الكرملين: بوتين لم يرفض خطة ترمب... ومستعدون لمواصلة الحوار

موسكو تلقت 4 وثائق من الجانب الأميركي وبعض البنود في الخطة «غير مقبولة»

الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)
الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)
TT

الكرملين: بوتين لم يرفض خطة ترمب... ومستعدون لمواصلة الحوار

الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)
الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)

انتقد الكرملين، الأربعاء، تقارير غربية تحدثت عن فشل جولة المفاوضات الروسية الأميركية في تقريب وجهات النظر، وأشارت إلى أن تمسك الرئيس فلاديمير بوتين بمواقفه يقوض جهود نظيره الأميركي دونالد ترمب.

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن «بوتين لم يرفض خطة السلام الأميركية للتسوية في أوكرانيا»، مضيفاً أن «هذا ليس صحيحاً».

بوتين ومستشاره للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف (يسار) والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (يمين) خلال المحادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر (أ.ب)

وندد بالصياغة التي ذهبت إليها تقارير رأت أن الخطة الأميركية قوبلت بتعنت روسي، مشيراً إلى أن «الحقيقة هي أن هذا التبادل المباشر للآراء حدث لأول مرة. وهناك بعض البنود (في الخطة) المقبولة من جانب روسيا وهناك بنود أخرى تعد غير مقبولة». ويتخوّف الأوروبيون من اتفاق بين واشنطن وموسكو على حساب أوكرانيا.

ورأى بيسكوف أن المفاوضات الروسية الأميركية جرت بشكل جيد، وأن «هذا مسار عملي وطبيعي أن يتم التعامل مع بعض الأمور التي ما زالت شائكة، خلال البحث عن تسوية مرضية».

وأشار بيسكوف إلى أن موسكو سوف تواصل العمل مع الجانب الأميركي، وزاد: «نعتقد أن المفاوضات ستكون أكثر فاعلية إذا أُجريت بهدوء وبعيداً عن الإعلانات».

طائرة أميركية تحمل ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر تحط بمطار فنوكوفو في موسكو (إ.ب.أ)

وقال ترمب، الثلاثاء، متحدثاً من واشنطن: «رجالنا موجودون في روسيا الآن لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تسوية الأمر. ليس وضعاً سهلاً، دعوني أخبركم. يا لها من فوضى»، مضيفاً أن الحرب تتسبب في خسائر بشرية تتراوح بين 25 ألفاً و30 ألفاً شهرياً. وقال ترمب مراراً إن إنهاء أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية هو أحد أهداف سياسته الخارجية، وهاجم في بعض الأحيان كلاً من بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

موكب الوفد الأميركي يسير قرب الكرملين بعيد وصوله إلى موسكو الثلاثاء (رويترز)

وأضاف المتحدث باسم الكرملين: «في هذه الحالة، لسنا من أنصار الدبلوماسية الصاخبة، ونرى أيضاً أن الأميركيين يتمسكون بالمبدأ نفسه».

وأكد الناطق أن روسيا «تقدر عالياً الإرادة السياسية لدونالد ترمب بشأن قضية التسوية، وهي مستعدة للقاء مسؤولي البيت الأبيض كلما دعت الحاجة لتحقيق السلام».

وكان بوتين قد عقد جولة مفاوضات مطولة، ليلة الثلاثاء، استمرت نحو خمس ساعات، مع المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر. وشارك في المحادثات من الجانب الروسي الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، كيريل دميترييف، ومساعد الرئيس لشؤون السياسة الدولية يوري أوشاكوف.

وقبل بدء الاجتماع، اتهم بوتين الأوروبيين بالسعي إلى «عرقلة» الجهود الأميركية لإنهاء الحرب.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف يتصافحان خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو... 6 أغسطس 2025 (أ.ب)

واتهم مسؤولون أوكرانيون وأوروبيون الرئيس الروسي، الأربعاء، بالتظاهر بالاهتمام بجهود السلام، بعد محادثات مع مبعوثين أميركيين في الكرملين، دون أن تسفر عن حدوث أي انفراجة. وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر إن الرئيس الروسي عليه أن «يوقف التهديدات وإراقة الدماء وأن يكون مستعداً للجلوس إلى طاولة المفاوضات وأن يدعم السلام العادل والدائم». كما حث وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، بوتين على «التوقف عن إضاعة وقت العالم».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف يتصافحان خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو... 6 أغسطس 2025 (أ.ب)

