تركيا تعلن أن عطلاً وراء سقوط طائرة رئيس الأركان الليبي

تابعة لمالطا وكانت تعمل من خلال شركة خاصة في طرابلس

فرق من قوات الدرك التركية تشارك بأعمال البحث في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي محمد علي الحداد خارج العاصمة أنقرة (إ.ب.أ)
فرق من قوات الدرك التركية تشارك بأعمال البحث في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي محمد علي الحداد خارج العاصمة أنقرة (إ.ب.أ)
TT

تركيا تعلن أن عطلاً وراء سقوط طائرة رئيس الأركان الليبي

فرق من قوات الدرك التركية تشارك بأعمال البحث في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي محمد علي الحداد خارج العاصمة أنقرة (إ.ب.أ)
فرق من قوات الدرك التركية تشارك بأعمال البحث في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي محمد علي الحداد خارج العاصمة أنقرة (إ.ب.أ)

بدأت السلطات التركية، بالتنسيق مع الجانب الليبي، التحقيقات في حادثة تحطم طائرة كانت تُقلّ رئيس الأركان الليبي، محمد الحداد، وأربعة من مرافقيه في أثناء مغادرتها البلاد، عقب مباحثات مع مسؤولين عسكريين في أنقرة.

وأعلنت الرئاسة التركية أن الطائرة، وهي طائرة رجال أعمال من طراز «داسو فالكون 50 » مستأجرة من إحدى الشركات في مالطا، كانت قد أبلغت مركز المراقبة الجوية في مطار أسنبوغا في أنقرة عن وجود عطل كهربائي بها، وطلبت هبوطاً اضطرارياً قبل سقوطها.

عناصر من فرق البحث والإنقاذ التركية خلال عملها في موقع تحطم الطائرة (أ.ب)

وأعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، الأربعاء، العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة في موقع تحطمها في ضواحي العاصمة أنقرة، قائلاً إن فرق البحث عثرت على جهاز تسجيل الصوت الخاص بالطائرة المنكوبة في تمام الساعة 2:45 بالتوقيت المحلي (تغ+3)، وعلى الصندوق الأسود في تمام الساعة 3:20 فجر الأربعاء.

أعمال البحث والإنقاذ

وأضاف يرلي كايا، في مؤتمر صحافي عقده في موقع تحطم الطائرة في قضاء هايمانا، على بعد أكثر من 50 كيلومتراً من أنقرة، أن الجهات المعنية بدأت عمليات فحص الصندوقين لتحديد الأسباب الدقيقة لسقوط الطائرة. مشيراً إلى أن الطائرة المنكوبة كانت قد أبلغت برج المراقبة في مطار أسنبوغا عن عودتها في تمام الساعة 8:32 مساءً بسبب عطلٍ فني، قبل أن تختفي تماماً عن الرادارات.

وزير الداخلية التركي على يرلي كايا متحدثاً خلال مؤتمر صحافي الأربعاء في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي (إ.ب.أ)

وذكر يرلي كايا أن أن 408 من عناصر البحث والإنقاذ، و103 مركبات برية و7 طائرات تابعة لرئاسة إدارة الكوارث والطوارئ (آفاد)، وكذا قوات الدرك والشرطة والخدمات الصحية، وفريق الإنقاذ الطبي الوطني، وقيادات القوات البرية والجوية، ومركز التحقيق في سلامة النقل، التابع لوزارة النقل والبنية التحتية وإدارة الإطفاء، بالإضافة إلى وحدات هيئة المطارات الحكومية، يعملون في مكان الحادثة حالياً.

وأضاف كايا أن أن جميع العناصر الجوية والبرية، بما في ذلك المسيّرات ومركبات البحث، والإنقاذ ذات الدفع الرباعي والثماني ووحدات الكلاب البوليسية، تعمل بتنسيق تام عبر مركز التنسيق المتنقل التابع لـ«آفاد».

وأشار إلى وصول وفد ليبي مكون من 22 شخصاً إلى أنقرة للمشاركة في التحقيقات، يضم أيضاً 5 من أقارب ضحايا الطائرة.

