صفقات متوقعة تتجاوز 60 مليار دولار في «مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار»

أتياس لـ«الشرق الأوسط»: حان الوقت لإعادة روسيا وأوكرانيا إلى جلسات الحوار العالمية

TT

صفقات متوقعة تتجاوز 60 مليار دولار في «مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار»

أتياس يتحدث خلال المؤتمر الصحافي الخاص بعرض تفاصيل مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (تركي العقيلي)
أتياس يتحدث خلال المؤتمر الصحافي الخاص بعرض تفاصيل مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (تركي العقيلي)

من المتوقع أن تشهد النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (FII Institute)، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حضوراً «غير مسبوق» لأكثر من 20 رئيس دولة ونائب رئيس، في دلالة على تزايد الأهمية العالمية للرياض باعتبار أنها مركز للحوار الاقتصادي، مع توقعات أن يتجاوز حجم الصفقات الاستثمارية رقم 60 مليار دولار، والذي تم التوصل إليه في النسخة الثامنة.

وينعقد المؤتمر في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في الرياض تحت شعار «مفتاح الازدهار»، حيث من المتوقع أن يركز على التحديات التي تُعيق التقدم من خلال استعراض «تناقضات الابتكار».

وقبل أيام على الاحتشاد الاستثماري الدولي في العاصمة السعودية، كشف رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس المكلَّف لمؤسسة «مبادرة مستقبل الاستثمار» ريتشارد أتياس، يوم الاثنين، خلال مؤتمر صحافي عن تفاصيل النسخة التاسعة، حيث ستناقش التطورات التقنية، وطفرات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، إضافة إلى تأثير التوترات الجيوسياسية، وتفاوت الموارد على التواصل العالمي.

وبحسب أتياس، فإن المؤتمر سيسعى لـ«فتح مفاتيح الازدهار للجميع»، متوقعاً أن تتجاوز الصفقات الاستثمارية المرتقبة مستوى الـ60 مليار دولار الذي تم الوصول إليه العام الماضي.

واللافت في الأرقام التي عرضها أتياس خلال المؤتمر الصحافي أن حجم الصفقات التي أبرمت خلال السنوات الثماني السابقة لانعقاد المؤتمر قد قاربت الـ200 مليار دولار، ما يؤكد أهمية هذا المؤتمر الذي يطلق عليه أيضاً «دافوس الصحراء».

ورفض أتياس الإفصاح عن رقم لحجم الصفقات المتوقعة في النسخة التاسعة، موضحاً أنه كان يتوقع في نسخة العام الماضي إبرام صفقات بقيمة 25 مليار دولار، لكن المؤتمر انتهى بتوقيع ما يزيد على 60 مليار دولار. وقال: «لهذا السبب وضعت علامة استفهام هذا العام. لا أعرف كم سيكون الرقم، لكننا نأمل في تحطيم الرقم القياسي للعام الماضي، ونتوقع اكتشاف ذلك في غضون أسبوع».

النسخة الأضخم

ستكون النسخة التاسعة من المؤتمر «الأضخم» بحسب توصيف أتياس، من حيث الحضور السياسي رفيع المستوى. إذ سيستضيف المؤتمر أكثر من 20 رئيس دولة ونائب رئيس، «وهو رقم لم يتحقق من قبل»، (بينما كان الحد الأقصى سابقاً 3 رؤساء دول)، مما يدل على نجاح المؤتمر، وتأثيره.

كما تأكد حضور نائب رئيس الصين، وشخصيات رفيعة من دول مثل روسيا ألبانيا، وبنغلاديش، وبلغاريا، وكولومبيا، وكوبا، والعراق، والأردن، ورواندا، وسوريا، ما يعكس توسع نطاق المؤتمر ليشمل «الجنوب العالمي».

ومن المقرر أن يشارك أكثر من 8000 مندوب، و600 متحدث، بالإضافة إلى 56 شريكاً استراتيجياً.

