرطان لمدة سنتين مع الكثير من جلسات العلاج الكيميائي، وكنت أقضي كل مرة أسبوعاً بكامله في المستشفى، ثم أعود إلى المنزل مريضة، وكان يجب أن أخضع لجلسات علاج أكثر، وقلت لا! ثم حصلت على فيتامين B17، قام بتأمينه لي معالج بالطب الطبيعي، وأريد أن أخبر العالم كله عن منافع هذا الفيتامين".
ما هو فيتامين B17؟
يحتاج جسم الإنسان إلى العديد من الفيتامينات للقيام بوظائفه الصحية ومنها فيتامينB17 الذي يُعرَف تجارياً باسم أميغدالين أو ليترييل. وبعد أن تمّت دراسته طبياً، توصل الباحثون إلى أنه مهم لعلاج السرطانات نظراً لاحتوائه على ما يُعرَف بالسيانيد، والذي بدوره يُعتَبر إحدى أهم المواد المسؤولة عن تدمير الخلايا السرطانية. كما يتم تناوله لعلاج السرطان إما على شكل حبوب عن طريق الفم، أو على شكل حُقَن، كما أن تعاطيه مُسبقاً عن طريق الأغذية يُجنّب أو يُقلّل من احتمالية الإصابة بالسرطان. وله فوائد صحية أخرى مهمة كالتقليل من الألم الذي يرافق الإصابة بالتهابات المفاصل، إضافةً إلى التقليل من ارتفاع ضغط الدم.
ما هي مصادر فيتامين B17؟
الكثير من المواد الغذائية يُشكّل مصدراً مهماً لفيتامين B17، أهمها بذور الفواكه المُختلفة كبذر التفاح، اللوز، والمشمش. بالإضافة إلى البرقوق، الخوخ والسفرجل. كما أن الحبوب الكاملة كالقمح والشعير، ونبات العلّيق وتوت العلّيق، وبعض أنواع المُكسّرات كالكاجو، كلها تحمل هذا الفيتامين. ويقول العلماء إن تناول 7 بذرات مشمش يومياً كافية للوقاية من مرض السرطان.
علاقة الفيتامين B17 بمرض السرطان
الكتاب الطبي "عالم بلا سرطان" كشف عن كيفية عمل هذا الفيتامين ودوره في الوقاية من مرض السرطان أو تدمير الخلايا السرطانية.
المؤلّف، إدوارد غريفين، الذي استند إلى الأبحاث العلمية، أكّد في كتابه ضرورة استخدام هذا الفيتامين للعِلاج والقضاء على السرطان، بحيث أن عمل مادة ليترييل التي تُكون أنزيمات فعّالة باستطاعتها تفتيت الغشاء الذي يحمي الخليّة المريضة وتُمكّن الأجسام المُضادة في الجسم من قتلها وبالتالي القضاء على الوَرَم.
وأظهرت دراسة أجريت على شعب الهانزكوت في باكستان، وهنود الهوبي، وشعب الإسكيمو، نظراً لاختفاء حالات الإصابة بمرض السرطان عندهم، أن النظام الغذائي لهذه الشعوب غني بفيتامينB17. الأمر الذي يؤكّد الدور الفعّال لهذا الفيتامين في مُحاربة السرطان والوقاية منه.



ممارسة الرياضة تحمي الأطفال من الحقد والميل للانتقام

الرياضة وسيلة بسيطة وفعالة لتعزيز الانضباط والسلوك الإيجابي لدى الأطفال (جامعة مدينة دبلن)
الرياضة وسيلة بسيطة وفعالة لتعزيز الانضباط والسلوك الإيجابي لدى الأطفال (جامعة مدينة دبلن)
TT

ممارسة الرياضة تحمي الأطفال من الحقد والميل للانتقام

الرياضة وسيلة بسيطة وفعالة لتعزيز الانضباط والسلوك الإيجابي لدى الأطفال (جامعة مدينة دبلن)
الرياضة وسيلة بسيطة وفعالة لتعزيز الانضباط والسلوك الإيجابي لدى الأطفال (جامعة مدينة دبلن)

كشفت دراسة دولية أجراها باحثون من كندا وإيطاليا فائدة جد يدة لممارسة الرياضة المنظمة في مرحلة الطفولة، تتعلق بإمكانية الوقاية مما يُعرف بـ«اضطراب التحدي المعارض».