كانت الطائرة المنكوبة تحمل على متنها رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي الحداد، ورئيس أركان القوات البرية، الفيتوري غريبيل، ومدير جهاز التصنيع العسكري محمود القطيوي، ومستشار رئيس الأركان محمد العصاوي دياب، والمصور بمكتب إعلام رئيس الأركان محمد محجوب.

كان الحداد والوفد المرافق له قد التقوا وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في مقر وزارة الدفاع في أنقرة، الثلاثاء، بحضور رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو، وقائد القوات البرية متين توكال، لبحث التعاون بين أنقرة وطرابلس في المجالات العسكرية والتدريب والاستشارات.

كما التقى الحداد ونظيره التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، في مقر رئاسة أركان الجيش التركي في أنقرة.

وتمكنت فرق قوات الدرك التركية من العثور على حطام الطائرة، التي أقلَّت الوفد الليبي، على بعد كيلومترين من قرية «كسيك كاواك»، التابعة لقضاء «هايمانا» قرب أنقرة، إثر سقوطها بعد إقلاعها مساء الثلاثاء من مطار أسنبوغا في أنقرة في طريقها إلى طرابلس.

عطل فني

قال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، برهان الدين دوران، إن الطائرة أبلغت مركز المراقبة الجوية بوجود عطل بالدائرة الكهربائية بها، وطلبت هبوطاً اضطرارياً.

وأضاف دوران، في بيان، أن الطائرة أقلعت من مطار أسنبوغا عند الساعة 20:17، وفي الساعة 20:33 أبلغت مركز مراقبة الحركة الجوية عن حالة طوارئ بسبب عطل كهربائي وطلبت هبوطاً اضطرارياً، مبرزاً أن المركز أعاد توجيه الطائرة إلى مطار أسنبوغا، الذي اتخذ التدابير اللازمة بهذا الصدد.

وتابع دوران موضحاً أن الطائرة بدأت بالهبوط الاضطراري، لكنها اختفت من على شاشات الرادار في تمام الساعة 20:36، لافتاً إلى أن جميع المؤسسات المعنية تواصل إجراءاتها اللازمة بدقة متناهية.

ودعا دوران إلى الاعتماد على التصريحات الرسمية فقط بهذا الصدد، مؤكداً أهمية تجاهل المعلومات غير المؤكدة، والتكهنات و«نظريات المؤامرة» على وسائل التواصل الاجتماعي، وتجنب إعطاء مصداقية لمحاولات التضليل.

مشاركة ليبية في التحقيقات

انضمت لجنة تحقيق رسمية أرسلتها حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة محمود عاشور العجيلي، إلى أنقرة، إلى التحقيقات في حادثة سقوط الطائرة مع الجانب التركي.

وتنسق اللجنة مباشرةً مع الجهات الأمنية والقضائية التركية للاطلاع على تفاصيل الحادثة، ومراجعة المستندات والتقارير المرتبطة بإجراءات السلامة المعتمدة قبل الرحلة وفي أثنائها، وفحص المعطيات الفنية المتعلقة بالطائرة ومسارها.

جنود أتراك في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي (أ.ب)

وتركز اللجنة، بالتعاون مع الجانب التركي، على بحث وجود أي مؤشرات على إهمالٍ، أو تقصيرٍ أو فعلٍ جنائيٍ ارتبط بسقوط الطائرة، استناداً إلى الأدلة والبيانات الفنية والرسمية المتاحة، كما تعمل بالتنسيق مع السفارة الليبية في أنقرة لتسهيل إجراءات نقل جثامين الضحايا إلى ليبيا.

ونفت الخطوط الجوية الليبية، في بيان، أي صلة بالطائرة، مؤكدةً أنها مسجَّلة في دولة مالطا ولا علاقة لها بالخطوط الليبية، أو أي ناقل جوي ليبي، وتعمل من خلال شركة تُسيّر رحلات خاصة داخل ليبيا وعدد من دول العالم، ولا تربطها أي علاقة تشغيلية أو فنية أو إدارية أو قانونية بالخطوط الجوية الليبية.


