العراق: ازدياد الشحن الانتخابي... والأنظار تتجه إلى صناديق الاقتراع

خلافات حادة داخل المكونات... و«الشيعية - الشيعية» هي الأخطر

أحد المراكز الانتخابية في بغداد (مفوضية الانتخابات)
أحد المراكز الانتخابية في بغداد (مفوضية الانتخابات)
TT

العراق: ازدياد الشحن الانتخابي... والأنظار تتجه إلى صناديق الاقتراع

أحد المراكز الانتخابية في بغداد (مفوضية الانتخابات)
أحد المراكز الانتخابية في بغداد (مفوضية الانتخابات)

مع بدء الصمت الانتخابي في العراق، وضعت أشرس حرب إعلامية بين القوى والكتل السياسية والمكوناتية في العراق أوزارها، فيما بدأت الأنظار تتجه إلى صناديق الاقتراع التي فتحت أبوابها يوم الأحد أمام التصويت الخاص، في حين تفتح يوم الثلاثاء أمام جميع العراقيين.

وفي الوقت الذي عبّرت بعض الكتل السياسية عن مخاوف بشأن ما عدته محاولات ضغط من قبل بعض القوى النافذة للتأثير على منتسبي القوات الأمنية لصالح التصويت لقائمة معينة، وفي حين يزداد الشحن الانتخابي للاستحواذ على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية المؤهلة لتشكيل الحكومة القادمة، انتقد زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، بشدة دعوات أطراف سياسية شيعية للمشاركة بالانتخابات التشريعية في العراق من باب دفع «الأفسد بالفاسد»، مجدداً تأكيده مقاطعة العملية الانتخابية برمتها.

وكتب الصدر في منشوره، أن «بعض أتباعهم اليوم ينادون: ادفعوا الأفسد بالفاسد، وهو نداء الفساد الذي يلغي أمر (المجرب لا يُجرب)، فلعل المجرب يدفع الأفسد، والله لا يُحب الفساد».

وأضاف: «نحن ندفع الفاسد بالأصلح، فانتخاب المجرب يعني تجذر الأفسد وهيمنة الفاسد»، مخاطباً الجميع، ومن ضمنهم القوات الأمنية الذين يصوتون في الاقتراع الخاص، قائلاً: «فكلكم مسؤولون، حتى القوات الأمنية».

وفي الوقت الذي لا يُتوقَّع أن يُحدِّد فيه التصويت الخاص، الذي يشمل منتسبي القوات الأمنية والنازحين، أوزان الكتل السياسية وحجومها، فإنه يُعطي مؤشراً عمّا إذا كان هؤلاء المنتسبون قد خضعوا لإملاءات الجهات السياسية المتنفذة أم تُركت لهم حرية اختيار ممثليهم في البرلمان المقبل.

وطبقاً للتوقيتات الدستورية التي بموجبها تُشكَّل الحكومة القادمة، فإنها تحتاج في الأقل إلى نحو 4 أشهر بعد ظهور نتائج الانتخابات، التي تحتاج بدورها إلى فترة زمنية تمتد إلى أسبوعين بسبب البت في الطعون، ومن ثم تبدأ التوقيتات الدستورية لتشكيل البرلمان، وبالتالي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما تتحوّل الحكومة إلى تصريف الأمور اليومية.

وفي الوقت الذي تؤكد الكتل السياسية، ولا سيما قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاجة إلى احترام التوقيتات الدستورية، لكن طبيعة الصراع السياسي داخل هذه القوى ومع دخول قوى السلاح إلى معادلة اختيار المرشح لمنصب رئيس الوزراء، فإنه وطبقاً للمراقبين السياسيين، فإن المدة الخاصة بتشكيل الحكومة قد تطول أكثر من المُدد الدستورية المعروفة.

وفي حين تبدو الخلافات بين القوى السياسية مغايرة هذه المرة عمّا كانت عليه خلال الدورات الانتخابية الخمس الماضية التي كان قوامها خلافات مكوناتية «شيعية، سنية، كردية» فإنها تحوّلت اليوم، وفي سياق المعركة الانتخابية طوال الشهر الماضي، إلى خلافات داخل المكونات ذاتها.

