أنقرة: مشاركتنا في الرقة ستكون غير مباشرة وننتظر خطة واشنطن

إردوغان: سنتجه إلى منبج بعد الباب ثم الرقة مع أميركا والتحالف والسعودية وقطر

مقاتلون من «درع الفرات» يتجاوزون أحجارًا تسد مدخل قرية هوزان بريف الباب الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلون من «درع الفرات» يتجاوزون أحجارًا تسد مدخل قرية هوزان بريف الباب الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

أنقرة: مشاركتنا في الرقة ستكون غير مباشرة وننتظر خطة واشنطن

مقاتلون من «درع الفرات» يتجاوزون أحجارًا تسد مدخل قرية هوزان بريف الباب الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلون من «درع الفرات» يتجاوزون أحجارًا تسد مدخل قرية هوزان بريف الباب الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

عكست تصريحات لكبار المسؤولين الأتراك تشكك أنقرة من الموقف الأميركي حول عدم مشاركة تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي يغلب على تشكيله القوات الكردية في عملية مرتقبة لتطهير الرقة معقل «داعش» في سوريا، وإن كانت أنقرة كشفت للمرة الأولى عن احتمال مشاركة السعودية وقطر في العملية، وعدم تدخلها بشكل مباشر في المعركة وإنما الاكتفاء بدور لوجيستي وتكتيكي في المؤخرة.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مجددا، أمس، أن عملية «درع الفرات» التي يدعم فيها الجيش التركي فصائل من الجيش السوري الحر في شمالي سوريا، ستُستكمل في المرحلة المقبلة متجهة نحو مدينة منبج (التي تسيطر عليها قوات من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردية) ومنها إلى محافظة الرقة.
وقال إردوغان في كلمة أمام تجمع جماهيري في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا في إطار حملته لحشد التأييد لتعديلات دستورية لتحويل البلاد إلى النظام الرئاسي في استفتاء سيجري في 16 أبريل (نيسان) المقبل، إن «عملية تحرير مدينة الباب بريف حلب من تنظيم داعش أوشكت على الانتهاء وبعد هذه المرحلة سنتجه نحو منبج، وفي حال توصلنا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي والسعودية وقطر سننتقل إلى تطهير الرقة من قطيع القتلة المسمى (داعش)».
وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ما قاله إردوغان بقوله في كلمة في مؤتمر الأمن الذي اختتم أعماله أمس الأحد في مدينة ميونيخ الألمانية إن «درع الفرات مثال جيد على التعاون مع قوات محلية (في شمال سوريا) لقتال تنظيم داعش الإرهابي، ونحن على وشك استعادة الباب، وسنستعيد الرقة مع حلفائنا».
وجاءت كلمة جاويش أوغلو تأكيدا لما رشح عن خطة تركية لتحرير الرقة اعتمادا على قوات محلية تغلي عليها عناصر عربية تقوم تركيا بتدريبهم مع دعم عربي ومن التحالف الدولي وتركيا.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أكثر وضوحا في التعبير عن حالة الترقب للموقف الأميركي ولخطة واشنطن بشأن الرقة وأي الخيارات التي ستعتمدها في هذه العملية التي تشكل أهمية لتركيا الطامحة إلى منطقة آمنة في شمال سوريا وإبعاد خطر «داعش» والأكراد في الوقت نفسه عن حدودها مع سوريا، فقال إن «تركيا لن تشارك بشكل مباشر في عملية تطهير الرقة، لكنها ستقدم الدعم التكتيكي اللازم لإنجاح العملية».
وأضاف للصحافيين على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا: «سيكون للولايات المتحدة وتركيا وجود عسكري برفقة القوى المحلية والمقاومين المدنيين والجيش السوري الحر والميليشيات الأخرى. هم في المقدمة ونحن في الخلف. وإذا ما اتفقنا مبدئيا، فإننا لن ندخل في العملية بشكل مباشر بل سنقدم الدعم التكتيكي. سيُعاد النظر في الإمكانيات والقدرات. الولايات المتحدة تمتلك خطة للعملية في جميع الأحوال. ونحن نبحث كيفية تطبيق هذه الخطة».
وحول احتمالات عدم اشتراك الولايات المتحدة في العملية، أكد يلدريم أن الولايات المتحدة عازمة على القيام بالعملية على أي حال، مشددا على أن التعاون التركي الأميركي سيتأثر سلبًا في حال قررت واشنطن الاستعانة بالاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية في العملية.
واعتبر يلدريم أن الإدارة الأميركية الجديدة ستعيد النظر في هذه التقييمات، وأوضح أنه أبلغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائه معها السبت في ميونيخ، بإمكانية إدراج ألمانيا في عملية. والتقى يلدريم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، السبت، وبحث معه في عملية الرقة وموقف تركيا من مشاركة القوات الكردية.
وكانت مصادر تركية كشفت عن مقترحين تقدمت بهما أنقرة إلى واشنطن يتعلقان بتنفيذ عملية عسكرية مشتركة لطرد «داعش» من معقله الرئيس في مدينة الرقة السورية. ونقلت صحيفة «حريت» التركية، أول من أمس السبت عن مصدرين عسكريين، أن الاجتماع الذي عقد، الجمعة، في قاعدة إنجيرليك الجوية في محافظة أضنة جنوب تركيا والتي تعد المركز الأساسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، بين رئيس أركان الجيش التركي خلوصي آكار ونظيره الأميركي جوزيف دانفورد، تناول خريطتي طريق أو خطتين لتنفيذ عملية الرقة.
ولفت المصدران إلى أن أنقرة تفضل خطة تدخل بمقتضاها قوات تركية وأميركية خاصة مدعومة من كوماندوز ومقاتلين من المعارضة السورية تساندهم تركيا الأراضي السورية عبر مدينة تل أبيض الحدودية التي تخضع في الوقت الراهن لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، وستقطع تلك القوات عمليا الأراضي التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب قبل التوجه نحو الرقة التي تقع على مسافة نحو مائة كيلومتر إلى الجنوب، على أن تقنع الولايات المتحدة المسلحين الأكراد بإفساح شريط بعرض 20 كيلومترا للقوات المدعومة من تركيا عبر الأراضي التي يسيطرون عليها للتقدم جنوبا.
أما الخطة البديلة والأقل ترجيحا التي طرحها آكار على دانفورد للتقدم نحو الرقة، فتقوم على التقدم إلى الرقة عبر مدينة الباب السورية التي تقاتل فيها قوات من الجيش السوري الحر مدعومة من تركيا للسيطرة عليها منذ شهرين في إطار عملية «درع الفرات» التي انطلقت في 24 أغسطس (آب) الماضي. لكن الصحيفة أشارت إلى أن الرحلة الطويلة التي تقطع 180 كيلومترا والطبيعة الجبلية تجعلان هذا الاحتمال أقل ترجيحا.
وذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الواضح حتى الآن أن المباحثات في ملف عملية الرقة تسير في صالح مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في العملية وأن أنقرة تسعى من خلال تقديم هذه المقترحات وتوفير البديل عن هذه القوات إلى إقناع إدارة ترمب بمنع مشاركة هذه القوات في العملية.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.