ترمب يعلن انتهاء «حرب غزة» ويتعهد تشكيل «مجلس السلام» سريعاً

قال إنه سيجري تشكيل «مجلس سلام»... و«حماس» لن تشارك في حكم القطاع في المرحلة الانتقالية

TT

ترمب يعلن انتهاء «حرب غزة» ويتعهد تشكيل «مجلس السلام» سريعاً

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للمراسلين قبل الصعود للطائرة الرئاسية المتوجهة إلى جولة في الشرق الأوسط (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للمراسلين قبل الصعود للطائرة الرئاسية المتوجهة إلى جولة في الشرق الأوسط (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، انتهاء حرب غزة، مشيراً إلى أن «الأمور ستصير بشكل جيد في غزة».

وقال الرئيس الأميركي قبيل مغادرته إلى إسرائيل ومصر في رحلة تكتسي أهمية كبرى: «لدينا الكثير من الضمانات الشفهية بشأن غزة وربما يجري إطلاق سراح الرهائن مبكراً بعض الشيء». وأضاف ترمب: «أعتقد أن وقف إطلاق النار بين (حماس) وإسرائيل سيصمد، وسيجري تشكيل مجلس سلام على نحو سريع من أجل غزة»، مشيراً إلى أن غزة «تبدو مثل موقع هدم».

وقبيل إقلاع طائرته من قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن، وصف ترمب رحلته إلى الشرق الأوسط بأنها ستكون «مميزة جداً». وقال ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في رد على سؤال عما إذا كان واثقاً من انتهاء النزاع بين إسرائيل وحركة حماس: «الحرب انتهت. حسناً، هل فهمتم ذلك»، معرباً عن ثقته بأن وقف إطلاق النار «سيصمد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للمراسلين قبل الصعود للطائرة الرئاسية المتوجهة إلى جولة للشرق الأوسط (أ.ف.ب)

وتوجّه الرئيس الأميركي، الأحد، إلى إسرائيل ومصر في إطار الجهود لإنهاء الحرب في غزة. وأقلعت الطائرة الرئاسية من قاعدة أندروز قرب واشنطن في أجواء ماطرة. ويرافق ترمب في رحلته وزراء الخارجية ماركو روبيو، والدفاع بيت هيغسيث، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، وفق البيت الأبيض.

وسيقضى ترمب بضع ساعات في إسرائيل التي يصلها صباح اليوم (الاثنين) في أول زيارة له منذ أعادة انتخابه رئيساً. واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب أن العودة المرتقبة للرهائن المُحتجزين في قطاع غزّة ستشكل «حدثاً تاريخيا»، قائلاً: «لقد أنجزنا معاً انتصارات هائلة أدهشت العالم كله. وأريد أن أقول لكم: في أي مكان قاتلنا فيه أحرزنا نصراً، ولكن في الوقت نفسه، أقول لكم إن المعركة لم تنته»، وفق قوله. وأضاف: «ما زالت أمامنا تحديات أمنية كبيرة جداً. البعض من أعدائنا يحاولون التعافي لضربنا من جديد. لكننا (...) سنتولى أمرهم»، من دون تفاصيل إضافية.

وتنص الخطة التي وضعها ترمب لوقف الحرب على الإفراج عن الرهائن الـ47 المتبقين في غزة من أصل 251 رهينة، وبينهم عشرون تعتقد إسرائيل أنهم ما زالوا على قيد الحياة، إضافة إلى رفات رهينة احتجز في عام 2014. وفي المقابل، ستُفرج إسرائيل عن 250 معتقلاً فلسطينياً محكومين بالسجن المؤبد، و1700 معتقل من سكان غزة احتجزوا منذ اندلاع الحرب.

