سلام لـ«الشرق الأوسط»: الانتخابات النيابية في موعدها... وما كتب قد كتب

«الثنائي» يراهن على تجميد المواد الخلافية في القانون

رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة الحكومة)
TT

سلام لـ«الشرق الأوسط»: الانتخابات النيابية في موعدها... وما كتب قد كتب

رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة الحكومة)

يتصدّر المشهد السياسي موضوعان، الأول يكمن في إخراج قانون الانتخاب من التجاذبات بما يكفل إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2026.

وهذا ما أكده رئيس الحكومة نواف سلام بقوله لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة «تحترم الاستحقاقات الدستورية لاستكمال تكوين السلطة، وأن لا مجال لتأجيل الانتخابات النيابية، ولسنا في وارد التقدُّم بمشروع قانون يقضي بالتمديد للبرلمان، لأن ما كُتب في هذا الخصوص قد كُتب ولا عودة عنه، ووزارة الداخلية ماضية في التحضير اللوجيستي والإداري لإنجازها، ولا أظن أن هناك عائقاً أمام إتمامها في موعدها».

كلام الرئيس سلام جاء رداً على سؤال حول موقفه من مشروع القانون المعجل الذي أرسله وزير الخارجية والمغتربين، يوسف رجّي، إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وطلب إدراجه على جدول أعمال أول جلسة للحكومة، ويتضمن إلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب المتعلقتين باقتراع المغتربين اللبنانيين بما يسمح لهم باختيار ممثليهم الـ128 في المجلس النيابي، حسب دوائر قيدهم ومن مقر إقامتهم في دول الانتشار، وكان جواب الرئيس سلام، أنه لم يطّلع عليه حتى الساعة، وهذا ما ينفي كل ما قيل إن رجّي تقدم به بالتشاور مع رئيس الحكومة.

رئيس الحكومة نواف سلام خلال جولة له في مدينة صيدا بدأها صباحاً من «المستشفى التركي» وأنهاها في المرفأ (رئاسة الحكومة)

أما الموضوع الثاني، فيتعلق بموقف لبنان من انتهاء الحرب في غزة الذي أدخل المنطقة في مرحلة سياسية جديدة، وكان وراء اقتراح رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل على غرار تلك التي جرت سابقاً برعاية أميركية مشتركة مع الأمم المتحدة، وأدت إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

ومن المتوقع إدراج الموضوعين على جدول أعمال اللقاء الذي سيعقد الجمعة بين الرئيسين عون وسلام. وكان قد تردد أن دعوة رئيس الجمهورية للتفاوض غير المباشر مع إسرائيل، تهدف إلى إشراك لبنان في التسويات الخاصة بالمنطقة، والإبقاء عليه أولوية تحظى باهتمام دولي، خصوصاً أن اجتماعات هيئة الرقابة الدولية المشرفة على تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، ما زالت تراوح في مكانها ولم تحقق أي تقدم، بعد أن تحولت إلى عداد للخروق والاعتداءات الإسرائيلية، فيما التزم لبنان به منذ اليوم الأول لصدوره.

جوزيف عون يتوسط رئيسَي الحكومة نواف سلام والبرلمان نبيه بري (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر وزارية أن اقتراح عون يحظى بإجماع لبناني ولا يلقى اعتراضاً من «الثنائي الشيعي» الذي سبق وأمّن الغطاء السياسي للمفاوضات التي انتهت إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو مَن توصل في مفاوضاته آنذاك مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، إلى إطار للاتفاق كان وراء تحديد خريطة الطريق التي اتبعها المفاوض اللبناني وأدت إليه.

وتلفت المصادر الوزارية إلى أن «حزب الله» لم يعترض في حينها على التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل، وتقول: «الفارق بين المفاوضات البحرية وتلك المطروحة اليوم، يكمن في أن الاتفاق بوقف الأعمال العدائية الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا لا يزال قائماً، ولا حاجة إلى التوصل إلى آخر جديد، وأن اتفاقية الهدنة الموقّعة بين البلدين تشكل الإطار العام لبدء مفاوضات غير مباشرة برعاية أميركية».

وتؤكد أن «دعوة عون في محلها للإبقاء على لبنان أولوية بعد انتهاء الحرب في غزة، لقطع الطريق على احتمال تراجع الاهتمام الدولي به لإنهاء الحرب، وهذا ما يضع الولايات المتحدة أمام مصداقيتها بإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب تطبيقاً للقرار 1701».

