ليبيا: مناورات عسكرية مفاجئة لقوات «الوحدة» قرب طرابلس

في إطار جهود الجيش المستمرة للحفاظ على استعداداته القتالية

جانب من اجتماعات الحداد في الخمس (إدارة التوجيه المعنوي)
جانب من اجتماعات الحداد في الخمس (إدارة التوجيه المعنوي)
TT

ليبيا: مناورات عسكرية مفاجئة لقوات «الوحدة» قرب طرابلس

جانب من اجتماعات الحداد في الخمس (إدارة التوجيه المعنوي)
جانب من اجتماعات الحداد في الخمس (إدارة التوجيه المعنوي)

قالت حكومة «الوحدة» الليبية إن وحدات عسكرية تابعة لها نفذت «مناورات عسكرية» قرب العاصمة طرابلس، في إطار ما اعتبرته «رفعاً للكفاءة القتالية»، في حين تفقد رئيس أركانها، محمد الحداد، عدة مواقع عسكرية في مدينة الخمس على الساحل الغربي للبلاد.

وعلى نحو مفاجئ، جاء إعلان الحكومة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة في غرب ليبيا، في بيان مقتضب مساء الجمعة، أن ما وصفته بـ«الجيش الليبي» قد «نفذ تمريناً تعبوياً ضمن سلسلة مناورات تهدف إلى رفع الجاهزية القتالية، وتعزيز الكفاءة الميدانية لوحدات الجيش».

ويتركز الهدف المعلن لهذه المناورات على «تطوير مهارات التخطيط، والتنفيذ العملياتي للوحدات العسكرية في مختلف الظروف الميدانية، ضمن جهود الجيش المستمرة للحفاظ على استعداداته القتالية»، بحسب البيان الحكومي.

محمود حمزة قائد «اللواء 444 قتال» في تمرين تعبوي (اللواء)

وأدرج التشكيل المسلح، المعروف بـ«اللواء 444 قتال» التابع للقوات الحكومية، هذه المناورة التي هو طرف رئيسي فيها، ضمن «رفع الجاهزية القتالية وتعزيز الكفاءة الميدانية لوحدات الجيش الليبي»، وفق ما ذكر عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

وأظهرت لقطات مصورة وحدات من «444 قتال»، بإشراف محمود حمزة، الذي ظهر أيضاً مع عناصر «اللواء»، علماً بأنه يشغل حالياً منصب رئيس جهاز المخابرات العسكرية بالحكومة.

ويعد «اللواء 444 قتال» أحد أكثر التشكيلات النظامية انضباطاً ونفوذاً في غرب ليبيا، في حين يُعرف حمزة كأحد المقربين من الدبيبة وأحد كبار مساعديه العسكريين.

ويُنظر إلى التمرين على أنه دليل على استمرار الحضور القوي للتشكيلات المسلحة داخل المشهد الأمني في طرابلس، رغم المساعي الحكومية المعلنة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتوحيدها.

وتأتي هذه المناورة للقوات الموالية للحكومة في غرب ليبيا بعد أقل من أسبوع من لقاءات أجراها نائب قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الجنرال جون برينان، مع مسؤولين عسكريين في غرب وشرق ليبيا، من بينهم حمزة، قبل أن يُعلن أن ليبيا ستؤدي ما وصفه بدور محوري في المناورة الرئيسية لقوات العمليات الخاصة، التابعة للقيادة الأميركية في أفريقيا، والمعروفة باسم «فلينتلوك 26».

يُنظر إلى التمرين على أنه دليل على استمرار الحضور القوي للتشكيلات المسلحة داخل المشهد الأمني في طرابلس (أ.ف.ب)

وتباينت آراء مراقبين عسكريين بشأن مغزى وتوقيت المناورة العسكرية في طرابلس؛ ما بين من رآها «محاولة من حكومة (الوحدة) لإظهار جاهزيتها كشريك محتمل في أي إطار تدريبي، أو أمني بإشراف دولي»، وآخرين عدّوها «تجهيزاً محتملاً لتصعيد جديد في العاصمة طرابلس»، وهو ما تحدثت عنه تقارير إعلامية مؤخراً.

بدوره، تفقد الحداد عدة مواقع عسكرية بمدينة الخمس، التي تبعد عن العاصمة طرابلس نحو 120 كيلومتراً إلى الشرق، من بينها «مركز تدريب بشير السعداوي»، ومقر قوة مكافحة الإرهاب ووحداتها العسكرية، حيث دعا إلى بذل المزيد من الجهد في سبيل رقي وتقدم المؤسسة العسكرية. كما أشاد لدى تفقده مركز تدريب القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات) بالجهود المبذولة لإنشائه، مؤكداً «أهميته الكبيرة للقوات الخاصة بالجيش الليبي، وأيضاً الاستفادة منه على المستوى الدولي».

