موت وجثث وشقاء على طريق سكان الفاشر الفارّين إلى تشاد

ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد
ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد
TT

موت وجثث وشقاء على طريق سكان الفاشر الفارّين إلى تشاد

ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد
ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد

فقد السوداني منير عبد الرحمن والده المنتسب إلى الجيش، والذي كان يُعالج في مستشفى بالفاشر، خلال الرحلة المضنية لبلوغ تشاد، حيث بدأت طلائع الفارّين تصل بعد نحو أسبوعين من سيطرة «قوات الدعم السريع» على المدينة الواقعة في إقليم دارفور.

فرّ عبد الرحمن من الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع هجوم «قوات الدعم» عليها بعد محاصرتها لأكثر من عام. ووصل بعد 11 يوماً إلى مخيم تينيه في إقليم وادي فيرا في تشاد المجاورة، حيث التقته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويروي الفتى البالغ 16 عاماً بتأثر بالغ كيف اقتحم عناصر «الدعم السريع» المستشفى السعودي حيث كان يرقد والده للعلاج من إصابة تعرض لها أثناء المعارك قبل أيام قليلة.

ويقول إن المسلحين «نادوا سبعة ممرضين إلى غرفة. سمعنا صوت إطلاق رصاص، ورأينا الدم يسيل أسفل الباب».

على منصات التواصل الاجتماعي، انتشر فيديو يُرجح أن يكون لعملية القتل هذه، التقطه عناصر من «الدعم السريع»، كما الكثير من المقاطع المصوّرة التي وزّعوها بعد دخولهم المدينة التي انقطعت عنها الاتصالات بالكامل.

وأفادت الأمم المتحدة بوقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان إبان سقوط الفاشر في 26 أكتوبر. ووصفت شهادات عدة، مدعومة بمقاطع مصورة نشرتها «قوات الدعم» على منصات التواصل، فظائع في المدينة التي كانت آخر معقل رئيسي للجيش في دارفور.

سارع عبد الرحمن، مثل عشرات الآلاف من سكان الفاشر، إلى الفرار. ولقي والده حتفه بعد أيام على الطريق إلى تشاد.

وبعد نحو أسبوعين على سقوط الفاشر، بدأت أولى دفعات الفارّين تصل إلى مخيم تينيه الموقت في تشاد، بعد السير لأكثر من 300 كيلومتر في ظروف صعبة.

دماء تسيل

ويُجمع اللاجئون الذين تحدثت إليهم «وكالة الصحافة الفرنسية» على أن القصف على الفاشر اشتد اعتباراً من 24 أكتوبر، قبل أن يقتحمها عناصر «الدعم السريع».

واضطر كثيرون من السكان لتمضية أيام في ملاجئ من دون مؤن أو غذاء كافٍ.

ويقول حامد سليمان شوغار إن القوت الوحيد كان «قشور الفول السوداني»، إلى حين الفرار في 26 أكتوبر.

ويروي الرجل البالغ 53 عاماً أنه «في كل مرة كنت أخرج فيها لتنشق الهواء، كنت أرى جثثاً إضافية في الشارع، تعود غالباً لسكان أعرفهم من الحي».

استغل شوغار المصاب بإعاقة «بسبب مليشيات الجنجويد في عام 2011»، هدوءاً نسبياً ذات ليلة للفرار من الفاشر، ونقل على عربة شقت طريقها بين الركام والجثث في المدينة، من دون إنارة وبأقل مقدار من الجلبة لعدم لفت انتباه عناصر «الدعم السريع».

وبينما كانت مصابيح العربات التابعة لهؤلاء تخرق عتمة الليل، سارع محمد أحمد عبد الكريم وزوجته وأولادهما الستة للاحتماء في منزلهم، وذلك بعد يومين على فقدان العائلة الطفل السابع جراء قصف بطائرة مسيّرة.

ويقول عبد الكريم (53 عاماً) الذي يخفي خلف نظارتيه السوداوين عيناً يسرى فقدها قبل أشهر جراء القصف: «رأينا أكثر من عشر جثث، كلها لمدنيين، وكان دمها يسيل».

