دأبت بلدية مدينة غرناطة، جنوب إسبانيا، على الاحتفال بيوم سقوط الحكم العربي يوم 2 يناير (كانون الثاني) عام 1492 على يد الملكة إيزابيل الكاثوليكية التي أنهت ثمانية قرون من الوجود العربي في إسبانيا. ومنذ سنوات بدأت حركة معارضة لهذه الاحتفالات وتدعو إلى إلغائها على اعتبار أن سقوط مملكة غرناطة يشكل انتصارا لمملكة كاستيا ضد الغرناطيين وضد حقوق الإنسان، وفي العام الحالي رفعت الحركة المعارضة لهذه الاحتفالات شعارا يقول إن هذه الاحتفالات «عنصرية»، وإن سقوط مملكة غرناطة «خطأ تاريخي»، وبأنها «تتعارض مع مبدأ التعايش بين الشعوب»، رافعة مقولة للأديب الإسباني فدريكو غارثيا لوركا (19981936) المعروف باعتزازه الشديد بمملكة غرناطة العربية عارض فيها سقوط غرناطة على يد إيزابيل الكاثوليكية.
الاحتفال الرسمي بهذه الاحتفالات ينطلق كالعادة من بلدية المدينة، ويبدأ من قاعة الاجتماعات، حيث وصل إليها صباحا جمع من كبار مسؤولي المدينة وقام أحد النواب باستلام الراية الملكية، ثم اتجه ضمن موكب خاص يرتدي فيه البعض الملابس التاريخية لذلك العصر، بمرافقة فرقة من الجنود في مسيرة حاشدة نحو المقبرة الملكية، وهناك يسلمها إلى نائب بلدي آخر يقوم بنصب الراية في المقبرة الملكية، عند قبر الملكة إيزابيل وزوجها فرناندو. وبعد ذلك يعود الموكب مرة أخرى إلى البلدية، حيث يصعد النائب البلدي إلى شرفة البلدية ينادي أمام الجموع المحتشدة «من أجل تمجيد الملكين الكاثوليكيين، فرناندو الخامس ملك أراغون، وإيزابيل الأولى ملكة كاستيا، نهتف: تحيا إسبانيا، يحيا الملك، تحيا مقاطعة الأندلس، تحيا غرناطة»، ويردد الجمهور تحيا تحيا، ثم تنتهي الاحتفالات بعزف السلام الوطني الإسباني.
وتزامنا مع هذه الاحتفالات الرسمية، أقامت مجموعة «غرناطة مدينة مفتوحة»، في مقر المؤسسة الأوروبية العربية باحتفال معارض لهذه الاحتفالات رافعة شعار «لا للاحتفال بإسقاط مملكة غرناطة، نعم لماريانا»، في إشارة إلى ماريانا بينيدا (18041831) الفتاة الغرناطية التي عارضت الحكم الاستبدادي وواجهته بكل قوة، وكانت نتيجة نشاطاتها السياسة المعارضة للحكومة أن صدر ضدها حكم الإعدام، وتم تنفيذه يوم 26 مايو (أيار) وهي لا تزال في السابعة والعشرين من عمرها.
ويعارض عدد من نواب المعارضة في بلدية المدينة اختيار هذا اليوم باعتباره يوم غرناطة، وقالت النائبة البلدية بيلار ريباس إن هذه الاحتفالات تزرع الفرقة بين الغرناطيين، كما ناشد النائب فرانسيسكو بوينتيدورا بلدية غرناطة أن تقوم بحوار مفتوح بين الجميع من أجل اختيار يوم آخر غير يوم سقوط مملكة غرناطة العربية.
وقد أصدرت مجموعة «غرناطة مدينة مفتوحة» بيانا دعت فيه إلى التجمع في ساحة ماريانا بينيدا من أجل التنديد بذلك اليوم الذي سقطت فيه مملكة غرناطة لأنه يمثل حرب إبادة وقتل لثقافة المدينة التي كانت حتى ذلك الوقت تمثل التعايش بين الثقافات الثلاث، المسيحية والإسلامية واليهودية، وأضاف البيان أن «إقامة احتفالات كهذه يؤدي إلى تشتتنا، فهي احتفالات لا تقيم وزنا للديمقراطية، ولا تدعو إلى التسامح كما أنها فاشستية في قراراتها».
وقد شارك عدد من الكتاب والمفكرين في معارضة هذه الاحتفالات، منهم الشاعرة أنخيليس مورا، كما قام أيضا عدد من الفنان بتقديم معزوفات من الموسيقى الأندلسية، وكذا تقديم عروض فلامنكو للفنان خوان بينيجا، وإلقاء قصائد للشاعر لوركا. وقد أعاد ممثل المجموعة المعارضة فرانسيسكون بيغيراس إلى الأذهان بأن الأديب فدريكو غارثيا لوركا كان قد عارض إسقاط مملكة غرناطة، ودعا إلى عدم الاحتفال به والتعويض عنه بيوم 26 مايو وهو يوم إعدام ماريانا بينيدا.
معلوم أن غارثيا لوركا كان قد استاء من يوم سقوط مملكة غرناطة العربية، وصرح في مقابلة صحافية في الثلاثينات بأن مملكة غرناطة هي خليط من أجناس متعددة «من الغجر، ومن السود، ومن اليهود، من الوريسكيين (بقايا العرب بعد سقوط غرناطة) وكل هؤلاء نحملهم في دمائنا».
حركة معارضة ترفض الاحتفال بذكرى سقوط الحكم العربي في إسبانيا
تحت شعار «لا للاحتفال بإسقاط مملكة غرناطة نعم لماريانا»
حركة معارضة ترفض الاحتفال بذكرى سقوط الحكم العربي في إسبانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة