أحمد الحجار: أركز على عبد الوهاب «الإنسان» في مسرحية «أم كلثوم»

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الصدفة قادته لتجسيد دور «موسيقار الأجيال»

أحمد الحجار (الشرق الأوسط)
أحمد الحجار (الشرق الأوسط)
TT

أحمد الحجار: أركز على عبد الوهاب «الإنسان» في مسرحية «أم كلثوم»

أحمد الحجار (الشرق الأوسط)
أحمد الحجار (الشرق الأوسط)

قال الفنان المصري الشاب أحمد الحجار، إن مشاركته في مسرحية «أم كلثوم» تمثل تجربة استثنائية له، وفارقة في مشواره الفني، فهي المرة الأولى التي يقف فيها على خشبة المسرح كممثل محترف في عمل ضخم يجمع بين الموسيقى والدراما والسيرة الذاتية لشخصية من أهم رموز الغناء العربي.

وأضاف في حواره لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصدفة وحدها قادتني إلى الدور الذي أجسد فيه شخصية الموسيقار محمد عبد الوهاب، فلم أكن أعلم بوجود اختبارات أداء مسبقة لاختيار الممثلين المشاركين بالعرض، لكنني كنت مرشحاً لتجسيد شخصية عبد الوهاب ذاتها في مشروع مسرحي آخر كان سيخرجه المخرج الكبير خيري بشارة، لكن المشروع لم يكتمل».

وتابع الحجار: «فوجئت بتواصل شركة الإنتاج معي لترشيحي مجدداً لنفس الدور ضمن مسرحية (أم كلثوم) فذهبت لمقابلة المخرج أحمد فؤاد، الذي حدَّثني مطولاً عن طبيعة العمل وعن تفاصيل الشخصية التي سألعبها، وأخبرني في النهاية بأنه يراني الأنسب لتجسيد دور (موسيقار الأجيال)».

وأكد الحجار أنه كان مهيأً ذهنياً ونفسياً لأداء هذه الشخصية، إذ تربطه بالموسيقار محمد عبد الوهاب علاقة وجدانية منذ طفولته، فقد نشأ على الاستماع لأعماله ومتابعة تاريخه الفني الكبير، وفق تصريحاته. مشيراً إلى أنه يرى في عبد الوهاب شخصية ثرية متعددة الأوجه، تحمل بين طياتها ذكاءً وهدوءاً وثقة نادرة.

وقال الفنان الشاب: «حاولت الغوص في أعماق الشخصية لأعيد تقديمها بصورة إنسانية بعيداً عن النمطية أو التقليد»، موضحاً أن دوره في المسرحية يتناول المنافسة الشهيرة بين عبد الوهاب وأم كلثوم، وهي منافسة فنية شريفة بدأت ذروتها مع أول انتخابات لنقابة الموسيقيين وانتهت بتعاون وصداقة بينهما.

جانب من ليلة العرض الأولى للمسرحية (الشركة المنتجة)

وأوضح أن «المسرحية تطرح هذه العلاقة من منظور إنساني وفني، فالمنافسة بينهما لم تكن قائمة على الكراهية أو الغيرة كما يتخيل البعض، بل على الاحترام المتبادل والتقدير العميق بين اثنين من أعظم المبدعين في تاريخ الموسيقى العربية».

ولفت الحجار إلى أن كلّاً منهما كان يدرك تماماً موهبة الآخر، وكان هذا الوعي المتبادل دافعاً لتجويد العمل وتطوير الذات، موضحاً أن «هذا التوازن هو ما حاول أن يقدمه على المسرح عبر نظرة عبد الوهاب إلى أم كلثوم كندٍّ محترم وليس كمنافس عابر».

وأشار إلى أنه أجرى أبحاثاً مطولة حول شخصية عبد الوهاب، وقرأ كثيراً عن حياته الخاصة والعامة، ودرس مراحله العمرية المختلفة، وشاهد عشرات المقاطع من حواراته المسجلة، ليلتقط من خلالها تفاصيل تعبيره الجسدي ونبرة صوته وطريقته في التفكير، مؤكداً أن «أكثر ما لفت انتباهي هو خفة دم عبد الوهاب الممزوجة بقدر كبير من الصراحة، وهي سمة حاولت أن أعكسها على خشبة المسرح دون مبالغة».

