المغرب يقرر تقليص بعثة الأمم المتحدة في الصحراء

الرباط وموسكو تعلنان رفضهما الخروج عن المعايير الأممية المحددة لحل القضية

المغرب يقرر تقليص بعثة الأمم المتحدة في الصحراء
TT

المغرب يقرر تقليص بعثة الأمم المتحدة في الصحراء

المغرب يقرر تقليص بعثة الأمم المتحدة في الصحراء

قرر المغرب تقليص بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو)، وإلغاء مساهمته الإرادية لسير عمل البعثة الدولية، وبحث صيغ سحب التجريدات العسكرية المغربية المنخرطة في عمليات حفظ السلام.
وقال بيان صدر الليلة قبل الماضية عن وزارة الخارجية المغربية إنه عقب التصريحات «غير المقبولة» والتصرفات «المرفوضة» للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته الأخيرة للمنطقة (موريتانيا والجزائر ومخيمات جبهة البوليساريو)، قرر المغرب اتخاذ «التدابير الفورية» التالية، والمتمثلة في إجراء «تقليص ملموس خلال الأيام المقبلة لجزء كبير من المكون المدني، خصوصا الشق السياسي من بعثة (المينورسو)، وإلغاء المساهمة الإرادية التي تقدمها المملكة لسير عمل (المينورسو)، وبحث صيغ سحب التجريدات المغربية المنخرطة في عمليات حفظ السلم».
وأشار البيان إلى أن «المملكة المغربية تحتفظ بحقها المشروع في اللجوء إلى تدابير أخرى، قد تضطر إلى اتخاذها للدفاع، في احترام تام لميثاق الأمم المتحدة عن مصالحها العليا، وسيادتها ووحدتها الترابية». وأكد المصدر ذاته أنه بتعليمات من الملك محمد السادس توجه وزير الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، في 14 من مارس (آذار) الحالي إلى نيويورك، بهدف لقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وأوضح البيان أن الوزير سلم رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة «تعرض بتفصيل الاحتجاجات الرسمية للحكومة المغربية بخصوص تصريحاته غير المقبولة، وتصرفاته المرفوضة خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة»، وأضاف أنه خلال هذا اللقاء أطلع مزوار الأمين العام الأممي على «شجب المملكة المغربية والشعب المغربي وكل القوى الحية الصارم ورفضهم التام لتصريحاته غير المقبولة، وتصرفاته المدانة بخصوص قضية الصحراء المغربية، خلال زيارته الأخيرة للجزائر»، وشدد على أن «السلطات المغربية تعتبر أن مثل هذه التصرفات لا تتماشى مع مسؤوليات ومهمة الأمين العام الأممي، التي تلزمه بواجب التحلي بالموضوعية والحياد واحترام المرجعية الموضوعة من قبل هيئات الأمم المتحدة».
وتم تذكير الأمين العام الأممي بأن مصطلح «احتلال» الذي استعمل لوصف وجود المغرب في صحرائه، يعتبر «هراء قانونيا وخطأ سياسيا جسيما». ولهذا الغرض، ذكر البيان أنه «لم يستعمل أي قرار لمجلس الأمن قط مثل هذه المصطلحات»، مضيفا أن «استعمال هذه المرجعية يشكل إهانة للشعب المغربي، ولأمة بذلت تضحيات جسام لنيل استقلالها تدريجيا والدفاع عن وحدتها الترابية».
وتابع البيان في السياق ذاته أن «اللجوء إلى الاستفتاء المشار إليه لحل هذا النزاع الإقليمي تجاوزه التاريخ واستبعده مجلس الأمن»، مذكرا بأن مجلس الأمن يدعو، بشكل حصري، منذ سنة 2004، إلى البحث عن حل سياسي متفاوض بشأنه، بناء على الواقعية وروح التوافق.
