زيارة اللواء الأحمر للمعسكرات الميدانية تشيع التفاؤل بين اليمنيين

العميد الحاج يدعو العسكريين إلى الانضمام للجيش الوطني

مقاتل موال للشرعية في مأرب أمس، وفي الإطار اللواء علي الأحمر (رويترز)
مقاتل موال للشرعية في مأرب أمس، وفي الإطار اللواء علي الأحمر (رويترز)
TT

زيارة اللواء الأحمر للمعسكرات الميدانية تشيع التفاؤل بين اليمنيين

مقاتل موال للشرعية في مأرب أمس، وفي الإطار اللواء علي الأحمر (رويترز)
مقاتل موال للشرعية في مأرب أمس، وفي الإطار اللواء علي الأحمر (رويترز)

أكد العميد ركن سمير الحاج، الناطق العسكري باسم وزارة الدفاع اليمنية، أن وجود اللواء علي محسن الأحمر مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الدفاع والأمن في أي مكان يتعلق بالأمن والدفاع، هو أمر طبيعي، نظرا لما يمتلكه من خبرات عسكرية وأمنية كبيرة، ودعا من تبقى من الضباط والجنود الموالين للحوثيين والمخلوع صالح للانسحاب من صفوف الميليشيات والعودة إلى الجيش الوطني.
ويأتي تعليق الحاج بعد زيارة اللواء الأحمر لمعسكر الجيش الوطني بحرض المنفذ الحدودي مع السعودية، حيث تفقّد قوات الشرعية هناك، واطلع على سير المعارك التي تمكّن خلالها الجيش من اختراق دفاعات الانقلابيين والتقدم نحو محافظة حجة وصعدة.
وذكر الحاج أن اللواء الأحمر موجود في معركة الشرعية ضد الانقلابيين، ودائما يستشار في الأمور العسكرية التي تتطلبها المرحلة الحالية، ولفت إلى أن وجوده في حرض أو غيرها يندرج ضمن مهامه كمستشار لرئيس الجمهورية في شؤون الدفاع والأمن، وهي بتوجيهات من الرئيس عبد ربه منصور هادي، موضحا أن اللواء الأحمر صاحب خبرة كبيرة بالمناطق الشمالية التي كانت تعرف باسم المنطقة العسكرية الشمالية الغربية.
وحول سير المعارك في جبهة حرض الحدودية، قال ناطق وزارة الدفاع إن الجيش الوطني والمقاومة سيطرا على مناطق عدة في ميناء ميدي، والمناطق المحيطة بمنفذ حرض، خلال الأيام الماضية، مؤكدا أن مناطق عبس والملاحيظ أصبحت على مرمى نيران القوات الشرعية.
وأضاف أن قوات الشرعية تتقدم بأكثر من 10 كيلومترات باتجاه حجة والحديدة، وأن جبهة حرض لا تختلف كثيرا عن جبهات تعز ومأرب والبيضاء والجوف، من حيث الأهمية الاستراتيجية، فكلها تجري وفق الخطط العسكرية التي وضعت من قبل القيادة المشتركة بدعم وإسناد من التحالف العربي.
وأرجع الحاج التقدم البطيء في حرض إلى حقول الألغام التي زرعت بالمنطقة، وبين منازل السكان، وهو ما أبطأ من حركة الجيش الوطني والمقاومة، لكنه أكد رغم ذلك، أن القوات تسير إلى الأمام بعد تحرير الطريق إلى حجة والحديدة.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي قد أجرى - أخيرا - تغييرات في المناطق العسكرية الشمالية والألوية التابعة لها، حيث عيّن العميد عادل القميري قائدًا للمنطقة العسكرية الخامسة التي تتمركز قواتها في كل من حجة والحديدة، وأصدر أمس ثلاثة قرارات بتعيين كل من العقيد الركن ناصر حسين الشجني قائدًا للواء 25 ميكا، ويرقى إلى رتبة عميد، وتعيين العقيد الركن منصور علي الزافني قائدًا للواء الثاني حرس حدود، ويرقى إلى رتبة عميد، وتعيين العقيد الركن يحيى حسين صلاح قائدًا للواء 105 مشاة، ويرقى إلى رتبة عميد، وتتركز هذه القوات في كل من الحديدة وحجة، حيث تقع في اختصاصات المنطقة العسكرية الخامسة.
وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع أن هذه القرارات تأتي في سياق تعزيز دور الجيش وإعادة تنظيمه وترتيب أوضاع القوات المسلحة، بناء على أسس وطنية بعيدة عن الولاءات والعصبيات.
ودعا العميد الحاج كل العسكريين من ضباط وجنود، ممن لا يزالون في صفوف الميليشيات أو في منازلهم إلى الانضمام للجيش الوطني، وقال لا يزال الوقت متسعا، ويمكنهم العودة إلى جادة الصواب والتكفير عن خيانتهم للقسم العسكري بانضمامهم للعصابات الانقلابية، مشيرا إلى أن الباب مفتوح للضباط والعسكريين للمشاركة في معركة استعادة الدولة من يد المتمردين، وبسط الأمن والاستقرار في محافظات الجمهورية، وقوات الشرعية ترحب بكل من يرغب في ذلك لأن المعركة هي معركة كل اليمنيين من أجل بلادهم التي حوّلها الانقلابيون إلى دمار وفوضى.
وأكدت مصادر عسكرية في مدينة حرض الحدودية مع السعودية، زيارة اللواء علي محسن المستشار الرئاسي لشؤون الأمني والعسكري، الذي ظهر في أحد معسكرات الجيش لأول مرة، ونشر ناشطون مقطع فيديو للأحمر مرتديا زيا مدنيا، ويحيط به مجندون من الجيش الوطني، تسابقوا لمصافحته والسلام عليه.
ويعد اللواء الأحمر من أهم القيادات العسكرية المخضرمة التي رافقت النظام السابق لأكثر من ثلاثة عقود، وانشق عن المخلوع صالح في مارس (آذار) 2011، ليعلن مساندته بعدها للانتفاضة الشبابية ضده، وكان يعرف بالرجل الثاني في الدولة، بما يمتلكه من علاقات واسعة بالقيادات العسكرية وزعماء القبائل والشخصيات الاجتماعية في معظم المحافظات.
وكان الأحمر قائدا لقوات الفرقة الأولى مدرعات، والمنطقة العسكرية الشمالية الغربية، التي تضم المحافظات الشمالية الممتدة من صنعاء إلى صعدة والحديدة وحجة وعمران، كما قاد المعارك الست ضد الحوثيين من عام 2004 إلى 2010، وبعد إزاحة صالح من الحكم عُين مستشارا للرئيس هادي لشؤون الأمن والدفاع، وبعد اقتحام الحوثيين والمخلوع لصنعاء تمكّن من مغادرتها إلى الرياض.
ويرى مراقبون أن وجود اللواء الأحمر سيقلب موازين القوة على الأرض، خصوصا أن كثيرا من القيادات العسكرية التي تقود المعارك ضد الحوثيين وصالح، هم ممن كانوا تحت إمرته في السابق، كما يمتلك الأحمر - كما يقول مقربون منه خبرة واسعة في مناطق القتال في كل من صعدة والحديدة وحجة، إضافة إلى استغلاله لنفوذه السابق في التأثير على المحيط القبلي في هذه المحافظات.



حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.


في زمن الحرب... «الدان الحضرمي» على قائمة التراث الإنساني اللامادي

الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي اللامادي بعد سنوات من العمل المؤسسي (إكس)
الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي اللامادي بعد سنوات من العمل المؤسسي (إكس)
TT

في زمن الحرب... «الدان الحضرمي» على قائمة التراث الإنساني اللامادي

الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي اللامادي بعد سنوات من العمل المؤسسي (إكس)
الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي اللامادي بعد سنوات من العمل المؤسسي (إكس)

في إنجاز ثقافي يُعد من أبرز المكاسب الرمزية لليمن في السنوات الأخيرة، أدرجت لجنة التراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في دورتها العشرين المنعقدة في العاصمة الهندية نيودلهي، ملف «جلسة الدان الحضرمي» ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، بعد جهود استمرت سنواتٍ من العمل المؤسسي والفني المتواصل.

ويُعد هذا الإدراج اعترافاً دولياً مستحقاً بأحد أهم الفنون التقليدية في محافظة حضرموت، شرق اليمن، لما يحمله «الدان الحضرمي» من قيمة تاريخية وثقافية وجمالية، بوصفه فناً يجمع بين الشعر والموسيقى والغناء، ويعكس في طقوسه ومضامينه أنماط العيش والعلاقات الاجتماعية والذاكرة الجمعية للحضارم عبر قرون طويلة.

وثمّن مندوب اليمن الدائم لدى اليونسكو، محمد جميح، قرار اللجنة، مشيراً إلى أن «(الدان الحضرمي) يستحق عن جدارة هذا الإدراج»، مؤكداً أن الوصول إلى هذه النتيجة جاء ثمرةً لعمل دؤوب استمر لسنوات، منذ أن كانت الفكرة مشروعاً ثقافياً، وصولاً إلى اعتمادها اليوم تراثاً إنسانياً عالمياً.