وأوضح الباحثون من جامعة بافيا الإيطالية، وجامعة مونتريال الكندية أن الرياضة توفر سياقاً تربوياً واجتماعياً يساعد الأطفال على تبني أنماط سلوكية أكثر تكيفاً، ما يقلل من العبء الناتج عن اضطرابات السلوك المعارض ويدعم الصحة النفسية على المدى الطويل، ونُشرت النتائج، الاثنين، بدورية «European Child & Adolescent Psychiatry».

ويُعد اضطراب التحدي المعارض (ODD) حالة سلوكية تتميز بنمط متكرر ومستمر من الغضب وسهولة الاستثارة والجدال والرفض تجاه الأهل والأشخاص ذوي السلطة. ويتضمن الاضطراب أيضاً مشاعر الحقد والسعي إلى الانتقام، وهو ما يُعرف بالنزعة الانتقامية. وتؤثر هذه السلوكيات على التفاعلات الاجتماعية والعائلية، كما قد تعيق قدرة الطفل على التعلم وأداء الأنشطة اليومية بشكل طبيعي.

وتبدأ أعراض اضطراب التحدي المعارض غالباً في مرحلة ما قبل المدرسة، وتشمل المزاج الغاضب والعصبي، والسلوك الجدلي والمتحدي، والسلوك المؤذي والانتقامي. وتستمر عادة لمدة ستة أشهر على الأقل، وقد تظهر في مكان واحد فقط (خفيفة) أو في أماكن متعددة مثل المنزل والمدرسة والأنشطة الاجتماعية (شديدة). وغالباً ما يصاحب الاضطراب حالات أخرى مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، والاكتئاب، واضطرابات القلق، وصعوبات التعلم، مما يزيد من تعقيد التعامل مع حالة الأطفال.

واستندت الدراسة إلى بيانات بحث طولي حول تطور الطفل، شمل 1492 طفلاً وطفلة، وراقب مشاركتهم في الرياضات المنظمة خارج المدرسة، مع متابعة أعراض السلوك المعارض في أعمار 10 و12 عاماً. وركزت الدراسة على الرياضات التي تُمارَس تحت إشراف مدربين، والتي تتضمن قواعد واضحة وطابعاً تنافسياً.

وأظهرت النتائج أن الفتيان الذين شاركوا بانتظام في الرياضة أظهروا لاحقاً أعراضاً أقل بكثير من السلوك المعارض مقارنة بالفتيان ذوي المشاركة المنخفضة أو غير المنتظمة. أما الفتيات، فلم تُظهر الدراسة أي ارتباط واضح بين الرياضة وأعراض السلوك المعارض، وهو ما يُعزى إلى أن الفتيات عادةً يظهرن مستويات أقل من السلوك المعارض في مرحلة الطفولة الوسطى.

وأشار الباحثون إلى أن الرياضة توفر بيئة اجتماعية وإشرافية تساعد الأطفال على تعلم ضبط النفس، والتعاون، واحترام القواعد، مما يعزز صمودهم السلوكي ويحدّ من اضطرابات السلوك مستقبلاً.

وأضاف الفريق أن هذه النتائج تحمل دلالات مهمة لسياسات الصحة العامة والتعليم، إذ يمكن تشجيع المشاركة المستمرة في الرياضة خلال مرحلة الطفولة الوسطى بوصفها وسيلة بسيطة وفعالة لتعزيز الانضباط والسلوك الإيجابي لدى الأطفال، خصوصاً الفتيان، وهذه الاستراتيجية بسيطة وقابلة للتطبيق وتعود بالنفع على العائلات والمدارس والمجتمعات.


