نازحو الموصل.. أمام تحدي إثبات الهوية

شهادات ميلاد ووفاة ووثائق ملكية صادرة من «داعش» لا تعترف الحكومة بها

نازحو الموصل.. أمام تحدي إثبات الهوية
TT
20

نازحو الموصل.. أمام تحدي إثبات الهوية

نازحو الموصل.. أمام تحدي إثبات الهوية

يواجه سكان مدينة الموصل الهاربون من قبضة تنظيم داعش الذي سيطر على مدينتهم منذ أكثر من ثلاث سنوات، وغيرهم من أبناء المناطق التي استعادت القوات الأمنية السيطرة عليها من قبضة التنظيم المتطرف، مصاعب جديدة واجهوا منذ الوهلة الأولى في مخيمات النزوح.
مشكلة هؤلاء النازحين هي الأوراق الثبوتية التي أصدرتها دوائر تابعة لتنظيم داعش والتي تحمل شعار ما يسمى دولة الخلافة ورفضتها السلطات الحكومية. وأبرز الآلاف من سكان مدينة الموصل والقرى والبلدات الأخرى التي تم تحريرها عند أطراف المدينة أوراقا ثبوتية مثل البطاقة الشخصية وشهادات الولادة وعقود الزواج التي أصدرها التنظيم وفرض على السكان أو إتلاف كل الأوراق المتعلقة بالدولة العراقية.
المواطن ثامر الجبوري، 65 عاما، ويعمل في المحاماة ومن سكان حي الانتصار في الموصل، الذي تم تحريره مؤخرًا من قبل القوات الحكومية العراقية، يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم داعش ومنذ دخوله إلى مدينة الموصل عمل على تبديل كل القوانين المعمول بها في المدينة واستبدل بها قوانين أخرى فرض تطبيقها على السكان وهذه القوانين شملت مجالات عدة منها الزواج وشهادات الولادة والوفيات مكتوبة على أوراق تحمل شعار التنظيم وممهورة من قبل ما يسمى (ديوان القضاء والمظالم) التابع له الذي أصدر تعليمات إلى سكان مدينة الموصل تنص على إصدار وثائق جديدة وتمزيق وإتلاف كل الوثائق التابعة للدولة العراقية». وأضاف الجبوري: «لقد أجبرنا التنظيم الإرهابي على تغيير تقاليدنا وعاداتنا التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا بالقوة والخوف، حيث أصبح الزواج مثلاً في ظل حكم (داعش) له إجراءات لا بد من الالتزام بها وإلا أصبح هذا الزواج زنى. فمثلاً اضطر جاري حارث لأن يؤجل زفاف ولده لمدة أربعة أشهر من أجل أن تنمو لحية ولده أحمد إلى حد يؤهله للوقوف أمام قاضي إحدى المحاكم الشرعية التابعة لـ(داعش) من أجل إتمام عقد الزواج الممهور طبعًا بختم (الخلافة) وشعار (دولة) التنظيم، ليس هذا فحسب بل على طالب الزواج أن يرتدي ثوبا ويطلق شعره ولحيته الطويلة ويقف أمام القاضي وطبعًا مع الفتاة التي يروم الزواج منها وهي متخفية بالكامل بعد أن ارتدت النقاب والجلباب ومعها أبوها أو أخوها (ولي أمرها) كما يجب إحضار شاهدين اثنين يرتديان زيا مشابها لزي العريس أي الدشدادشة والسروال، بعدها يقوم القاضي بترديد عبارات باللغة العربية الفصحى تدل على قبول الزواج ويرددها الزوج من بعده ثم يفعل الشيء ذاته مع والد الفتاة باعتباره ولي أمرها ووكيلها دون أن يوجه أي كلمة إلى العروس مهما كان عمرها. واليوم لا تعترف الحكومة العراقية بكل تلك الأوراق الصادرة من التنظيم الإرهابي، فكيف ستتم معالجة الأمر، خصوصًا أن تلك العائلة أصبح لديها مواليد جدد يحملون بطاقات شخصية صادرة من قبل دوائر تنظيم داعش، وهذا الحال ينطبق على آلاف العائلات من سكان مدينة الموصل».
وتابع الجبوري: «لقد ألغى تنظيم داعش محاكم الأحوال الشخصية ومكاتب الولادات والوفيات في مدينة الموصل، وعمل على إنشاء سبع محاكم شرعية وزعها في أنحاء متفرقة من المدينة وخصص لها قضاة عربًا وأجانب يمنحون الإذن بالزواج من عدمه ويفرضون عقوبات على المخالفين تصل إلى حد الموت رجمًا بالحجارة، وهذه المحاكم حلت بديلاً عن محكمة الأحوال الشخصية وباقي محاكم استئناف محافظة نينوى كالجنح والجنايات والبداءة والتحقيق فور سيطرته على المدينة، واتهم قضاتها بالكفر وحرم مهنة المحاماة وألغى دراسة القانون في جامعة الموصل والكليات الأهلية، وهناك مسائل في غاية الخطورة عمل التنظيم على انتشارها والعمل بها في محاكمه الشرعية، منها إلغاء شرط العمر في الزواج، إذ يمكن تزويج الفتاة القاصر إذا قرر القاضي بناءً على مشاهدته بنيتها مع شرط أساسي للقاصر والبالغة على حد سواء بحضور ولي أمرها وموافقته وهو الأب بالدرجة الأساس وفي حال عدم وجوده تحضر الأم، كما لا تشترط البلوغ لدى العريس كذلك، والذي حدده القانون العراقي بـ(18) سنة، ويمكن لهذه المحكمة أن تزوج مراهقا قاصرا إذا وجد القاضي أنه يصلح بدنيا لذلك مع توفر المقدرة المالية ووجود ولي الأمر، لكنها تفرض سن البلوغ للشاهدين الاثنين على عقد الزواج». وأكد الجبوري أن تنظيم داعش فرض عقوبة الزنى على العرسان الذين يبرمون عقود الزواج خارج محاكمها، معتبرًا العلاقة بين الزوجين محرمة والعقوبات تتراوح بين الجلد وحتى الموت رجما بالحجارة.
وأضاف: «اليوم نحن بلا أوراق تثبت وجودنا لكون الحكومة لا تعترف إطلاقًا بوثائق وشهادات صادرة عن تنظيم إرهابي، ولا بد من إيجاد حلول سريعة وعاجلة لنا».
بدوره، قال عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى النائب عبد الرحيم الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة العراقية تتعامل مع أهالي مدينة الموصل وباقي مدن محافظة نينوى على أنهم كانوا أسرى في قبضة تنظيم داعش الإرهابي، وتعتبرهم على هذا الأساس، فمن الطبيعي جدًا ألا يحمل الأسير أي أوراق ثبوتية معه حين خلاصه من أسره». وأضاف الشمري: «إن الحكومة العراقية والحكومة المحلية في محافظة نينوى أنشأتا دائرة للأحوال المدنية والجنسية في منطقة الشيخان، وستباشر تلك الدائرة بإصدار شهادات ثبوتية لجميع المدنيين الذين تمكنوا من الإفلات من قبضة التنظيم الإرهابي».
إلى ذلك، أكد نائب رئيس اتحاد الحقوقيين في العراق شاكر البحر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة العراقية مقصرة تمامًا في ملف النازحين ولا يمكنها معالجة أبسط الأمور في إنقاذهم من الأزمات التي يمرون بها، وأزمة عدم وجود أوراق ثبوتية لمئات الآلاف من سكان مدينة الموصل هي أمر معقد للغاية حيث سيفقد هؤلاء الأبرياء حقوقهم بالكامل، فلا يمكن لشخص اليوم أن يعيش وهو بلا إثباتات رسمية تثبت اسمه ووظيفته وأملاكه، وعلى الحكومة العراقية معالجة هذا الأمر بالسرعة الممكنة». وأضاف البحر: «لا بد من تشكيل لجان تعمل على إحصاء المدنيين الهاربين من قبضة التنظيم الإرهابي والعمل على إصدار كل الأوراق الرسمية لهم وتسجيل المواليد الجدد وأعداد الوفيات في ظل سيطرة التنظيم الإرهابي على مدينة الموصل».



