«المهاجر الذهبي».. عرض يثير الدهشة في الرباط

«التماثيل الحية» أحد فنون الشارع غير المألوفة في المغرب

الفنان المغربي ياسين مكتوم خلال تقديم عرض «المهاجر» في الرباط («الشرق الأوسط») - عرض  يجسد شخصية ساعي البريد
الفنان المغربي ياسين مكتوم خلال تقديم عرض «المهاجر» في الرباط («الشرق الأوسط») - عرض يجسد شخصية ساعي البريد
TT

«المهاجر الذهبي».. عرض يثير الدهشة في الرباط

الفنان المغربي ياسين مكتوم خلال تقديم عرض «المهاجر» في الرباط («الشرق الأوسط») - عرض  يجسد شخصية ساعي البريد
الفنان المغربي ياسين مكتوم خلال تقديم عرض «المهاجر» في الرباط («الشرق الأوسط») - عرض يجسد شخصية ساعي البريد

لا يمكن لأي شخص مهما كانت حاسة الفضول ضعيفة لديه، إلا ويقف ليتأمل كيف يستطيع إنسان حي أن يتحول إلى تمثال جامد يقف لساعات وسط الشارع من دون حراك ولا ينطق بأي كلمة، ويتخذ وضعا غير مريح بتاتا، ويصعب تخيله، فقط من أجل أن يقدم عرضا للمارة المتجولين، يدخل في إطار ما يسمى «فنون الشارع.»
ففي زاوية من شارع فال ولد عمير بحي أكدال في العاصمة الرباط يقف عشرات من الناس الذين خرجوا ليلا بعد الإفطار في رمضان يتأملون بفضول كبير تمثالا على هيئة شخص مصبوغ كليا باللون الذهبي يضع نظارة تخفي وجهه وتزيده غموضا، ويرتدي بدلة وقبعة وأمامه حقيبة سفر وبيده صحيفة يطالعها. إنه المهاجر، الشخصية التي اختار الفنان المغربي الشاب ياسين مكتوم أن يجسدها أمام المارة ضمن أحد فنون الشارع المعروفة بفن التماثيل الحية.
بدـ مكتوم تقديم عروضه في هذا المجال قبل أربع سنوات وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه الوحيد في المغرب الذي يمارس هذا الفن غير المألوف في شوارع المدن المغربية في حين أنه معروف في العواصم والمدن العالمية الكبرى مثل مدريد وبرشلونة ونيويورك وبروكسل وأمستردام وغيرها، موضحا أن فن التماثيل الحية يقوم على اختيار الفنان إما شخصية تاريخية أو رمزية ليجسدها أمام الناس في الشارع وتتطلب تقليد الشخصية على مستوى المظهر متمثلا في الأزياء والإكسسوارات المرافقة لها والهيئة العامة التي تكون عليها والحركات التي تصدر عنها.
وعن سبب اختياره شخصية المهاجر، قال الفنان المغربي إن «الهجرة هي موضوع الساعة في العالم كله والجميع يحلم بالهجرة ليغير وضعه إلى الأفضل». كما يقدم في عروض أخرى شخصية ساعي البريد، «لما لهذه الشخصية من رمزية عاطفية، والحنين الذي تثيره في مخيلتنا بعد أن تراجع دور ساعي البريد في حياتنا وهو الذي كان يحمل إلينا الرسائل بعد طول انتظار، أما اليوم فالعالم تغير واستبدلت الرسائل بالتواصل السريع عبر الهواتف الذكية».
وردا على سؤال يطرحه الجميع، وهو كيف يستطيع ممارسو هذا النوع من الفنون أن يظلوا جامدين من دون حراك لساعات طوال وأحيانا في وضع لا يكاد يصدق كأن يظل جالسا في فراغ بلا مقعد كما يفعل هو في عرض المهاجر. قال مكتوم إن الأمر يتطلب تدريبا على التحكم في الجسم والتحلي بهدوء الأعصاب والتنفس المنتظم بدرجة عالية والوصول إلى درجة من التركيز العالي جدا، أما الجلوس في الهواء فهي حركة يتم التدريب عليها في رياضة «اليوغا»، على حد قوله.