«الحرّية المُستذكرة»: معرض يفتح جروح بيروت المُغلَقة على أسئلة العدالة

أجساد مُعلّقة بين شهيق الماضي وصخب الشارع (الشرق الأوسط)
أجساد مُعلّقة بين شهيق الماضي وصخب الشارع (الشرق الأوسط)
TT

«الحرّية المُستذكرة»: معرض يفتح جروح بيروت المُغلَقة على أسئلة العدالة

أجساد مُعلّقة بين شهيق الماضي وصخب الشارع (الشرق الأوسط)
أجساد مُعلّقة بين شهيق الماضي وصخب الشارع (الشرق الأوسط)

يستقبل «بيت بيروت» زائره هذه المرة كأنه يدخل إلى ذاكرة مفتوحة على جرحها. في معرض «الحرّية المُستذكرة»، تُعرَض الأعمال الفنّية مثل أدلّة في ملف قضية لم يُغلَق بعد. قضية بلد عاش الحروب والعفو العام والانفجارات المتتالية، من 1975 إلى انفجار المرفأ، من دون أن يُجرّب طريق العدالة.

منذ الخطوة الأولى، يُفكّر الزائر بمدى مسؤوليته عن تذكُّر ما جرى، ويتساءل إنْ كان النسيان حقاً دفاعياً أخيراً. المعرض يضعنا وسط منطقة التوتّر بين الذاكرة والعفو. كأنّ عنوانه «الحرّية المُستذكرة» يُلمح إلى حرّية كانت هنا ثم انتُزِعت، فصار استعادتها فعلاً مؤلماً بقدر ما هو ضرورة للشفاء.

شظايا البلاط والدفاتر الممزَّقة (الشرق الأوسط)

تتوزَّع الأعمال على الطبقة الثالثة للمبنى الذي كان يوماً خطَّ تماس. وإنما «الخطّ الأخضر» الذي فَصَل بين شرق بيروت وغربها، تحوّل إلى مسار نباتات وأشجار يقود الزائر من المدخل حتى الطبقة الأخيرة. كأنّ اللون الأخضر الذي يتسلَّل بين الأسمنت يُحاول إعادة اختراع قلب جديد للمدينة. قلب يُداوي ولا يكتفي بتوثيق الألم.

على الجدار، تتناثر شظايا بلاط أزرق فوق دفاتر قديمة وصفحات مملوءة بخطّ اليد. تبدو القطع الأسمنتية كأنها سقطت لتوّها من سقف مُهدّم واستقرَّت فوق الكلمات لتطمسها جزئياً. العمل يختصر علاقة اللبناني مع أرشيفه الشخصي، من مذكّرات ومراسلات وخطط حياة، تنهال فوقها الأنقاض في لحظة انفجار، فيُترك صاحبها لجَمْع ما تبقّى من اللغة بين الخراب.

المدينة رقَّعت جروحها على عجل ولون الدم بقي أعمق من القماش (الشرق الأوسط)

عمل آخر يقف في منطقة بين النحت والنسيج، فتتدلَّى خيوط زرقاء كثيفة من أعلى الإطار لتُكوّن ما يُشبه ستاراً مضطرباً، تتسرَّب منه ملامح جسد إنساني. هنا تتحوَّل الخيوط إلى استعارة للجهاز العصبي المُرهَق ولتلك الذات التي عاشت الحرب والانفجار فهربت إلى الداخل، ثم وجدت نفسها مُحاصَرة في شبكة من الذكريات المُتشابكة. الجسد لا يظهر كاملاً، لأنّ الإنسان في هذا البلد لا يعود كما كان بعد الصدمة، وقدره البقاء في حالة ظهور واختفاء بين طبقات الزمن.

أما العمل المُثبت على إطار خشبي مشدود بالحبال فيبدو مثل سرير إسعاف قديم أو نافذة أُقفلت قسراً. صور وألياف وشَبَك مُحاصَرة تحت أشرطة قماشية تمتدّ مثل غَرْز على جرح كبير. يتجاور الجِلد الخشبي مع اللون الأحمر اللامع في الداخل، فتتكوَّن صورة عن مدينة عاجزة عن الحركة، تدور في حلقات من إعادة البناء والانهيار. الحبال علامة على القيود القانونية والسياسية التي كبَّلت إمكان الوصول إلى الحقيقة، منذ نهاية الحرب الأهلية حتى اليوم.