وحثّ الحداد، وفق ما نشرته إدارة التوجيه المعنوي مساء الجمعة، على سرعة تنفيذ الإنشاءات المستهدفة من المرحلة الثانية، وأهمية توزيعها داخل المركز، مشيراً إلى أن «هذا المركز سيكون له الفضل في تطوير الوحدات القتالية للجيش الليبي».

صدام حفتر في سرت (الجيش الوطني)

ويتقاسم النفوذ في ليبيا المنقسمة عسكرياً وأمنياً، «الجيش الوطني»، الذي تمتد سلطته في شرق ليبيا وأنحاء واسعة من جنوبها، مقابل تشكيلات مسلحة تابعة لحكومة «الوحدة» تهيمن على غرب البلاد.

في المقابل، واصل الفريق أول ركن صدام حفتر، نائب ونجل قائد «الجيش الوطني»، زيارته إلى مدينة سرت، ونقل لمشايخ وأعيان وشباب المدينة «تحيات حفتر واعتزازه بالمدينة وبأهلها الصامدين، الذين واجهوا ويلات الحروب والإرهاب بصبر وإيمان وثبات»، على حد تعبيره.

وإذ عدّ صدام حفتر أن «سرت تنهض اليوم لتستعيد مكانتها كمدينة للأمن والبناء، وميدان لمشاريع الإعمار والتنمية»، شدد على أن «صفحة الإرهاب قد طُويت بتضحيات الشهداء الأبرار»، وتعهد بأن قوات الجيش لن تسمح بعودة الفوضى أو المساس بوحدة ليبيا واستقرارها.

خالد حفتر يتفقد تدريبات الكلية العسكرية (الجيش الوطني)

من جهته، أدرج الفريق خالد حفتر، رئيس أركان «الجيش الوطني» ونجل قائده العام المشير خليفة حفتر، تفقده السبت تدريبات طلبة الكلية العسكرية داخل مدينة حفتر العسكرية، في إطار «الحرص على متابعة برامج التدريب، والوقوف على جاهزية الوحدات والارتقاء بأدائها، وفق أساليب حديثة تواكب متطلبات تطوير قوات الجيش ورفع كفاءتها القتالية».


مقالات ذات صلة

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا صالح خلال اجتماعه بمسؤولين فرنسيين في باريس (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

ليبيا: هل يدفع فشل اجتماع صالح وتكالة تيتيه إلى تبنّي «خيارات بديلة»؟

تزامن فشل «اجتماع باريس» بين صالح وتكالة واللافي للمرة الأولى مع إحاطة هانا تيتيه، المبعوثة الأممية، أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)

تعاون حفتر والجيش الباكستاني يثير قلقاً داخل ليبيا

أثمرت زيارة قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول عاصم منير، إلى بنغازي توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر، الأمر الذي أثار قلقاً ليبياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)

ضمن مساعٍ مصرية لتعزيز تعاونها الأفريقي، شددت مصر والكونغو على «تعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية». كما أكدت القاهرة وبرازافيل «استمرار التنسيق والتشاور إزاء القضايا الإقليمية والدولية».

جاء ذلك خلال محادثات وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع وزير خارجية جمهورية الكونغو، جون كلود جاكوسو، تناولت «سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب التنسيق والتشاور حول القضايا الأفريقية ذات الاهتمام المشترك».

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أكد عبد العاطي «أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الكونغو وزيادة حجم التبادل التجاري بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة»، مشدداً على «مواصلة تطوير التعاون في مختلف المجالات، ولا سيما في مجال التدريب وبناء القدرات».

وأشار إلى «حرص مصر على دعم التعاون الاقتصادي مع جمهورية الكونغو، خصوصاً في مجالات الاستثمار والتجارة»، لافتاً إلى اهتمام الشركات المصرية ذات الخبرات الكبيرة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والنقل والتشييد بالمشاركة في المشروعات التنموية، مجدداً التأكيد على أهمية تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار وتذليل العقبات أمام حركة التبادل التجاري.

وتوافقت مصر والكونغو على «تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية»، وذلك خلال زيارة عبد العاطي إلى الكونغو ولقاء الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نجيسو، في مارس (آذار) الماضي.

الرئيس الكونغولي خلال استقبال وزير الخارجية المصري في الكونغو مارس الماضي (الخارجية المصرية)

وقدّم عبد العاطي حينها رسالة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى نظيره الكونغولي تناولت «التطورات الإيجابية التي تشهدها علاقات البلدين»، إلى جانب التأكيد على «اتخاذ مزيد من الخطوات لدفع مجالات التعاون الثنائي».

