اللواء الحاج علي: ضبط المعايير يؤسس لجيش وطني سوري من النظام والمعارضة

أكبر ضابط سوري منشق قال إن الدول الصديقة عرقلت مشروع جسم عسكري

اللواء محمد الحاج علي  - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)
اللواء محمد الحاج علي - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)
TT

اللواء الحاج علي: ضبط المعايير يؤسس لجيش وطني سوري من النظام والمعارضة

اللواء محمد الحاج علي  - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)
اللواء محمد الحاج علي - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)

اللواء محمد حاج علي هو أعلى رتبة لضابط سوري انشق عن النظام، وكان ذلك في أغسطس (آب) 2012. ومنذ ذلك الحين لم يندمج بأي جسم عسكري ظهر على هامش المعارضة، من منطلق أنه لم يجد في الأجسام المعلنة مؤسسات عسكرية تأسست على أسس صحيحة.
وبخصوص إعادة هيكلة الجيش الوطني السوري في المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام و المعايير التي ستتم على أساسها الهيكلة قال اللواء حاج علي إن إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية في حال تم الاتفاق على عملية الانتقال السياسي واجبة التنفيذ، ولا يمكن أن يكتب للعملية السياسية النجاح من دونها رغم صعوبتها وتعقيدها. فمن جهة، الحالة السيئة لجيش النظام كونه تحول إلى ميليشيات ومجموعات غير منضبطة، والحالة المشتتة وغير المنضبطة والمؤدلجة لفصائل المعارضة المسلحة من جهة أخرى، أضف إلى ذلك حالة الاحتقان والكراهية وصور الجرائم المرتكبة من قبل هذه القوى بحق الشعب السوري ووجود الميليشيات الأجنبية ذات الطابع الطائفي والقومي، والتدخلات الإقليمية والدولية، كل هذه المسائل ستكون حاضرة في إعادة هيكلة الجيش والقوى الأمنية.
أمام هذه الحالة لا بد من رعاية دولية وإشراف دولي على عملية الإعادة والتأهيل لهذا الجيش ليصبح وطنيا يخضع للسلطة السياسية، وفق معايير عسكرية ومهنية، وذلك من خلال دمج ما تبقى من جيش النظام مع من انخرط من الفصائل المسلحة المعارضة في العملية السياسية أو قبل معطيات الحل السياسي، وهذه العملية تحتاج إلى فترة زمنية طويلة تنفذ على مراحل بتنسيق وانسجام تام مع السلطة السياسية الجديدة.
وتعتمد هذه المراحل على التالي وفق ما يلي:
1 - تشكيل مجلس عسكري أعلى من كبار ضباط النظام والضباط المنشقين عنه من أصحاب الكفاءة والخبرة والنزاهة، على أن لا يتجاوز عدد أعضائه 15 ضابطا يتولى مهمة إعادة الهيكلة وحماية مؤسسات الدولة ومحاربة الإرهاب وجمع السلاح غير الخاضع لسلطة الدولة الجديدة، وإخراج الميليشيات الطائفية وغير السورية من الأراضي السورية.
2 - إبعاد كل القادة الذين ارتكبوا جرائم حرب وتقديمهم للقضاء من خلال تشكيل محاكم مختصة بذلك.
3 - إجراء عملية الدمج بين جيش النظام وقوى المعارضة المسلحة وفق معايير مهنية وعسكرية بإشراف المجلس العسكري المشكل.
4 - إعادة تشكيل القوات المسلحة وفق متطلبات ومقتضيات الحاجة الوطنية من حيث التعداد والأسلحة وتحقيق الأمن الوطني.
5 - إجراء عمليات التسريح والإحالة إلى وظائف مدنية للعناصر التي لا تنسجم مع المعطيات الجديدة للدولة المنشودة.
6 - إعادة النظر بديموغرافية جيش النظام الذي تحول على مر السنين إلى جيش طائفي وسلطوي يخدم سلطة آل الأسد ولا يخدم سوريا الوطن.
إضافة إلى إجراءات كثيرة يتم العمل عليها لتأسيس جيش وطني على أسس وقواعد العمل العسكري المحترف.
