عراقجي: باقون في «الاتفاق النووي» لأنه يعترف بحق التخصيب

المتحدّث باسم «الخارجية»: المفاوضات ممكنة ما دامت تحفظ حقوق الشعب

عراقجي يتوسط رئيس لجنة الأمن القومي النائب إبراهيم عزيزي والمتحدث باسم اللجنة النائب إبراهيم رضائي (موقع البرلمان)
عراقجي يتوسط رئيس لجنة الأمن القومي النائب إبراهيم عزيزي والمتحدث باسم اللجنة النائب إبراهيم رضائي (موقع البرلمان)
TT

عراقجي: باقون في «الاتفاق النووي» لأنه يعترف بحق التخصيب

عراقجي يتوسط رئيس لجنة الأمن القومي النائب إبراهيم عزيزي والمتحدث باسم اللجنة النائب إبراهيم رضائي (موقع البرلمان)
عراقجي يتوسط رئيس لجنة الأمن القومي النائب إبراهيم عزيزي والمتحدث باسم اللجنة النائب إبراهيم رضائي (موقع البرلمان)

أبلغ وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نواب البرلمان بأن الاتفاق النووي لعام 2015 لم ينتهِ بعد، رغم نهاية القرار «2231»، مشدداً على أن المجلس الأعلى للأمن القومي هو مَن يقرر بقاء طهران أو انسحابها من الصفقة، في وقت قال المتحدث باسم «الخارجية الإيرانية»، إسماعيل بقائي، إن بلاده لا تتردد في استخدام أدوات الدبلوماسية «متى ما ضمنت المفاوضات مصالح وحقوق الشعب الإيراني».

ونقل نواب عن عراقجي قوله لأعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية: «الخلاصة أن القرار 2231 قد انتهى، بينما الاتفاق النووي ما يزال قائماً، ويتعيّن على مجلس الأمن القومي اتخاذ القرار بشأنه. وبما أن الاتفاق يعترف بتخصيب إيران ولا يزال معتبراً من قبل مجلس الأمن، وتقرر عدم الإعلان عن الانسحاب».

وتشترط الولايات المتحدة وقف تخصيب اليورانيوم في إيران وتقييد برنامجها للصواريخ الباليستية، للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.

وأضاف أن عراقجي أوضح أن الدول الأوروبية الثلاث والصين وروسيا لم تنسحب من الاتفاق، وأن إيران منذ 2019 أوقفت تنفيذ التزاماتها، وبما أن بعض البنود مفيدة لإيران فقد تقرر البقاء طرفاً فيه.

وبمبادرة من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، أعادت الأمم المتحدة في نهاية سبتمبر (أيلول) فرض عقوبات على إيران كانت رفعتها قبل 10 سنوات؛ ما جعل عملياً الاتفاق النووي باطلاً. وفشلت محاولات الصين وروسيا لتمديد القرار «2231» الذي انتهى فعلياً في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

ومع حلول نهاية القرار الأممي، وجّه عراقجي رسالةً إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، قائلاً إن طهران تحرَّرت من قيود مجلس الأمن الدولي، مؤكدة أنها لم تعد خاضعةً للقرار «2231» الذي صدر عام 2015 لدعم الاتفاق النووي.

والأسبوع الماضي، خاطبت رسالة مشتركة من الصين وروسيا وإيران، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تُطالبه بوقف إجراءات الرقابة المنصوص عليها بموجب الاتفاق النووي، وعدم تقديم تقرير جديد إلى مجلس المحافظين الذي يعقد اجتماعه الفصلي الشهر المقبل في فيينا.

«التفتيش الدولي»

ونقل المتحدث باسم اللجنة، النائب إبراهيم رضائي عن عراقجي، قوله إن «التعامل مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتم وفق قانون المجلس، ويجب إحالة أي طلب للوصول إلى المواقع النووية إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الذي قد يمنح الإذن أو يرفضه، وقد فوّض المجلس هذا الموضوع للجنة النووية المختصة».

وأفاد عراقجي بأن التفتيش الأخير لم يشمل أي مركز استهدفته الضربات الإسرائيلية ثم الأميركية، مشيراً إلى أن «الحالتين اللتين سُمح فيهما بالدخول اقتصرتا على محطة (بوشهر) لتبديل الوقود، والمفاعل البحثي بطهران العامل بوقود 20 في المائة لإنتاج الأدوية المشعة لأكثر من مليون إيراني». وقال إن الحالتين «تمتا بموافقة الطاقة الذرية وإذن المجلس الأعلى للأمن القومي، وأنه لم تُمنح أي تصاريح أخرى».

