مصادر معارضة: النظام يتحضر لهجوم واسع على حلب بعد الغارات الجوية

خبراء عسكريون يؤكدون أن الطائرات التي قصفت المدينة روسية

شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)
شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)
TT
20

مصادر معارضة: النظام يتحضر لهجوم واسع على حلب بعد الغارات الجوية

شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)
شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)

أعلنت مصادر المعارضة السورية أن قوات النظام السوري وحلفاءها تتحضر لشن هجمات واسعة ضد مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب، بعد 10 أيام من القصف الجوي الذي انحسر إلى حد ما أمس، بالتزامن مع دعوات للتوصل إلى اتفاق هدنة في المدينة.
وقال المعارض السوري البارز سمير النشار لـ«الشرق الأوسط»: «بعد 10 أيام من القصف، والأنباء الواردة من الميدان عن حشود إيرانية، يبدو أن هناك مخططا متفقا عليه لمحاولة استعادة النظام أحياء مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة»، معتبرا أنه «بصرف النظر عن التحركات الدبلوماسية الهادفة لصرف الأنظار عن الاستعدادات الحقيقية، تفيد معلوماتي من المدينة أن هناك تحركات من قوات النظام وقوات (وحدات حماية الشعب) الكردية استعدادا لهجوم واسع في المدينة».
ونقل النشار عن خبراء عسكريين في المعارضة تأكيدهم «أن الطائرات التي قصفت حلب، ليست نظامية، بل روسية بدليل دقة الأهداف، واستهداف المراكز الحيوية مثل 3 مراكز طبية وعدد من الأفران، بهدف إجبار السكان البالغ عددهم أكثر من 150 ألفا على إخلاء المدينة». وقال: «إن قصف المراكز الحيوية يهدف إلى تدمير الروح المعنوية ومحاولة تفريغ الأجزاء المحررة من المدنيين، تمهيدا للمعركة التي ستشهد المزيد من الاشتباكات». وقال: «إن القصف المكثف يمثل الجائزة الكبرى للنظام في محاولة تسهيل عملية سيطرته على أحياء المعارضة».
وإذ أشار النشار إلى أن القصف «متواصل في حلب»، شكك في احتمال نجاح النظام في استعادة المدينة بأكملها، ذلك أن «المقاتلين أمام خيارين، الموت أو النصر، لذلك قد تكون هناك معارك طاحنة وخسائر كبيرة في صفوف المدنيين».
وانتقد النشار التحركات الدبلوماسية الأخيرة، مشككا في إمكانية التوصل إلى تهدئة حاسمة. وقال: «إن تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة حول تحميل النظام والمعارضة مسؤولية القصف في حلب من غير التمييز بينهما ليست مخيبة للآمال فحسب، بل مستهجنة»، معتبرًا أن التحركات الأميركية والروسية للتوصل إلى هدنة في حلب هي مناورات لتهدئة الرأي العام بالتزامن مع الحملات الإعلامية والاعتصامات والتعاطف العالمي مع حلب. ووصف المحاولات الروسية والأميركية بأنها «محاولة لامتصاص نقمة الرأي العام والإظهار بأن هناك جهودا دبلوماسية لإيهام الرأي العام بأن الجهود الدولية تسعى إلى إيقاف قتل السوريين».
وشهدت مدينة حلب منذ صباح أمس هدوءا حذرا بعد ليل طويل من الغارات الجوية المكثفة التي استهدفت الأحياء الشرقية. وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن بعض السكان «تجرأوا على فتح متاجرهم والعودة إلى عملهم، وهناك حركة بسيطة في الشوارع».
وأكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن «تراجع حدة القصف المتبادل منذ صباح اليوم (أمس)». وقال: «استهدفت غارات حيين في الجهة الشرقية صباحا».
وكان القصف تجدد ليل الأحد الاثنين؛ إذ استهدفت الطائرات الحربية بعد منتصف الليل الأحياء الشرقية، وبينها بستان القصر وصلاح الدين، دون سقوط إصابات. وأفاد المرصد السوري أيضا بـ«مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفل، وإصابة العشرات بجروح جراء سقوط قذائف محلية الصنع أطلقتها الفصائل الإسلامية والمقاتلة» على الأحياء الغربية، وبينها الخالدية وشارع النيل.
ولاحقا أفاد المرصد بسقوط المزيد من القذائف على مناطق في أحياء الميدان وشارع النيل والأعظمية وحلب الجديدة، الخاضعة لسيطرة النظام.
هذا، وقصفت مروحيات النظام بالبراميل المتفجرة مناطق في بلدة كفرداعل بالريف الغربي لحلب، وأماكن أخرى في بلدة حريتان بريف حلب الشمالي.
وفي سياق منفصل، ذكرت وكالة أنباء «الأناضول»، أمس، أن المدفعية التركية قصفت مواقع لتنظيم داعش في سوريا، بينما شنت طائرات من دون طيار أقلعت من قاعدة جوية في جنوب تركيا غارات على الجهاديين؛ مما أدى إلى مقتل أكثر من ستين من مقاتلي التنظيم. وجاءت عمليات القصف هذه ردا على إطلاق صواريخ بشكل متكرر من قبل التنظيم المتطرف داخل سوريا على منطقة كيليس الواقعة على الحدود التركية؛ مما أدى إلى مقتل 18 شخصا منذ بداية العام الحالي.
وقالت وكالة «الأناضول» الحكومية أن 63 من أعضاء تنظيم داعش قتلوا في غارات الطائرات المسيرة والقصف المدفعي في سوريا، لكن من غير الممكن التحقق من هذه الأرقام من مصادر مستقلة على الفور. وأضافت أن المدفعية التركية المتمركزة على الحدود السورية قصفت مواقع للتنظيم وقتلت 34 من مقاتلي التنظيم. وأوضحت أن أربع طائرات بلا طيار أقلعت من قاعدة «أنجرليك» الجوية التركية التي يستخدمها التحالف الدولي لشن غاراته على التنظيم، قتلت 29 من المتطرفين.
وتزامن ذلك مع الإعلان عن تجدد الاشتباكات بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر، في منطقة سندرة بالريف الشمالي لحلب، وسط استمرار عمليات الكر والفر والسيطرة المتبادلة بين الجانبين.



