أعلنت القيادة العامة لأركان الجيش المالي، يوم الاثنين، أنها نفّذت «عملية عسكرية استراتيجية» في شمال البلاد، على الحدود مع النيجر، ما أسفر عن مقتل «قيادي إرهابي بارز» في تنظيم «(داعش) في الصحراء الكبرى».
وقالت قيادة الجيش في بيان صحافي إن العملية العسكرية نُفذت يوم السبت 4 أكتوبر (تشرين الأول)، في منطقتي سوكولو وفارابوغو، وأضاف أنه «بعد تحقيقات معمقة ودقيقة، تبيّن أن القتيل هو المدعو (أنْدور)، وهو أحد المطلوبين بتهم تتعلق بأنشطة إرهابية».
وحول هوية (أنْدور)، قال الجيش إنه «من مواليد قرية سوراكو سينغو، ومتورط في تخطيط وتنفيذ عدد من الهجمات الإرهابية في المنطقة، وارتكب كثيراً من المجازر في حق المدنيين العزل».
وأكّدت قيادة الجيش المالي أن هذه العملية العسكرية «تعكس الالتزام الثابت للقوات المسلحة المالية بمكافحة الإرهاب وتأمين المناطق الهشّة من البلاد»، مشيراً إلى أن السلطات «ستظل متأهبة لضمان السلام والاستقرار في المنطقة».
وبهذه العملية العسكرية يزداد الضغط على تنظيم «(داعش) في الصحراء الكبرى»، الذي تلقّى ضربة قوية مطلع أكتوبر الحالي، بعد مقتل عدد من قياداته البارزة في شمال مالي، خلال عملية عسكرية نفذتها قوات مشتركة لدول الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو).
وكانت دول الساحل قد أعلنت أنها نفذت يوم السبت 4 أكتوبر الحالي، ضربات جوية دقيقة في منطقة إينارابان، التابعة لإقليم ميناكا، أقصى شمال شرقي مالي على الحدود مع النيجر، ما أسفر عن مقتل 3 قيادات بارزة في تنظيم «داعش».

ويتعلق الأمر بكل من أبو بكر ديموغي، والمعروف أيضاً باسم (بوبكر أليانس)، وإسماعيل ولد حبيب ولد شغيب، وأحمد ولد علوان ولد شغيب، وجاء في البيان الصادر عن دول الساحل أن الضربات الجوية «نفذت بدقة عالية، وحققت نجاحاً كبيراً، بفضل المعلومات الاستخباراتية، والإعداد الدقيق، والتخطيط المنسق من قِبَل القوة العسكرية المشتركة لتحالف دول الساحل».
وأكّدت مصادر أمنية أن القصف نفذته مسيّرات، ونجحت في «تحييد قادة إرهابيين مؤثرين يقفون وراء العديد من الانتهاكات ضد المدنيين وعمليات خطف وهجمات داخل منطقة التحالف».
وقالت هذه المصادر إن المدعو «أبو بكر ديموغي» يعد واحداً من أبرز وأهم قادة تنظيم «داعش»، وهو النائب الأول لأمير التنظيم عيسى باري، المسؤول عن شمال منطقة ميناكا، التي تشمل مناطق تيدرمين وإكادوان وتدجرت.
وأضافت المصادر أن ديموغي كان يقود مجموعة من الخلايا الإرهابية التي تنشط في المنطقة، ويشرف على الجوانب اللوجيستية وتنظيم الوحدات القتالية، كما كان يتولّى مهمة التخطيط للاغتيالات التي تطول الزعامات المحلية، خصوصاً تصفية سيدي بركة، رئيس المجتمع المدني في ميناكا، التي تسببت في صدمة كبيرة للسكان.
كما ينخرط ديموغي في شبكة إرهابية مختصة في اختطاف الرعايا الغربيين؛ حيث شارك بعض مقاتليه في عملية اختطاف رهينة إسبانية في الجزائر، ورهينة سويسرية في شمال النيجر وأخرى نمساوية.
وكان ديموغي يعقد اجتماعاً تنسيقياً مع إسماعيل ولد حبيب ولد شغيب، وأحمد ولد علوان ولد شغيب، قبل أن يتم قصف المكان من طرف طائرة مسيّرة، ويتأكد مقتل الثلاثة فيما بعد، في حين يرى مراقبون أن هذه العملية تُشكّل انتصاراً عسكرياً ومعنوياً كبيراً لتحالف دول الساحل، في مواجهة الجماعات الإرهابية في المنطقة.
ويُتوقع أن تُضعف هذه العملية الهيكل القيادي لتنظيم «(داعش) في الصحراء الكبرى»، في وقت يسعى فيه التنظيم إلى إعادة تمركزه بعد سلسلة خسائر عسكرية متتالية في ولايتي ميناكا وغاو.
ورغم الترحيب الواسع بهذه الضربة، تُحافظ السلطات في مالي ودول الساحل على حذرها، إذ يؤكد المراقبون أن الجماعات المتطرفة ما زالت قادرة على إعادة تنظيم صفوفها، مستفيدة من اتساع رقعة الصحراء وتداخل الحدود.
ومع ذلك، يرى محللون أن العملية الأخيرة «تؤشر إلى مرحلة جديدة من التنسيق العسكري داخل تحالف دول الساحل، وتعكس تطور القدرات الاستخباراتية والهجومية المشتركة بين جيوش المنطقة».
ولا تزالُ الجماعات الإرهابية تُسيطر على مناطق واسعة من دول الساحل، خصوصاً جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» الموالية لتنظيم «القاعدة»، التي تُسيطر على نسبة كبيرة من أراضي مالي، وتفرض منذ مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي حصاراً على العاصمة المالية باماكو؛ حيث تمنع وصول صهاريج الوقود إليها، ما تسبب في أزمة خانقة في المحروقات.