وسُئل الوزير عن دور دبلوماسي غربي يعرف باسم «فرانشسكو» في الاتفاق النووي، ودور الدبلوماسيين في صياغة النص النهائي للاتفاق. وقال عراقجي إن «آلية (سناب باك) لا علاقة لها بفرانشسكو، وأن المفاوضات الأساسية أجراها الفريق السياسي، في حين فاوض آخرون على الملاحق».

وأضاف أن «موقف إيران كان واضحاً بشأن ضرورة رفع العقوبات لا تعليقها، وأن فرانشسكو كان مفاوضاً أوروبياً في ملف العقوبات دون تأثير استثنائي على مضمون الاتفاق».

سجال «سناب باك»

لم تُقنع إجابة عراقجي أعضاء اللجنة، ليحال بذلك إلى طرحه على الوزير في جلسة عامة، وفقاً للنائب رضائي. وجاء الاجتماع بعد أيام من انتقادات حادة وجهها رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف إلى الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف على خلفية انتقاداتهما مواقف روسيا في الاتفاق النووي.

وقال قاليباف إن تصريحات المسؤولين اللذين ساهما بشكل كبير في توقيع الاتفاق النووي، «أضرّت بالعلاقات الاستراتيجية بين طهران وموسكو».

وكان عراقجي عضواً في الفريق المفاوض النووي الذي قاده وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف. وألقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف باللوم على ظريف في إدراج آلية «سناب باك».

وقال لافروف إن آلية «سناب باك» التي أعاد مجلس الأمن بموجبها العقوبات الأممية على إيران في وقت سابق من هذا الشهر، «كانت إلى حد كبير من بنات أفكار ظريف»، مضيفاً أنها «كانت منذ البداية فخّاً قانونياً واضحاً». وفي المقابل، اتّهم ظريف روسيا بإجبار إيران للدفع لآلية «سناب باك»، وذلك بعدما طرح نظيراه الفرنسي والروسي مشروعاً آخر خلال مفاوضات 2015 للتصويت على الاتفاق النووي في مجلس الأمن كل 6 أشهر، حسب روايته.

وجدّد ظريف الشهر الماضي، انتقادات سابقة لروسيا، بسبب «استدراج» قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» لزيارة موسكو، وألقى باللوم على الروس في كشف الزيارة، كما شملت انتقادات بيع الطائرات المسيّرة لروسيا.

مشاورات متواصلة مع موسكو

وقال المتحدث باسم «الخارجية الإيرانية»، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي أسبوعي إن الزيارة الأخيرة التي قام بها أمين مجلس الأمن القومي، علي لاريجاني، إلى روسيا تأتي في إطار المشاورات الدورية بين البلدين، وليست زيارة استثنائية أو مرتبطة بما أثير إعلامياً حول حصول طهران على أسلحة روسية.

وأوضح أن الزيارة شملت مناقشة عدد من القضايا المشتركة، من بينها متابعة تنفيذ معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا وملفات أخرى تشترك فيها الدولتان مصالح وهواجس متقاربة.

وأجاب بقائي عن سؤال بشأن ما إذا كانت تل أبيب قد وجهت عبر موسكو رسائل إلى إيران لخفض التوتر. وقال إن هذه المسألة نُشرت في وسائل الإعلام، وإن روسيا ذكرت أن مسؤولين في الكيان الصهيوني قد أثاروا موضوعاً من هذا القبيل.

وأضاف: «نستمع إلى رسائل متناقضة من أطراف مختلفة. والخبرة علمتنا أنه بصرف النظر عن تلك الرسائل، يجب أن نبقى دائماً على استعداد. قواتنا المسلحة، مستندة إلى التجارب السابقة، وفي حالة جهوزية كاملة. ومن خلال التجارب أيضاً أدركنا أن ثقة بوعود النظام الصهيوني غير ممكنة؛ لذلك فإن تركيزنا ينصب على تعزيز القدرات الدفاعية والوطنية في مختلف المجالات».