كما توافقت رؤى مصر والكونغو حينها في العديد من ملفات الأوضاع الإقليمية، لا سيما التطورات في مناطق «البحيرات العظمى والساحل والقرن الأفريقي»، وتوافق البلدان أيضاً على ضرورة «الحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان والصومال».

وفيما يتعلق بالتعاون الإقليمي ومتعدد الأطراف، أكد وزير الخارجية المصري، السبت، أهمية التنسيق والتشاور المشترك إزاء مختلف القضايا الأفريقية، ولا سيما ما يتعلق بملف الإصلاح المؤسسي لأجهزة الاتحاد الأفريقي، باعتباره ركيزة أساسية لتطوير كفاءة عمل تلك الأجهزة وتمكينها من الاضطلاع بمهامها على النحو الأمثل، مع التأكيد على «ضرورة أن تتم عملية الإصلاح بصورة منهجية وتدريجية وواضحة، وعلى أساس من الشمولية ومشاركة جميع الدول الأعضاء في مسار الإصلاح».

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره الكونغولي في القاهرة السبت لبحث تعزيز التعاون الثنائي (الخارجية المصرية)

وحسب «الخارجية المصرية»، السبت، شهد لقاء الوزير عبد العاطي ونظيره الكونغولي تبادلاً للرؤى حول أبرز القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأوضاع في منطقتي الساحل والبحيرات العظمى، حيث أكد الجانبان «التزامهما بمواصلة التنسيق والتشاور إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون في مجالات التنمية والأمن، بما يدعم جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة».

وكانت القاهرة وبرازافيل قد توافقتا خلال محادثات الرئيس الكونغولي مع وزير الخارجية المصري في مارس الماضي على أهمية «تعزيز التعاون في شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والتنموية»، وأشارت وزارة الخارجية المصرية حينها إلى «تطلع الشركات المصرية لزيادة استثماراتها بالسوق الكونغولية في مجالات البنية التحتية والطاقة والموارد المائية والزراعة والدواء».


تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
TT

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين في هذا البلد بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

وأشارت تيتيه خلال تقديم إحاطتها، أمس، أمام أعضاء مجلس الأمن، إلى أنَّ الجهود مع الجهات الليبية المعنية بخصوص تنفيذ «خريطة الطريق» تمثل «تحدياً كبيراً»، لا سيما لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات. كما أكدت أنَّ الجهود المتواصلة مع لجنتَي المناصب السيادية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «لم تُفضِ حتى الآن إلى إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات». ورأت تيتيه أنَّ «التأخيرات دليل على انعدام الثقة بين المؤسستين».


سودانيون يحيون ذكرى 19 ديسمبر ويطالبون بوقف الحرب

حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

سودانيون يحيون ذكرى 19 ديسمبر ويطالبون بوقف الحرب

حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

أحيا مدنيون سودانيون ذكرى ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أسقطت نظام التيار الإسلامي، بوقفات احتجاجية في عدد من مدن البلاد، وإسفيرية (عبر الفضاء الإلكتروني/ الإنترنت)، طالبوا خلالها بوقف الحرب وعودة الحكم المدني، وفي غضون ذلك، أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على بلدة «برنو» القريبة من مدينة «كادوقلي» عاصمة ولاية جنوب كردفان، وعززت انتشارها في المنطقة التي كان الجيش قد استعاد سيطرته عليها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي وقت تضيق فيه الحرب المجال العام، أحيا ناشطون سودانيون ذكرى انطلاق ثورة ديسمبر، بدعوات لمواكب ووقفات احتجاجية، و«تظاهرات إسفيرية» على منصات التواصل، جددوا خلالها دعوتهم لوقف الحرب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي. وعلى الأرض، تداول ناشطون وتنسيقيات مرتبطة بـ«لجان المقاومة» منشورات تعبئة وتوثيق رمزي للذكرى.

بوستر نشر على موقع «فيسبوك» احتفالاً بذكرى ثورة 19 ديسمبر

وفي مدينة أم درمان، فرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع مئات الشباب الذين تجمعوا في بعض ميادين المدينة، وهتفوا بشعارات ديسمبر «حرية وسلام وعدالة»، و«العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، وطالبوا بوقف الحرب وعودة الحكم المدني.

وقال شاهد تحدث لـ«الشرق الأوسط»، إن العشرات من لجان المقاومة تجمعوا في «ميدان الخليفة» بوسط أم درمان، وهتفوا بشعار الثورة «سلمية... سلمية... حرية وسلام وعدالة... الثورة خيار الشعب»، وطالبوا بوقف الحرب وعودة الحكم المدني، وإن الشرطة تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع والهراوات، فيما طاردت الشرطة مجموعات أخرى بساحة «الأزهري» قرب جسر شمبات.