محمد جميح مندوب اليمن لدى اليونسكو (سبأ)

وعبّر جميح عن شكره لوزارة الثقافة وطاقمها، واللجنة الوطنية لليونسكو، ومؤسسة حضرموت للثقافة التي تولت إعداد وتمويل ملف الترشيح، إضافة إلى لجنة التراث الثقافي غير المادي وخبراء التقييم وسكرتارية اللجنة، ورئيسها السفير الهندي لدى اليونسكو فيشال شارما.

وتسلمت الجمهورية اليمنية شهادة إدراج الملف رسمياً من المدير العام المساعد لليونسكو لقطاع الثقافة، أرنستو راميريز، في مقر انعقاد اللجنة بنيودلهي، في لحظة عكست حضور اليمن الثقافي رغم ظروف الحرب والتحديات السياسية والإنسانية.

إشادة حكومية

أكد معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، أن هذا الإنجاز يمثل «اعترافاً دولياً مستحقاً بأحد أهم التجليات الإبداعية في حضرموت واليمن عموماً»، معتبراً أن «الدان الحضرمي» يجسد عمق الهوية الثقافية اليمنية التي حافظت عليها الأجيال المتعاقبة، رغم التحولات القاسية التي شهدها البلد.

وأشار الإرياني إلى أن هذا الاعتراف العالمي يعكس تقديراً للفن الحضرمي الأصيل الذي يختزن في تفاصيله الذاكرة الجمعية وروح المكان، وهو ثمرة جهد وطني مشترك شاركت فيه وزارة الثقافة ومؤسسة حضرموت للثقافة، إلى جانب الدور البارز الذي اضطلع به السفير محمد جميح في متابعة الملف داخل أروقة اليونسكو.

ويمثل «الدان الحضرمي» أكثر من مجرد لون غنائي تقليدي؛ فهو ممارسة ثقافية متكاملة ترتبط بالمجتمع والبيئة والتاريخ، وتُؤدى في جلسات جماعية تتناوب فيها الأصوات على إلقاء الشعر وإنشاد الألحان، في تعبير حي عن التفاعل الاجتماعي والوجدان الجمعي.

وأكدت مؤسسة حضرموت للثقافة أن إدراج هذا الفن في القائمة التمثيلية لليونسكو يعكس قيمته في حفظ الذاكرة الثقافية للحضارم، ويؤكد دوره في نقل التراث الشفهي من جيل إلى آخر.

وأوضحت المؤسسة أنها عملت على إعداد ملف الترشيح بالتعاون مع مجموعات من الممارسين لهذا الفن، وبشراكة فاعلة مع وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، وبدعم فني من مكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج واليمن، الذي كان له دور محوري في إبراز تميز الملف واستيفائه للمعايير الدولية.

بعد تاريخي

أشار وزير الثقافة اليمني السابق ومستشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي للشؤون الثقافية، مروان دماج، إلى البعد التاريخي العميق لـ«الدان الحضرمي»، معتبراً أن هذا الفن العتيق الممتد من جذور التاريخ أصبح اليوم جزءاً من الذاكرة الإنسانية جمعاء.

وذهب دماج إلى أن العرب عرفوا الغناء «داناً» منذ أكثر من ألفي عام، وأن الدان يمكن اعتباره من أقدم أشكال الأغنية العربية، مستحضراً ارتباطه بالشعر العربي القديم وأسواقه التاريخية في وادي حضرموت.

وتتجاوز أهمية إدراج «الدان الحضرمي» البعد الثقافي البحت، لتأخذ دلالات وطنية وإنسانية أوسع، في ظل ما يتعرض له التراث اليمني من مخاطر الطمس والتشويه بسبب الحرب والانقسام والإهمال. ويؤكد هذا الإنجاز أن اليمن رغم الدمار والمعاناة لا يزال حاضراً في خريطة الثقافة العالمية، بقيمه الإبداعية وإسهاماته الحضارية.

كما يمثل الإدراج خطوةً مهمةً في مسار صون التراث غير المادي، ويوفر مظلة حماية دولية لهذا الفن، ويعزز فرص توثيقه ونقله للأجيال المقبلة، باعتباره جزءاً أصيلاً من الهوية اليمنية وقوة ناعمة يمكن أن تسهم في تحسين صورة اليمن وتعزيز حضوره عربياً ودولياً.

