«جوازة ولا جنازة»... سينما المفارقات بين العائلات العريقة والأثرياء الجدد

الفيلم المصري عُرض ضمن «روائع عربية» بمهرجان «البحر الأحمر»

نيللي كريم وشريف سلامة في لقطة من الفيلم (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
نيللي كريم وشريف سلامة في لقطة من الفيلم (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
TT

«جوازة ولا جنازة»... سينما المفارقات بين العائلات العريقة والأثرياء الجدد

نيللي كريم وشريف سلامة في لقطة من الفيلم (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
نيللي كريم وشريف سلامة في لقطة من الفيلم (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

اختتم فيلم «جوازة ولا جنازة» عروض برنامج «روائع عربية» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة الممتدة من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2025، وأقيم العرض الافتتاحي للفيلم بالقاعة الرئيسية بمركز الثقافة، الأربعاء، وسط حضور لافت من جمهور المهرجان.

يَعرض الفيلم في إطار كوميدي رومانسي لقصة تمارا (نيللي كريم) التي تنتمي لأسرة عريقة لم تعد تملك سوى الاسم الرنان، فتسعى لإنقاذ أسرتها من الإفلاس وضمان مستوى حياة جيد لطفلها من زيجة سابقة، وتقرر الزواج من «حسن الدباح» الذي يقوم بدوره شريف سلامة، وهو ينتمي لطبقة الأثرياء الجدد ويمتلك وعائلته إمبراطورية لتجارة اللحوم برغم التباين الطبقي الكبير بينهما.

تبدو الأم «نهى» وتقوم بدورها لبلبة من اللحظة الأولى الأكثر تحفزاً تجاه هذه الزيجة وتقول لابنتها «تمارا» إنها ستتزوج عائلة لا تتناسب معهم، وإن زواجها سينتهي بالفشل حتماً، لكن «تمارا» تصارحها قائلة: «ليس لدي مشكلة مع حسن، وكلكم سوف تستفيدون من هذه الزيجة، فالوديعة التي تركها أبي لن تكفي لنعيش في مستوى لائق».

لبلبة والفنان اللبناني عادل كرم في أحد مشاهد الفيلم (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

تدور أحداث الفيلم خلال 7 أيام تبدأ بانتقال أسرتي العروسين لقضاء أسبوع سوياً بأحد المنتجعات الصحراوية لمتابعة تجهيزات حفل الزواج، لتكشف هذه الأيام عن مدى التباين بين العروسين، خصوصاً الفروقات الطبقية بين عائلتيهما، ويظهر ذلك بشكل خاص في تصرفات والدي العريس اللذين يقوم بدورهما انتصار ومحمود البزاوي ما بين الابتسامات المزيفة التي تخفي حقيقة شعور كل أسرة تجاه الأخرى، وتتدخل أطراف عديدة لإفساد الفرح.

ويشارك في بطولة الفيلم الفنان اللبناني عادل كرم الذي يؤدي شخصية فنان تشكيلي زميل «تمارا» ويرتبط بقصة قديمة معها، كما تشارك في البطولة دنيا ماهر، ويعد «جوازة ولا جنازة» أول الأفلام الطويلة للمخرجة الفلسطينية أميرة دياب التي كتبت السيناريو مع دينا ماهر.

واستقبل جمهور مهرجان البحر الأحمر طاقم الفيلم على المسرح، ولفت أنطوان خليفة مدير البرنامج العربي خلال تقديمه لفريق الفيلم إلى أن مهرجان البحر الأحمر يُولي اهتماماً بالسينما المصرية ويمنحها مساحةً، حيث توجد الأفلام المصرية في مختلف أقسام المهرجان «لأنها سينما سبّاقة تربينا عليها جميعاً»، على حد تعبيره، مشيراً إلى أنه تابع شغف المخرجة أميرة دياب بالكتابة والكوميديا السوداء.