خندق الجثث

كانت منى محمد عمر (42 عاماً) تهرب مع أطفالها الثلاثة، عندما سقطت قذيفة على مقربة من المجموعة.

وتقول باكية: «عندما استدرت رأيت جثة عمتي وقد استحالت أشلاء. غطيناها بمئزر وواصلنا... مشينا من دون أن ننظر إلى الخلف مطلقاً».

لدى بلوغه جنوب الفاشر عند الخندق الذي يطوّق المدينة، شاهد حامد سليمان شوغار جثثاً متراكمة «كانت تملأ نصف الخندق البالغ عرضه مترين وعمقه ثلاثة أمتار». إلا أن تقدير عددها، أكان بالعشرات أم المئات، كان يستحيل خلال الليل، خصوصاً أن الخندق يمتد على مد البصر.

أما سميرة عبد الله بشير (29 عاماً)، فاضطرت للنزول في الخندق ذاته حتى تواصل طريقها، وهي تحمل ابنتها البالغة عامين، ومعها طفلاها الآخران البالغان سبعة أعوام و11 عاماً. وتوضح: «كان علينا تجنب الجثث لئلا ندوس عليها».

المغادرة لا تنهي المعاناة

لا تنتهي معاناة الفارّين بمجرد مغادرتهم المدينة، فخارج حدودها تبدأ محنة جديدة. فعند كل نقطة تفتيش على الطريقين الرئيسيين اللذين يسمحان بتركها، تتحدث شهادات الهاربين عن أعمال عنف واغتصاب وسرقة.

وأفاد شهود بأنه توجب عليهم دفع مبالغ مالية عند نقاط التفتيش، تراوحت بين 500 ألف ومليون ليرة سودانية عند كل منها (ما بين 700 و1400 يورو).

وتحدث آخرون عن أن عناصر «الدعم السريع» يستهدفون مجموعات محددة. ويوضح شاهد وصل لتوّه إلى تينيه: «يقولون أنتم سود، عبيد... وضعوا بعض الرجال جانباً وجرّدوهم من ملابسهم وأطلقوا النار عليهم عشوائياً».

وفي حين يصعب تحديد عدد السودانيين الذين وصلوا إلى تشاد حالياً، تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عددهم سيصل إلى «90 ألف شخص خلال الأشهر الثلاثة المقبلة».

ويشير أميني رحمني، المسؤول عن برنامج منظمة «أطباء بلا حدود» في تينيه، إلى «عمليات نقل (أشخاص) جارية للمساعدة في تخفيف الازدحام في مخيم تينيه الموقت واستقبال لاجئين جدد».

وأشار إلى أن أعداد الوافدين «ما زالت تزداد بشكل طفيف، لكننا مستعدون لتكثيف استجابتنا وتعزيز فرقنا».

وعلى الجانب السوداني، وبعدما انسحبت من شمال دارفور عقب هجمات بالمسيّرات على المرافق الطبية خلال الأسبوعين الماضيين، تخطط «أطباء بلا حدود» لإعادة نشر فرقها في الأيام المقبلة.

واندلعت الحرب في السودان بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منتصف أبريل (نيسان) 2023، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت بأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم.


مقالات ذات صلة

تقرير: شركات في بريطانيا تجنّد مرتزقة كولومبيين لصالح «الدعم السريع»

شمال افريقيا خبراء يقولون إن الأسلحة عالية التقنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع تحتاج إلى مساعدة خارجية لتشغيلها (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: شركات في بريطانيا تجنّد مرتزقة كولومبيين لصالح «الدعم السريع»

كشف تحقيق حصري لصحيفة «الغارديان» عن وجود شركات مسجلة في بريطانيا أسسها أشخاص خاضعون لعقوبات أميركية، يُشتبه في تورطها بتجنيد مقاتلين لصالح «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ) play-circle

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
تحليل إخباري محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية) play-circle

تحليل إخباري ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

أصدرت الرئاسة المصرية عقب زيارة البرهان للقاهرة بياناً تضمن خطوطاً حمراء للحرب في السودان، تنطلق من وحدة السودان ومؤسساته، ولوّحت بالدفاع المشترك لدعمه.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا صورة فضائية تُظهر حريقاً في مستودع لخزانات الوقود بعد هجوم بطائرة مُسيَّرة شنَّته «قوات الدعم السريع» خارج بورتسودان (أ.ب) play-circle 00:32

