تغيير «الحرس» في «المركزي الأوروبي»... التنوع أول ضحاياه

لاغارد تتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
لاغارد تتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
TT

تغيير «الحرس» في «المركزي الأوروبي»... التنوع أول ضحاياه

لاغارد تتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
لاغارد تتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي (رويترز)

شرع مسؤولون بمنطقة اليورو في عملية تستغرق عامين لاستبدال غالبية أعضاء المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، بما في ذلك الرئيسة كريستين لاغارد. تُثير هذه الخطوة تساؤلات حول مدى تمثيل المؤسسة للمواطنين الذين تخدمهم.

وعلى النقيض من «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، يواجه البنك المركزي الأوروبي تحدياً مختلفاً، فبينما تحمي التعقيدات المؤسسية للاتحاد الأوروبي البنكَ من التدخلات السياسية في اتخاذ القرارات، فإنها تركت سِجله متأخراً فيما يخص التنوع، مقارنةً بسِجلات البنوك المركزية العالمية الأخرى، وهو مجال لا يزال يُهيمن عليه، إلى حد كبير، الرجال البيض من الاقتصادات الغربية الكبيرة.

تأتي الفرصة الأولى لمعالجة بعض هذه التفاوتات في أوائل العام المقبل مع انتهاء ولاية نائب رئيس البنك، لويس دي غيندوس، من إسبانيا.

نائب رئيس «المركزي الأوروبي» لويس دي غيندوس ينظر خلال خطاب إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مجلس محافظي البنك (رويترز)

«نقاط عمياء»

يرى النقّاد أن الافتقار إلى التنوع الجغرافي والجنسي والعِرقي يترك البنك المركزي الأوروبي بـ«نقاط عمياء» حول اقتصاد تكتل يضم 20 دولة و350 مليون نسمة. قد يفتقر صانعو السياسة إلى الصورة الكاملة حول كيفية تجربة الأُسر الصعوبات والتضخم وأسعار الفائدة بشكل حقيقي.

فمِن بين أعضاء مجلس المحافظين الـ26 المسؤول عن تحديد أسعار الفائدة، هناك 24 رجلاً، كما أن جميع محافظي البنوك المركزية الوطنية العشرين الذين يجلسون في هذا المجلس، والذين يجري اختيارهم في العواصم الوطنية، هم من الرجال.

في الوقت نفسه، يُهيمن الرجال القادمون من الدول الأربع الكبرى بمنطقة اليورو (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا) على المجلس التنفيذي المكون من ستة أشخاص، والذي يجري اختياره عبر الاتحاد الأوروبي. ولم تَشغل الدول الشيوعية السابقة في الشرق، التي تُشكل ثلث التكتل، مقعداً فيه مطلقاً، وفق تقرير لـ«رويترز».

وتدير لاغارد، وزيرة الاقتصاد الفرنسية السابقة، العمليات اليومية للبنك، وهي أول امرأة تقود المجلس. ومنذ إنشائه في عام 1998، شغلت النساء 19 في المائة من مقاعد المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي.

وقالت ماريا ديميرتزيس، رئيسة مركز الاقتصاد والاستراتيجية والمالية الأوروبي في مؤسسة «ذا كونفرنس بورد» الفكرية: «عندما يتعلق الأمر بتمثيل الإناث، فإن سِجل البنك المركزي الأوروبي مروّع». وأضافت: «التنوع مهم. لا يمكنك اتخاذ قرارات جيدة إذا كان صانعوها يمثلون شريحة محددة وضيقة جداً من المجتمع، بينما هدفك هو خدمة المجتمع ككل».

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

المعركة على منصب نائب الرئيس

ألقى كل من كرواتيا وفنلندا واليونان ولاتفيا والبرتغال قبعاتها في سباق خلافة دي غيندوس، مما يشير إلى أن دولة أصغر، ربما من الشرق، ستحصل على فرصة.

لكن قد يُنظر إلى هذا الدور على أنه الأقل أهمية بين المقاعد الأربعة القادمة. فمناصب كبير الاقتصاديين، ورئيس عمليات السوق، والرئيس، سيجري استبدالها في عام 2027 مع انتهاء ولاياتهم غير القابلة للتجديد.