المخرجة أميرة دياب تتوسط بطلات فيلمها «جوازة ولا جنازة» على الريدكاربت بمهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

فيما تحدثت أميرة دياب معبرةً عن سعادتها بأن يكون العرض الأول للفيلم بالبحر الأحمر، وقدمت الشكر لفريق الفيلم، كما شكرت من رافقوها في الفيلم، من بينهم هديل كامل مدير قنوات «إيه آر تي» المنتجة للفيلم، كما توجهت المخرجة بالشكر لزوجها المخرج هاني أبو أسعد الذي عَدته أستاذها ومدرستها الأولى في السينما.

وقالت نيللي كريم إن ما جذبها للفيلم أنه كوميدي وبعيد عن «أدوار النكد»، وهو من الأفلام التي تحوي تفاؤلاً وفرحةً، وتترك لدى المشاهد إحساساً مبهجاً، وأكدت لبلبة سعادتها بالعمل مع المخرجة أميرة دياب قائلة إن «أميرة منحتني بصمة جديدة كممثلة».

وقالت المخرجة إنها سعدت بتفاعل جمهور «البحر الأحمر» مع الفيلم، مؤكدة أنها حرصت على تقديم «صورة حلوة» لمصر، بعدما شاهدت أماكن جميلة في قلب الصحراء خلال معاينتها مواقع التصوير وأرادت أن تعكس هذا الجمال.

وأضافت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنها طرحت فكرة الصراع الطبقي لتنطلق منه لما هو أعمق مثل المبالغة في حفلات الزفاف التي يُنفق فيها الملايين ببذخ خلال ليلة واحدة، مؤكدةً أنها وقائع تحدث في كافة المجتمعات، بينما الأهم هو الشراكة التي تستمر، وأوضحت: «كلما كان البذخ كبيراً كلما انتهى الزواج سريعاً»، ولفتت إلى أنها قضت شهوراً تحضر حفلات الزفاف بمصر بعد أن كتبت الفكرة والمعالجة، واستعانت بالكاتبة المصرية دينا ماهر التي شاركتها في كتابة السيناريو والحوار.

وعدّت المخرجة الفسطينية الرقص المصري رقصاً راقياً بالأساس، وأرادت تقديم مشاهد راقصة لبطلتها الفنانة والباليرينا السابقة نيللي كريم فاستعانت بالفنان وليد عوني الذي صمم شكل الرقصة والحركة مع نيللي كريم، مؤكدة سعادتها بالتعاون الكبير الذي لاقته من صناع أفلام مصريين، لافتة إلى أن زوجها المخرج هاني أبو أسعد قرأ السيناريو وأبدى ملحوظات عليه، وأنه أستاذها الذي تعلمت منه السينما عبر عملها معه في أفلام عديدة.

ويرى الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، أن «الفيلم انطلق من فكرة جذابة لكنه لم يصل إلى نهاية أكثر جاذبية»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يطرح فكرة التفاوت الطبقي من خلال أسرتين، ورغم أن المخرجة نجحت في البداية بعرض دوافع الشخصيات، لكن فكرة تضارب الدوافع الخاصة عند من يريدون إتمام الزواج ومن يريدون إفساده لم تأتِ على المستوى المطلوب مما أفقد الفيلم الإيقاع القادر على جذب الانتباه طوال العمل».

ويشير عبد الرحمن إلى أن «الفيلم يبدو في النهاية عملاً اجتماعياً، لكن المخرجة قدمته في بيئة معزولة عن العالم، وكأن هاتين الأسرتين تعيشان وحدهما مما أفقد الفيلم مبرراته الدرامية، كما في مشهد تقديم الطعام في قلب الصحراء، ومشهد وفاة شخصية الشرير الذي سعى لإفساد الزواج ولم يكن مقنعاً»، وفق رؤيته.