الأمم المتحدة: مئات القتلى في هجوم «الدعم السريع» على مخيم بدارفور في أبريل

ذكر تقرير للأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من ألف مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» خلال أبريل (نيسان) الماضي، في مخيم زمزم للنازحين بشمال دارفور.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))

الرئيس الانتقالي لغينيا بيساو: نفذنا انقلاباً «لتفادي إراقة الدماء»

الرئيس الانتقالي في غينيا بيساو الجنرال هورتا نتام خلال مؤتمر صحافي في بيساو (رويترز)
الرئيس الانتقالي في غينيا بيساو الجنرال هورتا نتام خلال مؤتمر صحافي في بيساو (رويترز)
TT

الرئيس الانتقالي لغينيا بيساو: نفذنا انقلاباً «لتفادي إراقة الدماء»

الرئيس الانتقالي في غينيا بيساو الجنرال هورتا نتام خلال مؤتمر صحافي في بيساو (رويترز)
الرئيس الانتقالي في غينيا بيساو الجنرال هورتا نتام خلال مؤتمر صحافي في بيساو (رويترز)

قال العسكريون الذين استولوا على الحكم قبل شهر في غينيا بيساو إنهم نفذوا انقلابهم «لتفادي إراقة الدماء»، فيما كانت البلاد، التي غالباً ما تهزّها اضطرابات سياسية، تنتظر نتائج الانتخابات.

في 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، عشية الإعلان المرتقب عن النتائج غير النهائية للانتخابات الرئاسية والتشريعية في هذا البلد الناطق بالبرتغالية والواقع في غرب أفريقيا، أطاح عسكريون بالرئيس المنتهية ولايته أومارو سيسوكو إمبالو الذي تولّى الحكم في 2020 وعطلوا المسار الانتخابي.

وعيّن العسكريون الجنرال هورتا نتام، المقرّب من إمبالو، رئيساً للمرحلة الانتقالية التي من المفترض أن تستمرّ سنة واحدة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي تصريح مساء الجمعة، قال نتام إن الانقلاب سمح بـ«تفادي إراقة الدماء بين أنصار الأحزاب المتنافسة». وأضاف: «نرفض الادعاءات التي تقول إن الانقلاب أوقف المسار الانتخابي».

وعند تنفيذ الجيش للانقلاب، كان كلّ من معسكر الرئيس المنتهية ولايته أومارو سيسكوكو إمبالو، وخصمه من المعارضة فرناندو دياس دي كوستا، يجاهر بفوزه.

وهو الانقلاب الخامس الذي تشهده غينيا بيساو منذ استقلالها عن البرتغال في 1974. وتعصف الأزمات السياسية بالبلد، وجرت فيه عدّة محاولات انقلاب.

وقال رئيس المجلس العسكري إن «النموذج الانتخابي الحالي لم يكن فعّالاً في حلّ الأزمات السياسية - العسكرية في غينيا بيساو»، مؤكداً أن «الانتخابات ليست حلاً».

والأسبوع الماضي، هدّدت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بفرض «عقوبات محددة الهدف» على أيّ جهة تسعى للحؤول دون عودة النظام المدني إلى غينيا بيساو.

ومن المرتقب أن يزور وفد من رؤساء الأركان في دول التكتل غينيا بيساو، الأحد.

وتدخّلت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قبل أسبوعين عسكرياً في سياق محاولة انقلاب في بنين.

وشهدت دول التكتل سلسلة من الانقلابات العسكرية بين 2020 و2023 في بوركينا فاسو وغينيا ومالي والنيجر، وهي بلدان لا تزال تحت حكم العسكر.