مدينة تُشبه متاهة من الأسئلة تتقاطع فوقها مسارات الناس والسلطة والمصير (الشرق الأوسط)

في زاوية أخرى من المعرض المستمرّ حتى 11 يناير (كانون الثاني) المقبل، يحتلّ عمل دائري ضخم مساحة القاعة. خريطة لبيروت مُغطّاة بشبكة من الخطوط البيضاء، تتقاطع فوقها نقاط ملوَّنة تُشبه رقاقات اللعب، تُحيط بها صور ووثائق ووجوه سياسية. يقف الزائر عند الحافة مثل مَن يقف أمام لوحة تحقيق مُعمَّق في تاريخ المدينة الحديث، تظهر فيها علاقات القوة والمصالح الاقتصادية والقرارات الدولية وملامح ناس عاديين اختفوا تحت عنوان «خسائر جانبية».

امرأة تنام فيما التاريخ يُمرّر أصابعه على بشرتها ولا يمحوها (الشرق الأوسط)

وتظهر في مساحة أخرى صورة وجه نسائي مُغمض العينين، يعلوه أثر الزمن والخدوش والطبقات. البشرة مثل قماش جدار قديم تسرَّبت إليه الرطوبة. هذا الوجه، بغطائه القرمزي وملامحه الهادئة، يُحيل إلى ضحايا مجهولين، وإلى مدينة تحاول النوم في حين آثار الكارثة لا تزال محفورة على جِلدها.

تكسر لوحة نيون ملوَّنة ثقل المَشاهد السابقة. أحرف مُضيئة وقلوب وإشارات لا نهائية، ودماغ وكلمات متداخلة. الضوء مُبهر، لكنَّ كثافته تُولّد أيضاً صداعاً بصرياً. هنا، كما في وسائل التواصل الاجتماعي، يختلط خطاب الحبّ بالألم والفكاهة بالتهديد. كأنّ المعرض يُلمح إلى أنّ معركة الذاكرة لم تعد تدور فقط في أرشيف الجرائد ومحاضر المحاكم، وإنما أيضاً في فضاء رقمي مشحون تُعاد فيه كتابة التاريخ كلّ ثانية.

لوحة النيون المشتعلة بالأحرف والرموز (الشرق الأوسط)

ولا يمكن أن يخرج الزائر من دون أن يواجه صورة صوامع المرفأ. هذه المرة في لقطتَين بالأبيض والأسود تبدوان كأنهما استُخرجتا من فيلم قديم. الخدوش على سطح الصورة تعيدنا إلى خدوش الزجاج في البيوت وإلى الخدوش في النفس. الصوامع منحنية وممزَّقة، كأنها شاهد يرفض أن ينهار بالكامل قبل أن يُعيد التذكير بأنّ الانفجار شكَّل لحظة مفصلية في علاقة اللبناني مع دولته ومعنى حياته.

أعمدة من وجع واقفة على حافّة البحر (الشرق الأوسط)

الصوامع شاهدة على انفجار لم يُطوَ ملفّه بعد (الشرق الأوسط)

ثم يُسقِط المعرض على زجاج المبنى أجساداً تتحرَّك ببطء. رجال ونساء يظهرون مثل أطياف شفَّافة، كأنهم يخرجون من طبقة زمنية أخرى ليُخاطبوا المدينة المعاصرة. الانعكاس الذي تُحدِثه الإضاءة والمرور المتواصل للسيارات يجعل المشهد مُعلَّقاً بين الحياة والغياب. فمَن يؤدّون حركات تُشبه الاستغاثة أو محاولات العبور، يظلّون محبوسين خلف السطح الزجاجي الذي يفصلهم عن الضجيج الخارجي. هنا الماضي يقف عند الواجهة، يرفع يده، ويطلب أن نراه ولو على شكل طيف، عوض أن نطالبه بالخروج من المشهد.