مقالات ذات صلة

تركيا: طائرة الحداد أبلغت عن عطل كهربائي قبيل تحطمها

شمال افريقيا الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية) play-circle 00:30

تركيا: طائرة الحداد أبلغت عن عطل كهربائي قبيل تحطمها

قال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، اليوم، إن الطائرة الخاصة التي كانت تقل رئيس أركان الجيش الليبي أبلغت عن عطل كهربائي قبل تحطمها.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

بعث زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، برسالة إلى قائد «قسد» مظلوم عبدي، طالبه فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوفها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين بدءاً من 2 يناير المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الإرهابي الداعشي التركي بتنظيم «ولاية خراسان» بعد القبض عليه على الحدود بين باكستان وأفغانستان وإعادته إلى تركيا (إعلام تركي)

تركيا: القبض على قيادي «داعشي» بعملية على حدود أفغانستان وباكستان

ألقت المخابرات التركية القبض على أحد العناصر القيادية بتنظيم «ولاية خراسان»، التابع لـ«داعش» في عملية نفّذتها بالمنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

وجّه زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان رسالة دعم جديدة لعملية السلام بتركيا في الوقت الذي تستمر فيه الاتصالات والمناقشات حولها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الجزائر: سباق مبكر بين المعسكر الرئاسي والتيار الديمقراطي على «استحقاقات 2026»

من جولة لحوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
من جولة لحوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
TT

الجزائر: سباق مبكر بين المعسكر الرئاسي والتيار الديمقراطي على «استحقاقات 2026»

من جولة لحوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
من جولة لحوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

مع اقتراب موعد الانتخابات الجزائرية، المقررة في 2026، بدأت الساحة السياسية تستعيد بعض حيويتها، بعد فترة من الركود والجمود أعقبت توقيف الحراك الشعبي. ويتمحور هذا النشاط الجديد حول رؤيتين مختلفتين تماماً لأهمية ورهانات الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة.

فمن جهة، تدافع التشكيلات التابعة لما تُعرف بـ«الغالبية الرئاسية» عن مقاربة ترتكز على «الاستقرار المؤسساتي»، واستمرارية عمل السلطة القائمة. ومن جهة أخرى، تحاول أحزاب التيار الديمقراطي استعادة الفضاء الانتخابي، عبر طرح شروط تراها ضمانةً لتنظيم انتخابات خالية من شبهة التزوير.

رئيس «جبهة المستقبل» مع الرئيس تبون (إعلام حزبي)

وتركز «الأحزاب الديمقراطية» النقاش على قضايا محددة، مثل معتقلي الرأي الذين يصل عددهم إلى 250، حيث تطالب بالإفراج عنهم، وعلى «انتهاك الحقوق، ووضع الحريات الفردية تحت الرقابة، والرقابة على الإعلام»، بخلاف الأحزاب الموالية للرئيس عبد المجيد تبون، التي تنفي وجود أي شكل من أشكال التجاوزات من جانب السلطات.

وعلى طرفي هذه المعادلة، يبرز «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«حزب العمال»، و«جبهة القوى الاشتراكية» و«جيل جديد»، ضمن معسكر الديمقراطيين من جهة، و«جبهة التحرير الوطني» (الأولى في البرلمان والمجالس البلدية)، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«جبهة المستقبل»، و«حركة البناء الوطني»، بالمعسكر الرئاسي.

الأمين العام لـ«التجمع الوطني الديمقراطي» (إعلام حزبي)

ويبدو هذا التباين بوضوح من خلال خطاب رئيس «جبهة المستقبل» فاتح بوطبيق، الذي يلقيه كل نهاية أسبوع بمحافظة يزورها؛ في إطار حملة انتخابية مبكرة. ففي منطقة أفلو (300 كيلومتر جنوب العاصمة)، صرح بوطبيق، الذي يشغل مقعداً برلمانياً، بأن الانتخابات المقبلة «وسيلة لترسيخ الوضع القائم لا لإعادة تقييمه».