وقال بقائي إن وزارة الخارجية تواصل مهامها الدبلوماسية في مسارات متعددة، ولا تربط أنشطتها بمسار تفاوضي واحد، مضيفاً: «الملف النووي فُرِض علينا منذ البداية، ولم يكن يجب أن يدرج على جدول أعمال مجلس الأمن».

وشدد بقائي على أن موضوع إيران النووي «يجب أن يعالج ضمن أطر فنية وقانونية بعيداً عن التسييس والأطر الأمنية»، مجدداً تمسك طهران بالمسار الدبلوماسي دون التفريط بما وصفه بحقوق الشعب الإيراني. وصرح: «من وجهة نظرنا، ينبغي عدم بحث الملف النووي الإيراني في مجلس الأمن أو ضمن أطر متعددة الأطراف».

وفي ردّه على سؤال بشأن احتمال استئناف المفاوضات النووية، قال بقائي: «عندما نتوصل إلى قناعة بأن الظروف اللازمة لمفاوضات تضمن حقوق الشعب الإيراني متوفرة، لن نتردد في استخدام الدبلوماسية»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

ورفض المرشد الإيراني علي خامنئي الأسبوع الماضي، عرضاً من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإجراء محادثات مرة أخرى، ونفى تصريحات لترمب أكّد فيها أن الولايات المتحدة دمرت قدرات إيران النووية.

وكانت طهران وواشنطن قد خاضتا 5 جولات من المفاوضات النووية غير المباشرة، انتهت بالحرب الجوية التي استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران)، التي قصفت خلالها إسرائيل والولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية.

وقال بقائي إن الأساس القانوني لتعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يستند إلى القانون المصادق عليه في البرلمان، موضحاً أن الجمهورية الإسلامية لا تزال عضواً في معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، وتلتزم باتفاق الضمانات. وأضاف أن أي طلب من الوكالة سيجري التعامل معه «بشكل فردي» ووفق قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي.

وأشار المتحدث إلى أن التعاون مع الوكالة يشمل نشاطات طبيعية مرتبطة بالمصلحة الوطنية، مثل تبديل وقود محطة «بوشهر» النووية ومراقبة أداء المفاعل البحثي في طهران الذي ينتج أدوية مشعة للمرضى.

وأوضح أن «إطار الالتزامات الدولية لإيران واضح»، لافتاً إلى أن القرار «2231» كان قد نصّ على معاملة إيران مثل أي دولة غير نووية بعد مرور 10 سنوات، وأن بلاده قبلت سابقاً التزامات طوعية لبناء الثقة مقابل رفع العقوبات.

تسريب رسالة ترمب يُثير الجدل

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، الاثنين إن الولايات المتحدة لجأت إلى الحرب بعدما أدركت أنها لن تتمكن من تحقيق «مطالبها غير المشروعة»، المتمثلة في تعطيل البرنامج النووي الإيراني بالكامل.

وتطرق روانجي إلى خلفيات اندلاع حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، قائلاً: «من غير الممكن تبني سيناريو واحد بشكل قاطع لتفسير سبب الحرب، فذلك لا يصح علمياً ولا تاريخياً». وأوضح أنه عندما وصلت إدارة ترمب إلى الحكم «وجّهت رسالة إلى المرشد علي خامنئي تقترح بدء مفاوضات، وتلوح بأن الفشل في التوصل إلى نتيجة يعني الذهاب نحو الحرب».

وقال إن إيران قبلت في ردّها خوض مفاوضات غير مباشرة، في حين كانت واشنطن تريد مفاوضات مباشرة، «ولعدم قبولنا بذلك أسباب معروفة» حسبما جاء في وكالة «إرنا» الرسمية.

وأثارت رواية تخت روانجي عن مضمون رسالة ترمب جدلاً في الأوساط الإيرانية. وردّاً على ذلك، قال بقائي إن «التصريحات لم تُنقل بشكل صحيح». وأوضح أن احتمال التعرض لأي عدوان قائم في كل وقت، مستشهداً بتجارب سابقة، مثل تدخل الولايات المتحدة المباشر في المراحل الأخيرة من الحرب المفروضة، وإسقاط الطائرة المدنية الإيرانية.

وقال بقائي إن الولايات المتحدة «لديها سجّل طويل في انتهاك القانون الدولي، ومقولتها المتكررة (كل الخيارات مطروحة على الطاولة)».