نيجيريا: مقتل قيادي «إرهابي» في عملية للجيش

الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة تنشط فيها مجموعات إرهابية (إعلام محلي)
الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة تنشط فيها مجموعات إرهابية (إعلام محلي)
TT

نيجيريا: مقتل قيادي «إرهابي» في عملية للجيش

الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة تنشط فيها مجموعات إرهابية (إعلام محلي)
الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة تنشط فيها مجموعات إرهابية (إعلام محلي)

أعلن الجيش النيجيري مقتل قائد إرهابي ومصوّره وعدد من العناصر الإرهابية الأخرى، ضمن المهام التي تنفذها قوات عملية «هادين كاي» العسكرية، في ولاية بورنو، أقصى شمال شرقي نيجيريا.

وأفاد بيان صدر الجمعة عن ضابط الإعلام في قوة المهام المشتركة في عملية «هادين كاي»، المقدم ساني أوبا، بأن العملية التي أسفرت عن مقتل الإرهابيين نُفذت يوم الخميس، حين حاول مسلحون قادمون من جبال ماندارا، التسلل إلى قاعدة عسكرية في منطقة بيتّا، قبل أن تبادر القوات بإطلاق نيران دفاعية منسقة.

وأوضح بيان الجيش أنه «بعد منتصف ليل الخميس/الجمعة، رصدت القوات، بدعم من أنظمة مراقبة متطورة، تحركات إرهابيين كانوا يتقدمون نحو المنطقة»، وأضاف أنه «مع التحلي بأقصى درجات الانضباط التكتيكي والاحترافية، سمحت القوات للعناصر الإرهابية بالاقتراب إلى مدى اشتباك فعّال».

وأضاف البيان أن المجموعة الإرهابية تعرضت لإطلاق نيران دفاعية كثيفة ومنسقة من طرف الجنود، مشيراً إلى أن «الاشتباك أسفر عن تحييد عدد من المسلحين، من بينهم قائد إرهابي بارز ومصوّره».

وقال الجيش إنه «عندما حاول الإرهابيون الناجون الانسحاب، نفّذ المكون الجوي لعملية هادين كاي ضربات دقيقة لاحقة، ما أدى إلى إلحاق خسائر إضافية بالعناصر المنسحبة وتعطيل مسارات فرارها».

وحدات من الجيش رفقة ميليشيا محلية خلال مواجهات مع قطاع الطرق (إعلام محلي)

وأكد الجيش أنه «عقب الاشتباك، نفذت القوات تمشيطاً دقيقاً للمنطقة، أسفر عن ضبط معدات وإمدادات لوجيستية مهمة تعود للإرهابيين. وشملت المضبوطات كاميرا تصوير، وبنادق من طراز AK-47، وأحزمة ذخيرة، وأجهزة اتصال لاسلكية محمولة، و11 مخزناً لبنادق AK-47 محمّلة بالذخيرة، و7 هواتف محمولة، ورشاشات من نوع PKT، وعدة أحزمة ذخيرة مرتبطة لأسلحة PKT وGPMG، إضافة إلى دراجات نارية وهوائية».

وأضاف الجيش أن «التمشيط اللاحق كشف عن آثار دماء متعددة وقبور ضحلة، ما يشير إلى سقوط خسائر إضافية في صفوف الإرهابيين خلال الاشتباك والضربات الجوية اللاحقة»، وأكد الجيش أن «معنويات القوات وكفاءتها القتالية لا تزالان مرتفعتين، مع استمرار العمليات الرامية إلى حرمان الجماعات الإرهابية من حرية الحركة وضمان أمن وسلامة المجتمعات ضمن نطاق المسؤولية».

في غضون ذلك، حيّد الجيش النيجيري في ولاية سوكوتو 5 مسلحين من قطاع الطرق، واستعاد أسلحة ودراجات نارية، خلال عمليات عسكرية نُفذت في أجزاء من ولايتي سوكوتو وزامفارا، حيث تدور معارك طاحنة مع شبكات التهريب وقطاع الطرق.

تجمع متظاهرون أمام مبنى مجلس ولاية لاغوس خلال احتجاجات على مستوى البلاد في نيجيريا - في 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وقال مصدر موثوق في الجيش لوكالة الأنباء النيجيرية (NAN) في سوكوتو إن العملية المخطط لها انطلقت يوم الأربعاء. وأضاف المصدر أنها «ضربة موجعة لظاهرة قطاع الطرق، في إطار هجوم تمشيطي واسع استهدف أوكاراً معروفة للعصابات الإجرامية تمتد عبر ولايتي سوكوتو وزامفارا».

