كيف استخدمت الولايات المتحدة حق «الفيتو» في مجلس الأمن بشأن حرب غزة؟

روبيو: نتنياهو تجاوز حدود المعقول في غزة

مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ترفع يدها في إشارة لاستخدام حق النقض «الفيتو» خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول غزة 18 سبتمبر 2025 (رويترز)
مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ترفع يدها في إشارة لاستخدام حق النقض «الفيتو» خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول غزة 18 سبتمبر 2025 (رويترز)
TT

كيف استخدمت الولايات المتحدة حق «الفيتو» في مجلس الأمن بشأن حرب غزة؟

مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ترفع يدها في إشارة لاستخدام حق النقض «الفيتو» خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول غزة 18 سبتمبر 2025 (رويترز)
مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ترفع يدها في إشارة لاستخدام حق النقض «الفيتو» خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول غزة 18 سبتمبر 2025 (رويترز)

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أمس الأحد، إن بلاده لا يمكنها تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل على الساحة العالمية، في وقت تزداد فيه العزلة الدبلوماسية لإسرائيل، رغم محاولات واشنطن حماية حليفتها.

وأضاف روبيو، لبرنامج «فيس ذا نيشن»، على «سي بي إس نيوز»: «سواء أكنت تعتقد أن ما حدث كان مبرراً أم لا، صحيحاً أم لا... لا يمكنك تجاهل التأثير الذي تركته هذه (الحرب) على مكانة إسرائيل العالمية».

جاءت تصريحاته رداً على سؤال بشأن تعليقاتٍ أدلى بها الرئيس دونالد ترمب، للقناة 12 الإسرائيلية، في مقابلةٍ قال فيها: «بيبي (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) تجاوز حدود المعقول في غزة، وخسرت إسرائيل كثيراً من الدعم في العالم. الآن، سأعيد كل هذا الدعم».

ودأبت الولايات المتحدة، على مدى عقود، على توفير الحماية الدبلوماسية لحليفتها إسرائيل في الأمم المتحدة.

وفيما يلي كيف تجسَّد ذلك خلال الحرب في قطاع غزة، وفق ما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء:

حق الفيتو

استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ست مرات، خلال العامين المنصرمين، لحماية إسرائيل في مجلس الأمن الدولي من مشاريع قرارات تتعلق بالحرب في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس».

وجاء أحدث استخدام لحق النقض من جانب واشنطن، الشهر الماضي، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن كان يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وبرفع إسرائيل جميع القيود المفروضة على إدخال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني.

وصوَّت كل أعضاء المجلس الباقين، وعددهم 14، لصالح القرار، مما تسبَّب في عزلة للولايات المتحدة.

ومع ذلك وافقت الولايات المتحدة، الشهر الماضي، على بيانٍ صدر عن مجلس الأمن يُدين الضربات التي شنتها إسرائيل، في الآونة الأخيرة، على العاصمة القطرية الدوحة، لكن النص لم يذكر إسرائيل بالاسم.

ماذا حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة؟

اعتمدت الجمعية العامة، التي تضم 193 عضواً، عدة قرارات بشأن غزة، وتجسَّد ذلك بصورة جلية بعد أن منعت الولايات المتحدة مجلس الأمن من اتخاذ أي إجراء بسبب استخدام حق النقض. وقد أظهرت نتائج التصويت في الجمعية العامة عزلة كبيرة لإسرائيل والولايات المتحدة.

وقرارات الجمعية العامة ليست مُلزمة، لكنها تحمل ثقلاً بوصفها انعكاساً لوجهة النظر العالمية تجاه الحرب. وعلى عكس مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، لا تتمتع أي دولة بحق النقض، في الجمعية العامة، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

سيدة تحمل صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط مَسيرة ضد إسرائيل بأمستردام (أ.ب)

وطالبت الجمعية العامة، في الآونة الأخيرة، بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في الحرب في غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية. وأيّدت 149 دولة القرار، بينما امتنعت 19 دولة عن التصويت، وصوّتت الولايات المتحدة وإسرائيل و10 دول أخرى ضد القرار.

المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد خلال التصويت على المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار في غزة 10 يونيو 2024 (رويترز)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، دعت الجمعية العامة إلى هدنة إنسانية فورية في غزة بأغلبية 120 صوتاً مؤيداً. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023، صوّتت 153 دولة للمطالبة بوقف إطلاق النار على الفور، لأغراض إنسانية في غزة. ثم في ديسمبر 2024، طالبت الجمعية العامة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار، وصوّتت لصالح القرار بأغلبية 158 صوتاً.

وفي أبريل (نيسان) 2024، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار قدّمته الجزائر بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

المندوب الأميركي لحظة إعلانه «الفيتو» ضد قرار من مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة (رويترز)

ما الإجراءات التي اتخذت بشأن حل الدولتين؟

أشار روبيو، اليوم الأحد، إلى أن بعض القوى الغربية الرئيسية - فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا - قررت الاعتراف بدولة فلسطينية «بسبب طول هذه الحرب والطريقة التي سارت بها».

وعقدت المملكة العربية السعودية وفرنسا قمة دولية في الأمم المتحدة، خلال يوليو (تموز) الماضي، أعقبتها قمة في الأمم المتحدة، الشهر الماضي؛ في محاولة لتحديد خطوات تُمهد الطريق نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين.

وصوَّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، بأغلبية ساحقة لتأييد إعلان صادر عن مؤتمر يوليو، الذي حدَّد «خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعةَ فيها» نحو حل الدولتين. وحصل القرار، الذي يؤيد الإعلان، على 142 صوتاً مؤيداً، مقابل 10 أصوات معارِضة، بينما امتنعت 12 دولة عن التصويت.

وأيّدت الأمم المتحدة، منذ فترة طويلة، رؤية قيام دولتين تعيشان جنباً إلى جنب ضِمن حدود آمنة ومعترَف بها. ويريد الفلسطينيون إقامة دولة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وكلها أراضٍ احتلّتها إسرائيل في حرب 1967 مع دول عربية مجاورة.

وتقول الولايات المتحدة إن حل الدولتين لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وأعلن نتنياهو صراحة أنه لن يسمح أبداً بقيام دولة فلسطينية، على الرغم من موافقته على خطة ترمب لإنهاء حرب غزة، والتي تتيح مساراً محتملاً، وإن كان مشروطاً للغاية، نحو قيام دولة فلسطينية.

كيف بدأت الحرب؟

أدى هجومٌ شنّته «حماس» على إسرائيل، في السابع من أكتوبر 2023 إلى اندلاع الحرب في غزة. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن «حماس» قتلت في الهجوم 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وخطفت نحو 251 واحتجزتهم رهائن لديها. وتقول السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 67 ألف شخص، معظمهم أيضاً من المدنيين، قُتلوا منذ ذلك الحين، خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة.

وبعد أسابيع قليلة من بدء الحرب، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مؤتمر «رويترز نيكست»، إن عدد المدنيين الذين قُتلوا في تلك المرحلة يُظهر وجود «خطأ واضح» في العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأضاف غوتيريش: «من المهم أيضاً أن تدرك إسرائيل أن مشاهدة (العالم) يومياً لتلك الصورة المروّعة للاحتياجات الإنسانية المأساوية للشعب الفلسطيني تتعارض مع مصالحها. هذا لا يخدم إسرائيل فيما يتعلق بالرأي العام العالمي».


مقالات ذات صلة

تقرير: نتنياهو فكر في فتح معبر رفح قبل لقاء ترمب لكنه تراجع

المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ) play-circle

تقرير: نتنياهو فكر في فتح معبر رفح قبل لقاء ترمب لكنه تراجع

نقلت صحيفة إسرائيلية، عن مصدر، قوله إن بنيامين نتنياهو عرض فتح معبر رفح بين مصر وغزة في كلا الاتجاهين كبادرة حسن نية قبل اجتماعه مع ترمب، لكنه تراجع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

تسريبات إسرائيلية جديدة تتضمن توسيع وجود قواتها بقطاع غزة من 53 إلى 75 في المائة، وسط جهود للوسطاء من أجل الدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