وتلقى الرئيس الأوكراني الذي يواجه ضغوطاً سياسية وعسكرية متزايدة، جرعة دعم قوية، الاثنين، من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي جدد تأكيد استنفار الأوروبيين لضمان «سلام عادل ودائم». ورحّب ماكرون بجهود الوساطة الأميركية، لكنه أوضح أن «لا خطة مُنجَزَة اليوم بالمعنى الدقيق للكلمة». وأضاف أنه «لا يمكن إنجاز (هذه الخطة) إلا بوجود الأوروبيين حول الطاولة».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (يمين) (أ.ف.ب)

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، إنه تم إحراز «بعض التقدم» في المحادثات مع روسيا لإنهاء الحرب مع أوكرانيا. وقال روبيو لمذيع «فوكس نيوز» شون هانيتي: «ما حاولنا القيام به، وأعتقد أننا أحرزنا بعض التقدم فيه، هو معرفة ما يمكن أن يتعايش معه الأوكرانيون، والذي يمنحهم ضمانات أمنية للمستقبل»، مضيفاً أن الولايات المتحدة تأمل في أن تسمح لهم التسوية «ليس فقط بإعادة بناء اقتصادهم، بل أيضا بالازدهار كدولة».

وأعلن أوشاكوف في ختام المحادثات أن الطرفين لم يتوصلا إلى حلول وسط للنقاط الخلافية، وقال إن فرص السلام «لم تتقدم إلى الأمام لكنها لم تتراجع إلى الوراء أيضاً».

الرئيس الروسي خلال اجتماع في الكرملين (أ.ف.ب)

وركّزت المفاوضات وفقاً لأوشاكوف على «جوهر خطة السلام الأميركية، وليس على الصياغات». وأكد أن روسيا «أبدت موافقة على بعض المقترحات وأعلنت رفض أخرى»، مؤكداً أن الطرفين اتفقا على عدم الكشف عن مضمون النقاشات.

ومع ذلك، تطرق أوشاكوف بشكل مختصر للنقاط الرئيسية التي تم التداول بشأنها وقال إن ملف الأراضي نوقش باستفاضة. ووفقاً لوسائل إعلام غربية، شملت المواضيع التي نوقشت تبادل الأراضي، والضمانات الأمنية، واستحالة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأفاد مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، بأن موسكو تلقت 4 وثائق أخرى، بالإضافة إلى خطة الرئيس الأميركي الأصلية المؤلفة من 28 بنداً. لكن الكرملين رفض الكشف عن طبيعة هذه الوثائق وقال إن موسكو تفضل العمل عليها من دون إعلانات صاخبة.

وأكد أوشاكوف أنه لا توجد في الوقت الحالي خطط لعقد اجتماع على مستوى رئاسي، وزاد أن التحضير لقمة تجمع بوتين وترمب قد يكون ممكناً في حال إحراز تقدم ملموس في المفاوضات.

مارك روته يتحدث إلى وسائل الإعلام في بروكسل (أ.ف.ب)

وقال إن بوتين والوفد الأميركي بحثا آفاق تحقيق تسوية سلمية طويلة الأمد في أوكرانيا لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. وأضاف مساعد الرئيس الروسي أن بوتين وويتكوف ناقشا الوثائق التي تلقتها روسيا بشأن التسوية الأوكرانية، مشيراً إلى أن بوتين أبلغ الوفد الأميركي بأنه قد يوافق على بعض بنود الخطة الأميركية الخاصة بأوكرانيا، لكن بعضها الآخر «يثير انتقادات».

وقال أوشاكوف إن روسيا وافقت في المحادثات على مواصلة الاتصالات مع الولايات المتحدة على مستوى المساعدين، وقال إن بوتين وويتكوف ناقشا آفاق التعاون الاقتصادي المستقبلي الهائلة بين روسيا وأميركا، كما بحثا «القضايا الإقليمية التي ترى روسيا أنه بدونها لا يمكن حل الأزمة الأوكرانية».

