مقتل رفاعي طه مسؤول «الجماعة الإسلامية» المصرية في غارة درون أميركية

أسلاميو لندن: مؤلف كتاب {ذروة سنام الإسلام} الذي صادرته أسكوتلنديارد .. «نال ما تمناه» في سوريا

رفاعي طه (أبو ياسر) مسؤول الجماعة الإسلامية المصرية («الشرق الأوسط»)
رفاعي طه (أبو ياسر) مسؤول الجماعة الإسلامية المصرية («الشرق الأوسط»)
TT
20

مقتل رفاعي طه مسؤول «الجماعة الإسلامية» المصرية في غارة درون أميركية

رفاعي طه (أبو ياسر) مسؤول الجماعة الإسلامية المصرية («الشرق الأوسط»)
رفاعي طه (أبو ياسر) مسؤول الجماعة الإسلامية المصرية («الشرق الأوسط»)

كشف أصوليون في لندن عن مقتل رفاعي طه (أبو ياسر) مسؤول الجماعة الإسلامية المصرية في غارة «درون «أميركية على إدلب أول من أمس». وألقت السلطات المصرية القبض على طه حين كان في مطار دمشق عابرا أثناء رحلة بين السودان وأفغانستان عام 2001 ومنذ ذلك الوقت لم يخرج إلى النور إلا بعد ثورة يناير. وتبنت واشنطن أول من أمس الغارة الجوية التي أدت أمس إلى مقتل المتحدث باسم «جبهة النصرة» (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) ونجله و20 متشددا آخرين بمحافظة إدلب بشمال شرقي البلاد، وفق ما أعلنته وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون». وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مسؤوليتها عن الغارة الجوية التي أدت إلى مقتل عدد من قيادات «جبهة النصرة»، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، حيث خسرت المتحدث الرسمي باسمها و20 متطرفا على الأقل من «القاعدة» في قصف جوي على ريف إدلب.
من جهته قال الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن لـ«الشرق الأوسط» أنه عرف أبو ياسر (رفاعي طه) عن قرب خلال محاكمتها في قضية الجهاد الكبرى عام 1981 في أعقاب مقتل الرئيس الراحل أنور السادات، وقال كان الجميع يظن أنه يعيش في إسطنبول، ولم يكن يتوقع أحد أنه دخل إلى سوريا للانضمام إلى «جبهة النصرة» ذراع «القاعدة».
وأوضح السباعي أن رفاعي طه (أبو ياسر) «نال ما تمنى»، فقد كان يتوق إلى الموت في أفغانستان، بعد تأسيسه معسكر «خلدن» في أفغانستان، لتدريب الأصوليين أيام القتال ضد الروس، واعتقل في سوريا ورحل إلى مصر، وخرج من السجن أيام الرئيس المخلوع محمد مرسي، ثم سافر إلى تركيا ومنها إلى الداخل السوري، حيث «لقي ربه»، في غارة «درون» أميركية على سيارة دفع رباعي.
وحسب أصوليين في لندن فإن طه هو مؤلف كتاب «إماطة اللثام عن بعض أحكام ذروة سنام الإسلام» الصادر في لندن عام في 2001، ثم طاردته شرطة اسكوتلنديارد بسبب تحريضه على العنف ضد الأميركيين أينما وجدوا. ويقول طه في كتابه إنهم «كفار معتدون صائلون على أرضنا وأعراضنا ويجب قتلهم في أي أرض كانوا وبأي طريقة أمكن ذلك، وأن ذلك واجب على كل مسلم قادر عليه، ولا يحتاج إلى إذن أحد، فإنه فرض عين لا يسقط عمن قدر عليه». وكان رفاعي طه المكنى «أبو ياسر» يتردد بين عدة دول (أفغانستان - إيران - سوريا - السودان)، وفي إحدى هذه الرحلات كان مقبلاً من الخرطوم مارًا بسوريا لكن قوات الأمن السورية اعتقلته عام 2001، وحاولت وساطات التدخل لإطلاق سراحه، ونظرًا لبطء الإجراءات فقد ظل في أحد السجون بدمشق إلى أن وقعت أحداث سبتمبر (أيلول) 2001، ومن ثم أسرعت السلطات السورية بتسليمه إلى مصر ومن ثم فقد فوتت على الجهات الوسيطة فرصة إطلاق سراحه.
وحسب موقع علي الإنترنت للمطلوبين في قضايا العنف الديني للحكومة المصرية فإن رفاعي طه كان يسافر بثلاثة جوازات سفر مزورة، أحدها سوداني باسم صلاح علي كامل يحمل رقم 838610، والآخران مصريان باسمي عبد الحي أحمد عبد الوهاب صادر من إسلام آباد عام 1992، وعصام علي محمد عبد الله برقم 1046403.
وقال رفاعي في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»: «كنت موجودا في إيران، فهي استضافت قيادات الجماعة فترة من الزمان بعد فشل حادث اغتيال مبارك في أديس أبابا، وقالوا لنا أنتم سنة ونحن شيعة، ونريد أن يكون بيننا مشاريع مشتركة».