وتتوقع الحكومة الإسرائيلية الإفراج عن الرهائن العشرين الأحياء معاً (وتسليمهم جميعاً) في نفس الوقت إلى الصليب الأحمر ونقلهم في ست إلى ثماني سيارات. مساء، قال مسؤول عسكري إسرائيلي إنه من غير المتوقّع أن تُعاد إلى إسرائيل الاثنين كل جثامين الرهائن المحتجزة في غزة. وأضاف المسؤول خلال إحاطة صحافية ليل أمس (الأحد): «للأسف، نتوقع ألا تُعاد غداً كل جثامين الرهائن المتوفين».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً للصحافيين خلال توجهه إلى إسرائيل ومصر (رويترز)

وقال مصدر مطلع على المفاوضات إن «حماس» أنهت التحضيرات لتسليم الرهائن الأحياء، لكنه شدد على أن الحركة تصر على أن تفرج إسرائيل عن 7 قادة فلسطينيين في عملية التبادل. وأضاف المصدر أن «حماس تصر على أن تشمل القائمة النهائية القادة السبعة الكبار وأبرزهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وعباس السيد»، الأمر الذي أكده مصدر آخر، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية»، وأعلنت المتحدثة باسم رئاسة الحكومة الإسرائيلية أنه «سيتم الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين بمجرد أن تؤكد إسرائيل وصول جميع رهائننا المقرر إطلاق سراحهم غداً عبر الحدود».

برنامج زيارة ترمب... وخطة غزة

ويبدأ ترمب زيارته للمنطقة بمحطة في إسرائيل حيث يلقي كلمة في الكنيست ويلتقي عائلات رهائن الاثنين، قبل الانتقال إلى شرم الشيخ في مصر لحضور قمة السلام التي سيتم خلالها وبحضور أبرز قادة العالم «توقيع وثيقة تقضي بإنهاء الحرب في قطاع غزة» وفق الخارجية المصرية.

وأكد ترمب على متن الطائرة الرئاسية حصوله على «ضمانات» شفهية من الجانبين ومن لاعبين إقليميين رئيسيين آخرين بشأن المرحلة الأولى من الاتفاق، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن أحداً «يريد أن يخذله». وقال إن علاقته بنتنياهو «جيدة للغاية»، مضيفاً: «كانت لدي بعض الخلافات معه وسُويت بسرعة». وأبدى ترمب رغبة بزيارة غزة أو على الأقل أن «يطأ أرضها»، متعهداً بأن يتم تشكيل مجلس السلام الجديد برئاسته المخصص للقطاع «بسرعة جداً».

رد فعل إسرائيليين في انتظار إطلاق سراح الرهائن في ميدان الرهائن بتل أبيب (أ.ف.ب)

وتتهيّأ مستشفيات إسرائيلية عدة لاستقبال الرهائن المفرج عنهم، في حين أشارت سلطات السجون في إسرائيل إلى نقل سجناء فلسطينيين إلى سجنين تمهيداً لإطلاق سراحهم.

وستكون إدارة قطاع غزة، الذي مزقته حرب مستمرة منذ عامين، إحدى القضايا المطروحة. وقال مصدر دبلوماسي أُبلغ بمراسم التوقيع في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مشترطاً عدم كشف هويته، إن «الموقعين سيكونون الأطراف الضامنة وهي الولايات المتحدة ومصر وقطر وربما تركيا». وأعلنت إسرائيل الأحد أنها لن توفد أي ممثل لها إلى القمة، الأمر الذي سبق أن أعلنه مسؤول في «حماس» أول من أمس (السبت).

وبالرغم من التقدم الذي تم إحرازه، ما زال يتحتم على الوسطاء التوصل إلى تسوية سياسية طويلة الأمد تقضي بتسليم «حماس» سلاحها وتخليها عن حكم غزة. وأفاد مصدر في «حماس» مقرب من الوفد المفاوض بأن الحركة لن تشارك في حكم غزة في المرحلة الانتقالية التي تلي الحرب.

وقال المصدر طالباً عدم كشف هويته بسبب حساسية المسألة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «بالنسبة لـ(حماس) موضوع حكم قطاع غزة هو من القضايا المنتهية. (حماس) لن تشارك بتاتاً في المرحلة الانتقالية، مما يعني أنها تخلت عن حكم القطاع ولكنها تبقى عنصراً أساسياً من النسيج الفلسطيني».