وحول ما إذا كان يتوقع تمردا من بعضهم على المؤسسة العسكرية الأكبر، أي الجيش الوطني قال اللواء حاج علي إنه بالتأكيد سيبقى هناك بعض قادة الفصائل خارج العملية السياسية من جهة، وفصائل أخرى منخرطة حاليا بالعملية السياسية، قد لا يعجبهم معطيات الحل السياسي، أو لا يكون لها الدور المأمول في الحل، ويمكن أن تكون معادية لعملية الحل، وبالتالي عدم الاندماج في الجيش الوطني، وهؤلاء أعتقد أنه يمكن التعامل معهم إذا تمت عملية الدمج والمساندة الدولية والأممية لهذا الجيش وفق حزمة الحل السياسي المعقول للقضية السورية.
وبخصوص رأيه حول أسباب فشل مشروع الجيش السوري الحر، وإن كان ذلك بسبب التدخلات الخارجية أم بسبب الخلافات بين الضباط المنشقين وعدم توحدهم وتورطهم بأمراض المعارضة السياسية. قال اللواء علي حاج إنه لم يتشكل الجيش السوري الحر من الناحية البنيوية، ولم تكن له قيادة فعلية نظمت شؤونه وقادت أداءه في معاركه ضد النظام، وإنما اكتفت بالتمثيل الرمزي دون وجود أي نوع من السيطرة عليه. على ذلك، فالجيش الحر كان عبارة عن رمز اجتمع تحته كل من حمل السلاح بوجه نظام الأسد. إضافة إلى افتقار هذه القيادة إلى الكفاءة والخبرة في القيادة والتنظيم، وعدم تواجدها في الميدان، وعدم قبول التعامل مع الكفاءات التي انشقت بعد تشكيل هذه القيادة الرمزية للجيش الحر، مما أدى إلى اختلافات كبيرة بينها وبين الضباط الذين انشقوا لاحقا، والذين بدأوا يشكلون مكونات عسكرية أخرى تحت مسميات مختلفة، الأمر الذي أفقد الجيش الحر مشروعيته، وتهميش من ادعوا قيادته.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى: لعب السياسيون وبشكل خاص رجالات المجلس الوطني ومن بعدهم الائتلاف، دورا سلبيا ساهم في زيادة الفرقة بين الضباط وقيادات ما سمي بالجيش الحر، والذين كانوا طامحين بالسلطة، معتقدين بأن أيام نظام الأسد معدودة، فلم يسعوا إلى إنشاء جيش منظم قائم على الأسس والقواعد العسكرية، تحت ذرائع مختلفة أهمها، أنهم لا يريدون أن تتكرر تجربة العسكر في حكم سوريا مرة أخرى.
أما موقف الدول الداعمة للثورة السورية فيما يخص الجيش الحر، فقد كان دورها مريبا وغير مفهوم من خلال اعتماد الدعم لمجموعات غير منضبطة وغير خبيرة في العمل العسكري، كما وقفت موقفا سلبيا من الضباط الذين تم احتجازهم في الأردن وتركيا ضمن معسكرات تحت السيطرة. وعند تشكيل الجيش الوطني من قبل أغلب الضباط في بداية الشهر التاسع عام 2012. تم محاربته من قبل كل دول ما يسمى (أصدقاء الشعب السوري)، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية. وبعدها تم تشكيل المجالس العسكرية التي نجحت مؤقتا قبل أن يتم تشكيل الأركان المشتركة من قبل (أصدقاء الشعب السوري)، والتي لا تحمل من الأركان إلا الاسم، حيث تم تعيين بعض الضباط غير المؤهلين وغير المختصين، ومعهم قادة فصائل مدنية بنسبة ثلثين إلى ثلث لصالح المدنيين، والتي لا تحمل من المعرفة العسكرية شيئا، الأمر الذي أدى إلى إجهاض العمل العسكري المنظم، وزاد من دور المدنيين، كما ازدادت سطوة الآيديولوجيات الدينية على الثورة وقويت شوكتها، حتى أصبح ممثلوها القوة الأساسية في الصراع مع نظام الأسد. كما زادت قوات «داعش» والنصرة وغيرهما من الفصائل التي لا تحمل مشروعا وطنيا قوة على حساب الجيش الحر.
كل ذلك تم بمعرفة وتسهيل من استخبارات (أصدقاء الشعب السوري) على اختلاف مستوى المساهمة بين دولة وأخرى.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.