واستهدفت الهجمات المنسقة معاقل معروفة للعصابات في قرى غانغارا، وماكاوانا، وساتيرو، وبايتشي، وكوركوسو، ضمن منطقة الحكم المحلي إيسا بولاية سوكوتو. وأدى التقدم السريع للقوات إلى تفكيك الشبكات الإجرامية، ما أجبر العديد من عناصرها على الفرار، في حين بسط الجيش سيطرته على المناطق المضطربة، بحسب المصدر.

ووفقاً للمصدر ذاته، تصاعدت وتيرة العملية أيضاً في قرية باتامنا التابعة لمنطقة الحكم المحلي شينكافي بولاية زامفارا، حيث واجه الجنود مقاومة شديدة. وأضاف المصدر: «خلال تبادل كثيف لإطلاق النار، حيّدت القوات 5 من قطاع الطرق، واستعادت أسلحة ودراجات نارية وأجهزة اتصال من نوع (Baofeng) كان يستخدمها المسلحون في تنفيذ أنشطتهم الإجرامية».

يُذكر أن قوات الفرقة الثامنة في الجيش النيجيري كانت قد حيّدت، في ديسمبر الماضي، زعيمي عصابات بارزين هما كاشالا كالّام وكاشالا نا الله، في منطقتي الحكم المحلي سابون بيرنين وإيسا بولاية سوكوتو.


نيجيريا: هجمات «إرهابية» متفرقة والجيش في حالة استنفار

صور حصيلة عملية عسكرية استهدفت مجموعة إرهابية في نيجيريا (إعلامي محلي)
صور حصيلة عملية عسكرية استهدفت مجموعة إرهابية في نيجيريا (إعلامي محلي)
TT

نيجيريا: هجمات «إرهابية» متفرقة والجيش في حالة استنفار

صور حصيلة عملية عسكرية استهدفت مجموعة إرهابية في نيجيريا (إعلامي محلي)
صور حصيلة عملية عسكرية استهدفت مجموعة إرهابية في نيجيريا (إعلامي محلي)

أعلن الجيش النيجيري أنه حقق خلال الأيام الأخيرة سلسلة نجاحات أمنية في مناطق الشمال الغربي والشمال الأوسط والشمال الشرقي، شملت إنقاذ مختطفين، وإحباط هجمات إرهابية، وتنفيذ عمليات دهم استهدفت جماعات إرهابية وشبكات إجرامية، في وقت لا تزال فيه البلاد تواجه تحديات أمنية معقدة بفعل الإرهاب وجرائم الخطف والعنف المرتبطة بالنزاعات المحلية.

وقالت مصادر عسكرية موثوقة في قيادة أركان الجيش لـ«وكالة الأنباء النيجيرية» (NAN)، إن قوات الجيش أنقذت 11 شخصاً مختطفاً واستعادت أسلحة ومعدات خلال عمليات منسقة نُفذت ضمن عدد من العمليات العسكرية، أبرزها «فإنسان ياما»، و«ميسا»، و«السلام الدائم»، و«ويرل ستروك».

صور حصيلة عملية عسكرية استهدفت مجموعة إرهابية في نيجيريا (إعلامي محلي)

ووفقاً للمصادر، تمكنت القوات العاملة ضمن عملية «فإنسان ياما» الأربعاء، من تحرير سائقي شاحنتين اختُطفا على طريق ماغامي –غوساو في منطقة مارو بولاية زامفارا، بعد مطاردة مكثفة أجبرت المسلحين على التخلي عن رهائنهم في أثناء انسحابهم.

وفي ولاية سوكوتو، أسفرت معلومات استخبارية قدمها سكان محليون عن استعادة بندقية من طراز AK-47 كانت مخبأة في أرض زراعية بقرية غارين هيلو التابعة لمنطقة سابون بيرني، في مؤشر على تنامي دور المجتمعات المحلية في دعم الجهود الأمنية.