مقالات ذات صلة

زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط»: عملي في المصانع والحراسة كان ملهماً

يوميات الشرق عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (يوتيوب)

زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط»: عملي في المصانع والحراسة كان ملهماً

يقول المخرج الصيني زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط» إن طريقه إلى السينما لم يبدأ من المعاهد السينمائية، بل من حياة مليئة بالانتقال والعمل الشاق.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)

جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

جوائز مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» الخامسة وزعت على أفلام «أرض مفقودة» و«اللي باقي منك» و«هجرة»، مع تكريم أعمال عربية أخرى مميزة.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)

«أيام قرطاج السينمائية» للتركيز على القضايا الإنسانية

انطلقت السبت فعاليات الدورة الـ36 من «أيام قرطاج السينمائية»، والتي تحتفي بالسينما الأرمينية وتسلط الضوء عليها من خلال عروض عدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق يرصد الفيلم الذي يأتي من إخراج جولييت بينوش قصة تعاون فني يجمع بين ممثلة مرموقة وراقص شهير (الشرق الأوسط)

فيلم «في - آي: في الحركة» يفوز بجائزة «الشرق الوثائقية»

تأتي الجائزة التي تمنحها «الشرق الوثائقية» للعام الثالث على التوالي، تأكيداً على التزامها بدعم السينما الوثائقية العالمية ذات الرؤى الإبداعية الجديدة.

«الشرق الأوسط»
يوميات الشرق أمير مع صناع الفيلم خلال عرضه في برلين (الشركة المنتجة)

أمير فخر الدين: «يونان» يسجل هواجس العزلة والاغتراب

يستعيد المخرج السوري المقيم في ألمانيا أمير فخر الدين ملامح مشروعه السينمائي الجديد «يونان» بنبرة هادئة، وواثقة.

أحمد عدلي (جدة)

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)
نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)
TT

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)
نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

أعربت المطربة المصرية نسمة محجوب عن فخرها بمشاركتها في فيلم «الست» بالأداء الصوتي للأغنيات، والذي اعتبرته أصعب تحدٍّ خلال مشوارها الفني.

وأكدت أنها قامت على مدى عام كامل بتدريب الفنانة منى زكي على تجسيد شخصية «كوكب الشرق» أم كلثوم، في الفيلم الذي كتبه أحمد مراد وأخرجه مروان حامد.

وقالت نسمة في حوارها مع «الشرق الأوسط» إنه تم ترشيحها للعمل عن طريق الموسيقار هشام نزيه، قبل أن تلتقي منى زكي على مدار عامين، لعقد جلسات للوقوف على كافة التفاصيل المتعلقة بأداء أم كلثوم الغنائي.

أغنيات صعبة

وتكشف نسمة أن منى كانت تغني بصوتها وقت التصوير، لذلك كان لا بد من أن تحفظ الأغنية بكل تفاصيلها، مشيرة إلى أن «كل الأغاني الموجودة بالفيلم من اختيار المخرج مروان حامد، وفقاً للسياق الدرامي للعمل»، موضحة أن هناك أغنيات كثيرة لأم كلثوم كانت تسمعها للمرة الأولى؛ خصوصاً ما غنته في بداياتها، مثل: «الصب تفضحه عيونه»، و«الشك يحيي الغرام»، و«الأولة في الغرام»، بالإضافة إلى أغنية «برضاك» التي «تعد من أصعب أغانيها بالنسبة لكل المطربات».

المطربة المصرية نسمة محجوب (حسابها على فيسبوك)

وكشفت أنها درَّبت منى زكي عاماً كاملاً قبل التصوير، بواقع مرتين أسبوعياً، مؤكدة أن «هذه التدريبات وفرت كثيراً من الوقت قبل التصوير، وتضمنت الأداء الجسدي ومخارج الحروف والألفاظ، وحركة عضلات الوجه والشفتين، والأسلوب الغنائي المميز لـ(كوكب الشرق) بكل ما فيه من نغمات وحِليات غنائية، بما يخدم مصداقية الشخصية داخل أحداث العمل».

وبسؤالها عن أصعب أغنية درَّبت منى عليها، أجابت قائلة: «أغنية (إن كنت أسامح) لأنها ذات نغمات عالية، وقد غنتها أم كلثوم وهي صغيرة في السن، فتمكَّنت من أدائها ببراعة؛ لأنه مع كبر السن تقل المساحة الصوتية عادة، ولا يستطيع الصوت أن يغني بالقوة والطاقة نفسيهما اللتين يمتلكهما في الصغر».