محمد محمود (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب) play-circle

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

وسط زخم من التقديرات والتسريبات الإسرائيلية عما جرى إعداده في تل أبيب للقاء دونالد ترمب، مع بنيامين نتنياهو، اعتبرت مصادر إسرائيلية أن اللقاء «معركة مصيرية».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية 53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

أظهر تقرير صدر اليوم (الأحد) أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج، ارتفع العام الماضي نتيجة الحرب على غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
تحليل إخباري صبية فلسطينيون ينظرون إلى كهف قُتل فيه 3 شبان على يد القوات الإسرائيلية قرب مدينة جنين بالضفة الغربية أكتوبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري الجيش الإسرائيلي يحذر من «فشل استراتيجي» في مواجهة الهجمات الفلسطينية

في حين تشدد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قبضتها على الضفة الغربية وتمارس أبشع عمليات القمع ضد الفلسطينيين تعلو تحذيرات داخلية بأن هذه سياسة «فاشلة استراتيجياً».

نظير مجلي (تل أبيب)

احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)

أفادت وسائل إعلام سورية رسمية بعودة الهدوء مساء أمس (الأحد) في مناطق الساحل كافة، بعد التوترات الأمنية التي شهدتها خلال الاحتجاجات التي لبت دعوة غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي المؤسس في فبراير (شباط) الماضي.

وأعلنت وزارة الدفاع السورية، نشر مجموعات من الجيش مدعومة بآليات مصفحة ومدرعات في مراكز مدن اللاذقية وطرطوس بالساحل الغربي للبلاد عقب الهجوم المسلح من فلول النظام البائد على قوات الأمن والمواطنين خلال الاحتجاجات.

وزارة الداخلية من جهتها، قالت إنّ قواتها الأمنية المكلّفة تأمين الاحتجاجات تعرضت «لاعتداءات مباشرة» من قبل مسلحين ملثمين في اللاذقية، مشيرةً إلى وقوع حوادث مشابهة في ريف طرطوس نفذتها مجموعات مرتبطة بفلول النظام السابق. وتوفي 3 أشخاص وأصيب 60 آخرون بين مدنيين وعناصر أمن، جراء الاعتداءات، وأوضحت مديرية الصحة في تصريح لـ«سانا»، أن الإصابات التي وصلت إلى المشافي شملت إصابات بالسلاح الأبيض، والحجارة وطلقات نارية من فلول النظام البائد على عناصر الأمن والمواطنين.

وأصدر وجهاء من «الطائفة الإسلامية العلوية» في منطقة الساحل بسوريا بيانات ترفض دعوات التقسيم وإثارة الفتن، وتؤكد التزامهم القيم التي تدعو إلى «وحدة الصف وبناء سوريا واحدة موحدة».


نعيم قاسم يطالب بتأجيل «حصرية السلاح»

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
TT

نعيم قاسم يطالب بتأجيل «حصرية السلاح»

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

طالب الأمين العام لـ«حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، الحكومة اللبنانية بتأجيل طرح مسألة «حصرية السلاح» التي تقضي بحصر السلاح بيد الدولة، ووصفها بأنها «غير منطقية في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة».

واعتبر قاسم أن نزع سلاح «حزب الله» هو مشروع أميركي - إسرائيلي «حتى لو سمّوه في هذه المرحلة (حصرية السلاح)»، مضيفاً أن هذا المشروع «يهدف إلى إنهاء قدرة لبنان العسكرية وضرب فئة وازنة من الشعب اللبناني»، ومؤكداً أن «الحكومة قدّمت تنازلات مجانية من دون مقابل، بينما لم تلتزم إسرائيل أي اتفاقات».

وأشار قاسم، خلال كلمة له في مناسبة حزبية، إلى أن «البلاد تقف أمام مفصل تاريخي حاسم»، داعياً إلى «إعادة النظر في الخطط المقترحة حالياً»، ومؤكداً أن «المقاومة التزمت الاتفاق أكثر مما التزمته الدولة، في حين واصلت إسرائيل خرق التفاهمات».