وفي إطار عملية «ميسا»، نجحت القوات، بالتعاون مع لجان الحراسة الشعبية، في إنقاذ تسعة مختطفين في ولايتي كوجي وكوارا. وشملت العملية تحرير ثلاثة مزارعين في مجتمع أوجييو إيغومي بمنطقة ديكينا بولاية كوجي، إضافة إلى استعادة دراجة نارية، فضلاً عن إطلاق سراح ستة قرويين اختُطفوا في قرية إيكوسين التابعة لمنطقة إيفيلودون بولاية كوارا، بعد مطاردة أجبرت الخاطفين على الفرار وترك دراجتين ناريتين خلفهم.

صور حصيلة عملية عسكرية استهدفت مجموعة إرهابية في نيجيريا (إعلامي محلي)

وأكدت المصادر أن الجهود ما تزال متواصلة لإنقاذ أربعة مختطفين آخرين جرى اختطافهم في منطقة أوا أونيري بإيفيلودون في أثناء تنفيذ مشروع طريق.

وفي تطور لافت يعكس تصاعد قدرات الجماعات الإرهابية، أعلنت قيادة الجيش أن قواته العاملة ضمن عملية «هادين كاي» أحبطت هجوماً بطائرات مسيّرة استهدف القاعدة الأمامية المتقدمة في قرية ديلوا بمنطقة كوندوغا في ولاية بورنو، معقل جماعتي «بوكو حرام» و«داعش – ولاية غرب أفريقيا».

وبحسب المصادر، استخدم المسلحون أربع طائرات مسيّرة مفخخة، غير أن القوات تمكنت من تحييدها بنجاح. ولا تزال عمليات التمشيط جارية لتحديد نقطة الإطلاق وتعقب منفذي الهجوم، في وقت تواصل فيه القوات في القطاعات الثاني والثالث والرابع عملياتها الهجومية ضمن حملة «ديزرت سانيتي 4».

وفي سياق متصل، نفذت قوات عملية «سيف هيفن» مداهمات استهدفت أوكاراً إجرامية وموقع تعدين غير قانوني في منطقتي رافين باونا وجبال غيرو بولاية بلاتو، أسفرت عن توقيف ثلاثة مشتبهين، وضبط بندقية محلية الصنع، وذخيرة، ومولد كهربائي، ومعدات تُستخدم في التعدين غير المشروع.

كما تمكنت قوات عملية «ويرل ستروك» من إنقاذ مختطف في منطقة يليواتا التابعة لمنطقة غوما بولاية بينو، بعد أن تخلى عنه الخاطفون فور رصدهم تحرك القوات. وكان الضحية قد اختُطف من متجره في منطقة غيدان وايا بولاية نصراوا.

وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار أعمال العنف، حيث قُتل ما لا يقل عن 12 عامل تعدين في هجوم نفذته مجموعة مسلحة مجهولة على موقع تعدين في منطقة راتوسو فان التابعة لمنطقة الحكم المحلي باركين لادي بولاية بلاتو.

وأفاد سكان محليون بأن الهجوم وقع ليل الثلاثاء، عندما اقتحم المسلحون الموقع وفتحوا النار عشوائياً، ما تسبب في حالة من الفوضى وفرار عدد كبير من العمال. وقالت منظمة بيروم التعليمية والثقافية إن عدداً من الأشخاص لا يزال في عداد المفقودين، في حين أكد رئيس المنظمة دالانغ دافوت أن الحصيلة المؤكدة حتى الآن تبلغ 12 قتيلاً، دون صدور تأكيد رسمي من الشرطة حتى لحظة إعداد التقرير.

وتعكس هذه الأحداث تعقيد المشهد الأمني في نيجيريا، حيث تتداخل تهديدات الإرهاب في الشمال الشرقي مع جرائم الخطف والعصابات المسلحة في الشمال الغربي، فضلاً عن النزاعات المحلية والعنف المرتبط بالتعدين غير القانوني في ولايات الوسط. ورغم النجاحات العسكرية المتكررة، يرى مراقبون أن التحدي الأبرز يبقى في استدامة هذه المكاسب، وتعزيز التنسيق بين الجهد العسكري والتنمية المحلية، لمعالجة الجذور الاقتصادية والاجتماعية للصراع.