مركبة تابعة للصليب الأحمر تتحرك على طول الطريق قبل إطلاق سراح الرهائن كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة (رويترز)

في المقابل، رد على المطالب المتعلقة بتخلي الحركة عن سلاحها قائلاً إن «حماس» موافقة على هدنة طويلة وألا يستخدم السلاح بتاتاً طوال هذه المدة إلا في حال عدوان إسرائيلي على غزة.

وبموجب خطة ترمب، تسحب إسرائيل قواتها على مراحل من مدن قطاع غزة، على أن تحل محلها قوة متعددة الجنسيات تضم قوات من مصر وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة، يتولى تنسيق عملها مركز قيادي تحت إشراف أميركي في إسرائيل. وستعهد الحكومة وفق الخطة الأميركية إلى «لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير سياسية» توضع «تحت إشراف وسيطرة هيئة انتقالية دولية جديدة» برئاسة ترمب.

شاحنات تنتظر

ميدانياً، توجّه غزّيّون إلى الأسواق حيث انخفضت أسعار المواد الغذائية، وسط ترقّب لتخفيف الحصار مع وقف إطلاق النار. وشهد اليوم الثالث من وقف إطلاق النار دخول بعض الشاحنات إلى القطاع، لكن فلسطينيين في خان يونس بجنوب القطاع قالوا إن سكاناً جائعين نهبوا بعض الشحنات وسط فوضى عارمة.

وقال محمد زرب: «لا نريد العيش في غاب» مطالباً بأن يتم تأمين المساعدات وتوزيعها بصورة لائقة. وأضاف: «انظروا كيف أن الطعام مرمي على الأرض». وانتشرت عناصر الشرطة البلدية في مخيم النصيرات، في وسط القطاع، وسط الأنقاض والنفايات، بينما عاد مئات الآلاف من النازحين إلى شمال القطاع، ليجدوا غالباً منازلهم مدمرة.

وأدت الحرب الإسرائيلية إلى سقوط ما لا يقل عن 67806 قتلى، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. ويُظهر الإحصاء أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال.

إلى ذلك، شكك ترمب فيما إذا كان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير سينضم إلى «مجلس السلام» الجديد الذي يهدف إلى الإشراف على إدارة قطاع غزة، وسط انتقادات مستمرة لبلير لدوره في حرب العراق. وقال ترمب: «لطالما أحببت توني، لكنني أريد أن أتأكد من أنه خيار مقبول للجميع»، دون أن يذكر أسماء قادة محددين يمكن أن يكون لهم رأي في اختياره لبلير. وكانت خطة السلام في غزة التي طرحها البيت الأبيض الشهر الماضي قد أدرجت اسم بلير كعضو في المجلس المقترح.

وقال ترمب إن مجلس السلام سيبدأ العمل بسرعة، لكنه بدا غير متأكد مما إذا كان بلير سيحظى بقبول جميع المعنيين. وقال ترمب: «أريد أن أعرف ما إذا كان توني سيحظى بقبول لدى الجميع لأنني لا أعرف ذلك». وقوبلت فكرة تعيين بلير في مجلس السلام بحالة من عدم التصديق بين السياسيين والمحللين الفلسطينيين، وبين أعضاء حزب العمال الذي ينتمي إليه بلير في بريطانيا، نظراً لتضرر سمعته بسبب قراره دعم غزو العراق عام 2003. وفي أعقاب ذلك الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، تبين في نهاية المطاف أن مزاعم الولايات المتحدة وبريطانيا بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل كانت كاذبة.


مقالات ذات صلة

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في غزة

كشف الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة) أنه قتل فلسطينيين اثنين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)

ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان اليوم الخميس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية. ففريقه الذي انتقاه بعناية هذه المرة، على خلاف ولايته الأولى، يتألف بشكل أساسي من وجوه خارجة عن المألوف وبعيدة عن السياسة، خاصة فيما يتعلق بالدبلوماسية الخارجية التي باستثناء وزير خارجيته روبيو الذي يمثل قاعدة الحزب التقليدية، تعتمد على مجموعة من المبعوثين الخاصين وأفراد العائلة المقربين.