أتياس خلال المؤتمر الصحافي لشرح تفاصيل النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (تركي العقيلي)

مشاركة روسيا

وحول سؤال «الشرق الأوسط» له عن مشاركة روسيا في المؤتمر وما اذا كانت هي الاولى لها، قال أتياس إن المؤتمر سيعمل على جمع الأطراف المختلفة حول طاولة واحدة، مؤكداً على أهمية حضور المسؤولين الروس. وشرح أن الحضور الروسي ليس جديداً على المؤتمر، مشيراً إلى أن رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي، كيريل ديمترييف، كان شارك في نسخ سابقة. ورغم غيابه في العامين الماضيين، أكد أتياس عودته في النسخة الحالية.

وأضاف أتياس: «السيد كيريل ديمترييف، الذي يرأس صندوق الثروة السيادي الروسي، جاء إلى هنا عدة مرات... لكننا نرى أنه من المهم جمع الجميع حول نفس الطاولة»، كاشفاً أنه سيدير جلسة حوارية مع ديمترييف، ومؤكداً أنه سيطرح عليه «أسئلة صعبة» تهدف إلى فهم «ماذا تفعل روسيا اليوم، وإلى أين تتجه، وما هي توقعاتها الاقتصادية المستقبلية».

وشدد أتياس على الموقف الحيادي لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار فيما يتعلق بالصراع الروسي الأوكراني، وقال «نحن في المؤسسة لا نتحدث عن السياسة إطلاقاً»، مبيناً أن الهدف هو التركيز على التنمية والخبرات العالمية. لكنه أضاف «أعتقد أن هذا الصراع يجب أن ينتهي لأننا نفتقد الأوكرانيين ونفتقد الروس في العديد من طاولات النقاش»، مشيراً إلى الخسارة التي يمثلها غياب الكفاءات من كلا البلدين عن الحوارات العالمية، ومشدداً على القيمة المضافة التي يقدمونها. وقال: «بصفتي مهندساً مدنياً، يمكنني أن أقول لك إن أفضل المهندسين في العالم هم من روسيا وأوكرانيا... وأفضل الأطباء هم من هذه المنطقة، كما تعلمين. لذلك أعتقد أن الوقت قد حان لإعادة الروس والأوكرانيين إلى جلسات الحوار العالمية، لأن ما يحدث الآن لا معنى له».

الذكاء الاصطناعي

وسيكون ملف الذكاء الاصطناعي الساخن على مائدة النقاشات خلال المؤتمر الذي ستشارك فيه كبرى الشركات العالمية مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«إنفيديا»، حيث أشار أتياس إلى تحول كبير في تركيبة القطاعات المشاركة. فبعدما كان التمويل يسيطر سابقاً بـ70 في المائة، أصبح اليوم قطاعا التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي هما القوة المهيمنة.

من «مركز أبحاث» إلى «مركز تنفيذ»

وعرّف أتياس مؤسسة «مبادرة مستقبل الاستثمار» بأنها لا تقتصر على كونها «مركز أبحاث» (Think Tank) بل هي «مركز تنفيذ» (Do Tank)، حيث تعمل على ثلاثة محاور رئيسة:

1- التفكير: عبر إصدار التقارير والمؤشرات والبدء بالمشاريع.

2- التبادل: عبر تنظيم القمم والمؤتمرات العالمية، على رأسها حدث الرياض السنوي، بالإضافة إلى فعاليات دورية في ميامي وأوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية.

3- التنفيذ: وهي السمة الفريدة للمؤسسة، حيث تمتلك ذراعاً استثمارية لدعم الشركات الناشئة. وقد استثمرت المؤسسة أكثر من 6 ملايين دولار في السنوات القليلة الماضية، ونجحت هذه الشركات في جمع أكثر من 87 مليون دولار على هيئة تمويل إضافي، ووفرت أكثر من 2000 وظيفة.

مسار النمو... «الازدهار للجميع»

هذا واستعرض أتياس تاريخ المؤتمر منذ انعقاده في عام 2017، والذي بدأ بنبوءة حول «التحول الكبير» وتزايد نفوذ الشرق، ووصولاً إلى موضوع هذا العام «مفتاح الازدهار». فنسخة العام 2020، مثلاً، التي كانت تحت شعار «المرونة والنهضة الجديدة» أطلقت دعوات للاستثمار في الإنسانية والرعاية الصحية والتعليم، خاصة بعد أن كشف الوباء عن حرمان العديد من الأطفال من التعليم لعدم توفر أجهزة الكمبيوتر، أو الكهرباء.