من جلسات البرلمان اللبناني (أرشيفية - إعلام مجلس النواب)

وعن السجال الدائر حول أي قانون ستجري على أساسه الانتخابات النيابية، تقول المصادر إن «طلب الوزير رجي بإدراج مشروع القانون الذي أعده على جدول أعمال أول جلسة للحكومة، يأتي في سياق الضغط الذي يمارسه حزب القوات اللبنانية، ممثلاً بالوزير نفسه، لتمرير رسالة إلى اللبنانيين في بلاد الانتشار، بأنه يبذل كل ما في وسعه لإلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب ما يسمح لهم بالاقتراع لـ128 نائباً».

وتقول المصادر إن حزب «القوات» يرمي إلى «تبرئة ذمته أمام المغتربين في حال استحال عليه إقناع مجلس الوزراء بتبني مشروعه، وهذا ما يتيح له رمي المسؤولية على الحكومة». وتتوقع، التوصل إلى تسوية تقضي بتجميد المواد الخلافية في قانون الانتخاب، لتفادي إقحام مجلس الوزراء في انقسام ينسحب على البرلمان، أو العكس.

وتؤكد أن «التوصل إلى تسوية في هذا الخصوص، سيعني حكماً صرف النظر عن تمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد نيابية، في مقابل عدم السماح للمغتربين بالاقتراع لـ128 نائباً من مقر إقامتهم، وأن مَن يريد الاشتراك في العملية الانتخابية عليه الحضور إلى لبنان».

وتدعو المصادر إيّاها، إلى «حسم الخلاف اليوم قبل الغد، ليكون المغتربون على بينة من أمرهم، خصوصاً أنهم يتريثون في تسجيل أسمائهم للاقتراع بـ6 نواب، فيما الغالبية تتطلع للاقتراع لـ128 نائباً».

وإلى أن يتم التوصل إلى تسوية قاعدتها تجميد المواد الخلافية في القانون، فإن مصادر مقربة من «الثنائي الشيعي» تذهب بعيداً في رهانها على أن الانتخابات حاصلة، وتبدي ارتياحها للأجواء الإيجابية السائدة حالياً بين سلام وبري في ضوء التحسن الذي طرأ عليها مؤخراً، ولم يعد من مكان لمعاودة السجال بينهما، فيما علاقة الأخير بعون «أكثر من ممتازة».

وتؤكد المصادر أن الجلسة النيابية، المقررة الثلاثاء المقبل، هي جلسة انتخاب بامتياز تخصص لانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية. وتتحدث بارتياح عن موقف عون وتفهّم سلام لوجهة نظر «الثنائي»، «لتجنيب الحكومة والبرلمان الدخول في انقسام يمكن تفاديه»، وتراهن على «تفهّم النواب المستقلين لموقفها».


مقالات ذات صلة

البرلمان اللبناني يقرّ قرض إعادة الإعمار بمقاطعة «القوات» و«الكتائب» ومستقلين

المشرق العربي النواب اللبنانيون يقفون دقيقة صمت في مستهل الجلسة التشريعية بالبرلمان (الوكالة الوطنية)

البرلمان اللبناني يقرّ قرض إعادة الإعمار بمقاطعة «القوات» و«الكتائب» ومستقلين

لم تحل مقاطعة حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ونواب مستقلين وتغييريين للجلسة التشريعية دون اكتمال نصاب الجلسة بعد انفراط عقدها لمرتين متتاليتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارات إسرائيلية تواكب جهود دعم الجيش اللبناني وعشية اجتماع «الميكانيزم»

غارات إسرائيلية تواكب جهود دعم الجيش اللبناني وعشية اجتماع «الميكانيزم»

صعّدت إسرائيل، الخميس، عملياتها العسكرية في الجنوب والبقاع عبر سلسلة غارات جوية وتحليق كثيف للطيران المسيّر في الأجواء اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا جنديان من الجيش اللبناني (رويترز - أرشيفية)

فرنسا: اتفاق على عقد مؤتمر في فبراير لدعم الجيش اللبناني

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن الأطراف السياسية التي اجتمعت في باريس، اليوم (الخميس)، اتفقت جميعها على عقد مؤتمر في فبراير (شباط).