مقالات ذات صلة

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

شؤون إقليمية أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب) play-circle

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

حذر مسؤولون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة بشأن تجدد الاشتباك مع إيران قد تؤدي لحرب جديدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية

«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

وضعت الولايات المتحدة وإسرائيل البرنامج الصاروخي الإيراني تحت المجهر، مع تصاعد التوتر الإقليمي وتضارب المعطيات بشأن تحركات عسكرية داخل إيران. وتشير تقديرات.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب - طهران)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ) play-circle

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام play-circle 01:12

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية play-circle 00:36

تباين إيراني بشأن بدء مناورات صاروخية واسعة النطاق

أفادت وسائل إعلام إيرانية ببدء اختبار صاروخي في عدد من المناطق داخل البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
TT

مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)

حذر مسؤولون عسكريون واستخباراتيون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة، بشأن احتمالية تجدد الاشتباك مع إيران، قد تؤدي بالفعل إلى رد فعل غير مدروس من طهران، وتتسبب في اندلاع حرب أوسع.

هل تشعل التسريبات الإسرائيلية حرباً حقيقية؟

ونقل موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن المسؤولين، قولهم إنه «إلى جانب صرف الانتباه عن قضايا رئيسية أخرى في إسرائيل - بما في ذلك التحقيق الحكومي في هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والتأخير في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مع (حماس) - فإن هذه التنسريبات والإحاطات الإعلامية، التي تُنسب غالباً إلى (مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى)، أو (مصادر استخباراتية غربية)، تُنذر بخطر إشعال حرب حقيقية».

وحذر المسؤولون من أن سوء التواصل مع إيران «قد يُشعل فتيل صراع مُنهك آخر لا ينوي أي من الطرفين خوضه حالياً».

وقد حذر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً هذا العام، لا سيما بعد الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران) الماضي، من أن سوء التعامل مع الملف الإيراني قد يكون الشرارة الرئيسية لتجدد الأعمال العدائية بين البلدين.

تحذير من هجوم إيراني استباقي

وفي الوقت الراهن، تعتمد تقييمات إيران للتهديدات بشكل كبير على التقارير الإعلامية الإسرائيلية، إذ يواجه عملاء المخابرات الإيرانية صعوبة متزايدة في العمل على الأرض داخل إسرائيل. ومنذ بداية الحرب، تم إحباط 34 محاولة تجسس إيرانية داخل إسرائيل.

وحذّر مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار قائلين: «إذا شعر الإيرانيون بأن رياح الحرب تهب من هنا مجدداً، فقد يفكرون في شنّ هجوم استباقي».

وأضافوا: «إذا كان الهدف هو استئناف الهجمات هناك أو الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي، فمن الأفضل التزام الصمت بدلاً من إغراق وسائل الإعلام بمثل هذه الضجة. وقد يكون النشاط غير المعتاد الذي رصدته وكالات الاستخبارات الغربية في إيران نابعاً جزئياً من شائعات لا أساس لها من الصحة انتشرت على قنوات (تلغرام) الإسرائيلية حول الاستعداد للتصعيد».

وقال المسؤولون إن تعافي إيران يمضي قدماً دون عوائق.

ولفتوا إلى أنه «في ظل غياب آلية إنفاذ دولية أو أي ترتيب دبلوماسي للحد من نفوذ طهران، شرعت القوات الإيرانية في إعادة بناء قدراتها الصاروخية فور انتهاء المواجهة التاريخية مع إسرائيل هذا الصيف. واستمر تدفق الخبرات المتقدمة في إنتاج الصواريخ والتمويل الكبير بشكل مطرد خلال الأشهر الأخيرة إلى وكلاء إيران الإقليميين، من اليمن إلى لبنان».

وقد خلص مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إلى أنه في حال استمرار هذا التوجه، فمن المرجح اندلاع جولة أخرى من الأعمال العدائية مع إيران. ومع ذلك، فقد أوصوا إسرائيل بعدم شن أي هجوم إلا في حال تجاوز طهران لشروط بعينها.