وأوضح أتياس أن مؤتمر هذا العام سيناقش «المفارقات» التي تنشأ عن الاتجاهات العالمية الثلاثة الحالية: التقدم والنمو، والابتكار، والتجزئة العالمية. وسيتم تخصيص اليوم الثالث بالكامل للاستثمار، حيث سيشمل قمماً متعددة داخله، مثل منتدى إدارة الأصول لـصندوق الاستثمارات العامة، وعروض الشركات الناشئة.

واختتم أتياس مؤتمره الصحافي بالتأكيد على أن الرياض أصبحت «مركز العالم» للحوار والاستثمار، حيث يحضر القادة العالميون لا للبحث عن أموال المملكة فحسب، بل لأن «مبادرة مستقبل الاستثمار أصبحت المكان المناسب للتواصل، ومناقشة الأفكار العالمية».


مقالات ذات صلة

«التوازن العقاري» تضبط السوق وتدفع بمؤشرات إيجابية نحو التداولات في الرياض

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«التوازن العقاري» تضبط السوق وتدفع بمؤشرات إيجابية نحو التداولات في الرياض

بعد إعلان الهيئة الملكية لمدينة الرياض نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية علمت «الشرق الأوسط» أن بعض تلك الأراضي ستباع بأقل من 1500 ريال للمتر.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

أعلنت شركة «سنتر3» التابعة لمجموعة «إس تي سي» وشركة «هيوماين» إطلاق مشروع مشترك استراتيجي لبناء مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

منصة «التوازن العقاري» تعلن نتائج أول دفعة أراضٍ مدعومة في الرياض

أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض، الأربعاء، عن صدور نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية عبر منصة «التوازن العقاري».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
جانب من الحافلات الكهربائية (تصوير: غازي مهدي)

تدشين أول شبكة حافلات تعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية في مكة المكرمة

دُشّن في العاصمة المقدسة مكة المكرمة، الأربعاء، أول نظام حافلات سريعة التردد، يعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية، عبر «مسار BRT».

سعيد الأبيض
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال المؤتمر الصحافي الحكومي (الشرق الأوسط)

الخريف: استثمارات القطاع الصناعي السعودي ترتفع إلى 320 مليار دولار

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، إن الاستثمارات في القطاع شهدت قفزة من 800 مليار إلى 1.2 تريليون ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«أدنوك» توقّع تمويلاً أخضر بمليارَي دولار مع «كي - شور» الكورية

الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
TT

«أدنوك» توقّع تمويلاً أخضر بمليارَي دولار مع «كي - شور» الكورية

الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)

أعلنت «أدنوك» توقيع اتفاقية تمويل أخضر بقيمة 7.34 مليار درهم (نحو مليارَي دولار) مع «شركة التأمين التجاري الكورية» (كي - شور)؛ لتمويل مشروعات منخفضة الكربون عبر عملياتها المختلفة، في خطوة قالت إنها تعكس التزامها بإدماج مبادئ التمويل المستدام ضمن خطط النمو والتوسع.

وأوضحت «أدنوك» أن التسهيل الائتماني المدعوم من «كي - شور» جرت هيكلته ضمن «إطار عمل التمويل المستدام» الخاص بالشركة، بما يتيح تمويل المشروعات المؤهلة والمتوافقة مع المعايير الدولية المعتمدة للتمويل المستدام.

وأضافت أن «فيتش المستدامة» أصدرت رأياً مستقلاً بصفتها «طرفاً ثانياً» يؤكد توافق إطار عمل «أدنوك» مع تلك المعايير.

وجرى الإعلان عن الاتفاقية خلال زيارة الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ومجموعة شركاتها، إلى جمهورية كوريا، حيث التقى يونغجين جانغ، الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور».

