واشنطن تهز معاقل «القاعدة» في اليمن بعشرين غارة «درون»

البنتاغون لـ «الشرق الأوسط»: لم نستهدف قيادياً كبيراً ونسقنا مع حكومة هادي

جانب من آثار ضربة أميركية سابقة استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن (أ.ب)
جانب من آثار ضربة أميركية سابقة استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن (أ.ب)
TT

واشنطن تهز معاقل «القاعدة» في اليمن بعشرين غارة «درون»

جانب من آثار ضربة أميركية سابقة استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن (أ.ب)
جانب من آثار ضربة أميركية سابقة استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن تنفيذها أكثر من 20 غارة جوية استهدفت «القاعدة» في اليمن صباح أمس الخميس، وذلك بالتعاون مع الحكومة اليمنية، حسب بيان قال فيه المتحدث باسم البنتاغون، جيف ديفس: «نفذت القوات الأميركية سلسلة من الضربات الدقيقة في اليمن ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس (أمس)، حيث استهدفت تلك الغارات مجموعة من المسلحين والمعدات وأنظمة الأسلحة الثقيلة والبنية التحتية للقاعدة في محافظات أبين والبيضاء وشبوة».
وخضت واشنطن التنظيم الإرهابي بسلسلة غارات تعد الأولى من نوعها منذ عملية الإنزال البرية التي جرت في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وأسفرت عن مقتل عناصر من التنظيم ومدنيين بينهم أطفال، وجندي أميركي.
وتعيد الضربة التأكيدات التي نشرتها «الشرق الأوسط» عن السفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تولر، الذي قال في منتصف فبراير (شباط) الماضي: «سوف تستمر عملياتنا ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وضد تنظيم داعش الإرهابي في اليمن، وسوف نستغل كل الفرص المتاحة، بالتشاور والتعاون المستمر مع حكومة الجمهورية اليمنية في الهجوم وتدمير الجماعات الإرهابية هناك».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أمنية وقبلية مقتل 12 عنصرا يشتبه بانتمائهم للتنظيم. في حين أشاد المتحدث باسم البنتاغون بالجهود التي تبذلها حكومة الرئيس هادي في جانب دحر تنظيم القاعدة في اليمن، وقال: «أجريت الضربات بالشراكة مع الحكومة اليمنية وبالتنسيق مع الرئيس هادي، وفي الحقيقة الحكومة اليمنية هي شريك مهم في مكافحة الإرهاب، ونحن نؤيد الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال مواجهة المنظمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب».
يقول كريستوفر شيروود، وهو متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»: «حتى اللحظة لا يوجد قيادي كبير ضمن القتلى، وقد يتغير ذلك بعد التعرف على القتلى».
وأشار ديفس إلى أن «القاعدة» استخدم أجزاء من اليمن لرسم خطط إرهابية، مؤكدا عزم بلاده مواصلة ملاحقته، متابعا: «بكل تأكيد ستقلل الضربات الأخيرة من قدرة (القاعدة) في جزيرة العرب، وتحد من قدرته على استخدام الأراضي التي استولى عليها من الحكومة الشرعية في اليمن، حيث اتخذ (القاعدة) من المساحات غير الخاضعة لحكومة هادي لرسم وتوجيه وإلهام الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وبدورنا سوف نستمر للعمل مع الحكومة اليمنية لهزيمة القاعدة في جزيرة العرب وحرمانه من القدرة على العمل في اليمن».
وصرح مسؤول أميركي بالقول إن الغارات كان مخططا لها منذ أشهر، ولا علاقة لها بالغارة التي قال البيت الأبيض مرارا إنها كانت ناجحة وأثمرت عن جمع معلومات استخباراتية مهمة، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه: «الغارة كانت قيّمة، لكن الضربات لم تكن متعلقة بها مباشرة».
ولم ينتظر الرئيس الأميركي دونالد ترمب 10 أيام في البيت الأبيض، حتى أعطى الضوء الأخضر لأول عملية إنزال برية توجهها واشنطن ضد تنظيم القاعدة في اليمن. ورغم السجال المرافق للعملية وتداعياتها، فإن مؤشرات توجهات الإدارة الأميركية الجديدة في هذا الملف تبدو جلية، ولا توجد كلمة أدق من «التصعيد» لوصفها.
ويقول براء شيبان، وهو باحث في منظمة «ريبريف» البريطانية المتخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب لـ«الشرق الأوسط»: «واضح أن أسلوب ترمب من خلال هذه العمليات بأنه يريد التأكيد على أن عملية الإنزال في يختل لم تكن غلطة، وواضح أن اتجاه القيادة الأميركية الجديدة يسير نحو التصعيد مع القاعدة، ويريد الظهور أمام الرأي الأميركي العام بأنه جاد في هذه الناحية».
ويكشف تقرير أعده خبراء مجلس الأمن حول اليمن، أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لم يستطع «في أعقاب الانسحاب القسري من المكلا في أواخر أبريل (نيسان) من السيطرة على أجزاء مماثلة من الأراضي أو أن يحافظ عليها أو يديرها، ومع ذلك، لا يزال التنظيم نشطا في تنفيذ هجمات باليمن تنقسم إلى ثلاث فئات رئيسية: الهجمات الانتحارية، والهجمات بمدافع الهاون، والقنابل المزروعة على جانب الطريق». ويضيف التقرير، أنه طوال عام 2016 أعلن التنظيم مسؤوليته عن نحو مائتي هجوم نُفذ معظمها باستخدام القنابل على جانب الطرق.
وكانت عملية الإنزال في يكلا أعطت مؤشرات أولية بأنها لم تنجح في استهداف قائد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي، لكنه ظهر بعد العملية بأيام، وأعلن أسماء القتلى، بيد أن البيت الأبيض يصر على أن هناك معلومات قيمة حصلت عليها الولايات المتحدة تساعد في فهم التنظيم أكثر، وتقنياته، وأساليب التدريب لديه، وهو ما نقلته «نيويورك تايمز» أمس.
بيد أن خبيرا - فضل عدم ذكر اسمه – قال إن الأسماء التي أعلن عن مقتلها في العملية لا تمثل أهمية كبرى في التنظيم، لافتا إلى أن عبد الرؤوف الذهب لا يعرف عنه بأنه من المتورطين مباشرة في التنظيم، وأن الريمي قائد التنظيم «لن يخاطر بالوجود في مكان يوجد فيه عبد الرؤوف الذهب»، مضيفا أن «أفرادا من عائلة الذهب (قتلوا بغارات أميركية أيضا) كانوا متورطين بشكل أعمق مع التنظيم».
ويعتقد تقرير فريق الخبراء الأممي أن التنظيم يعمل بنشاط من أجل الإعداد لهجمات إرهابية ضد الغرب، متخذا من اليمن قاعدة له، وقال إن الجماعة واصلت «بنشاط التجنيد من القبائل اليمنية، لا سيما في جنوب اليمن وحضرموت»، وشددت على أن «الغرب يظل هدفها الرئيسي».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.