ويعتبر طه، الذي سبق وحكم عليه بالإعدام أيضا، أحد أربعة من قيادات الجماعة الإسلامية الذين كانوا محبوسين على ذمة قضية «العائدون من ألبانيا»، إلى أن قضت محكمة جنايات بني سويف الأسبوع الماضي، ببراءتهم. كما يعتبر أحد أبرز مؤسسي تنظيم الجماعة الإسلامية، ورئيس مجلس شورى الجماعة في الخارج.
ومنذ قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات سنة 1981، وحبسه في مدينة الأقصر بالصعيد، وهروبه عام 1987 إلى خارج البلاد، عاش طه مطاردا ومتنقلا بين عدة بلدان منها أفغانستان (أيام الجهاد ضد السوفيات)، والسودان وإيران، وغيرها.
ويقول مقربون من طه في لندن: «إن رفاعي حكم عليه بالسجن خمسة أعوام في قضية اغتيال السادات، وبالإعدام في قضية (العائدون من أفغانستان)، وهو حكم صادر غيابيًا من محكمة عسكرية».
وكان طه أحد المؤسسين على بيان «الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين» مع أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في قندهار عام 1998. ولكنه تراجع بعد ضغوط من الجماعة الإسلامية المصرية.
وقال طه في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» إنه لم يحصل على حريته بسبب قرار بالعفو الرئاسي، وإنما بسبب حكم من المحكمة التي برأته من التهم التي كانت موجهة إليه. ونجحت الحكومة المصرية في اعتقال الكثير من قيادات «الجماعة الإسلامية» داخل البلاد، وتسلم قياديين آخرين من دول عربية وأوروبية بينها السعودية والكويت والإمارات وألبانيا وغيرها. ولم يقم التنظيم الأصولي بأي هجوم منذ مذبحة السياح في مدينة الأقصر في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1997، التي راح ضحيتها 58 سائحًا معظمهم ألمان وسويسريون ويابانيون.
وكشف الإسلامي المصري هاني السباعي أنه ضمن الشروط التي طرحت على رفاعي طه قبيل مغادرته سجن طره أن يكتب رسالة يدين فيها العمليات التي قامت بها «الجماعة الإسلامية» منذ مقتل السادات 1981 وأحداث أسيوط، وأن يدين كذلك مذبحة الأقصر عام 1997 وكل العمليات التي قامت بها «الجماعة الإسلامية» ضد السياح.
وتعتبر «الجماعة الإسلامية» هي أكبر جماعة أصولية متشددة في مصر وكانت متحالفة مع جماعة أخرى هي «الجهاد» عام 1981 عندما أطلق أتباع لـ«الجهاد» في الجيش الرصاص على السادات أثناء استعراض عسكري في إطار احتفالات حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1981، وكان يحضره الرئيس المصري.
وقال المتحدث باسم البنتاغون ماثيو آلن إن «الولايات المتحدة ضربت آلية، ما أدى إلى مقتل عدد من مسلحي القاعدة»، مضيفا أن «نتائج هذه الغارة في طور التقييم».
جانبه، أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «أبو فراس السوري الناطق الرسمي باسم جبهة النصرة ونجله وما لا يقل عن 20 عنصرا من تنظيم جند الأقصى وجبهة النصرة ومتطرفين من فصائل أخرى من جنسيات أوزبكية لقوا مصرعهم جراء استهداف طائرات حربية مقرًا لجند الأقصى شرق قرية كفرجالس شمال غربي مدينة إدلب ونقطتين أخريين لجند الأقصى وجبهة النصرة بريف إدلب الشمالي». ولم يتمكن المرصد حتى الآن من تحديد ما إذا كانت هذه الغارات روسية أو لسلاح الجو السوري. وأوضح عبد الرحمن أن «عدد الذين لقوا مصرعهم مرشح للارتفاع جراء وجود عدد من الجرحى بعضهم في حالات خطرة».
وتأتي هذه الغارات بعد يومين من سيطرة النصرة على بلدة العيس في ريف حلب الجنوبي المحاذي لإدلب التي قتل فيها 12 عنصرا على الأقل مما يسمى «حزب الله» الشيعي اللبناني المتحالف مع النظام السوري.
ومنذ عام 2015 تسيطر النصرة وحلفاؤها على محافظة إدلب. وعلى غرار تنظيم داعش فإن «جبهة النصرة» مستثناة من الهدنة المطبقة جزئيا في سوريا بين النظام والمعارضة منذ 27 فبراير (شباط).



