يكشف التقارب التركي الروسي وربما مع دول إقليمية أخرى في المنطقة، بينها النظام السوري، عن تغير دور العامل الكردي في الملف السوري، فمنذ تحييدهم من خلال امتيازات من قبل النظام بمواجهة المعارضة بعد انطلاق الثورة السورية في مارس (آذار) 2011، ثم استخدامهم من قبل الأميركان والروس في ضرب «داعش»، واللعب على أحلامهم بتشكيل كيان كردي قرب الحدود مع تركيا، والآن تقوم تركيا باستدارة كاملة في تعاملها مع الملف السوري، تخوفا من التهديد الكردي.
هل سيخرج الأكراد في سوريا، ممثلين بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني (ب ي د)، خاسرين، بعد أن وصلوا إلى حد التخطيط لشريط حدودي مع تركيا يؤسس لدولتهم؟
يقول الدكتور مروان قبلان، مدير تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، إنه «لم يتوافر للأكراد منذ أن طفت قضيتهم على سطح السياسة الإقليمية والدولية بعد الحرب العالمية الأولى هذا المستوى من الدعم الدولي. لكن هذا الدعم لم يأت نتيجة أي نوع من التعاطف مع ما يعتقد الأكراد أنه حق أو مظلومية يتعرضون لها منذ نحو قرن على يد الدول التي يعيشون فيها بوصفهم أقليات، إنما لأن القوى الدولية تلاقت على دعمهم، الكل لخدمة مصالحه».
ويشرح الدكتور قبلان وجهة نظره بقوله: «الولايات المتحدة وجدت فيهم وكيلاً محليًا أكثر كفاءة في مواجهة تنظيم داعش، فواشنطن لا تريد أن تبذل دما أميركيا في حرب التنظيم، ووجدت من لديه الاستعداد لبذل هذا الدم، أملاً في أن يتقاضى ثمنه لاحقًا على شكل وطن قومي أو دولة من نوع ما. والروس بدورهم، استخدموهم لتلقين الأتراك درسًا بعد أن أسقطت أنقرة لهم طائرة بطريقة جرحت كبرياء بوتين، وهو الذي كان يفعل ما بوسعه لتأكيد مكانته الدولية من جهة وتعزيز شعبيته في الداخل من جهة أخرى، فضلاً عن أن تركيا تحدت المصالح الروسية في سوريا عبر سعيها لإسقاط نظام بشار الأسد».
«أما وقد نجحت روسيا في دفع تركيا إلى الاستسلام لمطالبها والرضوخ لشروطها - والكلام لقبلان - فقد رأت روسيا أن ورقة الأكراد قد حققت لها ما أرادت، وبات عليها الآن أن تصلح علاقتها مع تركيا التي تربطها بها مصالح كبيرة جدًا. ومن ناحية واشنطن، فهي الأخرى لن تضحي بشريك كبير بحجم تركيا العضو والحليف وصاحب أكبر جيوش الناتو من أجل الأكراد، وما إن تنتهي واشنطن من استخدامهم فهي لن تعير اهتمامًا لمطالبهم وتضحياتهم. الدول الإقليمية أيضًا تبدو اليوم أكثر استعدادا للتقارب في سبيل منع الأكراد من تحقيق أهدافهم (تركيا وإيران والعراق وربما النظام السوري). وهكذا يجد الأكراد أنفسهم مرة أخرى ضحية عدم قدرتهم على وعي الدرس، رغم أنهم تعرضوا له مرات كثيرة على امتداد القرن المنصرم».
أكراد سوريا.. الوكيل المحلي لتلقين «داعش» وتركيا درسًا
أكراد سوريا.. الوكيل المحلي لتلقين «داعش» وتركيا درسًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة