تصاعد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا... وتحذيرات من حرب

أديس أبابا تتهم أسمرة بـ«تمويل وتعبئة وقيادة» مجموعات مسلحة في أمهرة

الرئيس الإريتري آسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو 2018 (رويترز)
الرئيس الإريتري آسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو 2018 (رويترز)
TT

تصاعد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا... وتحذيرات من حرب

الرئيس الإريتري آسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو 2018 (رويترز)
الرئيس الإريتري آسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو 2018 (رويترز)

يتصاعد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا، وسط حديث من أديس أبابا عن استعدادات تجري لـ«شن حرب» من جانب أسمرة وفصيل في «جبهة تحرير تيغراي» التي هيمنت على الحياة السياسية في أديس أبابا لنحو ثلاثين عاماً، وتعادي حالياً رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد منذ سنوات.

تلك الاتهامات التي تزايدت منذ خلافات 2022، تعد «أمراً لا يستهان به رغم تكرارها في السنوات الأخيرة، ومحاولة استخدامها للسيطرة على الداخل الغاضب بكل البلدين»، وفق تقديرات خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، مستبعداً حالياً، خوض البلدين حرباً مباشرة في ظل عوامل عديدة، بينها الانقسام السياسي والاجتماعي الداخلي في إثيوبيا، والذي يعقّد أي تحرك عسكري خارجي.

وكانت العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا متوتّرة منذ استقلال الأخيرة عام 1993. وبين عامَي 1998 و2000، اندلعت حرب دامية بين البلدين على خلفية نزاعات إقليمية، قبل أن يبرم رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، اتفاق سلام مع الرئيس الإريتري، آسياس أفورقي، عام 2018.

وشهدت العلاقة بين أديس أبابا وأسمرة توتراً ملحوظاً، عقب توقيع الأولى اتفاق «بريتوريا للسلام» مع «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي»، من دون مشاورة حلفائها في الحرب، التي استمرت عامين كاملين (2020 - 2022)، وازدادت حدة التوتر بعد إعلان أديس أبابا عن رغبتها في امتلاك منفذ على البحر الأحمر، واتهمتها أسمرة بالتطلع إلى «ميناء عصب» الإريتري.

وقالت الخارجية الإثيوبية في رسالة موجهة للأمم المتحدة، إن أسمرة و«فصيلاً متشدداً من (جبهة تحرير شعب تيغراي)» يقومان بـ«تمويل وتعبئة وقيادة» مجموعات مسلحة خصوصاً في ولاية أمهرة، حيث يواجه الجيش الإثيوبي تمرداً مسلحاً منذ أعوام، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء.

وأكدت أن «التواطؤ بين أسمرة والفصيل المتشدد أصبح أكثر وضوحاً خلال الأشهر القليلة الماضية، وهناك استعداد بينهما بشكل نشط لشن حرب على إثيوبيا».

دبابة عسكرية إريترية متضررة بالقرب من بلدة ويكرو - إثيوبيا (رويترز)

ولم ترد أسمرة بعد، غير أن وزارة الإعلام الإريترية، عقب رسالة إثيوبية مماثلة للأمم المتحدة، قالت في يونيو (حزيران) إن «إثيوبيا تستخدم أكاذيب لتبرير الصراع وإشعاله»، بعد اتهام الرئيس الإريتري، أديس أبابا، في مايو (أيار) الماضي، بـ«السعي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي تحت شعارات تتعلّق بمنفذ على البحر الأحمر»، تزامناً مع تصريحات مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي، قنا يدتا، كرر فيها التشديد على ضرورة حصول بلاده على منفذ بحري.

الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، قال إنه «على الرغم من أن الاتهامات الإثيوبية لإريتريا بدعم المتمردين داخل إثيوبيا ليست جديدة، فإن السياق الحالي يجعل خطورة هذه الاتهامات، أمراً لا يُستهان به»، موضحاً أن إريتريا، اعتمدت على «استراتيجية دعم الجماعات المتمردة والعرقية داخل إثيوبيا، بهدف حماية حدودها، وضمان عدم تكرار الصراعات الحدودية السابقة».

«هذا التصعيد قد يُستخدم لتوحيد الصف الداخلي، وحشد الرأي العام حول الخطر الخارجي، في محاولة لصرف الأنظار عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الحكومة الإثيوبية»، وفق كلني، مستدركاً: «لكن (جبهة تحرير تيغراي) قد تجد في هذا الوضع فرصة لإعادة تنظيم صفوفها، وربما توسيع تحالفاتها مع جماعات أخرى مناهضة للحكومة المركزية».