وضمن «الغالبية الرئاسية»، دافع رئيس «جبهة المستقبل» عن رؤية ترى في الاستحقاق الانتخابي استمراراً للمسار السلطوي، والتوافق الكامل مع النظام الذي يمثله حالياً عبد المجيد تبون. ويرتكز خطابه على مفاهيم متكررة: الاستقرار، والحفاظ على المكتسبات، والسيادة الوطنية... وهي شعارات دون نقد سياسي حقيقي.

وفي هذا الإطار، تُقدَّم الانتخابات على أنها «حصن أمام عدم الاستقرار الإقليمي (الوضع في مالي والأزمة في ليبيا)، وضد خطاب تسويد الوضع الداخلي». وضمن هذه المقاربة، ينفَّذ الإصلاح تدريجاً من داخل المؤسسات القائمة، ويتجسد في سياسات عامة، مثل التقسيم الترابي الجديد، أو السعي إلى توازن إقليمي أفضل. وتُفهَم المشاركة الانتخابية على أنها «فعل مسؤولية سياسية، وامتثال للنظام المؤسساتي القائم»، وفق تقدير بوطبيق، الذي يبدو أكبر نشاطاً في الميدان مقارنة ببقية قادة «الغالبية الرئاسية».

مشاركة مشروطة بالإصلاح

في مقابل ذلك، تتبنى أحزاب التيار الديمقراطي الأربعة موقفاً يصفه المراقبون بالأكبر توازناً؛ إذ رغم حسم خيار المشاركة، فإن انخراطها الفعلي يظل رهناً بقراءة نقدية ومعمقة للواقع السياسي الراهن، ومحكوماً بمدى الاستجابة لمطالب الإصلاح.

رئيس «حركة البناء الوطني» (إعلام حزبي)

وبالنسبة إلى هذه التشكيلات، لا تكمن أهمية الاستحقاق في مجرد إعادة إنتاج التوازنات القائمة، بل في أنه فرصة لفرض تحول نوعي في الأداء المؤسساتي، وفق ما صرح به عثمان معزوز، رئيس «التجمع من أجل الديمقراطية». وتتمحور رؤية التيار الديمقراطي حول حزمة مطالب جوهرية؛ تبدأ بتوسيع هوامش الحريات السياسية والإعلامية، مروراً بتكريس استقلال فعلي للقضاء، وصولاً إلى إرساء حوار وطني جاد بشأن الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى. ودون هذه الضمانات، يحذر قادة هذا التيار من «تحول الانتخابات إلى مجرد إجراءٍ بروتوكولي يفتقر إلى الجوهر»، وعاجز عن اختراق جدار العزوف الشعبي، أو استعادة ثقة الكتلة الناخبة التي أدمنت المقاطعة.

رئيس «حركة البناء الوطني» (إعلام حزبي)

وقد غابت هذه الأحزاب عن الانتخابات البرلمانية والبلدية المبكرة، التي نُظمت في 2021، بذريعة أن الحراك الشعبي رفضها، وأنه ما كان ممكناً، وفقهم، اتخاذ موقف مخالف لمئات آلاف المتظاهرين في الشارع المطالبين بالديمقراطية.

كما يظهر التباين بين الرؤيتين بوضوح في نقاط أخرى؛ فبينما يركز «التجمع الوطني» على «المسؤولية والانضباط السياسي واستمرارية النظام القائم»، تؤكد المعارضة الديمقراطية على مسألة الشرعية، وضرورة مشاركة المواطنين الفعلية في تسيير شؤون بلادهم.

الانتخابات لتجاوز «تغيير الوجوه»

يُقدَّم موقف «الغالبية الرئاسية» بوصفه «ترفعاً عن المزايدات السياسية، وانحيازاً إلى الخطاب المسؤول والانسجام». بينما تراه التشكيلات الديمقراطية «غطاءً لتقويض التعددية»، كما تنظر إلى الانتخابات على أنها فرصة قد تكون الأخيرة لتجاوز «الاستقرار الشكلي»، وللاستبدال به «شرعية شعبية حقيقية تولد من رحم النقاش والمنافسة السياسية الجادة»، وفق ما يقترحه يوسف أوشيش، السكرتير الأول لـ«القوى الاشتراكية»، وهو أقدم حزب معارض أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد.