ويتكوف وكوشنر وماركو روبيو في لقاء مع الوفد الأوكراني في فلوريدا في 30 نوفمبر 2025 (رويترز)

هؤلاء، من «مبعوث كل شيء» ستيف ويتكوف، إلى توم باراك، المبعوث الخاص لسوريا، ومارك سافايا، المبعوث الخاص للعراق، ومسعد بولس، كبير المستشارين للشؤون الأفريقية والعربية، وصولاً إلى جاريد كوشنر، الذي عاد للواجهة مع اتفاق غزة، يشكّلون واجهة جهود إدارته الدبلوماسية في حلّ النزاعات الدولية، ولعلّ القاسم المشترك بينهم هو غياب خبراتهم الدبلوماسية، ما ولّد شكوكاً حيال فاعليتهم على مسرح السياسات الدولية، التي تتحدى أبرز السياسيين المخضرمين وتحبطهم.

ويتكوف «مبعوث كل شيء»

لكن تحدي الأعراف التقليدية هو ما ميّز إدارة ترمب في عهدها الثاني، فأتى وجه كستيف ويتكوف، رجل الأعمال البارز وصديق ترمب المقرب الذي يرافقه في ممارسة رياضته المفضلة، الغولف، ليفاجئ المشككين ويثبت لهم أن السياسات التقليدية لا تحمل دوماً في طياتها الحلول المفقودة. ويتكوف الذي كان في واجهة المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة، خرج عن الإطار المألوف، فتحدث مباشرة مع حركة «حماس» المصنفة إرهابية، وتواصل بشكل شخصي مع وجوه مثيرة للجدل، وأدلى بتصريحات غير مألوفة، أبرزها عندما تعاطف بشكل علني مع ممثل «حماس» خليل الحية لدى مقتل ابنه في غارة إسرائيلية في قطر، قائلاً إثر لقاء الرجلين: «قدّمنا ​​له التعازي في فقدان ابنه، وأخبرته أنني فقدت ابناً، وأننا بتنا أعضاء في نادٍ قاسٍ للغاية: آباء دفنوا أبناءهم». وذلك في إشارة إلى ابن ويتكوف، الذي قضى جراء جرعة زائدة من المخدرات. تصريح مفاجئ في الشكل والمضمون، ولا يتناسب مع المواقف الأميركية المدروسة بعناية، لكن كثيرين يقولون إن هذا بالضبط ما أدى إلى انفراجة في المفاوضات بين «حماس» وإسرائيل واتفاق هدنة بين الطرفين. اليوم يسعى ويتكوف جاهداً إلى التوصل إلى اتفاق مماثل بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء حرب مستمرة منذ أكثر من 3 أعوام، ويعقد لقاءات مكثفة مع الرئيسين؛ الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فلودومير زيلينسكي، على أمل أن يتمكن من تسليم الرئيس الأميركي نصراً سياسياً، وعد به في حملته الانتخابية، ويقلده وسام رئيس السلام.

مسعد بولس «والد الصهر»

ولا ينصب اهتمام إدارة ترمب على هذين النزاعين فحسب، بل تسعى أيضاً لحلّ النزاعات التاريخية في القارة الأفريقية، وهو ملف تسلمه والد صهر الرئيس مسعد بولس، الذي بدأ مشواره السياسي بتعيينه مستشاراً للشؤون العربية، لكن اهتمام ويتكوف بالملف دفع إلى تسليمه ملف أفريقيا، رغم غياب خبرته الدبلوماسية، على غرار ويتكوف. فبولس اللبناني الأصل، وهو تاجر سيارات سابق في نيجيريا، ساهم بشكل كبير في فوز ترمب في ولاية ميشيغان، وقد أدّت روابطه العائلية بالرئيس الأميركي إلى تعيينه في منصبه، الذي كما هو منصب المبعوث الخاص، لا يحتاج لمصادقة مجلس الشيوخ.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشؤون العربية والأفريقية (نيويورك تايمز)

