تصاعد الحرب بين عباس ودحلان على خلفية المؤتمر السابع لـ«فتح»

إقالات وتهديدات ومؤتمرات واصطفافات إقليمية قبل معركة اختيار قادتها

الرئيس محمود عباس يرفع شارة النصر وإلى يساره محمد دحلان خلال لقاء قديم في رام الله (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس يرفع شارة النصر وإلى يساره محمد دحلان خلال لقاء قديم في رام الله (أ.ف.ب)
TT

تصاعد الحرب بين عباس ودحلان على خلفية المؤتمر السابع لـ«فتح»

الرئيس محمود عباس يرفع شارة النصر وإلى يساره محمد دحلان خلال لقاء قديم في رام الله (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس يرفع شارة النصر وإلى يساره محمد دحلان خلال لقاء قديم في رام الله (أ.ف.ب)

بعد يوم واحد فقط من فصل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عددا من قادة حركة فتح، بتهمة مناصرة القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، ضمن حرب مفتوحة بين الجانبين، شن دحلان هجوما كبيرا على عباس، واتّهمه بمحاولة تقزيم الحركة، مؤكدا أنه يسعى إلى مؤتمر جامع برعاية القاهرة.
وقال دحلان لـ«بي بي سي العربية»، إنه لن يسمح لعباس بتدمير حركة فتح، في إشارة إلى المؤتمر السابع للحركة المتوقع عقده الشهر المقبل، الذي يفترض أن يأتي بقيادة جديدة للحركة، وصاحبه صراع كبير بين عباس ودحلان.
وقال دحلان إن عباس «يسعى إلى تقزيم وتقليص حركة فتح، خلال المؤتمر، لتتلاءم مع طموحاته الصغيرة؛ فهو يريد حركة مطيعة له، وما يعرضه على فتح، هو خيارات محدودة؛ إما الموافقة على سياسته، أو مفارقة حركة فتح». ونفى دحلان، على الرغم من فصله من حركة فتح، نيته الانشقاق عن الحركة، وقال: «لن نكون طرفا في تخريب حركة فتح».
واتهم دحلان الرئيس الفلسطيني بإفشال تفاهمات معه قبل أن يفشل تفاهمات مع «الرباعية العربية». وأضاف بلهجة لا تخلو من تهديد: «إذا كان يسعى لخروج آمن له ولأولاده فليس بتقزيم الحركة والإقصاء، بل بلمّ شملها وجمعها، وانخراط الجميع في أطرها ومكونها التنظيمي، وبمشاركة الجميع في مؤتمرها. وسيكون على رؤوسنا جميعًا إذا ما قام بتوحيد الحركة والمصالحات الوطنية، واستعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية».
وتحدث دحلان عن دور «الرباعية العربية» قائلا: «إنها تدخلت للمّ شمل الحركة وتقويتها ودعم السلطة، لكنها اصطدمت بتعنت الرئيس محمود عباس، وهو من يتحمل المسؤولية». وأكد دحلان أنه ماض في عقد مؤتمر وطني في القاهرة، «يهدف إلى حل الخلافات الفلسطينية، تدعمه مصر بقوة». ودافع دحلان ضد تهمة تدخل العرب في الشأن الفلسطيني، قائلا إن «مصر لن تترك الملف الفلسطيني.. (وذلك) ليس من أجل عيوننا، ولا (الرباعية) تبحث عن شخص، وأنا لا أريد أن ينصبني أحد في موقع، لأن موقعي حفرته بجهدي، والأمة العربية تتدخل في الحالة الفلسطينية لأنها جزء من الإقليم والأزمة».
واتهم دحلان تركيا - حيث يقوم عباس في هذه الأيام بزيارة رسمية تستمر 3 أيام - بأنها «من تتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي، من خلال دعم حركة حماس في قطاع غزة».
وجاء هجوم دحلان على عباس، بينما تصاعد الخلاف بينهما مع فشل جهات عربية في إقناع عباس بإعادة دحلان إلى صفوف الحركة.
وفي حين يستعد عباس لعقد مؤتمر فتح السابع، الذي يفترض أن يتخلص من دحلان وأتباعه، عقد دحلان لقاءات عدة في القاهرة ورام الله، للغرض نفسه (مصير المؤتمر)، أشعلت فتيل المواجهة بين الرجلين.
وصادق عباس أول من أمس فقط على فصل مسؤولين وقادة في حركة فتح، بعد تنظيمهم اجتماعا في مخيم الأمعري في رام الله، قالت السلطة إنه تابع لأجندات خارجية، في إشارة إلى دحلان. وجاءت قرارات الفصل هذه، بعد أسابيع قليلة من فصل آخرين بتهمة «التجنح»، في إشارة إلى الأشخاص الذين يغردون خارج مواقف الحركة ويعملون مع دحلان.
وكانت فتح فصلت محسوبين على دحلان في الضفة وغزة، كما جمدت أموال لشركات ومؤسسات بشبهة تلقي أموال من دحلان أو حتى من دولة الإمارات التي يحظى دحلان بمكانة جيدة فيها.
لكن هذه المرة الأولى التي يجري فيها فصل عدد كبير دفعة واحدة، وجميعهم من الضفة الغربية، في مؤشر على قدرة دحلان على استقطاب مناصرين في الضفة كذلك، التي تحكم السلطة الفلسطينية سيطرتها عليها بالكامل.
ويعد عقد مؤتمر تابع لدحلان وسط رام الله، سابقة، منذ رحيله عن المدينة في 2011.
وردت حركة فتح، بتأكيدها «عدم تهاونها بأي شكل من الأشكال مع كل من اختار إيهام نفسه بطريق الابتعاد عن العنوان الشرعي لحركة فتح، والخروج عن وحدتنا عبر اللجوء لمرجعيات لا تملك سوى المآرب الشخصية والضَّالة».
لكن الخلاف بين الرجلين لم يبق على مستوى داخلي، بل انتقل إلى الخارج مع رفض عباس إعادة دحلان، وهو ما أغضب جهات عربية.
ولم يخف مسؤولون فلسطينيون غضبهم من رعاية مصر لمؤتمرات ولقاءات ينادي لها دحلان على أراضيها.
ويرى مراقبون أن عباس رد على ذلك بزيارة إلى تركيا يتبعها بأخرى إلى قطر، اللتين تعملان في خط متناقض لخط الرباعية فيما يخص الملف الفلسطيني.
وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم: «بالتأكيد الرئيس عباس يريد إرسال رسائل إلى الرباعية العربية، من خلال زيارته إلى تركيا وقطر، المعروفتين بالعلاقة المتينة مع حركة حماس. ثمة رسائل سياسية واضحة».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «قطر ليست جزءا من الرباعية، وثمة خلافات في وجهات النظر حول الملف الفلسطيني، كذلك الحال بالنسبة لتركيا. الرئيس عباس يريد أن يناقش معهم الوضع الفلسطيني بكل تأكيد، بما في ذلك ما يحدث في الداخل ومع الإقليم. ما يريده أبو مازن هو إنهاء أي دور لدحلان في حركة فتح، وهو ينافي ما تريده الرباعية».
ولا يرى إبراهيم أن عباس سيحاول عقد مصالحة مع حماس، ردا على الرباعية، لكنه يعتقد أن أبو مازن سيطلب من تركيا وقطر، الضغط على حماس لوقف أي اتفاقات أو تفاهمات أو صفقات مع دحلان في غزة. وتابع: «فتح تنظر بعين الخطورة لتدخلات دحلان في غزة».
من جهته، قال مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، إن زيارة عباس، إلى تركيا، تأتي في إطار تحسين العلاقات الثنائية بين دولة فلسطين والجمهورية التركية، نظرًا لمكانة تركيا ومركزها المهم في المنطقة.
وأضاف الخالدي أن الرئيس التقى بنظيره التركي، وبحثا في قضايا عدة تخص القضية الفلسطينية على المستويين الداخلي والخارجي، والمسائل التي تتعلق بالمصالحة الفلسطينية.



