روسيا ترفع وجودها العسكري في سوريا.. والمعارضة تركز على تعزيز الجبهة الداخلية

خبير: تعزيز الترسانة ردعي ولمواجهة احتمالات فرض حظر جوي

منظومة الدفاع الجوي الصاروخية «إس-300 » التي أرسلتها موسكو إلى سوريا لحماية قواتها هناك (سبوتنك)
منظومة الدفاع الجوي الصاروخية «إس-300 » التي أرسلتها موسكو إلى سوريا لحماية قواتها هناك (سبوتنك)
TT

روسيا ترفع وجودها العسكري في سوريا.. والمعارضة تركز على تعزيز الجبهة الداخلية

منظومة الدفاع الجوي الصاروخية «إس-300 » التي أرسلتها موسكو إلى سوريا لحماية قواتها هناك (سبوتنك)
منظومة الدفاع الجوي الصاروخية «إس-300 » التي أرسلتها موسكو إلى سوريا لحماية قواتها هناك (سبوتنك)

ينطوي الدفع بتعزيزات عسكرية ثقيلة إلى الساحل السوري، حيث رفعت روسيا سقف التوقعات العسكرية، وأرسلت سفينتين حربيتين للانضمام إلى قواتها في المتوسط، غداة نشر نظام الدفاع الجوي «إس300» في طرطوس على الساحل السوري، على رسائل عسكرية موجهة إلى واشنطن التي ألمحت إلى زيادة التدخل العسكري في البلاد، عبر دعم فصائل المعارضة، في ظل التأزم بين كبرى الدول المعنية بالملف السوري، وهو ما لم يردع المعارضة السورية عن استكمال حملاتها العسكرية في شمال البلاد ضد قوات النظام، المحمي روسيًا، ولم يمنعها من التخطيط لتحقيق نقلة نوعية على مستوى وجودها في سوريا، تتمثل في نقل نشاطها إلى الداخل السوري، وتعزيز جبهتها الداخلية على مستوى المجلس المحلية.
وقال نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، عبد الأحد اسطيفو، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعارضة «تدرس نقل بعض قيادات الائتلاف إلى داخل سوريا»، موضحًا أن مقر وجودهم «سيكون في المنطقة التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر في ريف حلب الشمالي»، حيث تقدمت فصائل المعارضة المعتدلة إلى جانب قوات تركية. وأضاف اسطيفو، أن «القضية الأساسية بالنسبة للمعارضة، هي التركيز على دعم الفصائل والمجالس المحلية والعمل على الجبهة الداخلية»، مشيرًا إلى أنه «بعد انتخابات الهيئة العامة للائتلاف أواخر الأسبوع الماضي، بدأنا بورشة الإصلاح.. والمهم بالنسبة لنا هو الانفتاح على السوريين في الداخل وتكثيف التنسيق مع الفصائل العسكرية والتواصل مع السوريين في الداخل والعمل على تماس معهم، والدخول إلى داخل الأراضي المحررة ومد اليد السورية للسوريين».
وإذ اعتبر أن الصراع على سوريا «بات بطاقة تستخدم في الصفقات الدولية»، رأى أن «الهجوم المتوحش للروس ضد مناطق سيطرة المعارضة، يفسر الانكماش في العلاقة والتواصل مع الأميركيين». وقال: «ما يجري يذكرنا بمرحلة الحرب الباردة، وقد يكون أكثر تصعيدًا من تلك المرحلة، بدليل الترسانة العسكرية التي تعلن موسكو عن نقلها إلى سوريا»، معربًا عن مخاوف السوريين من أن «يطول الصراع بين القطبين الدوليين على حساب السوريين في الأرض السورية».
وأعلنت روسيا الأربعاء أن سفينتي «زيليوني دول» و«سيربوكوف» عادتا إلى المتوسط بعد انتشار سابق قبالة ساحل سوريا قامتا خلاله بإطلاق صواريخ على أهداف في هذا البلد في 19 أغسطس (آب) الماضي. وقال متحدث روسي باسم أسطول البحر الأسود لوكالات أنباء، إن السفينتين غادرتا ميناء القرم أول من أمس (الثلاثاء)، في إطار «تناوب مخطط له» للقوات البحرية الروسية في المنطقة. وكانت روسيا أعلنت الشهر الماضي أنها سترسل أيضا حاملة طائرات إلى المنطقة في إطار حملة الضربات الجوية التي تشنها في سوريا دعما لنظام الرئيس بشار الأسد.
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، الدكتور هشام جابر، يرى في تعاظم الحشد الروسي «حشدًا للقوى، يسير وفق استراتيجية (أظهر القوة حتى لا تضطر لاستخدامها) وهي قاعدة عسكرية متبعة في الغرب»، مشيرًا إلى أن تثبيتها في سوريا «يندرج ضمن إطار الردع، وهي ليست معدة للاستخدام في الفترة الحالية، بدليل أن (إس400) لم يستخدم حين ضربت طائرات التحالف قواعد القوات النظامية السورية في دير الزور، إلا إذا طرأت متغيرات كبيرة على المشهد». وأشار إلى أن هذه المنظومة «تستخدم ضد صواريخ كروز، كما تستخدم ضد الطائرات المعادية»، لتكون إحدى الرسائل التي يتضمنها نشرها.
وفي ظل تلميحات واشنطن إلى أنها ستدرس استخدام خيارات ضد روسيا على ضوء مواصلة قصف حلب، بينها خيارات العقوبات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والخيارات العسكرية، يرى جابر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه المنظومة «ستشكل حماية لقوات النظام السوري الجوية والقوات الجوية الروسية ضد أي محاولة أميركية لضرب قوات النظام»، كما أنها «ستشكل نظام حماية إضافي لطائرات النظام السوري التي يمكن أن تعمل فوق المنطقة الآمنة المشكلة حديثًا في شمال حلب، في حال أدخلت تركيا سلاح الجو لتأمين قواتها في تلك المنطقة».
أما الفرقاطات التي أدخلتها روسيا، فيرى جابر أن وظيفتها المحتملة «تتمثل بالرد على منطقة حظر جوي محتمل أقامتها في شمال حلب»، موضحًا أن روسيا تفكر وفق آلية «إذا منعتم طائراتنا وطائرات النظام السوري من التحليق فوق الأراضي التي سيطرت عليها تركيا وحلفاؤها من المعارضة السورية، فإن هذه الفرقاطات العسكرية ستعمل لضرب المنطقة بصواريخ (كاليبر) الاستراتيجية عوضًا عن الطائرات».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».