الجيش يشكك في تصريحات القيادة السياسية

وفي الوقت الراهن، يعتقد المسؤولون العسكريون أن إيران لم تتجاوز هذه الشروط بعد. وقد أعربت مصادر في الجيش الإسرائيلي، يوم الاثنين، عن تشككها إزاء موجة التصريحات العلنية الأخيرة الصادرة عن القيادة السياسية؛ فعلى سبيل المثال، قالوا إن المناورات العسكرية الإيرانية التي أُجريت هذا الشهر، لا تشير بالضرورة إلى استعداد لشن هجوم وشيك على إسرائيل.

ويرى مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن إيران لا تزال تفتقر إلى مصلحة استراتيجية في الرد على إسرائيل في هذه المرحلة، وهم يعتقدون أن طهران «تُركز على تحسين قدراتها العسكرية، مستفيدةً من إخفاقاتها خلال الصيف، وتعزيز قدراتها الاستخباراتية، وزيادة تسليح (حزب الله) والحوثيين»، مشيرين إلى أن دافع الحفاظ على الذات لدى النظام الإيراني يطغى حالياً على أي رغبة في الانتقام.


«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
TT

«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية

وضعت الولايات المتحدة وإسرائيل البرنامج الصاروخي الإيراني تحت المجهر، مع تصاعد التوتر الإقليمي وتضارب المعطيات بشأن تحركات عسكرية داخل إيران. وتشير تقديرات غربية إلى أن طهران تسعى إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية بعد حرب يونيو (حزيران)، في حين تؤكد إيران أن برنامجها «دفاعي بحت» وخارج أي مسار تفاوضي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أن الأنشطة النووية الإيرانية ستُبحث خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، محذراً من أن أي تحرك إيراني سيُقابل برد عنيف، ومشدداً في الوقت نفسه على أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة.

من جهته، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد القصف الأميركي لمنشأة فوردو خلال حرب يونيو. وفي تل أبيب، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام تأييده توجيه ضربات لإيران، معتبراً أن إعادة بناء الترسانة الصاروخية باتت تضاهي خطورة البرنامج النووي.

في المقابل، شددت الخارجية الإيرانية على أن البرنامج الباليستي «خارج طاولة التفاوض»، فيما أكد قائد الجيش الإيراني أمير حاتمي أن القوات المسلحة «تراقب بدقة» تحركات خصومها وسترد «بحزم» على أي اعتداء.

وسجل الداخل الإيراني تبايناً بشأن تقارير عن مناورات صاروخية محتملة، إذ تحدثت وسائل إعلام قريبة من «الحرس الثوري» عن تحركات واختبارات في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات، مؤكداً أن المشاهد المتداولة «غير صحيحة».


نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

TT

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

وأضاف نتنياهو، وفقاً لوكالة «رويترز»، ‌أن ‍أنشطة طهران النووية ستخضع للنقاش مع الرئيس الأميركي دونالد ​ترمب خلال زيارته في وقت لاحق من هذا الشهر.

و أضاف نتنياهو في بيان مشترك مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس «نحن نراقب الوضع ونتخذ الاستعدادات اللازمة. أود أن أوضح لإيران أن أي عمل ضد إسرائيل سيقابل برد قاس للغاية»، بحسب صحيفة«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني (واي نت).

ولم يدل نتنياهو بمزيد من المعلومات عن إشارته إلى التدريبات الإيرانية.

تأتي تصريحات نتنياهو في سياق تصاعد التحذيرات الأميركية – الإسرائيلية من عودة إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية، بعد الحرب التي اندلعت بين الطرفين في يونيو (حزيران) الماضي.

ويتزايد القلق في إسرائيل، من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أمس، أن هامش تحمل المخاطر بات أقل من السابق، في ظل تجربة الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب متعددة الجبهات.

ورغم أن التقديرات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم إيراني وشيك، فإن المخاوف تتركز على احتمال سوء تقدير متبادل قد يقود إلى مواجهة غير مقصودة.

وتقول تقديرات أمنية غربية إن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة خلال تلك الحرب لم تُنه التهديد بالكامل، بل دفعت طهران، وفق هذه التقديرات، إلى السعي لإعادة ترميم قدراتها بأساليب أكثر تحصيناً.

وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي أن القوات المسلحة تراقب «بدقة» تحركات خصومها، وستتعامل «بحزم» مع أي أعمال عدائية.

تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.

وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.