الرئاسة اليمنية تشير إلى احتمال قريب للخلاص من الحوثيين

مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
TT
20

الرئاسة اليمنية تشير إلى احتمال قريب للخلاص من الحوثيين

مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وسط إشارات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى احتمالية الخلاص من الجماعة الحوثية في بلاده خلال العام الحالي، ضربت الغارات الأميركية مساء الأربعاء - فجر الخميس أهدافاً مفترضة للجماعة في صنعاء ومحيطها، وصولاً إلى معقلهم الرئيسي في صعدة.

وفي حين لمحت تصريحات العليمي إلى وجود مشاورات بخصوص ما يجب فعله على الأرض بالتوازي مع الحملة الجوية الأميركية ضد الحوثيين، تحدث إعلام الجماعة عن سقوط 3 جرحى جراء الغارات الأخيرة في صنعاء وصعدة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أمر ببدء حملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في 15 مارس (آذار) الماضي وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، في سياق سعيه إلى إرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

ووفق ما أورده الإعلام الحوثي، فقد استهدفت 6 غارات أميركية فجر الخميس منطقة براش شرق جبل نقم بضواحي صنعاء، وهي منطقة تحوي تحصينات جبلية وأنفاقاً لتخزين الأسلحة والذخائر، وسبق أن استُهدفت المنطقة أكثر من مرة منذ بدء حملة ترمب ضد الجماعة.

دخان يتصاعد بسبب ضربة ليلية أميركية استهدفت موقعاً مفترضاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد بسبب ضربة ليلية أميركية استهدفت موقعاً مفترضاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي مدينة صنعاء، اعترف الحوثيون بالتعرض لـ3 غارات على جبل نقم الذي يضم مستودعات محصنة للأسلحة، إلى جانب ضربة استهدفت موقعاً في حي الجراف شمال المدينة لم تتطرق الجماعة إلى طبيعته.

وفي معقلِ الجماعة الرئيسي محافظةِ صعدة (شمال)، اعترفت الجماعة بالتعرض لـ3 غارات شمال مركز المحافظة (مدينة صعدة) فجر الخميس، وذلك بعد ساعات من التعرض لـ6 غارات بمنطقة السهلين التابعة لعزلة آل سالم بمديرية كتاف.

وفي ظل التعتيم الحوثي على الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر، فقد اكتفى إعلام الجماعة بالإشارة إلى إصابة 3 أشخاص جراء الضربات في صنعاء وصعدة، وتضرر منازل بسبب الضربة في حي الجراف.

مواجهة ممتدة

وتزعم الجماعة الحوثية أنها مستعدة لمواجهة «طويلة الأمد» مع واشنطن، فيما يرجح مراقبون يمنيون أنها تعرضت لخسائر كبيرة على صعيد العتاد والعناصر خلال الأسابيع الستة الماضية؛ بما فيها على مستوى خطوطها الأمامية مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.