مقتل 5 صحافيين بضربة إسرائيلية في غزة... وإسرائيل تقول إنها استهدفت مسلحين

TT

مقتل 5 صحافيين بضربة إسرائيلية في غزة... وإسرائيل تقول إنها استهدفت مسلحين

قال مسعفون إن الصحافيين الخمسة كانوا ضمن 26 شخصاً على الأقل قتلوا في غارات جوية إسرائيلية قبل الفجر (إ.ب.أ)
قال مسعفون إن الصحافيين الخمسة كانوا ضمن 26 شخصاً على الأقل قتلوا في غارات جوية إسرائيلية قبل الفجر (إ.ب.أ)

قال مسؤولون في قطاع غزة إن غارة جوية إسرائيلية قتلت خمسة صحافيين فلسطينيين أمام مستشفى، اليوم الخميس، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه هاجم مركبة تقل مسلحين من «حركة الجهاد الإسلامي» كانوا ينتحلون صفة عاملين في الإعلام.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال مسعفون إن الصحافيين الخمسة كانوا ضمن 26 شخصاً على الأقل قتلوا في غارات جوية إسرائيلية في أنحاء القطاع قبل الفجر.

ويأتي ذلك في حين تتبادل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل الاتهامات بالتسبب في تأخير التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً.