وفيما يعمل بولس بشكل أساسي في وزارة الخارجية، إلا أن بعضاً من مهامه ترتبط بالبيت الأبيض، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى ارتباك في المؤسستين المعتادتين على نظام البيروقراطية الروتيني، بسبب غياب التنسيق الإداري. ويقول البعض إن سبب هذا الارتباك يعود أيضاً إلى كون وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، مستشار الأمن القومي بالوكالة، لا يوزع مهامه ومهام فريقه بين الخارجية والمكتب البيضاوي. ورغم غياب الخبرة الدبلوماسية، سعى بولس إلى تحدي المنتقدين، فساهم في التوصل إلى اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا، وهو اتفاق تغنى به ترمب، الذي ترأس حفل التوقيع عليه في واشنطن الشهر الحالي. ورغم هذا الاتفاق، لا تزال الأوضاع الميدانية متقلبة مع استمرار الأعمال القتالية. لكن هذا لم يمنع بولس من الانتقال إلى ملف آخر، وهو ملف السودان. فهذه الحرب التي تعهد بالتوصل إلى حلّ لها، لا تزال مستعصية عليه. وقد أعلن ترمب مؤخراً خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن عن نيته التدخل شخصياً لإنهاء الحرب، ليقول وزير خارجيته ماركو روبيو بعد ذلك إن ترمب يهتم شخصياً بالملف «ولا يرسل مندوبين عنه»، ما قرأه البعض على أنه رسالة مبطنة لبولس. لكن التصريحات وراء أبواب مغلقة في واشنطن من قبل مسؤولين حاليين وسابقين، غالباً ما تحذر من الانجرار إلى تفسيرات من هذا النوع، وعدم الاستهانة بأي فرد من أفراد عائلة ترمب، نظراً لاحتكاكهم الدائم به، وسمعة الرئيس المعروف بالاستماع إلى تعليقات المقربين منه.

كوشنر و«تضارب المصالح»

كوشنر في البيت الأبيض في 6 مايو 2025 (رويترز)

ولعل خير دليل على ذلك عودة جاريد كوشنر، صهر ترمب، إلى الواجهة بعد غياب، مع ضلوعه بشكل مباشر في المفاوضات بين إسرائيل و«حماس». ورغم عدم تعيين كوشنر في أي منصب رسمي فإنه يساهم علنياً في ملفات عدة، منها ملف الحرب الروسية الأوكرانية. وفيما يواجه كوشنر، وغيره من المبعوثين والمستشارين الخارجين عن السرب، انتقادات بتضارب المصالح، يقول صهر ترمب: «ما يصفه البعض بتضارب المصالح، يصفه ستيف (ويتكوف) وأنا بالخبرة والعلاقات الموثوقة التي نتمتع بها في مختلف أنحاء العالم».

توم باراك و«سلاطة» اللسان

توم بارام بمنتدى الدوحة في قطر في 6 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ولماذا الاستغراب؟ فترمب هو نفسه رجل أعمال لم تكن له خلفية سياسية ولا دبلوماسية قبل عهده الأول، وهو يثق بالأشخاص الذين يتماشون مع مساره أكثر من السياسيين المخضرمين الذين أعلن الحرب عليهم وعلى البيروقراطية وما يصفه بـ«الدولة العميقة». تصريحاته غالباً ما تصدم الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، وهذه «ميزة» يشاركها معه مبعوثه الخاص لسوريا، توم باراك، الذي على خلاف بقية المبعوثين الخاصين، خضع لمساءلة «الشيوخ» ومصادقته، نظراً لمنصبه الآخر كسفير لتركيا. فباراك، الذي تجمعه علاقة صداقة وشراكة قديمة مع ترمب، أثار الدهشة والغضب في تصريحات اتهم بها الصحافيين اللبنانيين بتصرفات «حيوانية»، وبينما اعتذر لاحقاً، إلا أن تصريحات من هذا النوع تكررت لتثبت أن الرجل بعيد كل البعد عن الدبلوماسية. ورغم ذلك، تمكن حتى الساعة من السيطرة على الأوضاع في سوريا بعد سقوط الأسد، وترأس جهود رفع العقوبات عن نظام الشرع، بالتنسيق مع ترمب ودول المنطقة.