وعلّق كارستن برزيسكي، الاقتصادي في بنك «آي إن جي»، قائلاً «إذا اختاروا شخصاً من أوروبا الشرقية، فسيكون ذلك تنازلاً رمزياً؛ لأن دور نائب الرئيس نفسه ليس مؤثراً للغاية». وأضاف: «إذا كنت جالساً في برلين أو باريس، فسأقول، لا بأس، دعوهم يحصلوا عليه، حتى نتمكن من التركيز على المناصب الأكثر أهمية».

لاغارد والمدير العام لآلية الاستقرار الأوروبية بيير غرامينيا يتحدثان خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة اليورو ببروكسل (إ.ب.أ)

مقارنة عالمية

على النقيض من «المركزي الأوروبي»، يتمتع بنك إنجلترا، الآن، بأغلبية نسائية في لجنة السياسة النقدية المكونة من تسعة أعضاء، بعد سنوات من الضغط السياسي والعام لتصحيح التوازن بين الجنسين. وفي البنك المركزي السويدي، ينقسم المجلس بالتساوي (50-50)، بينما في النرويج، يتمتع المجلس بأغلبية ذكورية طفيفة، ولكنّ حاكِمه امرأة.

كما أصبح مجلس الاحتياطي الفيدرالي أكثر تنوعاً. ومع ذلك، تبقى المشكلة الكبرى في أن قطاع التمويل لا يزال يهيمن عليه الرجال، ولا يوجد عدد كافٍ من النساء يرتفعن في صفوف الترقي الوظيفي.

وأشارت ورقة عمل، نشرها بنك دالاس الفيدرالي، العام الماضي، إلى أن التحسن في مستوى الموظفين كان ضئيلاً، حيث ارتفعت نسبة النساء بين الاقتصاديين في نظام «الاحتياطي الفيدرالي» إلى 22 في المائة فقط، من 20 في المائة على مدى 20 عاماً.

النساء «أكثر تشدداً» في مكافحة التضخم

على الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي ليس له دور رسمي في اختيار أعضاء المجلس، دعت لاغارد، التي حذّرت من أن التضخم يضر الفقراء والضعفاء والنساء أكثر من غيرهم، مراراً إلى زيادة الشمولية، ووضعت أهدافاً طموحة لتوظيف مزيد من الموظفات النساء، لكن تأثيرها على مَن يصبح صانعاً للسياسة يظل محدوداً.

يرشح وزراء مالية دول منطقة اليورو العشرين أعضاء المجلس، بينما يتخذ قادة الاتحاد الأوروبي الاختيار الرسمي، بعد جلسات استماع في البرلمان الأوروبي.

ودعا ماركوس فيربر، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية بالبرلمان الأوروبي، إلى «النظر إلى الصورة الكبرى»، مشيراً إلى أن وجود أربعة أدوار سيجري استبدالها يمثل ميزة تسمح بإنشاء «حزمة شاملة» من المرشحين تُحقق التنوع.

تجدر الإشارة إلى أن دراسة، أُجريت عام 2020 من قِبل باحثين من جامعة بوكوني وكلية ترينيتي، ذكرت أن النساء في البنوك المركزية يَملن إلى أن يكُنَّ أكثر «تشدداً» في مكافحة التضخم، وأن زيادة وجودهن بمجالس البنوك المركزية قد تكون مرغوباً فيها لمصداقية هذه البنوك.

واختتمت ديميرتزيس قائلة: «مع وجود لاغارد على رأس الهرم، يمتلك البنك المركزي الأوروبي الظروف المناسبة لإحداث تغيير، لكنهم عالقون. ببساطة، ليس لديهم مسار مؤهل من النساء القادمات لشقّ طريقهن نحو القمة».