ولفت الحجار إلى أن «تصميم الديكور في المسرحية لعب دوراً كبيراً في إبراز طبيعة الشخصية، فالمكتب الثابت والجو الكلاسيكي المحيط بالمشاهد الخاصة بعبد الوهاب يعكسان شخصيته الرزينة والثقيلة، بينما تتحرك الأحداث حوله لتؤكد أن هذه الرصانة ليست بروداً بل حكمة وفاعلية داخلية».

وأضاف أن «التحدي الأكبر لي كان في تجسيد عبد الوهاب بعيداً عن صورته السينمائية المألوفة لدى الجمهور، فقد أردت أن أقدمه كإنسان له نقاط ضعف وقوة، لا كرمز أسطوري بعيد عن الواقع».

وقال إن المخرج أحمد فؤاد كان له الفضل الأكبر في توجيهه كممثل، فقد حرص على أن يتعامل مع النص من الداخل وليس ككلمات جاهزة، بل كحياة كاملة لها منطقها النفسي والدرامي، موضحاً أن «فؤاد يتميز بقدرته على استخراج المشاعر الدقيقة من الممثلين، ويمنحهم مساحة للتجريب والبحث، مما ساعدني على التعمق في الشخصية وتقديمها بأبعاد إنسانية حقيقية».

أحمد الحجار يجسِّد شخصية عبد الوهاب (الشرق الأوسط)

وأضاف أن النقاشات مع الدكتور مدحت العدل، مؤلف العمل، كانت فنية وثقافية في الوقت نفسه، إذ كان العدل يشرح خلفيات كل مشهد ويستحضر مواقفه التاريخية، ويمنح الممثلين مساحة لإضافة رؤاهم الخاصة، مؤكداً أن هذا الحوار المستمر أسهم في إثراء النص وخلق روح جماعية في العمل.

وتحدث الحجار عن تجربته السينمائية الجديدة في فيلم «الشيطان شاطر» مع أحمد عيد، وهو العمل الذي كتبه لؤي السيد ويُخرجه عثمان أبو لبن، ووصفها بأنها «كانت تجربة متميزة لأنها جمعته بفريق عمل محترف يعرف تماماً ما يريد، وأن هذه التجربة منحته ثقة أكبر في قدراته التمثيلية».

وأضاف أن «التمثيل بالنسبة إليه ليس غريباً على حياته، فهو جزء من تكوينه الفني، لكنه لا يضعه في مرتبة تنافس الغناء أو التلحين»، مشيراً إلى أن الغناء يظل بالنسبة إليه الأولوية والهوية الأساسية، فيما يعد التمثيل مساحة للتعبير والتجريب يطوِّر من خلالها أدواته الإبداعية، وأكد حرصه على حضور ورش التمثيل والتدريب المستمر لأنه يرى أن الفنان يجب ألا يتوقف عن التعلم.

وأشار إلى أنه في الوقت الراهن يعمل على مجموعة من المشاريع الموسيقية الجديدة، إذ يحضّر لـ«ميني ألبوم» يضم خمس أغنيات جديدة سيصدر خلال عام 2026، إلى جانب مجموعة ألحان يقدمها لعدد من المطربين، لافتاً إلى أنه حين يلحن لشخص آخر يضع في اعتباره أن اللحن يجب أن يناسب صوت المطرب وشخصيته، بينما حين يلحن لنفسه يتعامل مع الأغنية بوصفها تعبيراً شخصياً لا يلزم أن يناسب كل الأصوات، «لأن لكل صوت لونه ومساحته، وهذه الفروقات هي ما تصنع التنوع الحقيقي في الغناء العربي»، على حد تعبيره.

وقال أحمد الحجار إن علاقة خاصة تربطه بوالده الفنان علي الحجار، موضحاً أن والده زرع فيه منذ الصغر حب المسرح والموسيقى والانضباط الفني، فأول مرة وقف فيها على المسرح كانت في سن الثامنة عشرة، حين شارك والده في مسرحية «يمامة بيضا»، وهي «التجربة التي شكّلت وعيي المبكر بقيمة المسرح كفنٍّ شامل يجمع التمثيل والغناء والحركة»، وفق قوله.