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)

مصير الانتخابات النيابية اللبنانية معلّق على لائحة الانتظار الدولي

يترقب اللبنانيون بفارغ الصبر ما سيؤول إليه اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

عثر الجيش اللبناني على أحد الأنفاق التي بناها «حزب الله»، في بلدة تولين بجنوب لبنان، إثر كشف قام به بناء على طلب لجنة «الميكانيزم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
TT

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

قال قيادي في حركة «حماس»، إن المحادثات المقررة في ميامي، الجمعة، للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تفضي إلى وقف «خروق» إسرائيل للهدنة.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» باسم نعيم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وضع حد للعربدة الإسرائيلية المستمرة ووقف الخروق والانتهاكات كافة، وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ».

تستضيف الولايات المتحدة هذه المباحثات في ولاية فلوريدا، حيث من المتوقع أن يلتقي المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف، مسؤولين كباراً من دول الوساطة قطر ومصر وتركيا؛ لدفع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار قدماً.


الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
TT

الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن عماد أمهز، الذي يعد من أهم عناصر وحدة الصواريخ الساحلية (7900) في «حزب الله» اللبناني، الذي نقلته للتحقيق في إسرائيل قبل نحو عام، كشف خلال التحقيقات أسرار الملف البحري السري لحزب الله.

ووفقا لتغريدة نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة إكس، فقد "نفذ مقاتلو وحدة 13 للكوماندوز البحري الإسرائيلي عملية "وراء الظهر" في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد حوالي 140 كم عن الحدود الشمالية، قبل نحو عام وذلك بتوجيه من شعبة الاستخبارات البحرية، للقبض على عماد أمهز ونقل للتحقيق في إسرائيل».

وأضاف أن «أمهز تلقى تدريبات عسكرية في إيران ولبنان واكتسب خبرات وتجربة بحرية واسعة في إطار وظيفته في وحدة الصواريخ الساحلية بهدف تنفيذ عمليات إرهابية بحرية، هذا وتم تدريبه أيضًا في المعهد البحري المدني اللبناني "مارستي"، مما يعتبر مثالاً آخر على استغلال «حزب الله السخري للمؤسسات المدنية اللبنانية في سبيل تطوير نشاطاته الإرهابية».

وذكر أدرعي أن «أمهز كشف أثناء التحقيق معه أنه كان يشغل منصبًا مركزيًا في الملف البحري السري، وأدلى بمعلومات استخبارية حساسة عن الملف، الذي يعد من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله، والذي يتمحور حول تشكيل بنية تحتية منظمة للأنشطة الأرهابية البحرية بستار مدني لغرض ضرب أهداف إسرائيلية ودولية».

ولفت المتحدث الإسرائيلي إلى أن «المشروع البحري السري يعتبر من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله وتم توجيهه مباشرة من قبل حسن نصرالله الأمين العام السابق، وفؤاد شكر، القائد العسكري الأبرز في حزب الله اللذين تم القضاء عليهما خلال الحرب، بالإضافة إلى علي عبد الحسن نور الدين، مسؤول الملف البحري السري».

وأضاف أنه «في أعقاب إحباط المستوى القيادي الذي أشرف على الملف البحري السري بالإضافة إلى المعلومات التي أدلى بها أمهز في التحقيق معه، تمكن الجيش الإسرائيلي من عرقلة تقدم الملف البحري السري في نقطة زمنية حرجة، منعًا لترسخه ونضوجه داخل الحزب».

وذكر أن «حزب الله يعمل على تطوير الملف البحري السري وعلى باقي الوحدات البحرية بفضل الدعم الفكري والمادي الإيراني حيث وبدلاً من استثمار تلك الكمية الهائلة من الأموال في بناء لبنان ومؤسساته، يتم تخصيص هذه الأموال في نشاطات حزب الله الإرهابية».

وشدد على أن «الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل في كافة الجبهات بمختلف الطرق والسبل على إزالة تهديدات موجة ضد مواطني دولة إسرائيل».


تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال عدة أشخاص بين مشاركين ومطّلعين على محادثات لدمج قوات كردية مع الدولة السورية، إن مسؤولين سوريين وأكراداً وأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدّم في اتفاق متعثر بهذا الشأن قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت مصادر سورية وكردية وغربية تحدثت إلى وكالة «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخير، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال خمسة من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد وتسيطر على شمال شرقي البلاد. وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي وثلاثة مسؤولين أكراد، أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها على أن تعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في ثلاث فرق رئيسية وألوية أصغر، شريطة أن تتنازل عن بعض سلاسل القيادة وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية في 8 مارس 2025 تظهر قوات حكومية سورية على نقطة تفتيش في مدينة اللاذقية بالساحل السوري (أ.ف.ب)

«حفظ ماء الوجه»

لم ‌يتضح ما إذا ‌كانت الفكرة ستمضي قُدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق ‌شامل ⁠في ​اللحظات الأخيرة، ‌قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات. ومع ذلك، قال مسؤول بـ«قوات سوريا الديمقراطية»: «نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».