مقالات ذات صلة

«المركزي الأوروبي»: البنك مرتاح لتوقعات التضخم في منطقة اليورو

الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي»: البنك مرتاح لتوقعات التضخم في منطقة اليورو

أعرب مسؤول السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي، بيتر كازيمير، يوم الاثنين، عن ارتياح البنك للتوقعات المتعلقة بالتضخم في منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد صورة لمخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)

قطاعا التكنولوجيا والسلع يدعمان ثبات الأسهم الأوروبية

استقرت الأسهم الأوروبية، يوم الاثنين، مدعومة بمكاسب أسهم التكنولوجيا والسلع، بينما بدأ المستثمرون أسبوعاً قصيراً بسبب العطلة بأداء ضعيف

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رئيس وزراء بلجيكا مع نظيريه البولندي والدنماركي في بروكسل لحضور القمة (رويترز) play-circle

إيطاليا 2 – ألمانيا صفر

ميرتس كان الخاسر الأكبر في القمة التي أكّدت أن ثمة تغييراً واضحاً بدأ يترسّخ في موازين القوى داخل الاتحاد لصالح الحكومات اليمينية والشعبوية

شوقي الريّس (بروكسل)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يدعون لـ«توجيه حذر» للسياسة النقدية

حذر صناع السياسة في البنك المركزي الأوروبي، الجمعة، من المخاطر الكبيرة التي تحيط بتوقعاتهم الاقتصادية الأخيرة، داعين إلى توخي الحذر في إدارة السياسة النقدية.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

لاغارد: قرارات الفائدة ستُبنى على البيانات دون التزام بمسار مسبق

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن تقييمات البنك تؤكد أن التضخم يُتوقع أن يستقر عند هدف البنك البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إنه توصل ‌إلى ‌اتفاق ‌على ⁠مستوى الخبراء ​بشأن ‌المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر ضمن تسهيل الصندوق ⁠الممدد.

وأضاف ‌الصندوق في ‍بيان ‍أنه ‍توصل أيضا إلى اتفاق على مستوى الخبراء ​بشأن المراجعة الأولى لبرنامج ⁠تمويلي آخر قائم، هو تسهيل الصلابة والاستدامة.


البنك المركزي السعودي يعتمد اللائحة التنفيذية المحدثة لمراقبة شركات التمويل

البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)
البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)
TT

البنك المركزي السعودي يعتمد اللائحة التنفيذية المحدثة لمراقبة شركات التمويل

البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)
البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)

أعلن البنك المركزي السعودي (ساما) اعتماد اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التمويل المحدثة، في خطوة تستهدف تعزيز الإطار الرقابي والإشرافي على قطاع التمويل، ودعم استقراره ونموه.

وأوضح «ساما» أن التحديثات شملت تنظيم متطلبات مزاولة مختلف الأنشطة التمويلية، وتعديل سقف إجمالي التمويل الذي يمكن للشركة تقديمه، إلى جانب دعم الشركات المتقدمة بطلبات الترخيص عبر تعديل مبلغ الضمان البنكي المطلوب عند التقدم للحصول على الترخيص.

كما تضمنت اللائحة مراجعة الأحكام المتعلقة بالأطراف ذوي العلاقة، وتوضيح الحالات التي ينتهي فيها ترخيص شركات التمويل، بما يعزز وضوح المتطلبات والالتزامات التنظيمية.

بصدور اللائحة المحدثة، ألغى البنك المركزي قواعد تنظيم شركات التمويل الاستهلاكي المصغر، وقواعد ممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر، إضافة إلى تعديل قواعد الترخيص للأنشطة المساندة لنشاط التمويل.

وأشار «ساما» إلى أن اعتماد اللائحة جاء بعد طرح مشروع التحديث في وقت سابق لاستطلاع مرئيات وملاحظات العموم والمختصين، حيث تمت دراسة الملاحظات وأخذها في الاعتبار ضمن الصيغة النهائية.

وفي سياق تعزيز دوره الرقابي وحماية العملاء، وجّه البنك المركزي السعودي، المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافه، إلى الالتزام بـ«دليل تعرفة خدمات المؤسسات المالية» عند فرض الرسوم على الخدمات والمنتجات المقدمة للعملاء، مؤكداً أن الدليل يُلغي ما يتعارض معه من أحكام.

