توبياس إلوود لـ {الشرق الأوسط}: روسيا والأسد يجب أن يبعدا من المفاوضات بينما ينتهكان القانون

وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية قال إن النظام السوري لن يستفيد من مساعدات المانحين

توبياس إلوود وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية
توبياس إلوود وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية
TT

توبياس إلوود لـ {الشرق الأوسط}: روسيا والأسد يجب أن يبعدا من المفاوضات بينما ينتهكان القانون

توبياس إلوود وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية
توبياس إلوود وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية

لم يخفِ وزير الدّولة لشؤون الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجيّة البريطانيّة توبياس إلوود، حماسته لما تحقق في الحرب ضد «داعش»، حين التقته «الشرق الأوسط» في لندن، وقد كان عائدا لتوه من اجتماع لمجموعة مصغرة من التحالف ضد «داعش» في روما.
تحدث إلوود عن «نصر تحقق في الشهور الأخيرة للتحالف الدولي»، وفقدان «داعش» لجزء مهم من الأراضي التي تسيطر عليها، وعن هشاشة التنظيم المتطرف، عكس التقارير التي يروجها التنظيم المتطرف أخيرا عن سطوة واسعة وقوية له في العراق وسوريا، وهو الذي لم يحقق أي انتصارات استراتيجية منذ مايو (أيار) الماضي، بل خسر 40 في المائة من أراضيه هناك. وتحدث إلوود أيضًا عن نبرة الانتقادات الحادة التي تحدث بها وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند حيال الدور الروسي في سوريا، وارتفاع حدة قصفها لمواقع المعارضة المعتدلة والمدنيين، ومساهمة كل ذلك في تقوية تنظيم داعش، والتأثير سلبا على مفاوضات جنيف. كما تطرق إلى مؤتمر الدول المانحة الذي عقد أمس، واستراتيجية بلاده الدبلوماسية في دعم المفاوضات السورية، التي جمدت حتى الخامس والعشرين من الشهر الحالي، وعن استراتيجيتهم كذلك لإنهاء معاناة الشعب السوري، تحضيرا للانتقال السياسي بعيدا عن نظام الأسد.
* ما موقفكم الآن من روسيا خاصة بعد تكثيف غاراتهم على المدن السورية تزامنا مع مفاوضات جنيف؟
- موقفنا أن روسيا والنظام السوري يجب ألا يجلسا على طاولة المفاوضات، في حين يتم قصف المعارضة المعتدلة، وقتل المدنيين، عمدا، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي. على جميع الأطراف أن تصل إلى طاولة المفاوضات بالتزام منها لإنهاء معاناة الشعب السوري. وفي الوقت نفسه، فإن بريطانيا لا تزال متمسكة في دعمها لمحادثات السلام السورية - السورية. ولا تزال العملية السياسية هي الحاسمة لضمان الانتقال السياسي، بعيدا عن الأسد، وفي وضع حد لمعاناة الشعب السوري. ولكن يجب علينا أن نكون واقعيين، فالتقدم في المفاوضات يأخذ بعض الوقت في النزاعات من هذا النوع، وليس في حال الملف السوري فقط، وهذه الوقفة، أي التأجيل، قد تسمح لجميع الأطراف بإعادة قراءة ما تم من مناقشات حتى الآن، وتساعد على التأكيد على أن جميع الأطراف تشارك بحسن نية.
لقد ساهمنا سابقا في اجتماع فيينا الخاص بسوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وفي اجتماع نيويورك في ديسمبر (كانون الأول)، للدفع بالملف السوري إلى المفاوضات، والاتفاق على سبل تعاون المجتمع الدولي مع بعضه البعض للمساعدة في جعل سوريا أكثر استقرارا. ونحن الآن بحاجة لرؤية وصول المساعدات الإنسانية بصورة كاملة وغير مقيدة في سوريا، ووضع حد لجميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي على النحو المبين في قرار 2254 الصادر من مجلس الأمن الدولي.