وطيلة الأشهر الماضية، كان التوتر حاضراً بين أسمرة وأديس أبابا، وفي مارس (آذار) الماضي، حذَّر نائب حاكم إقليم تيغراي، تسادكان قبرتسائيل، من أن حرباً جديدة بين إثيوبيا وإريتريا «قد تكون على الأبواب»، ورد وزير الإعلام الإريتري، يماني غبريمسقل، على منصة «إكس» وقتها، بالقول إن «استعدادات إريتريا المزعومة للحرب ضد إثيوبيا اتهامات كاذبة».

وفي فبراير (شباط) الماضي، اتّهم الرئيس الإثيوبي السابق، مولاتو تيشومي، إريتريا بالسعي إلى إعادة إشعال الصراع ودعم المتمردين في شمال إثيوبيا. وقد نفت أسمرة تلك الاتهامات عبر وزير إعلامها، ووصفتها بأنها «إطلاق إنذار كاذب».

ورغم تكرار حدة الاتهامات، فإن اندلاع حرب شاملة بين إثيوبيا وإريتريا يبقى احتمالاً ضعيفاً في الوقت الراهن، بسبب مجموعة من العوامل الجوهرية؛ أبرزها الانقسام السياسي والاجتماعي الداخلي في إثيوبيا، والذي يعقّد أي تحرك عسكري خارجي، بحسب الخبير في الشؤون الأفريقية.

وتضاف لذلك، بحسب كلني، أسباب أخرى منها «الخشية من استغلال أطراف إقليمية، بخاصة مصر، للتوترات الحالية لتعزيز نفوذها في المنطقة، نظراً لتحالفها المتين مع إريتريا، ومخاوف إثيوبية من تجدد التمرد في إقليم تيغراي، وتسلل الجماعات المتمردة إلى العاصمة أديس أبابا في ظل التوترات السياسية والاضطرابات الاجتماعية»، متوقعاً، تبعاً لذلك، «البقاء في دائرة استمرار التوتر، وتبادل الاتهامات، للاستخدام السياسي المحلي بكل من البلدين فقط».


مقالات ذات صلة

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

شمال افريقيا جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جدد مجلس الأمن الدولي ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026.

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا آبي أحمد خلال استقبال الرئيس الصومالي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

محادثات «شيخ محمود - آبي أحمد»... هل تلقي بـ«ظلال إيجابية» على الصومال؟

تأتي محادثات بين رئيس الصومال حسن شيخ محمود، ورئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، في توقيت مهم لمقديشو، إذ تتواصل لقاءات للمعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند

محمد محمود (القاهرة )
أفريقيا الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة تنشط فيها مجموعات إرهابية (إعلام محلي)

نيجيريا: مقتل قيادي «إرهابي» في عملية للجيش

أعلن الجيش النيجيري مقتل قائد إرهابي ومصوّره وعدد من العناصر الإرهابية الأخرى، ضمن المهام التي تنفذها قوات عملية «هادين كاي» العسكرية، في ولاية بورنو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
العالم العربي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة بسبب الانتخابات والدستور.

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)

مصر تؤكد رفض أي «إجراءات أحادية» تُصعّد التوتر في القرن الأفريقي

أكدت مصر رفض «أي تدخلات خارجية في شؤون القارة الأفريقية»، ورفض أي إجراءات أحادية في منطقتَي القرن الأفريقي والبحر الأحمر قد تُسهم في زيادة التوتر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
TT

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

وأكدت وزارة النقل المصرية في بيان تصادم فندقين عائمين بنهر النيل في محافظة الأقصر بجنوب مصر أثناء إبحارهما بين مدينتي الأقصر وأسوان السياحيتين و«وفاة إحدى النزيلات».

وأشار البيان إلى «تهشم 3 كبائن» في أحد الفندقين العائمين وتضرر الآخر، بينما تمت إحالة الواقعة إلى النيابة.

https://www.facebook.com/MinistryTransportation/posts/في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAA-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7/1174605321503189/?locale=ar_AR

وأفادت وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء بمقتل سائحة إيطالية تبلغ 47 عاماً بعد نقلها للمستشفى عقب إصابتها في الحادث.

وتعتبر محافظتا الأقصر وأسوان (أكثر من 600 كيلومتر جنوب القاهرة) وجهتين سياحيتين بارزتين، بينما تحاول الحكومة المصرية تنشيط قطاع السياحة الذي عانى من الأزمات الاقتصادية والجائحة العالمية في السنوات الأخيرة.

وتساهم السياحة بـ10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ويعمل في هذا القطاع نحو مليوني شخص، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي نمو نشاط الفنادق بنسبة 13 في المائة مقارنة بالعام السابق، بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأعلن وزير السياحة المصري شريف فتحي الأسبوع الماضي ارتفاع أعداد السائحين إلى نحو 19 مليون، مقارنة بنحو 15 مليون عام 2024.


توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.