مقالات ذات صلة

صلاح جاهين يواصل رسم «ضحكة مصر» رغم الغياب

يوميات الشرق احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)

صلاح جاهين يواصل رسم «ضحكة مصر» رغم الغياب

المسرح القومي يحتفي بذكرى صلاح جاهين بعرض حكي وغناء يعيد تقديم أعماله الفنية والغنائية الشهيرة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق «أنا وغيفارا» تراهن على إكمال مسار المسرح الغنائي في لبنان (الشرق الأوسط)

عودة «أنا وغيفارا»... الثورة والإنسانية على خشبة «جورج الخامس»

نجح «الأخوان صبّاغ» في مقاربة سيرتَي رجلَي الثورة؛ كاسترو وغيفارا، بعيداً عن أي انحياز سياسي، وقدّماهما في إطار إنساني عزّز قيم السماحة والغفران.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

يجمع العرض المسرحي «متحف باكثير» أعمال علي أحمد باكثير في تجربة مسرحية معاصرة، مع إطلاق جائزة سنوية لدعم الإبداع العربي وتكريم الفنانين المرتبطين بإرثه.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)

«حبّ في شبه مدينة»... مسرحية عن الإنسان العالق في المكان المُنهَك

الحوار مُحمَّل بالدلالة ومبنيّ على شذرات اعتراف تتقاطع فيها السخرية السوداء مع الإحباط العميق...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق المجتمع الذكوري والتحدّيات بين المرأة والرجل (الشرق الأوسط)

«شي تيك توك شي تيعا»... طارق سويد يُحرز المختلف

اختار طارق سويد أبطال المسرحية من بين طلابه الموهوبين في أكاديمية «بيت الفنّ» التي تديرها زميلته الممثلة فيفيان أنطونيوس...

فيفيان حداد (بيروت)

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
TT

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)

كانت بريجيت باردو أكثر من جسد أيقوني علَّق عليه القرن العشرون خيالاته وأسئلته. وكانت، قبل كلّ شيء، امرأة وُلدت في زمن لا يعرف كيف يتعامل مع أنثى لا تطلب الإذن. امرأة خرجت من الشاشة لتدخل الوعي الجماعي، وتحوّلت من ممثلة إلى مُحرِّكة لقلق المجتمع الذكوري ولمخاوفه من الجسد المُنطلِق، ومن المرأة التي لا يمكن ضبطها أو احتواؤها.

الجمال الذي لا يطلب الإذن غالباً ما يُساء فهمه (أ.ف.ب)

حين ظهرت باردو في خمسينات القرن الماضي، لم يكن العالم مهيّأً لها. كانت السينما لا تزال تبحث عن نساء جميلات «مروَّضات»، وأنوثة يمكن استهلاكها من دون أن تُهدّد البنية الأخلاقية القائمة. لكن باردو جاءت مختلفة. جسدها لم يكن خاضعاً، ونظرتها لم تكن مطيعة، وحضورها لم يكن استعطافياً. لم تؤدِّ دور المرأة المرغوبة فقط، وإنما المرأة الواعية بجاذبيتها، لا تتبرأ منها ولا تُبالغ باستعراضها. هنا تحديداً بدأ الارتباك.

في أفلامها، وخصوصاً «وخلق الله المرأة»، كانت المسألة في الجرأة الوجودية قبل المَشاهد الجريئة. باردو شكَّلت تجسيداً لامرأة تختار وتقتحم وترفض وتُغادر. امرأة لا تُعاقب نفسها كي تُطمئن المجتمع. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت أكثر من نجمة. أصبحت سؤالاً أخلاقياً مُعلّقاً في الهواء.

امرأة صنعت حضورها ثم دفعت ثمنه (أ.ف.ب)

تحوّلت سريعاً إلى ظاهرة ثقافية تتجاوز الشاشة. شعرها الأشقر المنفلت، نظراتها التي لا تنحني، صارت جزءاً من خطاب اجتماعي كامل عن الحرّية والأنوثة غير المروَّضة. لكنها، في مقابل هذه الأيقونية، دفعت ثمناً باهظاً. فباردو التي رآها العالم رمزاً للانطلاق، كانت تعيش قلقاً دائماً واختناقاً من الضوء وشعوراً متنامياً بأنها صارت صورة أكثر مما هي إنسانة. تزوّجت أكثر من مرة، أحبَّت وجُرحت، ووجدت نفسها مُحاصرة بتوقّعات الآخرين، وبفكرة أنها «مُلكية عامة».