ويتمثل الهدف الأساسي من هذه الانتخابات في القدرة على تقديم شيء يتجاوز مجرد تغيير الوجوه في المؤسسات... فالسلطة وحلفاؤها يواجهون تحدي إقناع الناس بأن الاستقرار لا يعني بقاء كل شيء على حاله. أما بالنسبة إلى المعارضة، فالرهان الحقيقي هو تحويل مشاركتها في الانتخابات إلى قوة ضاغطة ومؤثرة، بدلاً من الاكتفاء بمجرد تسجيل مواقف احتجاجية.

وبين رغبة الموالاة في «الاستمرارية»، ومطالب المعارضة بـ«القطيعة مع الممارسات القديمة»، تبدو الانتخابات المقبلة، في نظر مراقبين، أكبر من مجرد سباق بين الأحزاب؛ بل هي أولاً اختبار حقيقي لمدى صدق وجدية العمل السياسي عموماً في البلاد.

عثمان معزوز رئيس «التجمع من أجل الديمقراطية» (إعلام حزبي)

كما يرى المراقبون أن المشهد يتأرجح بين احتمالين: إما بداية فعلية لمسار ديمقراطي، وإما مجرد تمديد للنظام الحالي بأسلوب جديد. والنتيجة في النهاية ستتوقف على مدى نزاهة الانتخابات وموقف السلطة التي لا تزال تتحكم في المفاصل الأساسية للعملية السياسية. وبالنظر إلى تمسكها بنهجها الحالي، وغياب مؤشرات حقيقية على الانفتاح، يتوقع متابعون أن تجد الأحزاب الديمقراطية نفسها في مواجهة صعبة، قد تستنزف كثيراً من رصيدها وجهدها دون تحقيق مكاسب ملموسة.


ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

 رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)
رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)
TT

ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

 رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)
رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)

تباينت التوقعات السياسية في ليبيا حول ملامح «الآليات البديلة»، التي قد تقترحها مبعوثة الأمم المتحدة، هانا تيتيه، للتعامل مع الأجسام السياسية، خصوصاً مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، بعد أن لوحت بذلك في مداخلتها أمام مجلس الأمن، سعياً إلى كسر الجمود السياسي في ليبيا.

وفي بلد يعاني انقساماً سياسياً وعسكرياً مزمناً، يراهن سياسيون على هذه البدائل بوصفها فرصة أخيرة لكسر الجمود، بعد إعلان تيتيه خلال إحاطتها في نيويورك عزمها تقديم «آلية بديلة» في فبراير (شباط) المقبل، مشددة على أن «ليبيا لا تتحمل مزيداً من التأخير».

3 سيناريوهات مرتقبة

هناك ثلاثة سيناريوهات مرتقبة، حسب رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، الذي توقع «تشكيل لجنة حوار سياسي عبر تفعيل المادة (64) من الاتفاق السياسي الليبي، الموقع بمدينة الصخيرات المغربية عام 2015». أما السيناريو الثاني، وفق زهيو - وهو أحد المشاركين في الحوار المهيكل - فهو «توسيع قاعدة المشاركين في هذا الحوار بإضافة شخصيات غير ممثلة»، بينما يرتكز السيناريو الثالث على «عقد مؤتمر تأسيسي يستند إلى مخرجات لجنة استشارية ليبية سبق أن قدمت نتائجها للبعثة».

من جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)

وكانت بعثة الأمم المتحدة قد أطلقت يومي 14 و15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحوار المهيكل في طرابلس، بمشاركة 124 شخصية ليبية، بهدف وضع توصيات سياسية وتشريعية في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن والمصالحة. ويميل زهيو إلى الاعتقاد بأن هذا الحوار المهيكل، وهو أحد محاور «خريطة الطريق» الأممية، «قد يتحول إلى منصة أوسع، وربما إلى مؤتمر تأسيسي، بالنظر إلى طبيعة القضايا المطروحة على جدول أعماله».