وقال مسؤول غربي ثانٍ، إن أي إعلان في الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئياً «حفظ ماء الوجه» وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار في دولة لا تزال هشة بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد. وذكرت معظم المصادر أن من المتوقع ألا يرقى أي شيء، تفرزه هذه المساعي، إلى مستوى الاندماج الكامل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو المنصوص عليه في اتفاق تاريخي بين الجانبين أبرم في 10 مارس (آذار).

ويهدد الفشل في رأب الصدع الأعمق المتبقي في سوريا بإشعال صدام مسلح قد يعرقل خروج البلاد من حرب استمرت 14 عاماً، وربما يستدرج تركيا المجاورة ⁠التي تهدد بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين.

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)

ويتبادل الجانبان الاتهامات بالمماطلة والتصرف بسوء نية. فـ«قوات سوريا الديمقراطية» لا ترغب في التخلي عن الحكم الذاتي الذي فازت به باعتبارها الحليف الرئيسي ‌للولايات المتحدة خلال الحرب، التي سيطرت بعدها على سجون تنظيم «داعش» وموارد النفط الغنية.

وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد ‍الشرع وتحث على دعم عالمي لحكومته الانتقالية، نقلت رسائل بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق وسهّلت المحادثات وحثت على التوصل إلى اتفاق.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن توماس برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، يواصل دعم وتسهيل الحوار بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية»، قائلاً إن الهدف هو الحفاظ على الزخم الذي يدفع نحو دمج القوات.

فتاة تحمل علم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) خلال مظاهرة في القامشلي... سوريا 17 سبتمبر 2025 (رويترز)

تركيا: صبرنا ينفد

منذ أن فشلت جولة كبيرة من المحادثات بين الجانبين في الصيف، تصاعدت الاحتكاكات، بما في ذلك المناوشات المتكررة على طول عدد من خطوط المواجهة في الشمال.

وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على جزء كبير من شمال شرق ​سوريا حيث يوجد معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، وذلك بعد هزيمة مسلحي تنظيم «داعش» في 2019.

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تنهي عقوداً من القمع ضد الأقلية الكردية، لكن الاستياء من حكمها تنامى بين السكان الذين يغلب ⁠عليهم العرب، بما في ذلك الاستياء من التجنيد الإجباري للشباب.

وقال مسؤول سوري إن الموعد النهائي للاندماج في نهاية العام ثابت ولا يمكن تمديده إلا «بخطوات لا رجعة فيها» من «قوات سوريا الديمقراطية».

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، إن تركيا لا تريد اللجوء إلى الوسائل العسكرية، لكنه حذّر من أن الصبر على «قوات سوريا الديمقراطية» ينفد.

وقلل المسؤولون الأكراد من أهمية المهلة وقالوا إنهم ملتزمون بالمحادثات من أجل تحقيق الاندماج العادل. وقال سيهانوك ديبو وهو مسؤول في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إن «الضمانة الأكثر موثوقية لاستمرار صلاحية الاتفاق تكمن في مضمونه، لا في الإطار الزمني»، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق حتى منتصف 2026 للتعامل مع جميع النقاط الواردة في الاتفاق.

وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) فكرة إعادة تنظيم نفسها في ثلاث فرق جغرافية بالإضافة إلى الألوية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التنازل، الوارد في الاقتراح الذي قدّمته دمشق في الأيام القليلة الماضية، سيكون كافياً لإقناعها بالتخلي عن السيطرة على الأراضي.

وقال عبد الكريم عمر، ممثل «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» التي يقودها الأكراد في دمشق، إن الاقتراح الذي لم يُعلن عنه يتضمن «تفاصيل لوجستية وإدارية قد تسبب خلافا وتؤدي إلى تأخير».

وقال مسؤول سوري كبير لوكالة «رويترز» إن ‌الرد السوري «يتّسم بالمرونة لتسهيل التوصل إلى توافق من أجل تنفيذ اتفاق مارس».