تظاهرات في بورتسودان

وفي بورتسودان خرج العشرات من المحتجين ورفعوا لافتات طالبوا فيها بوقف الحرب، فيما ألقت الشرطة القبض على عدد من المحتجين في ولاية القضارف طالبوا بوقف الحرب. وبالتوازي مع ذلك، حضرت الذكرى على الإنترنت، وروجت مجموعات وصفحات متعددة لـ«تظاهرة إسفيرية»، وسط دعوات للنشر بالوسوم والشعارات، تؤكد أن الحرب استهدفت مكتسبات الثورة، واعتبرت إحياء ذكراها، تجديداً للتمسك بخيار الدولة المدنية وعودة العسكر للثكنات.

واعتبرت الاحتجاجات تحدياً لحملات القمع والتخوين التي يشنها أنصار النظام السابق والإسلاميون، وقال نشطاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الوقفات الاحتجاجية المحدودة التي خرجت في بعض أنحاء البلاد، تعتبر تحدياً مباشراً لمناخ القمع والترهيب الذي يستهدف الرافضين للحرب والأصوات المدنية، وحملات التخوين والتنمر، والاتهامات بالتعاون مع «قوات الدعم السريع».

نموذج للدعوات للتظاهر والاحتجاج لإحياء ذكرى 19 ديسمبر

ويوافق يوم 19 ديسمبر تاريخ انطلاق موجة احتجاجات ديسمبر التي بدأت في 19 ديسمبر 2018 بمدينة عطبرة باحتجاجات طلابية على الغلاء وارتفاع أسعار الخبز، ثم تحولت لثورة شاملة في أنحاء البلاد كافة، انتهت بسقوط نظام عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، وأصبحت بعد انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ذكرى سنوية تستحضر مطالب السودانيين: «حرية، وسلام، وعدالة، الثورة خيار الشعب».

معارك كردفان

قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن قواتها حققت الجمعة، انتصارات ميدانية مهمة، في بلدة «برنو» التابعة لمحلية الريف الشمالي الشرقي بولاية جنوب كردفان، بعد معارك شرسة. وأوضحت أن الجيش هاجم مواقعها القريبة من بلدة «برنو» بالمدفعية الثقيلة والمدرعات، فتصدت له قواتها المرابطة قريباً من البلدة، وألحقت به هزيمة كبيرة، وكبدته خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ثم تقدمت وبسطت سيطرتها الكاملة على المنطقة ودخلت وسط «برنو»، وارتكزت في محيطها، معززة انتشارها وتأمين مواقعها الحيوية.

وتقع منطقة «برنو» بولاية جنوب كردفان السودانية، وهي منطقة زراعية مهمة تبعد عن عاصمة الولاية بنحو 30 كيلومتراً، وكان الجيش قد سيطر على البلدة بعد اشتباكات عنيفة مع «قوات الدعم السريع» وحليفته الحركة الشعبية - الشمال، 17 نوفمبر الماضي.

حصار مدن كردفان

وتحاصر «قوات الدعم السريع» وحليفتها الحركة الشعبية لتحرير السودان تيار عبد العزيز الحلو، معظم مدن ولاية جنوب كردفان المهمة، بما فيها العاصمة «كادوقلي» والمدينة الثانية في الولاية «الدلنج»، فيما تسيطر الحركة الشعبية على منطقة «كاودا» جنوب شرقي العاصمة كادوقلي، وتبعد عنها بنحو 96 كيلومتراً في جهة الجنوب الشرقي.

ومنذ استيلاء «قوات الدعم السريع» على الفرقة 22 بابنوسة (ولاية غرب كردفان)، كثفت «قوات الدعم السريع» حصارها على ولاية جنوب كردفان، ودأبت على قصف مدنها الرئيسية المحاصرة، بالمدفعية الثقيلة والمسيّرات، خاصة مدينتي كادوقلي والدلنج، ويرد الجيش هو الآخر بقصف مدفعي وقصف المسيّرات على تمركزات «قوات الدعم السريع».

وخلال هذا الأسبوع، واصلت «قوات الدعم السريع» شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على عدة مدن وبلدات في ولايتي شمال وجنوب كردفان، خاصة مدن كادوقلي والدلنج والأبيض، لقي خلالها العشرات مصرعهم، من بينهم 6 من جنود قوات الأمم المتحدة في بعثة حفظ السلام «يونيسفا». وقصفت مسيّرات «الدعم السريع»، الخميس، مدينة «عطبرة» بشمال السودان، بأعداد كبيرة من المسيّرات الانتحارية، أودت بحياة خمسة أشخاص على الأقل، واستهدفت محطة الكهرباء بالمدينة، ما أدى لانقطاع التيار من عدد من ولايات البلاد.