جانب من العرض الخاص لـ«الست» بالقاهرة (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

ولفتت إلى أن أغاني «ثومة» القديمة شديدة التعقيد؛ لأنها «تحتوي على تقلبات لحنية مختلفة ومقامات عدَّة، لذلك أعتبر أن النصف الأول من الفيلم أصعب في أغنياته من النصف الثاني».

وحضرت المطربة المصرية طوال تصوير المشاهد الغنائية بالفيلم، لضبط إيقاع الأداء، ولا سيما أن الفيلم يضم 12 أغنية تستحوذ على نحو نصف ساعة من مدة عرض الفيلم، رغم أنها لم تُقدَّم كاملة؛ حيث اقتصر تقديمها على مقاطع أو مذاهب أو أجزاء صغيرة؛ لأن التركيز الأساسي في العمل كان يدور حول أم كلثوم الإنسانة أكثر من المطربة، لذلك تطلَّب الدور وجود ممثلة قوية تجيد التعبير عن انفعالات ومشاعر الشخصية، وإظهار لحظات الضعف والوحدة والانكسار التي عانت منها في حياتها، ولو كان الموضوع خلاف ذلك لتمت الاستعانة بمطربة لتجسيد الشخصية.

الهجوم على منى زكي

وحول تفسيرها لهجوم البعض على منى زكي، قالت إنه هجوم غير موضوعي، معتبرة أن الأزمة تكمن في التوقعات العالية لدى الجمهور؛ خصوصاً أن سيرة أم كلثوم قُدِّمت من قبل، ولكن الفيلم تناول قصة «ثومة» من منظور مختلف بعيداً عن المتوقع، ولم يتناول محطات مشوارها الفني، ولم يسلط الضوء على أغنياتها؛ بل تناولها من منظور إنساني، وجسد التناقضات في شخصيتها وضعفها الأنثوي والتحديات التي واجهتها كامرأة.

لقطة من فيلم «الست» (الشركة المنتجة)

وعبَّرت نسمة عن إحساسها بالفخر لإنجازها هذا العمل الفني الكبير، الذي حظي بردود أفعال إيجابية قبل عرضه في مصر؛ حيث عُرِض أول مرة في «مهرجان مراكش السينمائي الدولي» بالمغرب، ومع الأيام الأولى لعرضه في مصر حصل على إشادات عدد كبير من النقاد، ومن أسرة أم كلثوم نفسها.


زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط»: عملي في المصانع والحراسة كان ملهماً

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (يوتيوب)
عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (يوتيوب)
TT

زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط»: عملي في المصانع والحراسة كان ملهماً

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (يوتيوب)
عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (يوتيوب)

في الفيلم السينمائي الصيني «أصوات الليل» الذي حصد جائزة «أفضل مساهمة سينمائية» في النسخة الخامسة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لا يأتي الصوت من الحناجر، بل من الأرض، من القمح حين تهبّ عليه الريح، ومن التماثيل الحجرية التي وقفت قروناً تشاهد البشر يأتون ويغادرون، ومن النساء اللواتي تعلّمن أن يبتلعن حكاياتهن.

هكذا يبدو الفيلم ليس حكاية تُروى، بل كان أثراً يلتقط، وذاكرة تتحرك في العتمة، ومن هذا الإحساس بالإنصات، لا بالتصريح، ينطلق المخرج الصيني زانغ زونغشين ليقدّم عمله الثاني، «أصوات الليل»، بوصفه محاولة للاقتراب من عالم يعتقد أن الكاميرا لا تحبه كثيراً.

ويقول زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط» إن طريقه إلى السينما لم يبدأ من المعاهد السينمائية، بل من حياة مليئة بالانتقال والعمل والبحث عن مكان، فهو وُلد في قرية فقيرة، ثم انتقل بعد الثانوية إلى المصنع، حيث اختبر قسوة العمل المتواصل، قبل أن يشدّ الرحال إلى بكين عام 2011، ليعمل حارساً ليلياً بالقرب من معهد بكين السينمائي.