كايا كالاس تقرع الجرس لبدء اجتماع وزراء الخارجية والدفاع الأوروبيين ببروكسل الاثنين (أ.ب)

وقبيل اجتماعه في الكرملين مع ويتكوف، قال بوتين إن روسيا لا تريد حرباً مع أوروبا، لكنه حذّر من أنه «إذا أرادت أوروبا أن تدخل في حرب معنا وبدأتها بالفعل، فسينتهي الأمر بسرعة كبيرة بالنسبة لها لدرجة أنه لن يبقى أحد للتفاوض معه هناك». وهدّد بوتين بمنع وصول أوكرانيا إلى البحر رداً على الهجمات الأوكرانية على ناقلات «أسطول الظل» الروسي في البحر الأسود. وقال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها إن تصريحات بوتين تظهر أنه غير مستعد لإنهاء الحرب.

وأظهر تحليل أجرته وكالة الصحافة الفرنسية لبيانات صادرة عن معهد دراسة الحرب الذي يعمل مع «مشروع التهديدات الحرجة» أن الجيش الروسي حقق في نوفمبر (تشرين الثاني) أكبر تقدم له على الجبهة في أوكرانيا منذ عام.

ففي شهر واحد، سيطرت روسيا على 701 كيلومتر مربع في أوكرانيا، وهو ثاني أكبر تقدم لها بعد التقدم الذي أحرزته في نوفمبر عام 2024 والبالغ 725 كيلومتراً، وذلك باستثناء الأشهر الأولى من الحرب في ربيع 2022.

والاثنين، أعلنت روسيا سيطرتها على مدينة بوكروفسك في الشرق، والتي تُعدّ خط إمداد للقوات الأوكرانية. وفي المقابل قالت كييف إن القتال ما زال متواصلاً داخل المدينة وإن القوات الروسية أُجبرت على التراجع بعد رفع علمها فيها.

لكن بوتين كرر في حديث أمام الصحافة في موسكو، الثلاثاء، أن بوكروفسك «بكاملها في قبضة القوات المسلحة الروسية»، داعياً أي صحافي يشكك في ذلك إلى زيارة المدينة. وقال: «اقترحتُ أن يذهب زملاؤكم وبينهم الأجانب لزيارة كراسنوارميسك (الاسم الذي كان يطلق على بوكروفسك خلال الحقبة السوفياتية) ليروا بأنفسهم ما يحدث هناك».

ويلتقي وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، الأربعاء، لإجراء مباحثات بشأن تعزيز الدعم لأوكرانيا، بالإضافة إلى الجهود المستمرة لتعزيز قدرات الردع والدفاع للحلف. وأكد الأمين العام للحلف مارك روته قبل الاجتماع أن كييف ما زالت تعتمد على المساعدات العسكرية في ظل استمرار روسيا في الهجوم على أوكرانيا، كما دعا دول «الناتو» للتعهد بتقديم مزيد من الدعم. وقال إنه يتوقع الإعلان عن المزيد من المساعدات لمبادرة قائمة متطلبات أوكرانيا ذات الأولوية المالية خلال الأيام المقبلة.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

أوروبا الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي (أرشيفية - أ.ب) play-circle

روسيا تتحدث عن «تقدم بطيء» في المفاوضات بشأن أوكرانيا

سجلت موسكو تقدماً «بطيئاً» في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا، ونددت بمحاولات «خبيثة» لإفشالها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا السيارة التي قتل فيها الجنرال فانيل سارفاروف (56 عاماً) وسط منطقة سكنية في موسكو الاثنين (رويترز)

مقتل ضابط روسي كبير بانفجار سيارة في موسكو

قُتل جنرال في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي في انفجار سيارة في جنوب موسكو، وذلك بعد ساعات فقط من إجراء مندوبين روس وأوكرانيين محادثات منفصلة في ميامي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر قمة المجلس الاقتصادي الأوراسي الأعلى في سانت بطرسبرغ الأحد (أ.ب)

الكرملين ينفي سعي بوتين للسيطرة على أوكرانيا بالكامل

نفي الكرملين تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى للسيطرة على أوكرانيا بالكامل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)

قالت الشرطة إن سيارة اندفعت نحو حشد من الأشخاص الذين كانوا ينتظرون مشاهدة عرض في مدينة بشرق هولندا، مساء اليوم الاثنين، ما أسفر عن إصابة تسعة أشخاص، ثلاثة منهم على الأقل إصاباتهم خطيرة.