سكان غزة يكافحون لإيجاد كسرة خبز مع اشتداد الحصار الإنساني

أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك عائلات غزة الكميات القليلة منه (أ.ف.ب)
أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك عائلات غزة الكميات القليلة منه (أ.ف.ب)
TT
20

سكان غزة يكافحون لإيجاد كسرة خبز مع اشتداد الحصار الإنساني

أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك عائلات غزة الكميات القليلة منه (أ.ف.ب)
أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك عائلات غزة الكميات القليلة منه (أ.ف.ب)

في قطاع غزة المحاصَر والمدمَّر جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهراً، أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك العائلات الكميات القليلة المتوافرة منه للبقاء على قيد الحياة، بينما الجوع يتربص بها.

تجلس فلسطينيات على الأرض، ويخلطن بتأنٍّ كميات الطحين القليلة.

وتقول أم محمد عيسى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهي متطوعة تساعد في صنع الخبز بما توافر من موارد «لأن المعابر مغلقة، لم يعد هناك غاز، ولا طحين، ولا حتى حطب يدخل القطاع».

منذ الثاني من مارس (آذار) الماضي، تمنع إسرائيل بشكل تام إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب، متهمةً حركة «حماس» بالاستيلاء على هذه الإمدادات التي كانت تصل أثناء الهدنة المبرمة في 19 من يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقد استأنفت الدولة العبرية في منتصف مارس عملياتها العسكرية في القطاع.

وتحذر الأمم المتحدة من أزمة إنسانية متفاقمة في القطاع جراء توقُّف المساعدات لسكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وتفتقر المنظمات الإنسانية العاملة في غزة إلى السلع الأساسية من غذاء ودواء.

وتقول أم محمد عيسى إن المتطوعين لجأوا إلى حرق قطع الكرتون لإعداد خبز الصاج.

وتؤكد: «ستحل المجاعة. سنصل إلى مرحلة لا نستطيع فيها إطعام أطفالنا». وسبق لمنظمات إغاثة دولية أن حذرت من مجاعة وشيكة خلال الحرب المتواصلة منذ 18 شهراً.