ويتوافق مع هذه الرؤية أيضاً المدير السابق لمعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية الليبية، رواد شلابي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الآلية البديلة التي قد تقترحها تيتيه تمنح أعضاء الحوار المهيكل صلاحيات محدودة للتفاهم، والتوافق على القوانين الانتخابية، كوسيلة لكسر الجمود السياسي، دون منحهم صفة سلطة تشريعية كاملة»، وهي أيضاً وجهة نظر يرجحها الباحث في الشأن الليبي جلال حرشاوي.

تيتيه لوحت بـ«آلية أممية بديلة» في حال استمرار «تقاعس الأجسام الفاعلة عن إيجاد حل» (غيتي)

وحسب متابعين، فإن هذا التلويح الأممي يعكس عمق الجمود السياسي في ليبيا؛ إذ تعثر مجلسا النواب و«الأعلى للدولة» خلال خمسة أشهر في التوافق على إطار انتخابي، وتأخرا في إعادة هيكلة مجلس المفوضية العليا للانتخابات، مما أعاق تنفيذ استحقاقات حاسمة لخريطة الطريق الأممية، التي طرحتها تيتيه أمام مجلس الأمن في أغسطس (آب) الماضي.

تلويح بـ«الآليات البديلة»

يرى سياسيون أن تلويح الأمم المتحدة باللجوء إلى «الآليات البديلة» سيظل في إطار التصريحات والضغوط السياسية، الهادفة إلى دفع الأطراف الليبية نحو التوافق، وهي وجهة نظر المحلل السياسي الليبي، رمضان شلبق، الذي قال: «ستفضي توصيات ومقترحات الحوار المهيكل إلى وضع خريطة طريق جديدة، تُعرض على مجلس الأمن لاعتمادها، تتضمن تشكيل حكومة واحدة تتولى تنفيذ هذه الخريطة، والإشراف على الاستعدادات لإجراء الانتخابات».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية (الوحدة)

حديث تيتيه الأخير عن «الخيارات البديلة» ليس الأول، إذ سبق أن أكدت أمام مجلس الأمن في 14 أكتوبر (تشرين الأول) استعداد البعثة لتقديم هذه الخيارات استناداً إلى توصيات اللجنة الاستشارية إذا وصل النهج الحالي إلى طريق مسدود. وقالت تيتيه في إحاطتها الأخيرة إنه «لا ينبغي أن تُؤخذ العملية السياسية رهينة تقاعس الأطراف السياسية الفاعلة الرئيسية، التي تبقي على الوضع الراهن، سواء عن قصد أو غير قصد، وقد ذكرتُ في إحاطتي الأخيرة أنه إذا لم تُحرز المؤسستان تقدماً في أول مرحلتين من خريطة الطريق السياسية، فسوف يكون ذلك مدعاة لنا للبحث عن آلية بديلة، وسأطلب الدعم من هذا المجلس».

ووفق رؤية زهيو، فإن تحركات المبعوثة الأممية اتسمت بـ«التدرج والتوازن»؛ إذ بدأت في أغسطس الماضي بالإعلان عن تفاصيل خريطة الطريق، ومنح مهلة دون التطرق إلى بدائل، ثم لوّحت بها في أكتوبر الماضي، وصولاً إلى إعلانها صراحة في ديسمبر أمام مجلس الأمن.

ويستنتج زهيو أن تيتيه «كانت تحمل توقعاً مسبقاً لصعوبة إنجاز المجلسين لهذه المهام خلال الآجال المحددة، لكنها حرصت على منح تلك المهل لإبراز عجز المؤسسات القائمة أمام المجتمع الدولي والأطراف المحلية».

وفي ظل الرهانات المتصاعدة على آليات فك الجمود في المشهد السياسي الليبي، يبرز دور مجلس الأمن المحتمل في النظر بخيارات بديلة، قد تطرحها المبعوثة الأممية خلال فبراير المقبل.

ويرى شلبق أن الرهان الحالي هو «جدية القوى الكبرى الفاعلة في المشهد الليبي في فرض خريطة طريق بمجلس الأمن، بعد تأمين توافق مع روسيا والصين لتفادي أي استخدام لحق النقض (الفيتو)».

