كيف سيستخدم «داعش» تكتيك «الأرض المحروقة» حال تراجعه في الموصل

التنظيم المتطرف يضرم النار في المصانع.. ويدمر المباني قبل هروبه

دخان كثيف يتصاعد في سماء الموصل جراء القصف المتواصل (أ.ب)
دخان كثيف يتصاعد في سماء الموصل جراء القصف المتواصل (أ.ب)
TT

كيف سيستخدم «داعش» تكتيك «الأرض المحروقة» حال تراجعه في الموصل

دخان كثيف يتصاعد في سماء الموصل جراء القصف المتواصل (أ.ب)
دخان كثيف يتصاعد في سماء الموصل جراء القصف المتواصل (أ.ب)

تكشف صور الأقمار الصناعية التي تصور العمليات الجارية بواسطة القوات العراقية لاستعادة مدينة الموصل، كيف يمكن لتنظيم داعش إلحاق المزيد من الضرر في أثناء هروب وفرار مقاتليه المتشددين.
ولقد بدأت القوات العراقية العملية العسكرية لاستعادة الموصل في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، مع تقدم القوات من الجنوب على طول نهر دجلة، ومن الشرق كذلك، بهدف السيطرة على مشارف المدينة قبل البدء في تنفيذ عمليات التطهير الداخلية في شوارع المدينة الكبيرة التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم الإرهابي.
وتكشف صور، الأسبوع الماضي، حرائق الخطوط الأمامية بالقرب من المدينة، إلى جانب حريقين كبيرين في المنطقة الصناعية، تلك التي أضرمها تنظيم داعش في أثناء تراجع المقاتلين الموالين له من تلك المواقع. وتنبعث الأدخنة السوداء من حقل القيارة النفطي الذي ظل يحترق لأكثر من 4 أشهر. أما الأدخنة البيضاء، فقد بدأت في الظهور منذ 20 أكتوبر، وهي ناجمة عن مصنع الكبريت في حي المشراق الذي استعادت القوات العراقية السيطرة عليه في غضون أيام من بدء العمليات العسكرية.
وفي الوقت الذي تواصل فيه القوات العراقية طرد مقاتلي «داعش» من المدينة، فإنهم يخلفون ورائهم البنية التحتية المدمرة والظروف البيئية الخطيرة للغاية. وفي يوم 18 يونيو (حزيران) الماضي، بدأت قوات الأمن العراقية الهجوم لاستعادة بلدة القيارة التي استولى عليها تنظيم داعش في عام 2014. وقد استخدم المتطرفون مجمع الحقل النفطي، والمصفاة الواقعة على بعد 40 ميلا إلى الجنوب، في تمويل عملياته الإرهابية. وبناء على صور الأقمار الصناعية، كان تنظيم داعش على علم بأن الهجوم بات وشيكا بسبب الأدخنة التي بدأت في الانبعاث والظهور من عدد قليل من الآبار في المجمع، بتاريخ 16 يونيو الماضي.
وفي يوم 19 يونيو، تمكنت القوات العراقية من تأمين قاعدة جوية كبيرة تقع على مسافة 9 أميال إلى الغرب من بلدة القيارة. وبحلول ذلك الوقت، كان عدد آبار النفط المشتعلة قد وصل إلى 10 آبار. وفي تاريخ 25 أغسطس (آب)، أعلنت قوات الأمن العراقية استعادة بلدة القيارة بالكامل من تنظيم داعش الإرهابي. وبحلول نهاية الصيف، وصل عدد الآبار المشتعلة إلى 15 بئرا. وفي سبتمبر (أيلول)، وصل ما يقرب من 600 جندي أميركي إلى القاعدة الجوية في القيارة لمساعدة القوات العراقية في الهجوم المخطط له مسبقا. وعلى الرغم من أن تنظيم داعش لم يعد مسيطرا على بلدة القيارة، فإن مقاتليه يشنون الهجمات على المنشآت النفطية هناك بين الحين والآخر. وتعتبر المصفاة أكبر مشغل للحقل النفطي في القيارة، وهي البلدة التي كان تضم 30 ألف نسمة قبل استيلاء المتطرفين عليها. وكانت المصفاة قادرة على معالجة 10 آلاف برميل نفطي في اليوم الواحد، ولكنها لم تكن تنتج سوى ألفي برميل في اليوم تحت حكم تنظيم داعش. ولقد خرجت المصفاة الآن من الخدمة تماما، إثر التخريب الذي ألحقه «داعش» بها أخيرا. وانخفض عدد سكان البلدة إلى 13 ألف نسمة فقط خلال احتلال تنظيم داعش لها.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».