سافايا تاجر الماريغوانا

مسك الختام مع آخر المبعوثين المعينين؛ المبعوث الخاص إلى العراق مارك سافايا، وهو رجل أعمال أميركي من أصل عراقي - كلداني، من ولاية ميشيغان، ساعد ترمب في استقطاب أصوات الناخبين في الولاية. ترمب عيّن سافايا في أكتوبر (تشرين الأول) في هذا المنصب، ليصدم الداخل والخارج، فالرجل يعمل في تجارة الماريغوانا الشرعية في ميشيغان، ولا يملك ما يكفي من الخبرة السياسية لإدارة ملفات العراق الشائكة، لكن من جانب آخر يقول كثيرون إن سافايا قد ينجح في تحقيق ما فشل فيه السياسيون في السابق، خارج الأطر الدبلوماسية والرسمية المعتادة، ويستشهدون بما قالته المختطفة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، التي أطلقت «كتائب حزب الله» سراحها في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد كتبت تسوركوف منشوراً على منصة «إكس» هنّأت فيه سافايا على تعيينه في هذا المنصب، قائلة: «لقد لعب مارك دوراً محورياً في إطلاق سراحي بعد 903 أيام من الاحتجاز لدى (كتائب حزب الله)، وهي ميليشيا عراقية تعمل لخدمة إيران، من دون تقديم أي شيء بالمقابل. هذا خبر سيئ جداً لكل من يخدم مصالح إيران في العراق، ويسعى إلى تقويض سيادة الدولة العراقية».

فهل ينجح رجال الأعمال في تحقيق ما عجز عنه السياسيون، أم أنهم سيصطدمون بحائط البيروقراطية لدى محاولة تطبيق إنجازاتهم؟


«الاستبداد يزدهر في أميركا»... رسالة «عيد الميلاد البديلة» من جيمي كيميل إلى البريطانيين

جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)
جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)
TT

«الاستبداد يزدهر في أميركا»... رسالة «عيد الميلاد البديلة» من جيمي كيميل إلى البريطانيين

جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)
جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)

اختار الكوميدي الأميركي جيمي كيميل أن يقول للبريطانيين، الخميس، في رسالة عيد الميلاد البديلة التي يبثها التلفزيون البريطاني، إن «الاستبداد يزدهر» في الولايات المتحدة.

ورسالة عيد الميلاد البديلة تبثها القناة الرابعة البريطانية منذ عام 1993 بوصفها بديلاً فكاهياً أحياناً، وجاداً أحياناً أخرى عن رسالة عيد الميلاد الملكية التقليدية.

واعتبر كيميل في رسالته «أنه من منظور الفاشية، كان هذا عاماً رائعاً حقاً. الاستبداد يزدهر هنا».

وتطرق كيميل أيضاً إلى تعليق بث برنامجه الفكاهي على شبكة «إيه بي سي» الأميركية لمدة أسبوع في سبتمبر (أيلول)، بعد إدلائه بتعليقات اتهمت اليمين الأميركي باستغلال مقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك.

وقال: «ربما قرأتم في صحفكم الملونة أن رئيس بلادي يرغب في إسكاتي، لأنني لا أعشقه بالطريقة التي يحب أن يُعشق بها». لقد وجهت الحكومة الأميركية تهديداً لي وللشركة التي أعمل بها، وفجأة توقفنا عن البث. ولكن بعد ذلك، هل تعرفون ما الذي حدث؟ حدثت معجزة عيد الميلاد».

وأضاف كيميل أن «ملايين» الأشخاص اعترضوا على ضغوط إدارة الرئيس دونالد ترمب.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

وتابع: «أنا أخبركم بهذه القصة لأنكم ربما تعتقدون أن حكومة تسكت منتقديها أمر يحدث في أماكن مثل روسيا أو كوريا الشمالية (...) وليس المملكة المتحدة. حسناً، هذا ما اعتقدناه. والآن لدينا الملك دوني الثامن يدعو إلى تنفيذ أحكام الإعدام».

وقال كيميل إن عرضه عاد «أقوى من أي وقت مضى» وهو انتصر في المواجهة، حيث تم تمديد عقده حتى منتصف عام 2027.

