ترجيحات إسرائيلية بقرب إتمام «صفقة الغاز» مع مصر... هل تهدأ التوترات؟

الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)
الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)
TT

ترجيحات إسرائيلية بقرب إتمام «صفقة الغاز» مع مصر... هل تهدأ التوترات؟

الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)
الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)

رجحت وسائل إعلام عبرية إتمام «صفقة الغاز» مع مصر خلال الأيام المقبلة، وتحدثت عن أهميتها الاقتصادية والأمنية لإسرائيل بعد أن كانت تتحدث عن قرب إلغاء الصفقة وعدم اعتمادها بشكل نهائي؛ ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا التحول وانعكاسه على تهدئة التوترات مع مصر.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، إن وزارة الطاقة الإسرائيلية «ستبدأ جولة أخرى من الاستكشاف في المنطقة الاقتصادية الخالصة الإسرائيلية الشهر المقبل، في ظل اتفاق لتصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، والمتوقع إطلاقه في الأيام القادمة».

وأشارت الصحيفة إلى أن الصفقة «ذات أهمية خاصة لإسرائيل من الناحية السياسية والأمنية»، وقالت إن المفاوضات لا تزال جارية حول كمية الغاز التي ستصدر من خزان «ليفياثان» إلى مصر.

وتشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توترات على خلفية الحرب على قطاع غزة، والتوجهات الإسرائيلية نحو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وتعقيدات اتفاق «شرم الشيخ» للسلام المرتبطة بتنفيذ بنوده على الأرض في ظل تباينات واضحة بشأن قوة الاستقرار وفتح المعابر والانتقال للمرحلة الثانية، وكذلك مع أزمات الحدود وسط اتهامات إسرائيلية متكررة بحدوث عمليات تهريب للأسلحة من شبه جزيرة سيناء عبر استخدام «المسيرات».

«أداة ضغط»

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، قال إن الصفقة «تمت دراستها جيداً من جانب مصر وإسرائيل على المستوى الاقتصادي، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سعى لتحويلها إلى أداة ضغط سياسية تجاه مصر في ملفات غزة والحدود».

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لكن في المقابل فإن القاهرة تعاملت بهدوء وتحركت نحو بدائل عديدة وأدرك نتنياهو أنه لن يحقق المرجو، وخاصة أنه يضر بمصالح الولايات المتحدة مع وجود شركات أميركية لديها مصلحة بإتمام الصفقة».

وكانت شركة «نيو ميد»، أحد الشركاء في «حقل ليفياثان» الإسرائيلي للغاز الطبيعي، قد أعلنت في أغسطس (آب) الماضي عن تعديل اتفاق توريد الغاز لمصر ليمتد إلى عام 2040 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار. لكن في مطلع سبتمبر (أيلول) وفي خضم توترات حرب غزة، ظهرت بوادر «انقلاب إسرائيلي» على الاتفاق؛ وفي ذلك الحين أشارت صحف عبرية إلى اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي التأكد من تعهد مصر بالالتزام الكامل ببنود اتفاقية السلام قبل المضي في المصادقة النهائية على الصفقة.

ووجهت إسرائيل اتهامات إلى القاهرة في تلك الفترة بـ«انتهاك» الملحق الأمني لمعاهدة السلام التي وقعتها معها في واشنطن عام 1979؛ في إشارة للانتشار العسكري المصري بسيناء، فيما نفت القاهرة آنذاك حدوث أي «انتهاك» من طرفها للمعاهدة.

وأخذ الحديث عن الصفقة تصاعداً في نوفمبر (تشرين الثاني) إثر ضغوط أميركية على إسرائيل لإتمامها؛ غير أن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين قال في بيان رسمي صادر عن مكتبه حينها إنه «يرفض رغم الضغوط الأميركية الكبيرة المصادقة على اتفاق الغاز الضخم مع مصر»، وبرر ذلك بـ«مخاوف من ارتفاع أسعار الغاز على المستهلك الإسرائيلي».

المصالح «حاكم رئيسي»

المفكر السياسي المصري عبد المنعم سعيد قال إن العلاقة بين مصر وإسرائيل معقدة وترتكن على معاهدة السلام «التي تتضمن وجود علاقات اقتصادية والاستفادة من إمكانيات كل طرف من الآخر، وهو ما أقدمت عليه مصر في السابق حينما أمدت إسرائيل بالغاز الطبيعي منذ عقود».

وأضاف أن مصر تنتظر خطوة مماثلة مع وجود وفرة في الغاز الإسرائيلي، ومع ما تشهده من زيادة سكانية بما تتطلبه من توفير كميات هائلة لتلبية الاحتياجات المحلية.

