«حل الدولتين» يفجّر توتراً بين قبرص وتركيا... وألمانيا تسعى لوساطة

بعد إعادة تأكيد إردوغان عليه بوصفه «أكثر الطرق واقعية لحل المشكلة»

إردوغان أكد عقب مباحثات مع رئيس «جمهورية شمال قبرص التركية» طوفان إرهورمان بأنقرة في 13 نوفمبر تمسكه بحل الدولتين (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد عقب مباحثات مع رئيس «جمهورية شمال قبرص التركية» طوفان إرهورمان بأنقرة في 13 نوفمبر تمسكه بحل الدولتين (الرئاسة التركية)
TT

«حل الدولتين» يفجّر توتراً بين قبرص وتركيا... وألمانيا تسعى لوساطة

إردوغان أكد عقب مباحثات مع رئيس «جمهورية شمال قبرص التركية» طوفان إرهورمان بأنقرة في 13 نوفمبر تمسكه بحل الدولتين (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد عقب مباحثات مع رئيس «جمهورية شمال قبرص التركية» طوفان إرهورمان بأنقرة في 13 نوفمبر تمسكه بحل الدولتين (الرئاسة التركية)

أثار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان غضب قبرص مرة أخرى بتمسُّكه بـ«حل الدولتين»؛ لحل مشكلة الجزيرة المقسّمة بين شطرين يوناني وتركي.

وعدّ الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، التي تستعد بلاده لتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لعام 2026، أن موقف إردوغان يبعد تركيا عن الانضمام إلى عضوية الاتحاد، مطالباً بألا تسمح أوروبا بانضمامها إلى برنامج، لتمويل الصناعات الدفاعية، يشمل دولاً من خارج التكتل.

رفض قبرصي

وقال خريستودوليدس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس عقب مباحثاتهما في برلين، الجمعة: «إذا أصرَّ السيد إردوغان على دولتين في قبرص، فمن المؤكد أن تركيا لا يمكنها الاقتراب من الاتحاد الأوروبي، والمهم هو أن يقوم الاتحاد والمجتمع الدولي، مهما كان ما يقوله إردوغان، بالتوصُّل إلى حل يستند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي».

ميرتس وخريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي ببرلين في 14 نوفمبر (إ.ب.أ)

وأضاف: «لا ينبغي أن تحصل أنقرة على حق الوصول إلى (صندوق الدفاع)، التابع للاتحاد»، لافتاً إلى أنه ليس لديها اتفاقية دفاعية أو أمنية مع التكتل على الرغم من كونها عضواً في «ناتو».

وتعوّل تركيا على موقف ألمانيا وعدد آخر من الدول الأوروبية المؤيدة لانضمامها إلى «برنامج دعم صناعة الدفاع» (سيف)، التابع للاتحاد الأوروبي، الذي يوفر تمويلاً بقيمة 150 مليار يورو لمشتريات الدفاع للدول الأعضاء، وتسمح لائحته التي أقرّها الاتحاد في 27 مايو (أيار) الماضي، للدول غير الأعضاء، بالتقدم بطلب للحصول على التمويل بشرط توقيع اتفاقات أمنية معه.

وترفض قبرص واليونان انضمام تركيا للبرنامج، الذي ينتهي موعد التقدم بطلبات الانضمام إليه في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وكان الموضوع أحد محاور المباحثات بين إردوغان والمستشار الألماني ميرتس خلال زيارته لتركيا في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقبل ذلك بين وزيرَي خارجية البلدين، هاكان فيدان، ويوهان فاديفول، في أنقرة في 19 أكتوبر، حيث أكد فاديفول رغبة ألمانيا في تطوير التعاون الدفاعي مع تركيا، كونها حليفاً موثوقاً به في حلف شمال الأطلسي «ناتو».

إردوغان... وحل الدولتين

وقال إردوغان، في مؤتمر صحافي مع الرئيس الجديد لما تُسمى «جمهورية شمال قبرص التركية»، التي لا تعترف بها سوى أنقرة، طوفان إرهورمان، الخميس: «إن تركيا تعتقد أن أكثر الطرق واقعية لحل مشكلة قبرص هي وجود دولتين، ولا جدوى من إجراء مفاوضات لن تفضي إلى أي نتائج».