على امتداد الطبقة الثالثة من «بيت بيروت»، تُشارك 36 تجربة فردية في نَسْج هذا السرد المفتوح. فنانات وفنانون يُحوّلون الذاكرة إلى صورة والخوف إلى محاولة فَهْم. المعرض لا يَعد بالعدالة ولا يقدّم حلولاً سياسية، لكنه يُعلن أنّ العدالة قد تبدأ من السماح للذاكرة بأن تستعيد مكانها.

الذاكرة الفردية ليست أقل ارتباكاً من ذاكرة المدن (الشرق الأوسط)

المعرض قائم على هندسة فكرية وبصرية دقيقة نقلت «بيت بيروت» من كونه مبنى شاهداً إلى مساحة تُعاد فيها صياغة الأسئلة الوطنية الكبرى. هو ثمرة رؤية القيّمة الفنّية آني فارتيفاريان التي جمعت 36 مُشاركة ومُشاركاً ضمن سردية واحدة، ومنحت لكلّ صوت فضاءه الخاص من دون أن تفقد الفكرة وحدتها الداخلية.

وإلى جانب هذا الإطار الفكري، تبرز السينوغرافيا التي صمَّمتها ياسمينا واكيم بوصفها عنصراً أعاد ترتيب علاقة الزائر بالمكان، وفتح أمام المعرض طبقات جديدة من القراءة. هذا الجهد لم يكن منفرداً، فقد شاركت في صياغته وتحقيقه أسماء حملت المشروع إلى مستوى لائق من التأمُّل والاستعادة: جويل حجار، ومحمود الحمود، ورجاء عبود، وقسطنطين سلامة، وباربرا بولا، والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى. هؤلاء جميعاً حوَّلوا الجدران إلى طبقات زمنية والممرّات إلى نقاط عبور بين المحو وإعادة الاكتشاف. وأصبحت زيارة المبنى أقرب إلى رحلة داخل ذاكرة تتقاطع فيها التجربة الفردية مع الرواية الجماعية من دون أن تلغي إحداهما الأخرى.


«أرشيف بدوي»... فوتوغرافيا تُسجل 70 عاماً من ذاكرة الإسكندرية

صورة تبرز حرص الأسرة المصرية قديماً على زيارة الحدائق العامة (الشرق الأوسط)
صورة تبرز حرص الأسرة المصرية قديماً على زيارة الحدائق العامة (الشرق الأوسط)
TT

«أرشيف بدوي»... فوتوغرافيا تُسجل 70 عاماً من ذاكرة الإسكندرية

صورة تبرز حرص الأسرة المصرية قديماً على زيارة الحدائق العامة (الشرق الأوسط)
صورة تبرز حرص الأسرة المصرية قديماً على زيارة الحدائق العامة (الشرق الأوسط)

التجوّل في حي «كوم الدكة» بمدينة الإسكندرية (شمال مصر) يبدو اليوم أشبه برحلة في ذاكرة الثغر؛ فحوائط البنايات والمنازل في هذا الحي العتيق تكتسي بمجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة لشخوص وأمكنة تعود إلى القرن الماضي، وتمتد لما يزيد على 70 عاماً.

وقد جاءت هذه الصور ضمن احتفالية «أيام التراث السكندري» بعنوان «بدوي من كوم الدكة»، التي انطلقت في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكان من المقرر رفعها في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) بعد انتهاء المعرض، غير أن الجمهور رفض ذلك، وتمسّك ببقائها جزءاً من معالم المكان، بعدما لامست مشاعرهم وأيقظت ذكريات لم تفلح السنوات الطويلة في محوها من وجدانهم، على حد تعبير بعضهم.

أما المعرض، الذي يضم أعمال المصوّر الفوتوغرافي المصري أحمد بدوي، المولود في حي كوم الدكة والذي أسّس فيه الاستوديو الخاص به، فقد شكّلت صوره ذاكرة حيّة للمدينة تعكس مراحل من تاريخها وتحفظ ملامحها القديمة.