وأوضح «ساما» أن الخطوة تستند إلى صلاحياته بموجب نظام البنك المركزي السعودي والأنظمة ذات العلاقة، وإلى التعرفة البنكية المحدثة، وضوابط التمويل الاستهلاكي، ومبادئ وقواعد حماية عملاء المؤسسات المالية، والصيغة النموذجية لعقد التمويل الاستهلاكي للأفراد.


«الملاحة الجوية السعودية»: أبراج افتراضية لرفع الكفاءة وتمكين سعوديات من المراقبة والصيانة

مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)
مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)
TT

«الملاحة الجوية السعودية»: أبراج افتراضية لرفع الكفاءة وتمكين سعوديات من المراقبة والصيانة

مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)
مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)

تواصل السعودية تسريع وتيرة التحول الرقمي في قطاع الطيران، مع دخول تقنية أبراج المراقبة الافتراضية حيز التشغيل الفعلي، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط.

وأكدت شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية أن هذه التقنية تمثّل إحدى أبرز مبادراتها الرقمية الهادفة إلى رفع كفاءة المراقبة الجوية، وتعزيز جاهزية المجال الجوي السعودي لمواكبة النمو المتسارع في الحركة الجوية.

كما نجحت الشركة في تمكين سعوديات من العمل في مهنتي المراقبة الجوية وصيانة الأنظمة الملاحية، بعد اجتيازهن برامج تأهيل متخصصة.

وقال الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والاستدامة في شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية، المهندس أحمد الزهراني، إن الشركة تبنّت عدداً من المبادرات الرقمية ضمن مسار التحول والتطوير، من أبرزها أبراج المراقبة الافتراضية التي تُعد تقنية حديثة على مستوى قطاع الملاحة الجوية عالمياً.

كاميرات عالية الدقة

وأوضح الزهراني، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن برج المراقبة الافتراضي يقوم على إحلال برج افتراضي يعتمد على كاميرات عالية الدقة مدعومة بتقنيات متقدمة لتحديد الأهداف في المطار محل البرج التقليدي. وتمكّن هذه الكاميرات المراقب الجوي من أداء مهامه دون الاعتماد على الرؤية المباشرة، كما تتيح خاصية التكبير وعرض تفاصيل دقيقة لم تكن متاحة في البرج التقليدي، بما في ذلك رقم الرحلة، وعدد الركاب، ومصدر الرحلة، ووجهتها.

ولفت إلى أن هذه التقنية لم تعد مجرد مشروع نظري؛ إذ شغّلت الشركة أول برج مراقبة افتراضي في مطار العُلا الدولي عن بُعد، وتُدار عملياته من مطار الملك عبد العزيز الدولي في مدينة جدة. ويُعد المشروع الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط. كما حاز جائزة وزارة النقل والخدمات اللوجيستية للابتكار.

تعزيز الكفاءة

وشدد الزهراني على أن أبراج المراقبة الافتراضية ترفع كفاءة المراقبين عبر مراقبة عدة مطارات من مركز واحد، وتعزز السلامة والكفاءة التشغيلية بتوفير صورة أوضح وبيانات أكثر تفصيلاً من البرج التقليدي.

وبشأن جاهزية المجال الجوي، أكد أن الحركة الجوية في المملكة تشهد نمواً مستمراً بدعم القيادة، وأن الشركة تعمل بنهج استباقي من خلال دراسات سنوية لتقدير الحركة المتوقعة وتحديد المستهدفات عبر مبادرات ومشاريع بنية تحتية تستوعب النمو وتعزز الجاهزية.

الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والاستدامة في خدمات الملاحة الجوية السعودية المهندس أحمد الزهراني

مركزان للمراقبة

ولا تقتصر الجاهزية على التقنية وحدها، وفقاً للزهراني الذي أكد أنها تقوم على منظومة عمل مستمرة لا تحتمل الانقطاع. ففي الوقت الراهن تمتلك الشركة مركزَين أساسيين للمراقبة الجوية في الرياض وجدة، وإذا وقع خلل في أحدهما يتولى المركز الآخر إدارة المجال الجوي السعودي بالكامل دون تأثر الخدمة.