وقالت نقابة الصحافيين الفلسطينيين إنها تدين «بأشد العبارات المجزرة الفظيعة والبشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم، وراح ضحيتها خمسة صحافيين، باستهداف سيارة البث التابعة لقناة (القدس اليوم) أمام مستشفى (العودة) في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة».

وذكرت النقابة أن «أكثر من 190 صحافياً وعاملاً في مجال الإعلام قد ارتقوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ووصفت قناة «القدس اليوم»، التي تبث من غزة، الغارة بالمجزرة، وقالت في بيان على «تلغرام» إن الخمسة قتلوا «أثناء تأديتهم واجبهم الصحافي والإنساني وهذه الرسالة السامية».

في حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «نفذ ضربة دقيقة على مركبة تقل خلية إرهابية من (حركة الجهاد الإسلامي) في منطقة النصيرات».

وفي وقت لاحق، أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً ذكر فيه أسماء أفراد طاقم القناة الخمسة، وقال: «أكدت معلومات مخابراتية من مصادر متعددة أن هؤلاء الأفراد كانوا من عناصر الجهاد الإسلامي ينتحلون صفة صحافيين».

وتنفي إسرائيل عادة استهداف الصحافيين، وتقول إنها تتخذ إجراءات لتجنب إيذاء المدنيين.

وخاضت «حركة الجهاد الإسلامي» المدعومة من إيران والحليفة لـ«حماس» عدة جولات ضد إسرائيل على مدى العقدين المنصرمين، وانضم مقاتلو الحركة إلى القتال في مواجهة إسرائيل منذ أكتوبر 2023. وذكرت الحركة أنها تحتجز رهائن أيضاً.

حطام السيارة (د.ب.أ)

جنازات

أظهر مقطع فيديو لموقع هجوم اليوم حطام مركبة «فان»، بيضاء اللون، مع ما يبدو أنه بقايا كلمة (برس) «صحافة» باللون الأحمر على الأبواب الخلفية.

وشارك العشرات من الأقارب والصحافيين في وقت لاحق اليوم في جنازات الصحافيين الخمسة الذين لُفت جثامينهم في أكفان بيضاء. ووُضعت سترات زرقاء مضادة للرصاص مكتوب عليها كلمة (برس) «صحافة» فوق الجثامين المكفنة.

وقال عبد الله المقداد، مراسل «التلفزيون العربي» خلال الجنازات: «يدعي الجيش الإسرائيلي أو يبرر هذا الاستهداف بأنه في إطار استهدافه لعناصر يعملون في تنظيمات وخلايا فلسطينية، لكن على الأرض هؤلاء كانوا في مهمة عمل صحافية، كانوا يقيمون في مركبة صحافية، وكانوا يعملون أيضاً على تغطية الحدث».

وبكت نساء جانب الجثامين خلال أداء الرجال صلاة الجنازة قبل الدفن.

وقالت والدة الصحافي، فادي حسونة، الذي كان بين القتلى الخمسة: «حسبي الله ونعم الوكيل، الله ينتقم منهم، هو اللي بيعمل الخبر ويقول للناس الجرايم هيك تسووا فيه؟».

وقالت منظمة «مراسلون بلا حدود» في التقرير الختامي للعام، إن غزة هي المنطقة الأكثر خطورة في العالم بالنسبة للصحافيين بسبب عمليات القتل التي ينفذها الجيش الإسرائيلي.

وقال مسعفون في القطاع إن 13 آخرين قتلوا، وأصيب 25 في غارة جوية إسرائيلية على منزل في حي الزيتون بمدينة غزة. وأضافوا أن عدد القتلى قد يرتفع نظراً لوجود كثيرين محاصرين تحت الأنقاض.

وقال مسعفون إن غارة إسرائيلية على منزل في حي الصبرة بمدينة غزة قتلت ثمانية أشخاص آخرين، ليرتفع عدد القتلى، اليوم الخميس، إلى 26.

وتبادلت حركة «حماس» وإسرائيل، أمس الأربعاء، الاتهامات بالمسؤولية عن الفشل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، رغم حديث الجانبين خلال الأيام الماضية عن إحراز تقدم.

وقالت «حماس» إن إسرائيل وضعت شروطاً أخرى، بينما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحركة بالتراجع عن تفاهمات تسنى التوصل إليها بالفعل.

وقالت «حماس» في بيان: «مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة، غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل إلى الاتفاق الذي كان متاحاً».

ورد نتنياهو في بيان قائلاً: «منظمة (حماس) الإرهابية تواصل الكذب، وتتنصل من تفاهمات تسنى التوصل إليها بالفعل، وتستمر في خلق الصعوبات في المفاوضات».