وأكد البيان أنه «تم التطرق أيضا إلى المحاولات المرفوضة لتحريف وضع المنطقة الواقعة شرق نظام الدفاع (المنطقة العازلة)، وكذا المعاملة الانتقائية وموقف المحاباة إزاء الوضع الإنساني بمخيمات تندوف»، مضيفا أن مزوار جدد التأكيد، خلال هذا الاجتماع، على ضرورة عدم انسياق الأمين العام وراء المحاولات المكشوفة الرامية إلى التصدي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي تحتفظ بكامل أهميتها ضمن قرارات مجلس الأمن. وأوضح البيان ذاته أنه «تمت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى توضيح مواقفه بشكل علني من أجل استعادة جو الثقة والاحترام المتبادل».
وأعرب بيان وزارة الخارجية والتعاون عن أسفه، لأنه «عوض احترام الالتزامات المعبر عنها خلال هذا الاجتماع، أضاف البيان الصادر عن الأمانة العامة الأممية إلى الإساءة الأصلية إهانة أخرى في حق الشعب المغربي الذي لم يقم إلا بالتعبير العفوي عن رفضه لكل هذه الانزلاقات واللامسؤولية». وأكد المصدر ذاته أن «المملكة المغربية تشجب إقدام الأمين العام الأممي على إنكار الحق الشرعي والديمقراطي لشعب وقواه الحية في التعبير بحرية عن آرائهما وردود أفعالهما»، متسائلا: «متى تصبح ممارسة الحق الفردي والجماعي المنصوص عليها في الدستور المغربي إهانة لشخص الأمين العام، خصوصا عندما يتعلق الأمر برد فعل على تصريحات وتصرفات تمس في العمق كل مواطن مغربي من الشمال إلى الجنوب؟».
وكان وزير الخارجية المغربي قد أجرى مباحثات مع سفراء الدول أعضاء مجلس الأمن، ليشرح لهم موقف المغرب من تصريحات بان كي مون، وتداعيات ذلك على مسلسل إيجاد حل لنزاع الصحراء، والإجراءات التي اتخذها المغرب للتعبير عن غضبه.
وأجرى مزوار، أمس، في واشنطن مباحثات مع كبار المسؤولين الأميركيين حول القضايا نفسها التي تباحث بشأنها في نيويورك.
في غضون ذلك، أعرب المغرب وروسيا عن رفضهما أي خروج عن المعايير المحددة سلفا في القرارات الحالية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل إيجاد حل لقضية الصحراء. وقد جاء ذلك في بيان مشترك حول «الشراكة الاستراتيجية المعمقة» بين البلدين صدر الليلة قبل الماضية عقب المباحثات التي أجراها الملك محمد السادس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقصر الكرملين في موسكو بمناسبة الزيارة الرسمية للعاهل المغربي إلى روسيا، التي تزامنت مع توتر حاد تعرفه علاقة الرباط بالأمين العام للأمم المتحدة بسبب تصريحات عدتها «غير مسبوقة، ومنحازة» للخصوم بشأن ملف الصحراء، حيث وصف سيادة المغرب على الصحراء بأنها «احتلال».
وأضاف البيان أن «فيدرالية روسيا والمملكة المغربية لا تدعمان أي محاولة لتسريع أو التسرع في قيادة المسلسل السياسي، ولا أي خروج عن المعايير المحددة سلفا في القرارات الحالية لمجلس الأمن».
وعبرت روسيا بهذا الخصوص عن دعمها لجهود مجلس الأمن والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من الأطراف لقضية الصحراء «لما فيه مصلحة السكان وطبقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة».
وجاء في البيان أيضا أن «روسيا تأخذ بعين الاعتبار، وكما يجب، موقف المملكة المغربية بخصوص تسوية هذه القضية». كما أخذت موسكو علما بالمشاريع الاجتماعية - الاقتصادية التي أطلقها المغرب بالأقاليم الجنوبية (الصحراء) والرامية إلى تنمية هذه المنطقة، وتحسين ظروف عيش السكان الذين يعيشون فيها.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.