صراعات الداخل والخارج

ومع أن هناك خلافات داخل المكون الكردي بين الحزبين الكرديين الرئيسيين «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني» الذي انعكس على تشكيل حكومة الإقليم المعطلة منذ سنة، فإن الخلاف بينهما لجهة بغداد يتمثل هذه المرة حول منصب رئيس الجمهورية.

فهذا المنصب يحتكره منذ أول انتخابات برلمانية عام 2005 حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» مقابل حصول الحزب «الديمقراطي الكردستاني» على المواقع السيادية داخل إقليم كردستان، وطبقاً للتصريحات الأخيرة للزعيم الكردي مسعود بارزاني فإن هناك رغبة في تولي شخصية من الحزب «الديمقراطي» المنصب الذي لا يملك الكثير من الصلاحيات.

وفي وقت يصر «الاتحاد الوطني الكردستاني» على احتفاظه بمنصب رئيس الجمهورية فإن المتغيّر الذي لم يكن محسوباً هو رغبة العرب السنة هذه المرة في تولي هذا المنصب طبقاً لما أعلنه محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي السابق، الذي بات يرى أن هذا المنصب من استحقاق العرب السنة، في حين يتولى الكرد منصب رئيس البرلمان.

الشيعة الذين يحتكرون منصب رئيس الوزراء منقسمون حيال الخلاف الكردي - السني حول منصب رئيس الجمهورية، مع خشية شيعية خفية من تولي العرب السنة منصب رئيس الجمهورية، ولا سيما في حال طالبوا بتفعيل صلاحيات هذا المنصب المسكوت عنها دستورياً.

غير أن المعركة الشيعية - الشيعية تبدو هي الأهم والأخطر بسبب الاستقطاب الحاد بين القوى الشيعية نفسها وبالذات بين «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني.

وفي الوقت الذي لا يزال من المبكر الحديث عن الكيفية التي سوف يجري بموجبها اختيار رئيس الوزراء المقبل، لكن الأنباء التي تتحدّث عن تكليف بعض قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي مع دخول كثيف لقوى السلاح خارج الدولة على خط معادلة اختيار المنصب بعد بيان زعيم «كتائب حزب الله» الأخير، يعني أن الخلافات داخل المكون الشيعي تتجه نحو التصعيد، مع تراخي القبضة الإيرانية والدخول الأميركي الكثيف، سواء عبر المبعوث الرئاسي مارك سافايا أو من خلال التحذيرات التي أبلغ بها وزير الحرب الأميركي بيتر هيغسيث وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي مؤخراً لجهة إمكانية التحرك ضد الفصائل المسلحة.

وبينما تبدو المعركة الانتخابية التي انتهت على مستوى التحشيد والتنافس والصراع الحاد بين القوى والكتل، وفي مقدمتها الكتل الشيعية، فإن المعركة المقبلة هي مصيرية على صعيد منصب رئيس الوزراء، الذي يُعدّ السوداني حتى الآن مرشحه الأوفر حظّاً من منطلق إمكانية حصوله على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، في وقت تخشى قوى شيعية كثيرة في مقدمتها «ائتلاف المالكي» وبعض الفصائل المسلحة، من أن حصول السوداني على ولاية ثانية من شأنه أن يقوض نفوذها، في ضوء التحركات الأميركية - الإسرائيلية ضد إيران، في ظل تراجع الدور الإيراني في العراق مع تنامي الدور الأميركي.


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
المشرق العربي 
القنصلية الأميركية الجديدة تمتد على مساحة تفوق مائتي ألف متر مربع وتضم منشآت أمنية مخصصة لقوات «المارينز» (إكس)

واشنطن تدعو العراقيين للتعاون ضد ميليشيات إيران

دعا مسؤول أميركي بارز، العراقيين إلى التعاون «لمنع الميليشيات الإيرانية من تقويض الاستقرار» في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مراسم افتتاح القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق (شبكة روداو)

واشنطن للتعاون مع الشركاء العراقيين لتقويض الميليشيات الإيرانية

قالت الولايات المتحدة إنها تكثف تعاونها مع بغداد وأربيل لمنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من تقويض استقرار العراق.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.