موسكو تفعل {الخيار البديل}.. وتطلق تعاونًا عسكريًا مع أنقرة في سوريا

مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»: توافق تركي روسي بشأن الأكراد وحلب

أطفال من حلب يرفعون علامة النصر بعد عودة القصف وحديث عن معركة لفك الحصار عن المدينة (حلب اليوم)
أطفال من حلب يرفعون علامة النصر بعد عودة القصف وحديث عن معركة لفك الحصار عن المدينة (حلب اليوم)
TT

موسكو تفعل {الخيار البديل}.. وتطلق تعاونًا عسكريًا مع أنقرة في سوريا

أطفال من حلب يرفعون علامة النصر بعد عودة القصف وحديث عن معركة لفك الحصار عن المدينة (حلب اليوم)
أطفال من حلب يرفعون علامة النصر بعد عودة القصف وحديث عن معركة لفك الحصار عن المدينة (حلب اليوم)

توصلت أنقرة وموسكو إلى توافق بشأن الضربات التي توجهها تركيا إلى القوات الكردية في شمال سوريا، في إطار حملة درع الفرات التي انطلقت في 24 أغسطس (آب) الماضي، ولا تزال مستمرة بهدف تطهير الحدود التركية من «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، بحسب أنقرة.
وأوضح فرانتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس الفيدرالي، أمس، أن «روسيا تقدم للجانب التركي معطيات التنصت على المحادثات اللاسلكية، فضلاً عما تلتقطه أجهزة الاستطلاع من صور وتسجيلات أخرى تشكل أهمية للأتراك، الذين يقدمون من جانبهم معلومات لروسيا أيضًا»، بحسب قوله.
وترى موسكو في التعاون مع تركيا خيارًا بديلاً مناسبًا لتعثر تعاونها مع واشنطن في الشأن السوري. وكانت «الشرق الأوسط» نقلت في وقت سابق عن مصدر مطلع من العاصمة الروسية، تأكيداته بأن «موسكو تدرس كل الخيارات، بما في ذلك توسيع التعاون مع تركيا، الذي وضع رئيس أركان القوات الروسية أسسه مع نظيره التركي خلال زيارته مؤخرًا إلى أنقرة». وأعرب المصدر حينها عن اعتقاده بأن كل العوامل الضرورية لإطلاق تعاون أوسع بين البلدين متوفرة، «إذ أثبتت تركيا وقوات المعارضة التي تدعمها قدرة مميزة على التصدي للمجموعات الإرهابية».
في أنقرة، قالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إنه على الرغم من أن روسيا لم تتخل تماما عن ورقة الأكراد في شمال سوريا وانتقادها للضربات التركية التي بدأت الأسبوع الماضي في استهداف عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، فإنها اكتفت بالإعراب عن القلق دون تطوير هذا الموقف على الرغم من سيطرتها على الأجواء السورية.
ولفتت المصادر إلى أن آلية التنسيق الثلاثي المكونة من الجيش والمخابرات والخارجية في روسيا وتركيا والتي تشكلت نتيجة زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لروسيا في أغسطس الماضي تعمل بكفاءة كبيرة، موضحة أن الالتزام الروسي بدعم تركيا في التخلص من الخطر الكردي على حدودها قابله التزام تركي بالمساعدة في إخراج جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا) من حلب، وتم الاتفاق على ذلك في اتصال هاتفي بين إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. إلا أن المصادر لم تستطع أن تحدد على وجه الدقة مدى نجاح أنقرة في تنفيذ هذا الالتزام، أو ما إذا كانت تستطيع القيام به، لا سيما وأن «النصرة» رفضت مغادرة حلب خلال الهدنة التي أعلنتها روسيا وانتهت السبت الماضي.
واعتبرت أن التوافق بين أنقرة وموسكو مرتبط بأهداف معينة يسعى إليها كل جانب، فتركيا تريد إبعاد الأكراد عن حدودها، وروسيا لا تريد أن يدخلوا مدينة الباب، وكذلك لا تريد أن تدخل قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا الباب أيضا، لأن ذلك معناه تهديد لقوات النظام السوري في حلب. ولذلك فإن الأيام القادمة ستكشف عن مدى استمرار التوافق بين موسكو وأنقرة بشأن العمليات الحالية في شمال سوريا وحدود تلك العمليات. وفي الوقت نفسه، تسببت الخلافات بشأن سوريا في توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن بسبب دعم الأخيرة وحدات حماية الشعب الكردية، وتعتبرها شريكًا في قتال تنظيم داعش الإرهابي، في حين تخشى أنقرة من أن يشجع تقدم الوحدات الكردية الانفصاليين الأكراد على أراضيها.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في لقاء مع قناة «روسيا 1» أن بلاده مستعدة للقيام بجميع الخطوات اللازمة للتعاون المشترك مع روسيا ضد الإرهاب، معربا عن حاجته إلى دعم «صديقه بوتين» في الكفاح المشترك ضد الإرهاب في الشرق الأوسط. وجاء ذلك بعد إعلان إردوغان السبت الماضي أن قوات الجيش الحر المدعومة من تركيا ستتقدم صوب «الباب» التي يسيطر عليها «داعش»، وأن تركيا ستقوم بما يتطلبه الأمر مع شركائها من أعضاء التحالف الدولي في هجوم متوقع على الرقة، معقل «داعش»، شمال سوريا بشرط عدم ضم القوات الكردية إلى العملية.
تزامن ذلك مع تأكيدات روسية بشأن بدء تسليم تركيا المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتنفيذ عملية «درع الفرات» حسب الاتفاق بهذا الشأن خلال المفاوضات الأخيرة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، في إسطنبول خلال أكتوبر الحالي.
ويرى الخبير الروسي فلاديمير أفاتكوف، المتخصص بالشأن التركي، أن «تركيا قد تكون مفيدة جدًا لموسكو، ولهذا يشكل التعاون عبر المؤسسات العسكرية في البلدين محورا رئيسيا في إطلاق التعاون الثنائي»، لافتًا إلى أن «تركيا تسيطر حاليا على مناطق واسعة في سوريا، وتتمتع بنفوذ على مجموعات قوية» من المعارضة السورية. في الوقت ذاته فإن أنقرة، وفق ما يقول الخبير الروسي، قد أبدت استعدادا للتعاون مع موسكو في الشأن السوري، ومثال على ذلك «التصريحات الأخيرة للرئيس رجب طيب إردوغان التي تحدث فيها عن طلب الرئيس بوتين بشأن المساهمة في إخراج مجموعة «جبهة النصرة» من حلب، وهو ما يبدو أن أنقرة قد وافقت عليه، بحسب الخبير الروسي، الذي ختم بالإشارة إلى أن تركيا لن تكون «شريكا سهلا، لكن التعاون معها ضروري ومفيد».
ميدانيا، قال الجيش التركي، أمس الاثنين، مع دخول عملياته في سوريا شهرها الثالث إنه أصاب عشرات الأهداف لتنظيم داعش ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، مما شل حركة التنظيمين.
وذكر الجيش التركي في بيان أن ضربات «درع الفرات» أصابت 27 هدفًا لتنظيم داعش و19 هدفًا لوحدات حماية الشعب الكردية، مما ترك الجماعتين «دون قدرة على المناورة».



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.