الرمادي تتنفس الصعداء بعد 7 أشهر من حكم {داعش}

التنظيم المتطرف أعدم المئات من أبنائها وشرد أكثر من مليون

الرمادي تتنفس الصعداء بعد 7 أشهر من حكم {داعش}
TT

الرمادي تتنفس الصعداء بعد 7 أشهر من حكم {داعش}

الرمادي تتنفس الصعداء بعد 7 أشهر من حكم {داعش}

لم يكن في بال أحد من أهالي مدن الأنبار الذين قاتلوا تنظيم القاعدة عامي 2006 و2007 وطردوه بشكل نهائي من مدنهم بعد القضاء على قادته وكل شبكاته على الأرض، أن تقع أكبر المحافظات العراقية من حيث المساحة، مستسلمةً بلا قتال بيد تنظيم داعش الذي استغل حينها فورانًا شعبيًا وغضبًا للأهالي ضد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي تجسد في اعتصام شعبي استمر لأكثر من عام مطالب بإطلاق سراح الآلاف من أبنائهم.
وعلى حين غرة سقطت بيد مسلحي تنظيم داعش أولى المدن العراقية (الفلوجة) وأعلنها التنظيم المتطرف مع بداية سنة 2014 «ولاية». وأخذ «داعش» يتوسع شيئًا فشيئًا إلى أن أدركت الحكومة العراقية والمجتمع الدولي خطورة الأمر بعدما بسط التنظيم نفوذه على أغلب مدن الأنبار، وفي خمس محافظات عراقية شكلت مساحة تقدر بنحو 33 في المائة من مساحة العراق الجغرافية.
ومع إطلالة عام 2015 شهدت مدن محافظة الأنبار سلسلة من الأحداث الدامية والجرائم البشعة التي اقترفها التنظيم المتطرف بحق المدنيين من سكان المحافظة، الأمر الذي تسبب في نزوح أكثر من مليون مواطن، خاصة سقوط مدينة الرمادي عاصمة الأنبار في قبضة التنظيم المتطرف.
واقترف تنظيم داعش جريمة الإبادة الجماعية بحق أبناء عشيرة البونمر الذين رفضوا وجوده وقاوموه بالسلاح حتى نفاد ذخيرتهم. وكانت عشيرة البونمر قبل ذلك قد استنجدت بحكومة بغداد لكن دون جدوى، حتى تمكن مسلحو التنظيم من محاصرة مقاتلي عشيرة البونمر والقضاء على أكثر من ألف من أبناء العشيرة في منطقة الزويّة التابعة لقضاء هيت (60 كلم غرب الرمادي).
وبعد البونمر، جاء دور عشيرة البوعلوان في وسط مدينة الرمادي حيث أعدم تنظيم داعش 550 من رجالها أمام أنظار الناس فور سيطرتهم على مدينة الرمادي. وقبل تلك المجزرة بيومين، نفذ «داعش» الكثير من حملات الإبادة الجماعية بحق أسر منتسبي الشرطة والجيش من أهالي منطقة البوفراج شمال مدينة الرمادي.
وكان قائد الفرقة العاشرة في الجيش العراقي العميد الركن سفين عبد المجيد قد كشف لـ«الشرق الأوسط» في حينه عن أسباب سقوط الرمادي وحمل الفرقة الذهبية مسؤولية الانتكاسة التي حصلت في المدينة.
وقال: «منذ الأيام الأولى التي سبقت اليوم الذي شن فيه (داعش) الهجوم، شعرنا بأن عددا من العجلات الأميركية الصنع التابعة للقوات الخاصة بدأت بالتجمع تمهيدا للانسحاب وعلى الفور أبلغنا القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء حيدر العبادي) بذلك». وأضاف أنه في صبيحة 15 مايو (أيار)، انسحبت 200 عجلة تابعة للقوات الخاصة من الرمادي، وبعد ذلك بساعات اقتحم تنظيم داعش مركز المدينة، مستخدمًا قذائف الهاون والعجلات المفخخة التي يقودها انتحاريون، وهبطت معنويات القوات الأخرى لتبدأ هي الأخرى بالانسحاب من المدينة.
وتعددت الأسباب فيما يتعلق بسقوط المدينة لكن حدث ما حدث وكانت الفاجعة الكبرى بنزوح أكثر من نصف مليون مواطن من أهالي الرمادي في يوم واحد باتجاه العاصمة بغداد قاطعين مسافات شاسعة تقدر بنحو 250 كلم بين الهضاب والتلال والصحراء في رحلة الموت من الرمادي إلى العاصمة بغداد عبر جسر بزيبز سيئ الصيت على نهر الفرات في الضواحي الغربية لبغداد.
فبعد رحلة شاقة سيرًا على الأقدام استمرت أياما طوالا بلياليها، وجد نازحو الأنبار أنفسهم عند جسر بزيبز العائم ليصطدموا برفض السلطات الحكومية السماح لهم بالعبور إلى العاصمة، بحجة تسلل بعض الإرهابيين بين الجمع الهائل من النازحين. وشكت غالبية النازحين من التعامل القسري للسلطات الأمنية معهم على هذا المعبر وحدوث عمليات ابتزاز من أجل السماح بعبورهم مقابل مبالغ مالية وصلت إلى نحو ألف دولار أميركي مقابل كل شخص. أو نفس المبلغ لمرور سيارة مدنية، بينما وجد النازحون أنفسهم أمام كارثة جديدة وهي تزاحمهم لمدة أيام طوال على معبر الذل بزيبز، وتصاعدت صيحات الاستهجان من قبل المنظمات الإنسانية والعالمية جراء منع السلطات الأمنية عبور النازحين، مما دفع بالحكومة العراقية إلى فتح المعبر بشروط كان من بينها وجود كفيل ضامن لدخول العائلات إلى العاصمة.
ويقول عضو مجلس محافظة الأنبار والناطق الرسمي بلسانها عيد عمّاش «إن مدينة الرمادي تضررت بما نسبته 85 في المائة من بنيتها التحتية إضافة إلى مقتل الآلاف من أبنائها على يد التنظيم الإجرامي (داعش) فكانت سنة 2015 هي الأقسى على الأنبار وأهلها، ونحمد الله، على نعمة النصر الذي تحقق قبل نهاية العام بأيام».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».