امرأة عَبَرَت الزمن بلا اعتذار وبلا محاولة لإرضائه (أ.ف.ب)

لكن المجتمع لا يكتفي بطرح الأسئلة، فيُسارع إلى معاقبة مَن يجرؤ على طرحها. فُتحت على باردو أبواب المجد كما تُفتح الأبواب على العاصفة. صُوّرت، كُتِب عنها، حوصرت بالكاميرات، اختُزلت في جسدها، ثم حُوسبت على هذا الجسد نفسه. أُعجِب بها العالم، لكنه لم يغفر لها أنها لم تطلب إعجابه بالطريقة «الصحيحة».

في عمق هذه المفارقة، عاشت باردو مأساة الأيقونات. حين تتحوّل المرأة إلى أيقونة، يُسلب منها حقّ التعب وحقّ التناقض وحقّ الشيخوخة. فالأيقونة يجب أن تبقى ثابتة، بينما يتغيَّر الإنسان. وبريجيت باردو تغيَّرت كثيراً.

انسحبت من السينما باكراً لتقول، بصيغة أو بأخرى، إنّ هذا العالم لا يُشبهها، ولم تُخلق لتُستَهلك إلى ما لا نهاية. انسحابها كان تمرّداً. كان قرار امرأة اختارت أن تُنقذ نفسها من صورة صنعتها ولم تعد تملكها.

خرج الجمال من القالب وصار موقفاً (أ.ب)

مع الزمن، تغيَّرت ملامحها وتبدَّلت نظرتها إلى العالم. لم تُحاول معاندة العمر، ولم تتصالح معه على الطريقة الرومانسية. كانت علاقتها بالزمن خشنة وصريحة وخالية من المجاملات. لم تُخفِ انزعاجها من الشيخوخة، ولا حنقها على عالم يُقدّس الشباب ثم يدير ظهره لمَن يتقدّم في السنّ. هنا أيضاً، كانت صادقة أكثر مما يحتمل الجمهور.

في مرحلة لاحقة، وجدت باردو في الحيوانات البراءة غير المشروطة والوفاء غير الملوَّث بالسلطة. تلك صفات لم تجدها في البشر. تحوَّل دفاعها عن حقوق الحيوان إلى قضية وجودية. أسَّست مؤسّستها، وكرَّست ما تبقّى من حياتها لمعركة ترى فيها شكلاً آخر من أشكال العدالة. قد يُختلف معها في حدّتها، أو في لغتها، أو في بعض مواقفها، لكن لا يمكن إنكار أنّ هذا الالتزام كان امتداداً لمنطقها نفسه القائم على رفض العنف أياً كان شكله، ورفض الهيمنة أياً كان مصدرها.

باردو كانت دائماً امرأة «غير مريحة». لم تُتقن فنّ إرضاء الجميع، ولم تحاول. وهذا بالضبط ما جعلها أيقونة جدلية تتجاوز التمثال الجميل. فالأيقونة الحقيقية لا تُحَبّ بالإجماع. تُساءَل وتُقلِق. ولمّا لم يكُن الزمن رحيماً بها، لا في ملامحها ولا في صورتها العامة، ولمّا تغيّر وجهها وقسا أحياناً، انعكست تحوّلاتها الداخلية في تصريحات أدخلتها في صدام مع الرأي العام الفرنسي. امرأة كانت رمز التحرُّر، وجدت نفسها لاحقاً على هامش الإجماع، تقول الكلمات بصراحة، وتُقرأ مواقفها أحياناً بمعزل عن سياقها الإنساني المُعقّد. لم تحاول باردو أن تُجمّل صورتها أو تستعيد ودّ الجمهور. بقيت كما هي، حادَّة وصريحة وغير معنيّة بأن تُحَبّ.

ترحل بريجيت باردو وتبقى سيرة المرأة التي دفعت بخيارها ثمن حرّيتها، إلى جانب صورة المرأة الجميلة من زمن مضى. امرأة أحبَّها العالم حين كانت شابّة، وضيَّق عليها حين كبرت. امرأة كشفت، من دون تنظير، كيف يُحبّ المجتمع النساء طالما بقيْنَ ضمن صورته، وكيف يُعاقبهنّ حين يخرجْنَ منها.


قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
TT

قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)

احتفلت قرية باغليارا دي مارسي، وهي قرية ريفية عريقة تقع على سفوح جبل غيريفالكو في منطقة أبروتسو الإيطالية، بولادة أول طفلة منذ 3 عقود.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن هذه الطفلة هي لارا بوسي ترابوكو، وقد ولدت في شهر مارس (آذار) الماضي، لتكون أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ ما يقرب من 30 عاماً.

