مصادر لـ «الشرق الأوسط»: إعداد ألوية وكتائب خاصة لتحرير العاصمة.. والمدفعية تقصف ضواحيها

المقاومة تسخر من خطاب صالح لأنصاره وتؤكد: هادي سيعود إلى صنعاء لبناء «الدولة الاتحادية»

يمني يحمل زجاجات من البلاستيك على عربة لملئها بالماء في حي شو بالعاصمة صنعاء التي تعاني من نقص حاد في المياه (غيتي)
يمني يحمل زجاجات من البلاستيك على عربة لملئها بالماء في حي شو بالعاصمة صنعاء التي تعاني من نقص حاد في المياه (غيتي)
TT

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: إعداد ألوية وكتائب خاصة لتحرير العاصمة.. والمدفعية تقصف ضواحيها

يمني يحمل زجاجات من البلاستيك على عربة لملئها بالماء في حي شو بالعاصمة صنعاء التي تعاني من نقص حاد في المياه (غيتي)
يمني يحمل زجاجات من البلاستيك على عربة لملئها بالماء في حي شو بالعاصمة صنعاء التي تعاني من نقص حاد في المياه (غيتي)

كشفت مصادر رفيعة المستوى في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن إعداد قوات الشرعية لعدد من الألوية والكتائب العسكرية الخاصة الجديدة، التي ستشارك في عملية تحرير العاصمة صنعاء.
وقالت المصادر إن العمل يجري، ليل نهار، لتجهيز تلك القوات، التي يشرف على تجهيزها وإعدادها اللواء الركن محمد علي المقدشي، رئيس هيئة الأركان العامة في قوات الجيش الوطني، بتكليف ومتابعة شخصية من الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وكشفت المصادر الخاصة عن أن مدفعية الجيش والمقاومة بدأت في قصف تحصينات تحالف الحوثي – صالح قرب مطار صنعاء ومنطقتي سعوان وجولة آية، في الجهة الشمالية للمدينة.
وواصلت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدمها في جبهة القتال في مديرية نهم، باتجاه العاصمة صنعاء، إذ تقدمت في محيط منطقة مسورة، غرب فرضة نهم، وفي محيط منطقة محلي، جنوب الفرضة.
ووفقا لعضو المجلس الأعلى للمقاومة في صنعاء، عبد الكريم ثعيل لـ«الشرق الأوسط»، فقد «تكبد الانقلابيون عشرات القتلى وفروا من ثلاث تباب في محلي ومسورة وأطراف ملح». ووصف ثعيل المواجهات، من جانب المتمردين، بـ«الانتحار الجماعي لعناصر الميليشيات الحوثية في هذه الجبهة (نهم)، نظرا لأوراقهم التي اختلطت، والذعر الذي أصيبوا به بعد تقدم قوات الشرعية باتجاه العاصمة صنعاء»، مشيرا إلى أن «هذا الانتحار ما هو إلا لفظ الأنفاس الأخيرة للانقلاب، وهو أيضا محاولة لترتيب أوضاع فرارهم بأنفسهم وبالأموال الطائلة التي نهبوها منذ الانقلاب».
وأضاف ثعيل - وهو أحد القيادات الشبابية في ثورة 11 فبراير (شباط) لعام 2011، وقيادي بارز في المقاومة بصنعاء - أن الجيش الوطني والمقاومة أصبحا على بعد 12 كيلومترا من مديرية أرحب ونحو 15 كيلومترا من مديريتي بني حشيش وبني الحارث على مشارف العاصمة، مشيرا، إلى «تحركات وترتيبات، داخل العاصمة صنعاء، مع قيادات في الجيش والأمن ومشايخ قبائل. فهناك من يتوق إلى استقبال الشرعية والدولة في العاصمة، وإلى رحيل الانقلاب والميليشيات التي جلبت الموت لهذا الشعب».
وناشدت قيادات المقاومة الشعبية في صنعاء الهلال الأحمر اليمني والمنظمات المعنية إلى سرعة الوصول إلى المناطق المحررة في مديرية نهم، وذلك لانتشال عشرات الجثث لعناصر الميليشيات في تلك المناطق، و«خصوصا في أطراف مناطق ملح وبران ومسورة ووسط منطقة محلي القريبة من نقيل بن غيلان، وكذلك في آخر مناطق محافظة مأرب من جهة الغرب باتجاه بني حشيش بالضبط في «منطقة المخدرة وصرواح وخصوصا التباب التي في المشجح».
وقال القيادي ثعيل: «نناشد أمهات وأهالي ميليشيات الانقلابيين زيارة مأرب ونهم لانتشال جثث العشرات من أبنائهم الذين ضللتهم قيادة الانقلاب ودفعت بها إلى الجحيم، إذ لقي العشرات حتفهم في انتحار جماعي على أسوار رجال المقاومة والجيش الوطني، وذلك منذ ثلاثة أيام جراء محاولتهم استعادة ما تم تحريره من قبل قوات الشرعية في المناطق المذكورة أعلاه».