وقال خالد الزعابي، رئيس الشؤون المالية لمجموعة «أدنوك»، إن التسهيل الائتماني «يؤكد التزام (أدنوك) بتمويل النقلة النوعية في أنظمة الطاقة بالتزامن مع الحفاظ على نهج قوي ومنضبط في إدارة رأس المال». وأضاف أن الشراكة مع «كي - شور» توسِّع نطاق الوصول إلى التمويل الأخضر، وتعزِّز العلاقات الاقتصادية مع كوريا، إلى جانب دعم مساعي الشركة لترسيخ مكانتها ضمن الشركات الرائدة في مجال الطاقة منخفضة الكربون عالمياً.

وبيّنت «أدنوك» أن هذا التسهيل يمثل أول تمويل ائتماني أخضر للشركة، يأتي مدعوماً من وكالة ائتمان صادرات كورية، وذلك بعد صفقة مماثلة بقيمة 11 مليار درهم (3 مليارات دولار) أبرمتها مع «بنك اليابان للتعاون الدولي» في عام 2024. وبذلك ترتفع القيمة الإجمالية للتمويلات الخضراء التي حصلت عليها «أدنوك» إلى 18.35 مليار درهم (5 مليارات دولار) خلال 18 شهراً، وفق البيان.

وفي سياق أهداف خفض الانبعاثات، أشارت الشركة إلى أنها تُعد من بين منتجي النفط والغاز الأقل كثافة في مستويات الانبعاثات الكربونية، وتعمل على خفض كثافة انبعاثات عملياتها التشغيلية بنسبة 25 في المائة بحلول عام 2030.

كما لفتت إلى أنها تستثمر 84.4 مليار درهم (23 مليار دولار) في مشروعات خفض الانبعاثات من عملياتها، إلى جانب تسريع نمو مصادر الطاقة الجديدة، بما في ذلك الهيدروجين والطاقة الحرارية الجوفية والطاقة المتجددة.

وأضافت «أدنوك» أنها عضو مؤسس في «ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز»، وهو ائتلاف يضم شركات وطنية ودولية تعهدت بتحقيق صافي انبعاثات من الميثان قريبة من الصفر بحلول عام 2030، وصافي انبعاثات صفري بحلول أو قبل عام 2050.

وذكرت الشركة أن «بنك أبوظبي الأول» تولى دور المنسق لجزء «التمويل الأخضر»، بينما قام بنك «سانتاندير» بدور المنسق لجزء «وكالة ائتمان الصادرات» ضمن الاتفاقية.


«بايت دانس» الصينية توافق على صفقة انتقال إدارة «تيك توك الأميركي»

مقر شركة «بايت دانس» الصينية في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية (إ.ب.أ)
مقر شركة «بايت دانس» الصينية في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية (إ.ب.أ)
TT

«بايت دانس» الصينية توافق على صفقة انتقال إدارة «تيك توك الأميركي»

مقر شركة «بايت دانس» الصينية في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية (إ.ب.أ)
مقر شركة «بايت دانس» الصينية في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية (إ.ب.أ)

وقّعت شركة «بايت دانس» الصينية، المالكة لتطبيق «تيك توك»، يوم الخميس، اتفاقيات ملزمة لنقل إدارة عمليات التطبيق في الولايات المتحدة إلى مجموعة من المستثمرين، من بينهم «أوراكل»، في خطوة كبيرة نحو تجنّب الحظر الأميركي وإنهاء سنوات من عدم اليقين.

وتُعدّ هذه الصفقة إنجازاً مهماً لتطبيق الفيديوهات القصيرة الذي يستخدمه بانتظام أكثر من 170 مليون أميركي، وذلك بعد سنوات من الصراعات التي بدأت في أغسطس (آب) 2020، عندما حاول الرئيس دونالد ترمب حظر التطبيق لأول مرة دون جدوى، بدعوى مخاوف تتعلق بالأمن القومي الأميركي.

ولم يُكشف عن الشروط المالية للصفقة التي أُعلنت في مذكرة داخلية لشركة «تيك توك» (الولايات المتحدة) اطلعت عليها «رويترز». وتتوافق تفاصيل الصفقة الأخرى مع تلك التي تم توضيحها في سبتمبر (أيلول)، عندما أرجأ ترمب قرار حظر التطبيق ما لم يبعه مالكوه الصينيون، حتى 20 يناير (كانون الثاني)، وذلك في إطار جهوده لفصل أصول «تيك توك الأميركية» عن المنصة العالمية. كما أعلن أن الصفقة تستوفي شروط التنازل المنصوص عليها في قانون صدر عام 2024.