الاتحاد الأوروبي يعتزم زيادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية

قوات إسرائيلية تسير في رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
قوات إسرائيلية تسير في رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
TT
20

الاتحاد الأوروبي يعتزم زيادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية

قوات إسرائيلية تسير في رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
قوات إسرائيلية تسير في رام الله بالضفة الغربية (رويترز)

قالت المفوضة الأوروبية المعنية بشؤون الشرق الأوسط، إن الاتحاد الأوروبي يعتزم زيادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية بحزمة تبلغ نحو 1.6 مليار يورو (1.8 مليار دولار) على مدى ثلاثة أعوام.

وقالت دوبرافكا سويتشا، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر المتوسط في مقابلة مع وكالة «رويترز» للأنباء، إن الدعم المالي سيسير جنباً إلى جنب مع إصلاحات السلطة الفلسطينية التي تواجه اتهامات من منتقديها بالفساد وسوء الإدارة.

وقالت سويتشا: «نريد منهم أن يصلحوا أنفسهم، لأنهم من دون الإصلاح لن يكونوا أقوياء أو محل ثقة بما يكفي للحوار، ليس فقط بالنسبة لنا، بل أيضاً بالنسبة لإسرائيل».

تأتي تصريحات المفوضة الأوروبية قبل أول «حوار سياسي رفيع المستوى» بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وكبار المسؤولين الفلسطينيين، ومنهم رئيس الوزراء محمد مصطفى، في لوكسمبورغ اليوم الاثنين.

الاتحاد الأوروبي هو أكبر مانح للفلسطينيين، ويأمل مسؤولو التكتل أن تتولى السلطة الفلسطينية التي تدير الضفة الغربية المسؤولية في قطاع غزة يوماً ما بعد انتهاء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

لكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضت حتى الآن فكرة تسليم غزة للسلطة الفلسطينية، وتجنبت هدف الاتحاد الأوروبي الأوسع المتمثل في حل الدولتين، والذي يشمل إقامة دولة فلسطينية.

وقالت سويتشا إن 620 مليون يورو ستذهب إلى الدعم المالي وإصلاح السلطة الفلسطينية و576 مليون يورو ستخصص «للتكيف والتعافي» في الضفة الغربية وغزة و400 مليون يورو ستأتي في شكل قروض من بنك الاستثمار الأوروبي، وسيكون ذلك رهناً بموافقة مجلس إدارته.

وقالت إن متوسط دعم الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية بلغ نحو 400 مليون يورو على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية.

وأضافت: «نحن نستثمر الآن بطريقة موثوقة في السلطة الفلسطينية».

ويأتي هذا في الوقت الذي يستعد فيه المجلس المركزي الفلسطيني، بعد نحو 10 أيام، لاستحداث منصب نائب للرئيس محمود عباس، في جلسة استثنائية من شأنها أن تتوج سلسلة من الإصلاحات والتغييرات الأوسع منذ نشأة السلطة الفلسطينية، بدأها عباس في الأسابيع القليلة الماضية تحت ضغوط خارجية وداخلية فرضتها تعقيدات الحرب على قطاع غزة.