وأضاف أن المقاومة على استعداد لـ«استقبال أمهات وآباء جرحى الميليشيات الانقلابية الذين نعالجهم في مستشفى هيئة مأرب، وذلك للاطمئنان على أبنائهم الذين ارتكبوا جرائم قتل عمدية بحق المواطنين وشباب المقاومة ومنتسبي الجيش الوطني، وذلك بالهجوم عليهم وقنصهم وزرع الألغام».
ودعا مخاطبا «مَن تبقى من المغرر بهم في صفوف الانقلابيين» بالقول إن «قادة الانقلاب يفرون بأهاليهم وأموالهم، وآخرون يستجدون الحصانة ويدفعون ببسطاء الناس وأبناءكم إلى محارق محتوم الموت فيها وهم مختبئون متنعمون يحزمون حقائبهم، فافهموا الرسالة»، مشيرا إلى أن الخطاب الأخير للمخلوع علي عبد الله صالح، أول من أمس، ليس «سوى مجرد وهم وتمويه لمحاولة تهريب أكبر ما يمكنه من أموال ولإبقاء البسطاء المغرر بهم ينتحرون لأجل ذلك».
وكان المخلوع صالح وجه خطابا متلفزا إلى أنصاره، مساء أول من أمس، وتحدث فيه مطولا عن الحرب، وبدت علامات الانكسار والتخبط واضحة في خطابه، الذي كشف واحدة من القضايا الرئيسية في الحرب الدائرة، وهي التحالف الذي يجمعه والحوثيين لإسقاط البلاد تحت حكمهم ورفضه لاتفاقية المبادرة الخليجية، التي تخلى بموجبها عن السلطة، في ضوء الثورة الشعبية التي اندلعت في 2011، للمطالبة برحيله.
وكذا رفضه والحوثيين لمخرجات الحوار الوطني الشامل وتحديدا تقسيم اليمن إلى أقاليم، وذلك في محاولة أخيرة منه لإثارة مزيد من النعرات الطائفية والمناطقية. وهدد المخلوع اليمنيين ودول الإقليم والعالم بحرب تمتد لأحد عشر عاما في اليمن، وقال إن لديه من السلاح ما يكفي لخوض تلك الحرب، وفي نفس الوقت نفى تهمة ارتباطه والحوثيين بإيران بطريقة متكررة، اعتبر المراقبون أنها تأكيد حقيقي على ذلك الارتباط الذي أدخل اليمن في أتون الحرب، جراء تلك المخططات.
وسخرت المقاومة اليمنية من كلمة المخلوع صالح التي تضمنت رسائل للمقاومة، وقال الشيخ علوي الباشا بن زبع، القيادي في المقاومة بمأرب، عضو مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن، لـ«الشرق الأوسط» إن «نصائح صالح مرفوضة جملة وتفصيلا ونعرفه جيدا وندرك ما يهدف من وراء هذه الرسائل، وهو خلق أجواء للبلبلة والشك في أوساط المقاومة». وإن «مشكلة صالح ليس تدخل التحالف ولا حتى دعم انقلاب الحوثيين وإنما رغبته الجامحة في تدمير كل شي في اليمن، فالرجل ينتقم من الجميع في اليمن والإقليم، إنه ينتقم حتى من أتباعه، بدليل دفعه لالتفاف دموي فاشل في منطقة ملح والمحجر في نهم وما يحاول عمله الآن في صرواح والمخدرة في مأرب كلها سياسات تدميرية لجر بعض المغرر بهم الذين تجاوزت قوات الشرعية والطيران مناطقهم دون أضرار».
وأضاف الباشا أن «الرئيس السابق كرر كثيرا رفض شرعية هادي ورفض الأقاليم، ونحن باسم جميع الشرفاء في المقاومة الشعبية نقول له بل هادي الرئيس الشرعي وسيعود إلى صنعاء بإذن الله وستنفذ مخرجات الحوار الوطني ويبنى اليمن الجديد بدولة اتحادية من أقاليم شئتم أم أبيتم».
وفي ما يتعلق بادعاءات الحوثيين بالدخول إلى مدينة مأرب والمجمع الحكومي، قال الباشا إن «الحديث عن دخول أو حصار مدينة مأرب مجرد أحلام يقظة لا توجد إلا في رؤوس المتمردين وكلام سخيف»، وأكد أن «المجمع الحكومي، الذي يتحدث إعلام صالح والحوثيين بأنهم دخلوه، أبعد عنهم من عين الشمس»، وذلك «بفضل الله تعالى وتضحيات وبسالة المقاومة الشعبية والجيش الوطني والإسناد العربي النبيل الذي يقوم به التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة».
وقال شاهد عيان، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن «الوضع هادئ ومستقر ولا خوف من تهديدات الحوثيين وما يشاع من أن هناك اجتياحا أو هجوما على المحافظة، مجرد إشاعات من مطابخهم الإعلامية لتغطية هزائمهم في فرضة نهم»، وأضاف شاهد العيان: «نحن نعيش في مأرب ولا يوجد أي حدث يدعو للقلق، ونشعر بالأمان والاطمئنان والجيش الوطني والمقاومة الشعبية في تقدم مستمر، غير أنه أحيانا يحدث هناك قصف عشوائي بقذائف الهاون قد تكون من أطراف جبل هيلان باتجاه صنعاء، والمقاومة تسعى إلى تحرير ذلك غير أن الألغام التي زرعتها الميليشيات الانقلابية تعيق ذلك».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.