وبولادتها، وصل عدد سكان القرية، التي يفوق عدد القطط فيها عدد السكان بكثير، إلى 20 شخصاً.

ونظراً لندرة الحدث بالقرية، أصبحت الطفلة الآن عامل الجذب السياحي الرئيسي بالمكان.

وقالت والدتها، سينزيا ترابوكو: «لقد حضر أشخاص لم يكونوا يعرفون حتى بوجود باغليارا دي مارسي، فقط لأنهم سمعوا عن لارا. لقد أصبحت مشهورة وهي لم تتجاوز التسعة أشهر من عمرها».

ويمثل قدوم لارا رمزاً للأمل، ولكنه أيضاً تذكيرٌ مؤلمٌ بتفاقم الأزمة الديمغرافية في إيطاليا.

وفي عام 2024، بلغ عدد المواليد في إيطاليا أدنى مستوى تاريخي له، حيث وصل إلى نحو 369 ألف مولود، مواصلاً بذلك اتجاهاً سلبياً استمر 16 عاماً، وفقاً لأرقام المعهد الوطني للإحصاء.

كما انخفض معدل الخصوبة إلى مستوى قياسي، حيث بلغ متوسط ​​عدد الأطفال المولودين للنساء في سن الإنجاب 1.18 طفل في عام 2024، وهو من أدنى المعدلات في الاتحاد الأوروبي.

وتتعدد أسباب هذا التراجع، من انعدام الأمن الوظيفي وموجة الهجرة الشبابية الهائلة إلى عدم كفاية الدعم المقدم للأمهات العاملات، وكما هي الحال في بلدان أخرى، ارتفاع معدلات العقم لدى الرجال. علاوة على ذلك، يختار عدد كبير من الناس ببساطة عدم إنجاب الأطفال.

وتشير البيانات الأولية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء للأشهر السبعة الأولى من عام 2025 إلى مزيد من الانخفاض.

وشهدت منطقة أبروتسو، ذات الكثافة السكانية المنخفضة أصلاً، انخفاضاً بنسبة 10.2في المائة في عدد المواليد بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024.

وتُعدّ باغليارا دي مارسي قرية صغيرة، لكنها تمثل مشهداً يتكرر في أنحاء البلاد، حيث يزداد عدد كبار السنّ، وتتراجع أعداد الطلاب في المدارس، مما يضع ضغوطاً على المالية العامة، ويُشكل تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة للقادة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية.

وقالت رئيسة البلدية، جوزيبينا بيروزي: «تعاني باغليارا دي مارسي من انخفاض حادّ في عدد السكان، تفاقم بسبب رحيل كثير من كبار السنّ، دون أيّ تغيير في الأجيال».

وأعربت بيروزي، التي تسكن على بُعد خطوات من منزل الطفلة لارا، عن امتنانها لترابوكو (42 عاماً)، وشريكها باولو بوسي (56 عاماً)، لتكوينهما أسرة، وتأمل أن يُلهم ذلك الآخرين لفعل الشيء نفسه.

ويُعدّ وضعهما غير مألوف. فترابوكو، مُدرّسة الموسيقى، وُلدت في فراسكاتي، بالقرب من روما، وعملت في العاصمة الإيطالية لسنوات قبل أن تُقرّر الانتقال إلى القرية التي وُلد فيها جدّها، لأنها لطالما رغبت في تربية أسرة بعيداً عن صخب المدينة. والتقت ببوسي، عامل البناء من المنطقة، قبل بضع سنوات.

واستفاد الزوجان من «منحة المولود» البالغة ألف يورو بعد ولادة لارا، وهي دفعة تُصرف لمرة واحدة عن كل طفل يُولد أو يتم تبنيه منذ يناير 2025، وقد أقرّتها حكومة جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة في جزء من تعهّدها بمعالجة ما وصفته رئيسة الوزراء بـ«الشتاء الديمغرافي» في إيطاليا. كما يتلقّيان أيضاً إعانة طفل تُقدّر بنحو 370 يورو شهرياً.