وقال نائب الرئيس جي دي فانس، في سبتمبر الماضي، إن قيمة الشركة الأميركية الجديدة ستبلغ نحو 14 مليار دولار. وكان هذا الرقم أقل من تقديرات المحللين، ولم يُعلن الرقم النهائي يوم الخميس.

وبموجب الاتفاقية، سيمتلك مستثمرون أميركيون وعالميون، من بينهم عملاق الحوسبة السحابية «أوراكل»، ومجموعة «سيلفر ليك» للاستثمار المباشر، وشركة «إم جي إكس» التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، حصة 80.1 في المائة في شركة «تيك توك يو إس دي إس جوينت فنتشر» الجديدة، في حين ستحتفظ «بايت دانس» بحصة 19.9 في المائة. وارتفعت أسهم أوراكل بنسبة 6 في المائة تقريباً في تداولات ما قبل افتتاح السوق يوم الجمعة.

تساؤلات مستمرة

وأعلن البيت الأبيض، في سبتمبر، أن المشروع المشترك الجديد سيتولى تشغيل تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكن لا تزال هناك تساؤلات حول الصفقة، بما في ذلك طبيعة العلاقات التجارية بين المشروع المشترك الجديد و«بايت دانس». وأحال البيت الأبيض يوم الخميس الاستفسارات المتعلقة بالصفقة إلى «تيك توك».

ووفقاً لمذكرة اطلعت عليها «رويترز»، صرّح شو زي تشو، الرئيس التنفيذي لشركة «تيك توك»، للموظفين بأن المشروع المشترك «سيعمل بوصفه كياناً مستقلاً يتمتع بسلطة الإشراف على حماية البيانات في الولايات المتحدة، وأمن الخوارزميات، ومراقبة المحتوى، وضمان جودة البرمجيات».

وأضاف تشو أن الكيانات الأميركية التابعة لشركة «بايت دانس»، التي تُسيطر على «تيك توك»، «ستُدير قابلية التشغيل البيني للمنتجات عالمياً وبعض الأنشطة التجارية، بما في ذلك التجارة الإلكترونية والإعلان والتسويق» بشكل منفصل عن المشروع المشترك.

وقال راش دوشي، الذي شغل منصباً في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس السابق جو بايدن، إنه من غير الواضح ما إذا كانت الخوارزمية قد نُقلت أو رُخِّصت أو ما زالت مملوكة ومُدارة من قِبل بكين، مع اقتصار دور «أوراكل» على «المراقبة».

وفي سبتمبر، أفادت «رويترز»، نقلاً عن مصادر، أن «بايت دانس» ستحتفظ بملكية عمليات «تيك توك» التجارية في الولايات المتحدة، لكنها ستتنازل عن السيطرة على بيانات التطبيق ومحتواه وخوارزميته لصالح المشروع المشترك. وقالت المصادر، حينها، إن المشروع المشترك سيعمل بوصفه بنية تحتية للشركة الأميركية، وسيتولى إدارة بيانات المستخدمين الأميركيين والخوارزمية، مضيفةً أن قسماً منفصلاً سيظل مملوكاً بالكامل إلى شركة «بايت دانس» سيُسيطر على العمليات التجارية المُدرّة للدخل، مثل التجارة الإلكترونية والإعلان. وأفاد مصدران مطلعان لوكالة «رويترز»، يوم الجمعة، بأن هذه الترتيبات شكّلت الخطوط العريضة للصفقة التي أُعلنت يوم الخميس.

وذكر المصدران أن شركة «تيك توك» الأميركية، الخاضعة لسيطرة «بايت دانس» ستكون الجهة المدرة للدخل، في حين سيحصل المشروع المشترك الجديد على جزء من إيرادات خدماته التقنية والبيانات. وامتنع المصدران عن الكشف عن هويتيهما، نظراً إلى حساسية الموضوع. وكانت صحيفة «تشاينا ديلي» الحكومية قد نشرت في وقت سابق من يوم الجمعة تقريراً عن ترتيبات الإيرادات بين الكيانَيْن.