إردوغان وإرهورمان خلال مؤتمر صحافي بأنقرة في 13 نوفمبر (الرئاسة التركية)

وانقسمت قبرص عام 1974 بعد تدخل عسكري تركي على أثر انقلاب قصير مدعوم من اليونان.

وبعكس الرئيس السابق لشمال قبرص أرسين تتار، الذي أيّد بشدة حل الدولتين الذي طالب به إردوغان للمرة الأولى في عام 2020 وعارضه الاتحاد الأوروبي، واليونان وقبرص العضوان بالتكتل، يؤيد إرهورمان الحل الاتحادي تحت مظلة الأمم المتحدة، وتعهّد في برنامجه الانتخابي بإحياء المفاوضات التي توقَّفت عام 2017.

وتوترت العلاقات بين القبارصة الأتراك واليونايين، منذ انهيار محادثات السلام في 2017، وأثار فتح القبارصة الأتراك جزءاً من ساحل منطقة فاروشا الواقعة ضمن مدينة فاماغوستا، في 8 أكتوبر 2020 بعد إغلاق دام 46 عاماً، بموجب اتفاقات عُقدت مع الجانب القبرصي اليوناني، غضب القبارصة اليونانيين والاتحاد الأوروبي.

وزار إردوغان، في 14 نوفمبر من ذلك العام، بمناسبة الذكرى الـ37 لإعلان قيام ما تُسمى بـ«جمهورية شمال قبرص التركية» من جانب واحد، وذهب إلى فاروشا، التي كانت منتجعاً سياحياً فخماً، وباتت «مدينة أشباح» ضمن المنطقة العازلة التي أقامتها الأمم المتحدة، وأعلن من هناك أنه يجب أن تُجرى محادثات من أجل التوصُّل إلى حل على أساس دولتين منفصلتين.

وندَّد الاتحاد الأوروبي بالتصرفات التركية التي أكد أنها تتعارض مع الشرعية الدولية في قبرص.

ألمانيا مستعدة للوساطة

وأبدى ميرتس استعداده للمشارَكة في الجهود المبذولة لكسر الجمود بشأن قبرص، بناء على طلب خريستودوليدس، الذي سعى إلى الحصول على دعم ألمانيا، لافتاً إلى العلاقة القوية بين برلين وأنقرة.

جانب من مباحثات ميرتس مع إردوغان بأنقرة في 31 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

وقال ميرتس، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس القبرصي: «بحثنا مقترحاً محدداً للغاية، وتلقيته باهتمام، ويمكننا اتخاذ خطوة في هذا الاتجاه خلال رئاسة قبرص للاتحاد الأوروبي (التي ستبدأ في يناير/ كانون الثاني المقبل)، أنا مستعدٌّ لتولي هذه المهمة مع فريقي، والمساعدة في تجاوز انقسام الجزيرة تدريجياً، على الأقل في بعض المجالات».

وأكد ميرتس ضرورة التعاون مع تركيا نظراً للوضع الجيوسياسي الراهن، لافتاً إلى أنه قدَّم إلى خريستودوليدس معلومات حول زيارته إلى أنقرة في نهاية أكتوبر الماضي، وناقش إمكانات أخرى للتقارب بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

ويؤيد ميرتس تعاون الاتحاد الأوروبي مع تركيا في كثير من المجالات، منها الهجرة، والصناعات الدفاعية، والأمن، والتجارة، لكنه يرى أنه لا تزال بعيدة عن «معايير كوبنهاغن»، التي تؤهلها للانضمام إلى الاتحاد، لاسيما فيما يتعلق بدولة القانون واستقلالية القضاء، ويؤكد أن هذا ليس موقف ألمانيا فقط، بل الاتحاد الأوروبي كله.


مقالات ذات صلة

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

تواجه «عملية السلام» في تركيا أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي شابان سوريان يقفان على تلة في داريا مُطلّة على القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد في دمشق أواخر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

في داريا قرب دمشق... سوريون يعيدون بناء حياتهم وأحيائهم المدمرة

لداريا مكانة خاصة في تاريخ الثورة السورية. تقع على مسافة سبعة كيلومترات فقط من العاصمة دمشق، وعلى مرمى البصر من القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (داريا (سوريا))
شؤون إقليمية اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اختتمت اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع حول العملية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب) play-circle

تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

قال نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي إن أنقرة استدعت سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.