صور للجنازة الرمزية التي أقيمت للزعيم جمال عبد الناصر في الإسكندرية (الشرق الأوسط)

جاءت الفكرة انطلاقاً من «الرغبة في تقديم معرض مميّز يخرج من جدران الغاليريهات الفنية والقاعات والمراكز المتخصصة إلى براح الشوارع؛ ليذهب إلى الناس حيث يعيشون ويعملون، أو حتى يمرّون مصادفة، بدلاً من انتظار أن يتوجّهوا هم إليه في مكان مغلق وأنيق»، وفق المصوّر الصحافي عبد العزيز بدوي، مسؤول الأرشيف وحفيد صاحب الاستوديو الراحل.

وقد رأى عبد العزيز، ومعه الصديقان الصحافيان حازم جودة وأحمد ناجي، اللذان يشاركانه ترميم وإدارة «أرشيف بدوي»، أن الفكرة غير مسبوقة في المدينة، وربما في مصر كلها؛ لذلك تحمّسوا لها بشدّة، وطرحوا المشروع على إدارة احتفالية «التراث السكندري»، التي رحّبت بتنفيذه على الفور.

ويقول عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: «طبعنا نحو 25 صورة في البداية من أرشيف بدوي، وعلّقناها على حوائط البنايات والمقاهي والمتاجر في منطقة كوم الدكة، متّبعين المسار نفسه الذي كان يسلكه جدّي ذهاباً إلى الاستوديو الخاص به، بدءاً من منزله في الحي وصولاً إلى المحل الكائن في منطقة محطة الرمل. وفوجئنا يوم الافتتاح بترحاب كبير من أبناء المكان، حتى بدا الأمر وكأنه مناسبة عائلية».

الحفيد يُرمِّم بعض صور الأرشيف وفي الخلفية صورة للجد أمام الاستوديو (الشرق الأوسط)

ويشير إلى أن أبناء الحي أخذوا يرددون أن الصور تُجسِّد قصصهم وحكايات عائلاتهم وذكرياتهم، بل طالبوا بتعليق المزيد منها. ويتابع: «استجبنا لهم حتى وصل عددها إلى نحو 50 صورة، وعندما جاء موعد رفعها تمسّكوا ببقائها وطلبوا أن تظل معلّقة بشكل دائم؛ وقد كان لهم ما أرادوا».

ويعتقد عبد العزيز أن سِرَّ تعلّق الأهالي بهذه الصور هو أنها «لامست قلوبهم»، مضيفاً: «إنها تجسّد فعلاً حياة الناس وجذورهم وامتدادهم، كما أن مَن التقطها كان واحداً منهم». ويشير عبد العزيز إلى لفتة طريفة حين كان سكان الحي، بعد أن رأوا المنظمين يعلّقون صور الأرشيف، «هم الذين يعرّفوننا بالشخصيات الموجودة فيها، ويروون حكايات آبائهم وأجدادهم بفرح وحنين وشجن».

ومن المواقف التي لا ينساها الحفيد، تلك السيدة التي جاءت إليه وهي تحتضن صورة بيدها، وقالت له: «هذه آخر صورة لشقيقي... التقطها له جدّك في الاستوديو قبل أن يتطوّع للخدمة، واستُشهد في حرب أكتوبر بيوم واحد فقط، وكأنه أراد أن يترك لنا ذكرى لا تزول».

أهل حي «كوم الدكة» يشرحون للزائرين والأجيال الجديدة حكايات الصور (الشرق الأوسط)

يرى عم أحمد السيد، أحد سكان الحي، أن من أهم المكاسب التي حققها هذا المعرض الدائم أنه «أعاد الإحساس بالدفء إلى المكان، واستعاد المجتمع المصري كما كان في الزمن الجميل، كما أعاد الإحساس بالجمال». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحت الناس تسير في شوارع الحي وتمارس حياتها الطبيعية، تبيع، وتشتري، وتجلس على المقاهي، والذكريات تحيط بهم في هيئة صور. وأصبحوا يتطوعون لسرد قصة المعرض والحديث عن شخوص الصور لكل من يمر بالمكان بفخر. إنه بمثابة تنشيط للسياحة، وأتوقّع زيادة المترددين على هذه المنطقة التي تُعد نقطة جذب سياحي لتعدّد معالمها».