ومن شأن هذه الصفقة، المقرر إتمامها في 22 يناير المقبل، أن تنهي سنوات من الجهود المبذولة لإجبار «بايت دانس» على التخلي عن أعمالها في الولايات المتحدة، بدعوى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

وقال النائب الجمهوري جون مولينار، رئيس لجنة مجلس النواب المختارة لشؤون الصين، إنه كان سيستضيف سابقاً قيادة كيان «تيك توك» الجديد في جلسة استماع عام 2026. ويتضمن الاتفاق بشأن عمليات «تيك توك» في الولايات المتحدة تعيين شركة بايت دانس لأحد أعضاء مجلس إدارة الكيان الجديد السبعة، على أن يشغل الأميركيون أغلبية المقاعد الأخرى. وأوضحت «تيك توك» في مذكرة للموظفين أن شركة «أوراكل» ستعمل بوصفها «شريكاً أمنياً موثوقاً» مسؤولاً عن التدقيق والتحقق من الامتثال، بما في ذلك «حماية بيانات المستخدمين الأميركيين الحساسة، التي ستُخزن في بيئة سحابية موثوقة وآمنة في الولايات المتحدة تديرها (أوراكل)».

«استحواذ المليارديرات»

يُذكر أن ترمب أشاد بـ«تيك توك» لدوره في مساعدته على الفوز بإعادة انتخابه العام الماضي، ولديه أكثر من 15 مليون متابع على حسابه الشخصي. وأشارت السيناتورة الديمقراطية، إليزابيث وارن، إلى أن هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها بشأن الصفقة. وقالت: «يريد ترمب منح أصدقائه المليارديرات مزيداً من السيطرة على ما تشاهدونه. من حق الأميركيين أن يعرفوا ما إذا كان الرئيس قد أبرم صفقة سرية أخرى للاستحواذ على (تيك توك) من قبل هؤلاء المليارديرات».

وتربط ترمب علاقة وثيقة بالملياردير لاري إليسون، الرئيس التنفيذي لشركة «أوراكل»، وعائلته. وتسعى شركة «باراماونت سكاي دانس» للاستحواذ على شركة «وارنر بروس ديسكفري»، في محاولة استحواذ عدائية بدعم مالي من عائلة إليسون.

وصرح ترمب في سبتمبر بأن مايكل ديل، مؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «ديل تكنولوجيز»، وروبرت مردوخ، الرئيس الفخري لشركة «فوكس كورب» المالكة لشبكة «فوكس نيوز» وشركة «نيوز كورب» الناشرة للصحف، و«ربما أربعة أو خمسة مستثمرين من الطراز العالمي» سيكونون جزءاً من الصفقة. ولم يتضح ما إذا كان «ديل» ومردوخ قد شاركا في الصفقة النهائية.


«المركزي الروسي» يخفّض الفائدة إلى 16% مع تباطؤ التضخم

مبنى البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)
مبنى البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي» يخفّض الفائدة إلى 16% مع تباطؤ التضخم

مبنى البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)
مبنى البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

خفض البنك المركزي الروسي يوم الجمعة سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 16 في المائة، بما يتماشى مع توقعات المحللين، وسط تباطؤ التضخم وتأثر الاقتصاد بالتركيز على العمليات العسكرية في أوكرانيا، ما يحد من قدرته على تحقيق النمو.

وجاء إعلان البنك المركزي بالتزامن مع مؤتمر صحافي للرئيس فلاديمير بوتين، الذي أوضح أن التباطؤ الاقتصادي يعود جزئياً إلى إجراءات مدروسة اتخذها البنك المركزي لخفض معدل التضخم.

وقال البنك المركزي في بيان رسمي: «انخفضت المؤشرات الأساسية لنمو الأسعار الفعلية في نوفمبر (تشرين الثاني). ومع ذلك، ارتفعت توقعات التضخم بشكل طفيف في الأشهر الأخيرة».

وكان معظم المحللين في استطلاع أجرته «رويترز» قد توقعوا خفض البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 16 في المائة، في حين عدّل بعضهم توقعاتهم لخفض أكبر بعد متابعة مشاركة بوتين عبر الهاتف.