وناشد كيميل البريطانيين عدم التخلي عن الأميركيين: «نحن نمر ببعض الاهتزاز الآن، لكننا سنتجاوزه. قد لا يبدو الأمر كذلك، لكننا نحبكم يا رفاق».

وجاءت رسالة كيميل الميلادية البديلة بعد انتهاء الملك تشارلز الثالث من إلقاء رسالة الميلاد السنوية من كنيسة وستمنستر، التي دعا فيها إلى «التعاطف والمصالحة» في زمن يسوده «الانقسام» في أنحاء العالم.


قاض أميركي يمنع إدارة ترمب من احتجاز ناشط بريطاني مناهض للتضليل الإعلامي

قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

قاض أميركي يمنع إدارة ترمب من احتجاز ناشط بريطاني مناهض للتضليل الإعلامي

قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)

منع قاض أميركي، الخميس، إدارة الرئيس دونالد ترمب، بشكل مؤقت، من احتجاز الناشط البريطاني المناهض للتضليل الإعلامي عمران أحمد، بعد أن رفع ​المقيم الدائم في الولايات المتحدة دعوى قضائية ضد مسؤولين على خلفية حظر دخوله لدوره فيما تقول واشنطن إنه رقابة على الإنترنت.

وفرضت واشنطن يوم الثلاثاء حظراً على منح تأشيرات دخول لأحمد وأربعة أوروبيين، من بينهم المفوض الفرنسي السابق في الاتحاد الأوروبي تييري بريتون. واتهمتهم بالعمل على فرض رقابة على حرية التعبير أو استهداف عمالقة التكنولوجيا الأميركية بشكل غير ‌عادل من خلال فرض ‌لوائح تنظيمية مجحفة. ويعيش أحمد ‌في ⁠نيويورك ​ويُعتقد ‌أنه الوحيد من بين الخمسة الموجود حالياً في البلاد.

وأثارت هذه الخطوة احتجاجاً من الحكومات الأوروبية التي ترى أن اللوائح التنظيمية وعمل الجماعات التي تركز على المراقبة تجعل الإنترنت أكثر أماناً من خلال تسليط الضوء على المعلومات المضللة وإجبار عمالقة التكنولوجيا على بذل المزيد من الجهد للتصدي للمحتوى غير القانوني بما في ذلك خطاب ⁠الكراهية والمواد التي تحض على الاعتداء الجنسي على الأطفال.

وبالنسبة لأحمد، الرئيس التنفيذي ‌لمركز مكافحة الكراهية الرقمية ومقره الولايات المتحدة ‍والبالغ من العمر 47 عاماً، ‍فقد أثار الحظر مخاوف من الترحيل الوشيك الذي سيفصله ‍عن زوجته وطفله، وكلاهما مواطنان أميركيان، وفقاً لدعوى قضائية رفعها يوم الأربعاء في المنطقة الجنوبية بنيويورك.

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو عند إعلانه عن قيود التأشيرات، إنه قرر أن وجود الخمسة في الولايات المتحدة ​له عواقب وخيمة محتملة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وبالتالي يمكن ترحيلهم.

وذكر أحمد في دعواه أسماء روبيو ⁠ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم ومسؤولين آخرين من إدارة ترمب، وقال إن هؤلاء المسؤولين ينتهكون حقوقه في حرية التعبير والتمتع بالإجراءات القانونية المكفولة، وذلك بتهديدهم له بالترحيل.

وأصدر قاضي المحكمة الجزئية الأميركية فيرنون برودريك، أمراً تقييدياً مؤقتاً يوم الخميس يمنع المسؤولين من احتجاز أحمد أو إلقاء القبض عليه أو نقله قبل أن تتاح له فرصة نظر قضيته، وحدد موعداً لجمع الأطراف في 29 ديسمبر (كانون الأول).

وردًا على أسئلة حول القضية، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية «لقد أوضحت المحكمة العليا والكونغرس مراراً وتكراراً: الولايات ‌المتحدة ليست ملزمة بالسماح للأجانب بالقدوم إلى بلادنا أو الإقامة هنا».