أما شلابي، فيتوقع أن «روسيا قد تمتنع عن التصويت حال طرح هذه الحلول، فيما قد تتخلى الصين عن موقفها السابق بالامتناع».

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي للمجلس)

وإجمالاً، يبدو أن مجلس الأمن بات أمام «اختبار سياسي حقيقي» أو «حرج دبلوماسي» وفق تعبير زهيو، بعدما طرحت تيتيه «جداول زمنية واضحة ومسارات محددة»، متوقعاً أن تضع المبعوثة خطة بديلة بالتوازي مع مسار الحوار المهيكل، لا سيما في مسار الحوكمة المعني بوضع آليات لمعالجة القضايا الجوهرية خلال جلسات يناير (كانون الثاني) المقبل.

وانتظاراً لجلسة فبراير المقبل، يبدو أن «الوقت يضغط على مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) اللذين يجمعهما - رغم خلافاتهما - خطر مشترك»، وفق متابعين، وهي أيضاً وجهة نظر زهيو الذي يأمل «أن يسلك المجلسان منطق العقل لإنجاز مهمتهما الوطنية، وتجنُّب العودة لحوارات عقيمة مشابهة لتجارب الصخيرات 2015 وجنيف 2020».


تركيا: طائرة الحداد أبلغت عن عطل كهربائي قبيل تحطمها

TT

تركيا: طائرة الحداد أبلغت عن عطل كهربائي قبيل تحطمها

الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)
الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)

قال برهان الدين دوران، رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية اليوم (الأربعاء)، إن الطائرة الخاصة التي كانت تقل رئيس ​أركان الجيش الليبي، أبلغت عن عطل كهربائي وطلبت الهبوط الاضطراري، قبيل تحطمها بالقرب من أنقرة.

تحطم طائرة تركية متجهة إلى ليبيا والتحقيقات جارية

وأضاف -في بيان- أن الطائرة -وهي من طراز «داسو فالكون 50»- أقلعت من مطار أسن بوغا في أنقرة الساعة 17:17 بتوقيت غرينيتش، أمس (الثلاثاء) متجهة إلى طرابلس، وفي الساعة 17:33 ‌بتوقيت غرينيتش، ‌أبلغت مراقبة الحركة الجوية بوجود حالة ‌طوارئ ⁠ناجمة ​عن ‌عطل كهربائي.

وأعلن مسؤولون ليبيون وأتراك عن مقتل 8 أشخاص، بينهم 3 من أفراد الطاقم، في الحادث.

وقال دوران إن مراقبة الحركة الجوية أعادت توجيه الطائرة نحو مطار أسن بوغا، وجرى اتخاذ إجراءات الطوارئ، ولكن الطائرة اختفت من على شاشة الرادار في ⁠الساعة 17:36 بتوقيت غرينيتش في أثناء هبوطها، وانقطع الاتصال بها.

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال استقباله رئيس الأركان الليبي محمد علي الحداد في أنقرة الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية- إكس)

و أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا في وقت لاحق، العثور على الصندوق الأسود للطائرة. وقال قايا إن الطائرة المنكوبة كان على متنها خمسة ركاب وثلاثة من أفراد الطاقم، وانقطع الاتصال بها بعد حوالي 40 دقيقة من إقلاعها في طريقها إلى ليبيا بعد أن أنهى الحداد زيارة رسمية إلى تركيا أمس الثلاثاء.

وأوضح وزير الداخلية التركي أن أعمال فحص الصندوق الأسود وجهاز التسجيل بالطائرة المنكوبة بدأت للوقوف على تفاصيل الحادث. وأضاف «نحقق في كافة جوانب الحادث وكل الأجهزة المعنية في الدولة تتابع ذلك، وعازمون على الإفصاح عن أسباب الحادث في أسرع وقت».

وأكد قايا وجود فريق ليبي من 22 فردا في أنقرة للمشاركة في التحقيق في سقوط الطائرة.