دافعت الحكومة المصرية عن جهودها لخفض معدلات التضخم خلال الفترة الماضية، وسط تأكيدات باستمرار الالتزام بمعدلات التخفيض وفق الخطة التي يجري تنفيذها بالتعاون بين «البنك المركزي» والجهات المعنية في البلاد.
وخلال رئاسة رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الثلاثاء، لاجتماع «المجموعة الوزارية الاقتصادية» بحضور محافظ البنك المركزي وعدد من المسؤولين، جرى استعراض استمرار «الانخفاض الملحوظ » في معدلات التضخم، مع تسجيله في أغسطس (آب) الماضي 12 في المائة، مقارنة بـ24 في المائة خلال الشهر نفسه من العام الماضي.
ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري»، الثلاثاء، فإن معدل التضخم الأساسي شهد أيضاً انخفاضاً من 22.6 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 10.7 في المائة في أغسطس 2025، وهو انخفاض «كبير للغاية» مقارنة بمعدل التضخم الأساسي الذي بلغ ذروته في الربع الأخير من عام 2023 الذي وصل إلى ما يقارب 40 في المائة.
وأرجع المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، التراجع إلى «التنسيق والإجراءات التي تمت بين الحكومة و(البنك المركزي)»، مشيراً إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية التي تعافت من آثار الصدمات السابقة، فضلاً عن الانحسار التدريجي لأثر الصدمات السابقة على السلع غير الغذائية والخدمات لكن بوتيرة أبطأ.

قالت عضوة «لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، سميرة الجزار لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراءات الاقتصادية التي اتخذت على مدار العامين الماضيين أسهمت في الوصول بمعدلات التضخم إلى التراجع رغم استمرار بعض الأزمات الجيوسياسية التي لا تزال تحيط بمصر»، مشيرة إلى أن «الحكومة لديها قدرة على الوصول بالمستهدفات التضخمية إلى الأرقام المعلنة حال التحرك بمسارات متعددة، وليس بالاعتماد على مسار واحد».
ويقدر البنك المركزي المصري استمرار تراجع التضخم لنطاق 12 إلى 13 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي، مع استهداف بلوغ متوسط معدل التضخم نطاق 5 إلى 9 في المائة بالربع الرابع من عام 2026، وإلى ما بين 3 إلى 7 في المائة في الربع الرابع من 2028.
وأكدت الخبيرة المصرفية، النائبة السابقة لرئيس «بنك مصر»، سهر الدماطي لـ«الشرق الأوسط» أن الفائدة المرتفعة التي حافظ عليها «المركزي» في الفترة الماضية لعبت دوراً في توجيه المواطنين للادخار بدلاً من الاستهلاك، بجانب كثير من التحركات الأخرى، من بينها سحب السيولة الزائدة، ووضع سعر صرف مرن، لافتة إلى أن «هذا الأمر تكامل مع الإجراءات الحكومية التي ساعدت على وفرةٍ بالنقد الأجنبي، وجذب الاستثمارات على غرار صفقة (رأس الحكمة)، والمشاريع الضخمة في البحر الأحمر، بجانب الأرقام الكبيرة لتحويلات المصريين بالخارج».

وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي بمعدل 49.7 في المائة، لتصل إلى نحو 23.2 مليار دولار، مقابل نحو 15.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق إفادة سابقة للبنك المركزي المصري. (الدولار يساوي 47.5 جنيه).
وأشارت الدماطي إلى أن تراجع معدلات التضخم «سيساعد في دعم القطاعات الإنتاجية، وخفض معدلات البطالة بشكل كبير، بالإضافة إلى الاستمرار في وجود (فائدة إيجابية) على الجنيه، بما سيجعل السوق المصرية جاذبة للاستثمارات الأجنبية»، لافتة إلى أن كل هذه النتائج يتم جني ثمارها من قطاعات مختلفة، رغم استمرار تراجع عائدات قناة السويس بسبب الظروف الجيوسياسية.

أما عضوة «لجنة الخطة والموازنة» فقد لفتت إلى أن عمل الحكومة عبر دعم الاستثمارات الأجنبية وتشجيع التصدير، بالإضافة إلى الانتعاشة بالقطاع السياحي وغيرها من المجالات التي تحقق استدامة في تنويع مصادر الدخل، تدعم بشكل واضح استمرار تحقيق مستهدفات أكبر من المحققة حال تحسُّن الظروف الإقليمية.
وخلال اجتماع مدبولي مع المجموعة الاقتصادية، الثلاثاء، جرت مناقشة «وثيقة السياسة التجارية للدولة المصرية»، التي تستهدف الوصول بالصادرات إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030. وتتضمن «خفض العجز في الميزان التجاري من خلال تعظيم الصادرات وتعميق الصناعة المحلية، دون اللجوء إلى قيود تعرقل الاستيراد أو الإنتاج، بالإضافة إلى اعتماد الاستثمار بوصفه أداة محورية لتحفيز القدرات الإنتاجية الموجهة للتصدير وتقليص الفجوة التجارية، والسعي نحو التحول إلى مركز إقليمي للصناعة والخدمات المُوجهة للأسواق الخارجية».
وترى سهر الدماطي أن تشجيع الصناعة المحلية، والعمل على حل المشكلات التي تواجه القطاع الصناعي، سواء فيما يتعلق بالعمل والتراخيص أو استيراد المواد الخام وصناعتها من «الأمور التي ستجعل المستهدفات الحكومية قابلة للتنفيذ مع زيادة معدلات النمو، خصوصاً فيما سيتحقق بإطار توفير مزيد من فرص العمل».