وأوضحت شرطة جيلدرلاند، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحادث لا يبدو متعمداً في الوقت الحالي، لكنها فتحت تحقيقاً.

وكان الناس ينتظرون مشاهدة عرض لمركبات مزينة بأضواء عيد الميلاد في مدينة نونسبيت، الواقعة على بعد نحو 80 كيلومتراً شرق أمستردام.

وقالت بلدية إلبورج المجاورة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إن العرض توقف بعد الحادث.

وقال رئيس البلدية يان ناثان روزندال في بيان: «ما كان ينبغي أن يكون لحظة تضامن انتهى بقلق وحزن كبيرين».

وأضافت الشرطة أن السائقة، وهي امرأة (56 عاماً) من نونسبيت، أصيبت بجروح طفيفة، وتم توقيفها «كما هو معتاد في حوادث المرور الخطيرة»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.


أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

ونشر اللواء الهجومي 92 التابع للجيش الأوكراني، اليوم الاثنين، مقطع فيديو يظهر على ما يبدو عدداً من الجنود الروس يتنقلون على ظهور الخيل أو البغال، ويتعرضون لهجمات بطائرات مسيرة صغيرة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقال اللواء 92، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»، «يخسر المحتلون الروس معداتهم بسرعة كبيرة في هجماتهم المباشرة التي لا توفر سوى فرص ضئيلة للنجاة، إلى درجة أنهم باتوا مضطرين للتحرك على ظهور الخيل».

لقطة من فيديو نشرته القوات الأوكرانية تظهر ما يبدو وكأنه جندي روسي يمتطي جواداً ويحاول عبور منطقة مفتوحة قبل أن تصيبه طائرة مسيرة

وقال محللون إنه من المرجح أنه تم تصوير مقطع الفيديو في منطقة دنيبروبيتروفسك جنوبي البلاد، على الرغم من عدم إمكانية التحقق من الموقع بشكل مستقل.

وبحسب ما يظهر في اللقطات، كان الجنود الروس يحاولون عبور حقل واسع ومفتوح بأسرع ما يمكن.

وتعتمد القوات الروسية بشكل متزايد على مجموعات هجومية صغيرة للتقدم بسرعة نحو المواقع الأوكرانية ثم محاولة التحصن فيها. وأظهرت مقاطع فيديو سابقة جنوداً روساً يستخدمون دراجات نارية مخصصة للطرق الوعرة، ودراجات رباعية الدفع، ودراجات كهربائية كوسيلة للتنقل.

كما شوهد جنود أوكرانيون يستخدمون الدراجات الجبلية الكهربائية والدراجات النارية للتنقل بسرعة عبر ساحة المعركة.


شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)
TT

شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)

كشفت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرّية مؤخراً، أن كورت هان، مؤسس مدرسة «غوردونستون» الشهيرة التي تلقّى فيها الملك تشارلز تعليمه في شبابه، خضع لمراقبة دقيقة من جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5)، على خلفية تقارير وُصفت آنذاك بـ«المقلقة»، شككت في ولائه لبريطانيا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وفقاً لصحيفة «التايمز».

وتُظهر الملفات، التي كان مقرراً الإبقاء عليها سرية حتى عام 2046، أن هان أُجبر فعلياً على مغادرة اسكوتلندا عام 1940، بعد اتهامات رسمية بأنه قد يكون «جاسوساً ألمانياً خطيراً»، في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في تاريخ التعليم البريطاني الحديث.

وكان هان، المولود في ألمانيا، يُشاد به بوصفه مربياً رائداً وصاحب رؤية تربوية ثورية، إذ أسس مدرسة «غوردونستون» عام 1934 في مقاطعة موراي شمال شرقي اسكوتلندا، بعدما اضطر إلى مغادرة بلاده بسبب انتقاداته العلنية لهتلر. ولاحقاً، استضافت المدرسة ثلاثة أجيال من العائلة المالكة البريطانية، من بينهم الأمير فيليب، دوق إدنبرة، والملك تشارلز.

غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أعاد فتح ملف ولاء هان، وسط تصاعد المخاوف من غزو نازي محتمل للسواحل الاسكوتلندية. وتكشف مراسلات رسمية أن الدعوة إلى التحقيق معه، قادها توماس كوبر، المدعي العام الاسكوتلندي آنذاك، إلى جانب جيمس ستيوارت، نائب كبير منسقي الانضباط الحزبي لرئيس الوزراء ونستون تشرشل.

وفي رسالة بعث بها كوبر إلى وزارة الداخلية في يونيو (حزيران) 1940، قال إن «الملف المُعد ضد هان، ربما يكون أخطر من أي ملف آخر»، مضيفاً أن جهاز «MI5»؛ «يعرف كل شيء عن هذا الرجل»، وأنه «إما جاسوس خطير أو عميل بريطاني».

واتهم كوبر مدرسة «غوردونستون» بأنها تشكّل موقعاً مثالياً للتجسس، نظراً لموقعها المشرف على خليج موراي، وقربها من مطارات ومحطة لاسلكية، فضلاً عن امتلاكها تجهيزات اتصالات مكثفة وعدداً كبيراً من أجهزة الاستقبال اللاسلكي. كما أشار إلى وجود عدد كبير من الألمان ضمن طاقم المدرسة، بعضهم ضباط سابقون في الجيش الألماني.

وأضاف أن مراقبة هواتف المدرسة خلال شتاء 1939 - 1940 كشفت عن مكالمات بعيدة المدى تتناول موضوعات تبدو «تافهة» عن الزراعة والماشية، لكنها، بحسب تقديره، كانت رسائل «مشفّرة».

وفي السياق نفسه، بعث جيمس ستيوارت برسالة إلى وزير الأمن الداخلي، السير جون أندرسون، متسائلاً عن إمكانية نقل المدرسة إلى «منطقة أقل حساسية». وجاء الرد أن هان يعتزم نقل المؤسسة إلى ويلز، وهو ما تم بالفعل في يوليو (تموز) 1940، «لتهدئة المخاوف المحلية»، وفق تعبير الوزارة.

وتضم الملفات أيضاً رسالة من مدير مدرسة مجاورة، اتهم فيها هان باستقبال نازي ألماني كان يتردد ليلاً على المدرسة، ويقوم بجولات تصوير للساحل الاسكوتلندي ومنشآت حيوية قريبة.

وعلى الرغم من كل تلك الشبهات، تُظهر السجلات الأمنية اللاحقة أن أجهزة الاستخبارات لم تعثر على أي دليل يثبت تورط هان في نشاط معادٍ لبريطانيا. وخلص تقرير رسمي لوزارة الداخلية إلى أنه «لا يوجد ما يبرر القلق»، مؤكداً أن هان «معجب بالمؤسسات البريطانية» ولا يكنّ أي عداء للبلاد.

كما تكشف الوثائق أن هان كان يزوّد مكتب الدعاية البريطاني بمعلومات بشكل غير رسمي، من دون علم وزارة الداخلية أو جهاز «MI5»، ما يرجّح أنه كان أقرب إلى متعاون غير معلن منه إلى مشتبه به حقيقي.

وإلى جانب الجدل الأمني، تسلّط الوثائق الضوء على فلسفة هان التربوية المثيرة للجدل، التي قامت على ما وصفه بـ«مختبر تربوي» قاسٍ، شمل تعريض التلاميذ لظروف بدنية شديدة؛ مثل الجري حفاة في الثلج، والاستحمام بالماء البارد، والتدريب البدني الصارم، في إطار إيمانه بأن «قوة الطفولة الروحية» يمكن الحفاظ عليها ومنع «تشوّه المراهقة».

وكان الأمير فيليب من أبرز المدافعين عن هان، واستلهم لاحقاً أفكاره في تأسيس «جائزة دوق إدنبرة». في المقابل، لم يُخفِ الملك تشارلز استياءه من سنوات دراسته في «غوردونستون»، واصفاً إياها لاحقاً بأنها «سجن بلباس اسكوتلندي».

وتوفي كورت هان عام 1974 عن عمر ناهز 88 عاماً في ألمانيا، بينما لا تزال مدرسته تواجه إرثاً مثقلاً بالانتقادات؛ ففي العام الماضي، قدمت «غوردونستون» اعتذاراً رسمياً بعد تحقيق اسكوتلندي خلص إلى وجود «ثقافة مروّعة من الإساءة والعنف» داخل المدرسة قبل عام 1990.