وأوضح أن العلاقة بين مصر وإسرائيل لا تقتصر على البلدين، ولكن تلعب القضية الفلسطينية جزءاً رئيسياً في شكل العلاقة من جانب، كما أن الولايات المتحدة تشكل ضلعاً رئيسياً في هذه العلاقة على الجانب الآخر.

ويعتبر سعيد أن مصالح كل من مصر وإسرائيل هي الحاكم الرئيسي في شكل العلاقات بينهما، مشيراً إلى أن صفقة الغاز تحمل أهمية استراتيجية للبلدين بغض النظر عن سخونة القضية الفلسطينية أو محاولات الولايات المتحدة لتهدئة الصراعات القائمة في المنطقة.

وزارة البترول المصرية تؤمن احتياجاتها من الغاز (الوزارة)

وتأتي تقارير الإعلام العبري التي ترجح إتمام الصفقة بعد أن أبرمت مصر صفقة لاستيراد نحو 80 شحنة من الغاز المسال من شركة «هارتري بارتنرز» الأميركية بقيمة 4 مليارات دولار، فضلاً عن اتفاقيات لشراء شحنات أخرى من «أرامكو السعودية» و«ترافيجورا» و«فيتول».

وقبل أيام زعمت صحف عبرية أن قطر «تستغل الفرصة» الناتجة عن تأجيل إتمام صفقة بيع الغاز الإسرائيلي لمصر لتقديم عرض إلى القاهرة لتزويدها بكميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وهو أمر لم تؤكده أي من مصر أو قطر.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأسبوع الماضي، إن وزير الطاقة الإسرائيلي يعتزم إعلان التصديق على اتفاق الغاز مع مصر قريباً، فيما تستعد «لجنة ديان» للطاقة لنشر قراراتها حول الكميات التي ستُخصص للتصدير مقابل تلك التي ستحتفظ بها إسرائيل لاستخدامها الداخلي.


مقالات ذات صلة

صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

شؤون إقليمية موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)

صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

نقلت صحيفة «هآرتس» عن الحكومة الإسرائيلية قولها، الثلاثاء، إنها تعتزم سحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد» و«أوكسفام».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا شعار شركة «إيرباص» (رويترز)

إسبانيا تستثني «إيرباص» من حظر استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية

منحت إسبانيا شركة «إيرباص» إذناً استثنائياً لإنتاج طائرات وطائرات مسيرة باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية في مصانعها الإسبانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)

الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

ندد الأردن بإقرار الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يستهدف عمل ووجود وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ويقوض قدرتها.

«الشرق الأوسط» (عمان)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)

محكمة إسرائيل العليا تعلّق قرار الحكومة إغلاق الإذاعة العسكرية

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمراً احترازياً يقضي بتعليق قرار الحكومة إغلاق إذاعة الجيش التي تأسست قبل 75 عاماً ويتابعها عدد كبير من المستمعين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».


«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، سيطرتها على منطقة «التقاطع» الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، ونشر عناصر تابعون لها مقاطع مصورة تُظهر انتشارها هناك.

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني بهذا الخصوص، مع استمرار تمدد «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في مناطق واسعة من الإقليم.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان نشر على منصة «تلغرام»، إن «قوات تأسيس» المتحالفة معها بسطت سيطرتها بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينتي كادوقلي والدلنج، وإن هذه الخطوة تأتي «ضمن عمليات الانفتاح العسكري وتأمين الخطوط المتقدمة»، كما أنها تمكنت من «تسلم عدد من المركبات العسكرية والأسلحة والذخائر».

وأوضح البيان أن «هذا الانتصار يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف استراتيجية في الولاية».

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج، لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة، وبلدة هجليج النفطية، بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

من جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها بالولاية.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» إلى «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى، ضمن «تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)».

بدورها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان الثلاثاء، إنها سيطرت على حامية عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة تقاطع البلف، على طريق الدلنج - كادوقلي. وأضافت أن قواتها تواصل التقدم الميداني في إطار عمليات تهدف للوصول إلى العاصمة كادوقلي.

والأسبوع الماضي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على منطقتي الكرقل والدشول، الواقعتين على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدلنج؛ ثانية كبرى مدن الولاية، واتهمت الجيش السوداني والقوات المتحالفة بـ«عدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية».

ومنذ أشهر تفرض «قوات تأسيس» طوقاً محكماً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وتقطع طرق وخطوط الإمداد لقوات الجيش السوداني المحاصَرة داخل كادوقلي.