وفي المحصلة، يشكل الاعتراف الأممي بـ«جلسة الدان الحضرمي» رسالةً واضحةً بأن الثقافة قادرة على تجاوز الحروب، وأن الذاكرة الإنسانية أوسع من حدود الصراعات، لتحتفي بالفنون التي تعبر عن روح الشعوب وعمق تاريخها، كما هي حال حضرموت في شرق اليمن.


غوتيريش: نقف مع العراق لبناء بلد مزدهر ومستقر

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس وزراء العراق)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس وزراء العراق)
TT

غوتيريش: نقف مع العراق لبناء بلد مزدهر ومستقر

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس وزراء العراق)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس وزراء العراق)

وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بغداد، اليوم (السبت)؛ للمشاركة في الاحتفالية الكبرى التي ستنظِّمها الحكومة العراقية بمناسبة انتهاء مهام بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، ومغادرتها البلاد في 31 من الشهر الحالي.

وأكد غوتيريش، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أنه يقف مع العراق لبناء بلد مزدهر ومستقر، وأشار إلى أنه شهد «شجاعة العراق وثباته وإصراره في التغلب على الإرهاب والتدخل الخارجي والطائفية».

وأضاف غوتيريش، وفقاً لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن «بعثة (يونامي) في العراق ساعدت على إعادة البناء بعد عقود من الحرب، وكان هدفنا دعم العراق في جهوده لإعادة الاستقرار»، لافتاً النظر إلى أنه «مع إغلاق البعثة ستظل هناك وكالات للتنمية الحيوية والبشرية، ونقف مع العراق لبناء بلد مزدهر ومستقر».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يستقبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بغداد (مكتب رئيس وزراء العراق)

وبارك غوتيريش للعراق «النجاح في إقامة الانتخابات الأخيرة»، معرباً عن أمله «في إعادة الحكومة العراقية بناء الثقة والاستقرار في البلاد».

من جانبه، أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن انتهاء مهام بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) لا يعني نهاية الشراكة مع الأمم المتحدة.

وأوضح السوداني، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، أن «الحكومة نجحت في ترسيخ دعائم الديمقراطية عبر إجراء الانتخابات»، مبيناً أن «العراق انتقل من جهود الأزمات إلى الاعتماد على جهوده الذاتية».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بغداد (مكتب رئيس وزراء العراق)

وتابع: «حققنا الأمن والاستقرار وكثيراً من الإنجازات الوطنية رغم التحديات، ونتطلع إلى إقامة علاقات مع الأمم المتحدة تقوم على أسس الشراكة».

وأكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق رئيس بعثة «يونامي» محمد الحسان، في تصريحات صحافية، أن مهمة البعثة أُنجزت بنجاح، وأن مغادرتها جاءت بناء على طلب عراقي، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقال الحسان إن «بعثة (يونامي) جاءت إلى العراق بطلب من العراقيين، وإنهاء عملها جاء أيضاً بطلب منهم»، مؤكداً أن «الأمم المتحدة تحترم رغبات الدول التي تستضيف بعثاتها، ولا يمكن أن تعمل أي بعثة دون موافقة الدولة المستضيفة، واستعدادها للتعاون».

وأضاف أن «العراقيين استضافوا البعثة لأكثر من عقدين، وكان العمل شاقاً، إلا أنهم وجدوا أن المهمة الموكلة إلى (يونامي) حقَّقت أهدافها، وحان الوقت ليأخذوا الأمور بأيديهم مثلهم مثل بقية دول العالم».

الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق رئيس بعثة «يونامي» محمد الحسان (الأمم المتحدة)

وأوضح الحسان أن «مهمة البعثة أُنجزت بنجاح، ولم يتبقَّ سوى 3 ملفات، تتعلق بالمفقودين من دولة الكويت، ورعايا الدول الثالثة منذ فترة الحرب وغزو الكويت، إضافة إلى ملف ممتلكات الكويتيين والأرشيف الوطني الكويتي».

وذكر أن «هذا لا يعني انتهاء وجود الأمم المتحدة في العراق؛ إذ ستبقى من خلال الوكالات المتخصصة، إضافة إلى التواصل بين العراق بصفته عضواً في مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان».

وأُسست بعثة الأمم المتحدة للدعم في العراق، وهي بعثة سياسية، عام 2003. وفي الـ31 من مايو (أيار) صوَّت مجلس الأمن بالإجماع على قرار تمديد ولاية البعثة لمرة أخيرة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2025 بناءً على طلب رسمي من الحكومة العراقية.