لكن كيف وقع الحفيد وصديقاه على هذا الكنز من الصور الفوتوغرافية النادرة؟ يقول عبد العزيز: «كنا نذهب للعمل داخل استوديو جدّي، وكان أمامنا أرشيف من الصور يعود إلى الثمانينات. وذات يوم نزلنا إلى السرداب بحثاً عن كاميرا قديمة، فإذا بنا نعثر على مئات الآلاف من الصور التي يعود بعضها إلى الأربعينات من القرن الماضي».

ويضيف: «نُرمّم الآن هذه الأعمال، ونحاول الحصول على منح لمواصلة هذا المشروع. ولم يقتصر الأمر على الصور؛ فقد اكتشفنا أيضاً مراسلات بين جدّي وأحد أصدقائه المداومين على السفر إلى أوروبا، عرفنا منها أنه كان يطلب أحدث الكتالوغات والكاميرات المتوفرة آنذاك؛ ما يدلّ على أنه كان مواكباً لعصره. وقد تضافر ذلك مع موهبته، فكانت النتيجة تميّزه مصوّراً فوتوغرافياً يتفوّق علينا نحن الجيل الجديد رغم التطور واستخدامنا للتصوير الرقمي».

الصور أصبحت جزءاً من نسيج شوارع الحي (الشرق الأوسط)

وتابع: «داخل الاستوديو شاهدنا جانباً من أرشيف بدوي الذي عمل مصوّراً رسمياً لديوان المحافظة، ومصوّراً صحافياً لأشهر الصحف المصرية، مما أتاح له توثيق الأحداث المهمة في الإسكندرية أيضاً. وكان من أبرزها الجنازة الرمزية الموازية التي شهدتها المدينة عند رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، إضافة إلى صور لرموز مصرية في مؤتمرات ومهرجانات مختلفة».

وتغطي الصور فترة زمنية واسعة تمتد من أربعينات القرن الماضي حتى عام 2005، حين توقف الجد عن التصوير إلى أن رحل في عام 2013، وفق ما يوضحه الحفيد.

يشرح عبد العزيز أن «الصور تعكس نبض المدينة وتشكّل ذاكرتها الحيّة؛ فهي توضّح الطرز المعمارية والأماكن التي اندثرت، كما تُبرز موضات الملابس وتسريحات الشعر. وتُظهر كيف كانت الأسرة المصرية تحرص بين حين وآخر على التقاط (صورة الأسرة) داخل الاستوديو توثيقاً لتاريخها». ويتابع: «وتعكس كذلك حرص العائلات على الخروج الجماعي والتنزه معاً في المعالم السياحية».

صورة طفل يرتدي بيجامة «كستور» أنيقة وحذاءً أسود كلاسيكياً أمام ساعة الزهور (الشرق الأوسط)

ومن الصور التي لا ينساها عبد العزيز، وأثارت داخله كثيراً من الأسئلة، صورةٌ لطفل مصري يرتدي بيجامة «كستور» أنيقة وحذاءً أسود كلاسيكياً، يلعب بدراجة صغيرة أمام «ساعة الزهور». وقد نُشرت هذه الصورة في جريدة «الأهرام» خلال العيد عام 1964. ويقول عبد العزيز إنه يتمنَّى أن يعرف أين أصبح هذا الطفل اليوم؟ وهل وصلت إليه صورته يوماً؟

ومن المقرّر أن يشارك «أرشيف بدوي» بمجموعة من الصور المتنوعة في فعاليات عدّة بالقاهرة والإسكندرية، ليتعرَّف جمهور أوسع على حكايات من ذاكرة «عروس البحر المتوسط».