ناقش الفيلم قضايا المرأة في الريف الصيني (يوتيوب)

وهناك ومن موقعه باعتباره حارساً لا كونه طالباً، تعلّم أن يراقب أكثر مما يتكلّم، وأن يفهم السينما بوصفها لغة تُكتشف بالمشاهدة والإصغاء، مؤكداً أن تسلله إلى المحاضرات، وجلوسه في الصفوف الخلفية، شكّلا وعيه الأول بلغة الصورة، وفتحا أمامه باب السينما الفنية التي وجد فيها ما يعبّر عن حياته وأسئلته.

ويشير إلى أن تلك التجربة لم تمنحه المعرفة فقط، بل كوّنت علاقاته الأولى، سواء مع طلاب السينما أو مع زملائه من الحراس، الذين كانوا، مثله، يبحثون عن الاقتراب من هذا العالم، ولاحقاً، تعلّم المونتاج ذاتياً، وعمل محرراً في أفلام مستقلة، قبل أن ينجز فيلمه الأول «البقرة البيضاء»، الذي عاد فيه إلى الريف وذاكرة الطفولة، وفتح له باب الاعتراف السينمائي داخل الصين.

المخرج الصيني زانغ زونغشين (مهرجان البحر الأحمر)

واختار المخرج تسليط الضوء على نساء الريف الصيني في فيلمه الجديد، قائلاً إن «هذه الفئة تكاد تكون غائبة عن السينما، رغم أنها تمثّل قلب الحياة الريفية، فهن يملكن مساحة محدودة للتعبير، ويعشن أوجاعهن في صمت، بينما تتركز معظم الأفلام الصينية على المدن والحياة الاستهلاكية».

وأوضح أن رغبته كانت تتمثل في تقديم فيلم لا يتحدث عن النساء من الخارج، بل يقترب من مشاعرهن اليومية، ومن علاقتهن بالأرض، مستلهماً ذلك من تجربة والدته، التي يرى أنها تمثّل نموذجاً لنساء كثيرات عشن العمر كله مرتبطات بالأرض، وبأسرار لا تُقال، لافتاً إلى أن الفيلم لا يتعامل مع الريف بوصفه خلفية، بل بوصفه كائناً، فالأرض ليست مكاناً فقط، بل هي ذاكرة ومصدر حياة وقمع في آن واحد، ومن هذا المنطلق، جاء اختياره لطفلة في الثامنة من عمرها لتكون مركز السرد.

حصد الفيلم ردود فعل إيجابية في مهرجان البحر الأحمر بجانب جائزة (يوتيوب)

ويقول المخرج الصيني إن «منظور الطفلة يمنح الفيلم مساحة للغموض؛ لأن الطفلة ترى نصف الحقيقة فقط، وتملأ النصف الآخر بالخيال، وهذا، في رأيه، أقرب إلى الطريقة التي تُعاش بها الحياة في القرى، حيث لا تُشرح الأمور كاملة، بل تُلمح وتُحسّ».

ويشير إلى أن «علاقته بذاكرة الطفولة لعبت دوراً أساسياً في هذا الاختيار، مع استعادته الليالي الريفية الطويلة، وما تحمله من خوف وأسئلة وأصوات غير مفهومة مع قناعته بأن الطفل قادر على التقاط ما يتجاهله الكبار، وعلى سماع ما لا يُقال، وهو ما جعله يحمّل الشخصية الصغيرة عبء الكشف عن عالم النساء من حولها».

وأكد زانغ زونغشين أنه لم يسعَ إلى إدخال الغرابة بشكل متكلّف، بل ترك المكان يقوده، فالتماثيل الحجرية العائدة إلى سلالة سونغ، التي تقف وسط الحقول منذ مئات السنين، بدت له شاهداً صامتاً على تعاقب الأجيال، وعلى استمرار التقاليد، مهما تغيّرت حياة البشر.

الملصق الدعائي للفيلم (مهرجان البحر الأحمر)

كما يتوقف عند تجربة التصوير الليلي في حقول القمح، حيث تحوّل صوت الريح إلى عنصر أساسي في بناء الجو العام، وكأن الأرض نفسها تهمس بما تحتفظ به، ومن هنا جاءت فكرة الطفل الشاحب الذي يظهر في الفيلم، بوصفه تجسيداً شعورياً لا واقعياً، يرمز إلى الحب المفقود، وإلى الفراغ العاطفي الذي تعيشه كثير من النساء في تلك البيئات.