لكنّ معاناتهم الرئيسية تكمن في التوفيق بين رعاية الأطفال والعمل. فنظام دعم رعاية الأطفال في إيطاليا يعاني من نقص مزمن، وحكومة ميلوني، رغم تصويرها لأزمة انخفاض معدل المواليد على أنها معركة من أجل بقاء الأمة، لم تفِ حتى الآن بوعدها بزيادة عدد دور الحضانة. وتُجبر نساء حوامل على ترك العمل، ثم يواجهن صعوبة في العودة إليه لاحقاً.

كما يشعر الزوجان بالقلق حيال مستقبل لارا الدراسي. فآخر مرة كان فيها لحضانة باغليارا دي مارسي مُعلّمة - كان منزلها يُستخدم بوصفه مدرسة - كانت قبل عقود.

وتوجد مدرسة ابتدائية في كاستيلافيوم القريبة، ولكن بالنظر إلى إغلاق المدارس في جميع أنحاء إيطاليا بسبب انخفاض معدل المواليد، فإنه من غير المؤكد ما إذا كان سيكون هناك عدد كافٍ من الأطفال لدعم هذه المنشأة على المدى الطويل.

وقالت ترابوكو إن الحوافز المالية وحدها لا تكفي لوقف هذا التوجه. وأضافت: «يحتاج النظام بأكمله إلى ثورة. نحن بلد ذو ضرائب مرتفعة، لكن هذا لا يُترجم إلى جودة حياة جيدة أو خدمات اجتماعية جيدة».


وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
TT

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)

أعلنت مؤسسة بريجيت باردو، اليوم (الأحد)، عن وفاة أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن عمر ناهز 91 عاماً، فيما نعاها الرئيس إيمانويل ماكرون معتبرا أنها "أسطورة" كانت "تجسّد حياة الحرية".

بريجيت باردو في قصر الإليزيه عام 2007 (أ.ف.ب)

وجاء في بيان أرسلته المؤسسة إلى وكالة الصحافة الفرنسية: «تعلن مؤسسة بريجيت باردو ببالغ الحزن والأسى وفاة مؤسستها ورئيستها، السيدة بريجيت باردو، الممثلة والمغنية العالمية الشهيرة، التي اختارت التخلي عن مسيرتها الفنية المرموقة لتكريس حياتها وجهودها لرعاية الحيوان ودعم مؤسستها».

ولم يحدد البيان وقت أو مكان الوفاة.

بريجيت باردو تقف في 11 مايو 1993 في باريس بجوار تمثالين نصفيين لماريان، رمز الجمهورية الفرنسية، والتي كانت باردو عارضةً لهما (أ.ف.ب)

وسطع نجم باردو عالميًا بعد ظهورها في فيلم «...وخلق الله المرأة» عام 1956، وشاركت في نحو 50 فيلماً آخر قبل أن تعتزل التمثيل لتتفرغ للدفاع عن حقوق الحيوان.

حضرت الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، نقاشًا ضد صيد الفقمة في المجلس الأوروبي بمدينة ستراسبورغ، شرق فرنسا، في 23 يناير 1978 (أ.ف.ب)

وقررت باردو أن تعتزل التمثيل في أوائل السبعينات بعد مسيرة حافلة بالنجاحات شاركت خلالها في نحو خمسين فيلما.

واستقرت باردو نهائيا بالقرب من مدينة سان تروبيه الساحلية على الريفييرا الفرنسية، حيث كرست نفسها للدفاع عن حقوق الحيوانات.

الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، تلهو مع كلب لدى وصولها إلى ملاجئ الكلاب في كابري (جنوب فرنسا) في 17 يناير 1989 (أ.ف.ب)

ونعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باردو، معتبرا أنها «أسطورة» كانت «تجسّد حياة الحرية». وكتب ماكرون على منصة إكس «أفلامها، صوتها، شهرتها الباهرة، أحرف اسمها الأولى، أحزانها، شغفها السخي بالدفاع عن الحيوانات، ووجهها الذي أصبح ماريان (شعار الجمهورية الفرنسية)، بريجيت باردو جسّدت حياة الحرية. وجود فرنسي وحضور عالمي. لقد لامستنا. نحن ننعى أسطورة من هذا القرن».

ونادرا ما شوهدت باردو في الأماكن العامة خلال الأشهر الأخيرة، لكنها نُقلت إلى المستشفى في أكتوبر (تشرين الأول)، وفي الشهر التالي أصدرت بيانا تنفي فيه شائعات وفاتها.