* واحدة من مفردات مؤتمر المانحين، الحديث عن خلق فرص عمل للاجئين السوريين. هل تعتقد أن البلدان التي تستضيف اللاجئين السوريين، مثل لبنان والأردن، سيسمحون بإعطاء أذونات عمل مترافقة مع خلق فرص اقتصادية من قبل الدول المانحة والأمم المتحدة؟
- لا أستطيع أن أتحدث بالنيابة عن هذه الدول، فهذا قرار يخص المسؤولين فيها. ولنلاحظ أنه ليس باستطاعة هذا المؤتمر وحده تسوية كل المشكلات، فهذا المؤتمر أيضًا سيعمل على بناء الفرص الاقتصادية وخلق فرص عمل للاجئين ومواطني البلد المضيف على حد سواء. وبالإضافة إلى ذلك، يهدف إلى جعل حياة أولئك الذين لا يزالون في سوريا، أفضل، من خلال تمويل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، وإعادة بناء المرافق الصحية. وكانت محاولة إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ومضايا، نموذجا لذلك.
* هل هذا يعني أنه سيكون هناك تعاون مع النظام السوري في هذا المجال، وهل سيستفيد النظام السوري من التمويل؟
- الهدف من المؤتمر هو دعم منظمات الأمم المتحدة لتقديم المساعدات داخل سوريا، وأعضاء النظام السوري لم تتم دعوتهم إلى المؤتمر ولم يشاركوا فيه، والنظام لن يستفيد من هذه الأموال المخصصة للدعم.
* بمناسبة الحديث عن المساعدات، وقع عدد كبير من البريطانيين على عريضة تطالب القوات الجوية البريطانية برمي المساعدات من طعام ودواء إلى المحاصرين في مضايا وبقية المدن السورية. هل من استجابة لذلك الطلب مستقبلا؟
- هذا الحل متروك للنهاية وبعد استنفاد الحلول الأخرى، لكنه حل غير عملي في الحقيقة. إذ من سيقوم على توزيع تلك المساعدات في حال وقوعها عشوائيا؟ إضافة إلى أنها قد تقع في الأيدي الخطأ التي لا تحتاجها.. أو في المكان الخطأ. ولنا تجارب سابقة في ذلك، فقد صدف مرة في دولة أفريقية أن وقعت المساعدات في منطقة تنتشر فيها الألغام، وركض الناس باتجاهها بمن فيهم الأطفال. إذن الطريقة غير آمنة. ويفضل أن تتم عبر الطريق البري بشاحنات، ويتفق مسبقا على الجهات المحلية التي ستتسلمها وتشرف على توزيعها.
* في عام 2015 عبر المتوسط أكثر من 220 ألف مهاجر جزء كبير منهم هرب من الحرب في سوريا. وبما أن المملكة المتحدة طرف في برنامج الأمم المتحدة لإعادة توطين اللاجئين السوريين. كيف ستتجاوب بريطانيا مع موضوع تدفق اللاجئين، باستثناء منح اللجوء لعشرين ألف لاجئ سوري خلال خمس سنوات؟
- بريطانيا وضعت في حسابها كما أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون سابقا، إعادة توطين 20 ألف لاجئ سوري خلال خمس سنوات، من ذوي الاحتياج الملح بينهم ومن سكان المخيمات في المجتمعات المضيفة، مثل من هم بحاجة إلى العلاج، والنساء والأطفال، وقد وصل إلى بريطانيا حتى الآن ألف لاجئ تقريبا. ولنكن صريحين، فالسبب في تحديد عدد من يمنحون حق إعادة التوطين، أن تكلفة إقامة اللاجئ في بريطانيا، تعادل التكلفة التي يمكن أن تقدمها الحكومة البريطانية لعشرين لاجئا في بلاد الجوار السوري. أيضًا نحن ندرك أن اللاجئين يريدون في النهاية العودة إلى سوريا وبداية حياة جديدة في وطنهم. وبقاؤهم هناك يساعد على سرعة العودة، طبعا بعد وجود حل سياسي عادل. لذا ندعمهم لتحقيق هذا الغرض بتحسين مستوى حياتهم في المجتمعات المضيفة. فقد ساهمت بريطانيا، مثلا، في التحاق 200 ألف طفل سوري بالتعليم الرسمي في لبنان في السنة الحالية للمساعدة في توفير التعليم لجميع اللاجئين السوريين. وتلتزم بريطانيا مع الدول المانحة بتوفير التعليم لجميع أطفال اللاجئين والمجتمعات المضيفة بحلول نهاية السنة الدراسية 2016 - 2017، بالإضافة إلى المساهمة في توفير فرص عمل للاجئين في الدول المجاورة.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.