وتعرضت الجماعة منذ بدء حملة ترمب لأكثر من ألف غارة جوية وضربة بحرية، وفق ما أقر به زعيمها عبد الملك الحوثي، كانت أشدها قسوة الضربات التي دمرت الأسبوع الماضي ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة.

وتحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 215 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين من المدنيين منذ منتصف مارس الماضي، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساءً وأطفالاً، فيما لم يُتحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

وكانت الجماعة تلقت نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف الضربات على أثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

في مقابل ذلك، تصدر الجماعة بيانات شبه يومية تزعم فيها مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي، كما تزعم إسقاط 22 مسيّرة منذ بدء تصعيدها البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وأطلق الحوثيون 14 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون التسبب في أي إصابات مؤثرة، إلى جانب تبني إطلاق عدد من المسيّرات خلال المدة نفسها.

دفن شخص في مقبرة بصنعاء قال الحوثيون إنه قتل بغارة أميركية (إ.ب.أ)
دفن شخص في مقبرة بصنعاء قال الحوثيون إنه قتل بغارة أميركية (إ.ب.أ)

وكانت الجماعة منذ انخرطت في الصراع البحري والإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل، دون أثر عسكري، باستثناء مقتل شخص واحد خلال يوليو (تموز) الماضي بانفجار مسيّرة في شقة بتل أبيب.

وتوقف الحوثيون عن هجماتهم في 19 يناير الماضي عقب اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»، لكنهم عادوا للهجمات إثر تعذر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، وقرار ترمب شن حملته ضدهم.

احتمالية الخلاص

وتتفاءل الأوساط السياسية اليمنية؛ وفي مقدمهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، بأن يكون العام الحالي هو عام الحسم ضد الجماعة الحوثية، خصوصاً بعد المتغيرات الإقليمية وعودة ترمب إلى البيت الأبيض.

وترى المكونات اليمنية الشرعية أن الضربات الأميركية غير كافية لإنهاء تهديد الجماعة المدعومة من إيران، وأن الحل الأمثل هو دعم القوات الشرعية لتحرير الحديدة وصنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة بالقوة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع قادة الأحزاب والمكونات السياسية (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع قادة الأحزاب والمكونات السياسية (سبأ)

وفي أحدث تصريحات للعليمي، خلال لقائه في الرياض قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، قال إن «المهم اليوم ما يتعلق بالفاعلية الإجرائية على الأرض، التي نتشاور بشأنها الآن، حيث نؤكد أن الشروط الموضوعية كافة باتت مواتية ليكون هذا العام هو عام الحسم، والخلاص، وإنهاء معاناة شعبنا التي طال أمدها».

ووفق الإعلام الحكومي، فقد أشار العليمي إلى ما وصفه بـ«التراكم المحقق في مسار المعركة على الصعيدين المحلي والدولي، وفي مقدم ذلك تصويب السردية المضللة بشأن الوضع اليمني، وإعادة تعريف الميليشيات الحوثية بصفتها تهديداً دائماً وليس مؤقتاً للأمن والسلم الدوليين».

ورأى العليمي أن من ثمار جهود «المجلس» الذي يقوده «التحول الإيجابي في موقف المجتمع الدولي؛ سواء على صعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، وعلى صعيد الانتقال من سياسة الاحتواء، إلى خيار الردع الحازم»، في إشارة إلى الحملة الأميركية المتصاعدة.

وحض رئيس مجلس الحكم اليمني على «الاستثمار الفاعل في المتغيرات المشجعة، وعدم تفويت فرصة إدارتها الجماعية بكفاءة وحنكة؛ لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، وبأقل تكلفة ممكنة».

الحوثيون متهمون بالتسبب في مقتل نحو 350 ألف يمني خلال 10 سنوات من انقلابهم (أ.ب)
الحوثيون متهمون بالتسبب في مقتل نحو 350 ألف يمني خلال 10 سنوات من انقلابهم (أ.ب)

كما شدد العليمي على «تصفير» الخلافات كافة بين القوى الوطنية، و«التفرغ لمعركة استعادة الدولة، حيث تكمن الشراكة الحقيقية في تحقيق تطلعات الشعب، وإنجاز استحقاقات التحرير، وبناء الدولة العادلة، القائمة على المواطنة المتساوية، وتجريم العنصرية بأشكالها كافة»؛ وفق قوله.

وفي حين تربط الجماعة الحوثية توقف هجماتها بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، فإنه لا يوجد سقف زمني واضح حتى الآن لنهاية حملة ترمب، وسط تكهنات لا تستبعد أن تدعم واشنطن حملة برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء نفوذ الجماعة العسكري.