وينظر المارة من الفتيات والشبان ومن مختلف الأعمار بإعجاب واندهاش إلى شخصية تمثال المهاجر الذهبي الذي يقف أمامهم، فيسارعون إلى التقاط سيلفي معه، قبل أن ينتبهوا إلى أن «التمثال الحي» يضع صندوقا صغيرا أمامه يسمح لهم بوضع نقود كمساعدة رمزية له وتشجيعا منهم على العرض الذي التقوه صدفة في الشارع.
والمثير في العرض أن «التمثال الحي» يتحرك ويغير وضعه على طريقة الرجل الآلي بمجرد سماعه صوت النقود داخل الصندوق، ما يزيد الناس حماسا وفضولا لمعرفة الوضع الجديد الذي سيتخذه التمثال في كل مرة تسقط فيه بضع دريهمات داخل الصندوق.
وفي هذا الصدد، قال مكتوم الذي يقطن في مدينة سلا المجاورة للرباط، إن العائد المادي الذي يجنيه ليس كبيرا، بل ما يجمعه بعد العرض ليس سوى مبالغ بسيطة تساعده على شراء بعض الأغراض والحاجيات التي يحتاجها كالمساحيق التي يضعها على وجهه، موضحا أنه ما زال يتابع دراسته ويعمل في الوقت ذاته في مسرح محمد الخامس في الرباط.
ومن الأمور الني تثير التساؤل عند مصادفة عرض من هذا النوع في الشارع، هو ما إذا كان الفنان هو من يقرر بنفسه أن يخرج من بيته ليقدم عرضا للناس في الشارع العام وفي المكان الذي يختاره بكل حرية، ومن دون تنسيق مع أي جهة، وهو ما كان دافعا لطرح السؤال على مكتوم إن كان عمله يحتاج إلى رخصة، فرد: «طبعا لا بد من رخصة لتقديم العرض». وتحدث أيضا أنه لا يكتفي بهذا العرض الذي يقيمه في الرباط بل يشارك من حين لآخر في معارض للفن التشكيلي ويتلقى أيضا دعوات للمشاركة في مهرجانات لفنون الشارع التي تقام في بعض المدن. وإن كانت لا توجد مهرجانات خاصة بفن التماثيل الحية بعد في المغرب، بل تقتصر حاليا على العروض الموسيقية والمسرحية وفن الغرافيتي (الرسم على الجدران).
وتعد التماثيل الحية أحد أنواع فنون الشارع التشكيلية التي كان اسمها في القرون السابقة «الفن العام» المتاحة رؤيتها لكل الناس بلا حواجز. ولم يعد هذا الفن حالات فردية، وخرج من نطاق التسول، وأصبح له مسابقات عامة في مدن أوروبية عدة.
وحسب موسوعة ويكيبيديا فإن فن الشارع (بالإنجليزية: Street art) هو مصطلح يُطلق تحديدًا على أشكال الفنون البصرية التي تم إنشاؤها في الأماكن العامة كفن الملصقات والنحت، وكذلك الأعمال الفنية من دون حسيب أو رقيب خارج سياق أماكن الفن التقليدي. وقد اكتسب المصطلح شعبية خلال فترة ازدهار فن الكتابة على الجدران في الثمانينات من القرن الماضي يفضل بعض الفنانين الذين يختارون الشوارع كمعرض للصور في كثير من الأحيان القيام بذلك بقصد الاتصال مباشرة مع الجمهور بوجه عام، التي تكون خالية من الحدود حيث يقدم فنانو الشوارع في بعض الأحيان برسم صور أو تقديم عروض لجذب الانتباه لقضية ما، وكثيرا ما يسافر الفنانون بين البلدان لنشر تصاميمهم في الشوارع، وكذلك لكسب انتباه الإعلام والعالم أو حتى للعمل التجاري.
وكان فن الشارع تحديًا من الفنان للشكل التقليدي للفنون وتمردا على فكرة أن الأعمال الفنية يجب أن تعرض في المؤسسات الثقافية والمعارض والأماكن المغلقة من دون العمل على تغيير مفاهيم الفن التقليدية. ومن خلال إبداعه يسعى فنان الشارع وراء تواصل فنّه مع الناس في حياتهم اليومية واستخدام الشارع كمنصة للتعبير عن القضايا السياسية الاجتماعية والثقافية المختلفة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.