لم تقنع التصريحات الأميركية حيال عملية إسرائيل الأخيرة في قطاع غزة، والتي كان هدفها اغتيال القيادي البارز في «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، رائد سعد، الحركة الفلسطينية حول معرفتها بالهجوم من عدمه، وحتى عدّها خرقاً لوقف إطلاق النار من عدمه.
وحسب مصادر في حركة «حماس»، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن التصريحات الأميركية المتناقضة إزاء العملية، لا يمكن عدّها «صك براءة» أو أنها مبرر معقول لذلك، مشيرةً إلى أن قيادة الحركة ترى باستمرار أن الولايات المتحدة توفر غطاءً لإسرائيل من خلال التبرير المستمر لخروقاتها بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ورغم ذلك، تسعى «حماس» لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة في مصر أو قطر، خلال الفترة المقبلة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء بشأن الوضع في قطاع غزة، وتطورات الانتقال للمرحلة الثانية بما يضمن إمكانية أن تنفذ هذه المرحلة بسلاسة.
وحسب المصادر، فإن المحادثات مستمرة ما بين الوسطاء وقيادة الحركة، سواء من خلال عقد لقاءات مباشرة ما بين بعض أطراف الوسطاء، والوفد المفاوض، أو من خلال اتصالات تجري معهم، مشيرةً إلى أنه عقدت لقاءات في القاهرة والدوحة وإسطنبول، إما بحضور ثنائي أو ثلاثي للوسطاء، وفي بعض الأحيان مع طرف واحد منهم، وجميعها تتم بالتنسيق مع جميع الوسطاء وبعلمهم وضمن تنسيق متكامل فيما بينهم.
وبيَّنت المصادر، أن هناك سعياً واضحاً لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة بحضور وفد من إسرائيل، وكذلك من الجانب الأميركي، بما يدعم إمكانية الضغط على الجانب الإسرائيلي، من قِبل إدارة الرئيس دونالد ترمب؛ بهدف المضي قدماً في تنفيذ خطته الرامية لتحقيق الاستقرار بشكل أساسي.
ولفتت المصادر إلى أن الاتصالات لا تركز فقط على قضية سلاح المقاومة، بل أيضاً على الكثير من القضايا، منها ما يتعلق بملف الإعمار، واليوم التالي بشأن حكم القطاع ومهام لجنة التكنوقراط، وكذلك ملف فتح معبر رفح، ورفع الحصار بالكامل والانسحاب من القطاع، وملف القوة الدولية، مؤكدةً أن ملف خروج قيادات «حماس» إلى خارج قطاع غزة لم يكن ضمن الحوارات التي جرت، ولن يكون هذا الأمر في نطاق ذلك.

وأشارت المصادر إلى أن الاتصالات الحالية لا تعبّر عن حالة جمود في المفاوضات، مبينةً أن هناك أفكاراً كثيرة يتم تبادلها مع مختلف الأطراف بشأن مصير القضايا المهمة فيما يتعلق بقطاع غزة، كما أن هناك اتصالات فلسطينية داخلية ما بين قيادة «حماس» والفصائل الفلسطينية باستمرار، والمساعي تتضاعف من أجل عقد جلسة حوار وطني في القاهرة خلال الفترة المقبلة.
ورجحت أن تكون نهاية هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل، تحركات أوسع فيما يتعلق بواقع قطاع غزة.
ورداً على سؤال، فيما إذا كانت «حماس» تنتظر أي خطوة أميركية جديدة بشأن المرحلة الثانية؟ أوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتصالات والتحركات الأميركية مستمرة بشكل دائم، وأن هناك رسائل تُنقل عبر الوسطاء من قِبل إدارة ترمب، بشأن ضمان نجاح الاتصالات الحالية، ومحاولة التوصل إلى اتفاق ضمني يضمن تسهيل وتسريع جولات المفاوضات، من خلال البحث في الكثير من الأفكار والمقترحات التي يمكن أن تسهّل العملية المتعلقة بقضايا سلاح المقاومة والقوة الدولية وحكم القطاع.
وأكدت المصادر، انفتاح الحركة بالتوافق مع الفصائل الفلسطينية، على كل المقترحات التي يمكن أن تكون «عادلة» وتمنح الفلسطينيين حقوقاً واضحة بشأن مستقبلهم بما لا يسمح لأي طرف بوضع يده كجهة «انتداب» أو احتلال بطريقة أخرى، أو منح إسرائيل أي فرصة للاستفراد بالنشطاء والقيادات من خلال تثبيت قواعد إطلاق نار جديدة، أو رفضها استكمال عملية الانسحاب كما هو متفق عليه، والتحكم بكل مقومات حياة الفلسطينيين.

وفيما يتعلق بما أثير بشأن قضية تولي المبعوث الأممي السابق للشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، المجلس التنفيذي لما يعرف بـ«مجلس السلام» الذي سيعلن ترمب لاحقاً تشكيله، قالت المصادر إن قيادة «حماس» لم يصلها أي شيء يؤكد ذلك، ولكن هناك الكثير من الأسماء المتداولة بعد استبعاد توني بلير من مهمته، مشيرة إلى أن الحركة خاضت في الكثير من الفترات اتصالات وعقدت لقاءات مع ميلادينوف داخل قطاع غزة وخارجه حين كان مبعوثاً للأمم المتحدة ويتوسط ما بين الحركة وإسرائيل، خاصةً خلال فترة الحصار ومسيرات العودة ما بين عامي 2017 و2019، وهو يعرف مطالب الحركة جيداً؛ ولذلك لا مشكلة للحركة في التعامل معه ما دام هناك إجماع وطني وعربي وإسلامي ودولي على هويته ودوره الذي يجب أن يحقق أيضاً للفلسطينيين حقوقهم وألا يستثنيهم من ذلك.
ويبدو أن «حماس» تعول على تغيير واقع تفكير الإدارة الأميركية، بشأن سلاحها، من خلال البحث عن بعض المقترحات التي طرحتها وطرحها وسطاء حول إمكانية تجميد استخدام السلاح، أو تسليمه لجهة يتم الاتفاق عليها، من دون المساس به.
وينبع هذا التعويل، من استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة لا التزام عسكرياً طويلاً، بما يشير إلى أن الولايات المتحدة تحت حكم ترمب، منفتحة على أن أعداءها يمكن أن تكون لهم الفرصة في حال أثبتوا قدرتهم على أن يصبحوا شركاء نافذين لها بمنطقة الشرق الأوسط، وأنه لا يهمها من يحكم، إنما يهمها الشراكة المجدية فقط.
وتعلق مصادر الحركة بالقول إنها منفتحة للتعامل مع الجميع بما يخدم القضية الفلسطينية، وتركز حالياً على توسيع علاقاتها في المنطقة.