وأضاف أنه منذ انطلاقة شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية في يونيو (حزيران) 2016، وُضع هدف واضح يتمثل في أن تكون الشركة ضمن القيادات الإقليمية في إدارة الحركة الجوية، واليوم تُعد من أبرز مقدمي خدمات الملاحة الجوية على مستوى المنطقة، وتسعى بخطى ثابتة إلى تحقيق الريادة العالمية وفق طموحاتها المستقبلية.

المحاور الثلاثة

وتُعد شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية ركيزة أساسية في منظومة الطيران المدني. وقال الزهراني إن الشركة تسعى للإسهام في تحقيق مستهدفات برنامج الطيران المنبثق عن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، عبر ثلاثة محاور رئيسية: زيادة عدد المسافرين، وتوسيع الوجهات الدولية المباشرة، ورفع حجم الشحن الجوي، موضحاً أن جميع هذه المستهدفات محورية في استراتيجية الشركة.

نمو الحركة الجوية

وفي هذا السياق، قال الزهراني إن إحصاءات الحركة الجوية لهذا العام بلغت، حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، 921095 رحلة، بمعدل نمو 5.7 في المائة مقارنة بالسنة الماضية. كما سُجل أعلى رقم قياسي يوم 19 يونيو 2025، حيث بلغ عدد الرحلات 3673 رحلة، بمعدل 153 رحلة في الساعة.

الشراكات

أوضح الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والاستدامة في شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية أن شراكات الشركة تقوم على مسارَين: الأول مع شركات الطيران عبر لقاءات سنوية لتحديث المشاريع وفق متطلباتها، والآخر مع المُصنّعين الدوليين للأجهزة الملاحية من خلال تواصل مستمر داخل الشركة والمحافل الدولية. وأشار إلى توقيع اتفاقية أخيراً مع شركة «مايتر»، مع شراكات أخرى قيد الإعداد، مؤكداً أن الهدف هو تطوير مستوى الخدمات.

المراقبات السعوديات

وحول دور المرأة، أكد الزهراني أن الشركة نفذت عدداً من المبادرات لتأهيل وتمكين المرأة للعمل في القطاع، وأطلقت برامج من بينها برنامج المراقبة الجوية للمراقبات الجويات، وكذلك برنامج صيانة الأنظمة الملاحية. وقال إن الخريجات باشرن أعمالهن في المراكز وأبراج المراقبة بصفتهن مراقبات جويات، وكذلك في صيانة الأنظمة الملاحية، وقد أثبتن كفاءتهن وقدرتهن على أداء واجباتهن الوظيفية بكل احتراف وإتقان.

وقال إن «العنصر البشري يبقى محور العمل»، موضحاً أن «عدد موظفي شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية يقارب 2000 موظف، أكثر من 97 في المائة منهم سعوديون، فيما تصل النسبة إلى 100 في المائة في مهنة المراقبة الجوية».

الاستدامة

وفي جانب الاستدامة، أكد الزهراني أنها ركيزة أساسية في الشركة، وتُنفّذ عبر مبادرات ترتكز على ثلاثة محاور: البيئة برفع كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات، والمجتمع بتمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز الوعي والمسؤولية الاجتماعية، والحوكمة بترسيخ النزاهة والشفافية وتعزيز الامتثال والرقابة.

حماية الأصول

وعن حماية الأصول الحيوية والرقمية وإدارة المخاطر السيبرانية، قال الزهراني إن الشركة ملتزمة بحماية الأصول الرقمية وفق أعلى المعايير وأفضل الممارسات الدولية، عبر مواءمة الأمن السيبراني مع أفضل الممارسات العالمية، ورفع جاهزية الكشف عن التهديدات المحتملة والاستجابة السريعة لها.

وأضاف: «حصلنا مؤخراً على اعتماد (SOC-CMM) العالمي»، وهو إطار يقيس جاهزية مراكز العمليات عبر 5 مجالات متكاملة: الأفراد، والعمليات، والتقنية، والخدمات، وتكامل الأعمال.