وخلال حديثه عن عرض الفيلم في مهرجانات دولية، ومن بينها مشاركته في «البحر الأحمر»، يعبّر زانغ زونغشين عن إحساسه بأن السينما قادرة على خلق تواصل إنساني يتجاوز اللغة، مؤكداً أن ما لمسه من دفء ونظرات الناس في السعودية جعله يشعر بأن المشاعر الإنسانية، مهما اختلفت البيئات، تظل متشابهة في جوهرها.

وأكد على أن «أصوات الليل» ليس فيلماً يقدم إجابات، بل يطرح إحساساً، وأن رهانه الأساسي هو قوة الصورة، وقدرتها على حمل ما تعجز الكلمات عن قوله، فالصمت، في رأيه، ليس فراغاً، بل مساحة ممتلئة بالحياة، والسينما؛ فحين تنصت جيداً، قادرة على جعل هذا الصمت مسموعاً.


ماجد آل حسنة يحصد جائزتَي «شخصية العام» من «جائزة مُلهِم الدولية 2025»

المستشار ماجد بن أحمد آل حسنة (الشرق الأوسط)
المستشار ماجد بن أحمد آل حسنة (الشرق الأوسط)
TT

ماجد آل حسنة يحصد جائزتَي «شخصية العام» من «جائزة مُلهِم الدولية 2025»

المستشار ماجد بن أحمد آل حسنة (الشرق الأوسط)
المستشار ماجد بن أحمد آل حسنة (الشرق الأوسط)

حصل المستشار ماجد بن أحمد آل حسنة، خبير الاتصال المؤسسي والبروتوكول الدولي، على جائزتين ونوط الاستحقاق من الدرجة الأولى ضمن «جائزة مُلهِم الدولية» (Globe Magnitude Award) لعام 2025، تقديراً لمسيرته القيادية وإسهاماته المؤثرة في مجالات المراسم والبروتوكول الدولي، والقيادة والإبداع.

وجاء تتويج آل حسنة بـ«جائزة شخصية العام في المراسم والبروتوكول الدولي» و«جائزة شخصية العام في القيادة والإبداع» ضمن «جائزة مُلهِم الدولية».

ويأتي هذا التكريم تتويجاً لمسيرة مهنية حافلة امتدت لسنوات من العمل القيادي في قطاع العلاقات العامة والاتصال المؤسسي؛ إذ أسهم في بناء وتطوير استراتيجيات اتصال فعّالة، وقاد حملات إعلامية ناجحة لعدد من المؤتمرات والمعارض الدولية، إضافة إلى إشرافه على تطوير أدوار الإعلام وعلاقات المستثمرين في قطاع الاستثمار السياحي، وتقلّده مناصب قيادية في جهات وطنية بارزة.

وخلال كلمته في حفل التتويج، عبّر آل حسنة عن اعتزازه بهذا التكريم، مؤكداً أنه لا يراه إنجازاً شخصياً بقدر ما يعدّه امتداداً لدعم وطنٍ علّم أبناءه أن القيادة مسؤولية، وأن الأثر رسالة. وأهدى هذا التكريم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وإلى الشعب السعودي الكريم.

وآل حسنة هو من الأسماء العربية المؤثرة في مجال البروتوكول والاتصال، وهو الرئيس المؤسس لمجموعة العلاقات العامة والإعلام الخليجية، كما عُرف بإسهاماته الفكرية من خلال مقالاته المنشورة ومؤلفاته التي قدّمت رؤى مهنية ملهمة، أسهمت في رفع مستوى الوعي وتعزيز الممارسات الاحترافية في هذا المجال.

وأقيمت فعاليات «جائزة مُلهِم الدولية» خلال يومَي 12 و13 ديسمبر (كانون الأول) 2025 في العاصمة المصرية القاهرة، بمشاركة نخبة من القادة وصنّاع التأثير من مختلف الدول العربية والدولية.