بدأت الأفران الواحد تلو الآخر تُوقِف عملها مع نفاد مكونات الخبز الأساسية من طحين وماء وملح وخميرة (أ.ف.ب)
بدأت الأفران الواحد تلو الآخر تُوقِف عملها مع نفاد مكونات الخبز الأساسية من طحين وماء وملح وخميرة (أ.ف.ب)

«الخبز ثمين جداً»

حتى نهاية مارس، كان سكان القطاع يقفون في طوابير كل صباح أمام مخابز قليلة كانت لا تزال تعمل، على أمل الحصول على بعض الخبز.

لكن، بدأت الأفران الواحد تلو الآخر توقف عملها مع نفاد مكونات الخبز الأساسية من طحين وماء وملح وخميرة.

حتى المخابز الصناعية الكبيرة الأساسية لعمليات برنامج الأغذية العالمي، أغلقت أبوابها بسبب نقص الطحين والوقود اللازم لتشغيل المولدات.

وقالت منظمة «المطبخ المركزي العالمي» الخيرية، الأربعاء، إن الأزمة الإنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم. وكتبت عبر منصة «إكس»: «الخبز ثمين جداً، وغالباً ما يحل محل وجبات الطعام العادية حيث توقف الطهي».

ومخبز هذه المنظمة الخيرية هو الوحيد الذي لا يزال يعمل في قطاع غزة وينتج 87 ألف رغيف في اليوم.

يقول رب العائلة بكر ديب البالغ 35 عاماً من بيت لاهيا في شمال القطاع: «بنيت فرناً من الطين لأخبز فيه الخبز وأبيعه». وعلى غرار معظم سكان القطاع نزح ديب بسبب الحرب، وهو الآن في مدينة غزة.

لكنه يقول: «هناك نقص حاد في الطحين الآن»، مضيفاً: «هذا فاقم أزمة الخبز أكثر».

«ممتلئ بالديدان»

توقُّف بيع الطعام في بسطات على جوانب الطرق بينما الأسعار في ارتفاع مستمر يجعل غالبية السكان غير قادرين على شراء السلع.

ظنت فداء أبو عميرة أنها عقدت صفقة رابحة عندما اشترت كيساً كبيراً من الطحين في مقابل 100 دولار في مخيم الشاطئ للاجئين في شمال القطاع.

لكنها تقول بحسرة: «ليتني لم أشتره. كان ممتلئاً بالعفن والديدان. وكان طعم الخبز مقززاً». قبل الحرب، كان الكيس نفسه، زنة 25 كيلوغراماً، يُباع بأقل من 11 دولاراً.

تقول تسنيم أبو مطر من مدينة غزة: «نحن نموت حرفياً من الجوع». وأضافت، وهي تبلغ من العمر 50 عاماً: «نحسب ونقيس كل ما يأكله أطفالنا، ونقسم الخبز ليكفي أياماً» مؤكدة: «كفى! فقد وصلت القلوب الحناجر».

ويبحث أشخاص بين الأنقاض عما يسدّ جوعهم، بينما يسير آخرون مسافة كيلومترات إلى نقاط توزيع المساعدات أملاً في الحصول على القوت لعائلاتهم.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن أكثر من 250 مركز إيواء في غزة افتقر، الشهر الماضي، إلى الطعام الكافي، أو لم يتوافر لديه أي طعام على الإطلاق.

وتتهم «حماس» التي أشعل هجومها غير المسبوق في 7 أكتوبر (تشرين الثاني) 2023 على جنوب إسرائيل فتيل الحرب، الدولة العبرية باستخدام التجويع سلاحاً في الحرب.

وقد طوّر سكان غزة قدرتهم على الصمود خلال هذه الحرب وأثناء مواجهات سابقة مع إسرائيل، لكنهم يقولون في مقابلاتهم مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهم غالباً ما يشعرون بأن هذه الطرق المبتكرة للتكيّف تعيدهم قروناً إلى الوراء.