مصادر محلية في اللاذقية: ما حصل من عنف خلال الاحتجاجات استغلال لحق التظاهر السلمي

تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
TT

مصادر محلية في اللاذقية: ما حصل من عنف خلال الاحتجاجات استغلال لحق التظاهر السلمي

تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)

رأت مصادر محلية في محافظة اللاذقية أن ما حصل من تجاوزات وعنف خلال الاحتجاجات التي دعا لها الشيخ غزال غزال، هو استغلال لما أجازه القانون والدولة السورية، أي (التظاهر السلمي)، وتحويله إلى ما يخالف القانون ويهدد الأمن والاستقرار الداخلي.

وعملت عناصر الشرطة في بداية انطلاق المظاهرات على استيعاب تجاوزات واعتداءات قام بها متظاهرون في مدينتي اللاذقية وبانياس بريف طرطوس، ومنع حصول احتكاكات مع مشاركين في مظاهرات مؤيدة للحكومة.

لكن الأمر تطور لاحقاً إلى إطلاق نار على سيارات عناصر الأمن، ومن ثم على العناصر أنفسهم.

وكشف المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، الأحد، أن مشهد هجوم فلول النظام البائد بوحشية على المتظاهرين السلميين يعد انتصاراً للثورة السورية.

وأكد البابا لـ«الإخبارية» أن قوى الأمن الداخلي تتعامل بقدر عالٍ من الانضباط والأخلاق الكريمة، مبيناً أن الاحتجاجات اليوم هي نتيجة دعوات انفصالية، ومشيراً إلى أن النظام البائد حرم الساحل من الخدمات وحوّل السكان إلى حطب.

إبعاد ضابط شرطة مصاب عن منطقة الاحتجاجات في اللاذقية (أ.ب)

وأوضح أن تحريك الغوغاء للابتزاز السياسي للدولة ومحاولة تحصيل مكاسب سياسية في التفاوض، لن يجدي نفعاً.

وبين أن تفجير المسجد في حمص استهدف عدة مكونات وليس مكوناً واحداً، وهناك رؤوس معينة تحرك ما يجري للإضرار بالشعب السوري في المنطقة الساحلية.

من جهته، اتهم النائب المنتخب في مجلس الشعب عن محافظة اللاذقية، الدكتور أوس فائز عثمان، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى الشيخ غزال غزال وفلول النظام التابعة له، باستغلال تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب، الجمعة الماضي، في حي وادي الذهب ذي الأغلبية العلوية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يريدون الذهاب بالبلاد إلى فتنة».

لقاء الرئيس أحمد الشرع في قصر الشعب بدمشق وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس (سانا)

والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع منتصف ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في قصر الشعب بدمشق، وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس بحضور المحافظين المعنيين، وذلك في إطار جهود القيادة لتعزيز الاستقرار والمشاركة الشعبية في تطوير البلاد.

وذكر عثمان أنه تم التوصل خلال اللقاء إلى اتفاق لإخراج الموقوفين من أبناء المنطقة الساحلية وتسوية شؤون العسكريين وإعادة الموظفين إلى وظائفهم، وقد تمت أول خطوة منذ يومين بإخراج نحو 70 موقوفاً من اللاذقية، واليوم، كان من المقرر أن يخرج 250 آخرون، موضحاً أن الدولة تعمل على تنفيذ التزاماتها تجاه المنطقة الساحلية.

وأوضح: «نحن معتادون على عدم الحديث بالطائفية، فاللغة الطائفية هي اللغة الإيرانية»، لافتاً إلى أن غزال يتواصل مع مجموعة من فلول الأسد ويفتعلون هذه الأحداث.

مداخلة من أحد أعضاء وفد الساحل السوري في لقاء الرئيس أحمد الشرع بدمشق وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس (سانا)

ولفت عثمان إلى قيامه بمحاولات من أجل تهدئة الأمور، حيث أصدر وجهاء وأعيان في مدينة القرداحة بياناً يطالب بالهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة، عقب دعوة غزال. وأكد أن الأغلبية الساحقة في المنطقة الساحلية لا تريد التقسيم ولا الفيدرالية التي يطالب بها غزال وجماعته، وقال «نحن لا نقبل بهذا الأمر».

وذكر النائب أن غزال ومجموعات ما تسمى «سرايا درع الساحل» و«سرايا الجواد» و«سهيل الحسن»، هم من يقومون بهذه الأحداث التي تهدف إلى الفتنة، وأضاف: «يريدون تدمير ما تبقى من سوريا بعد أن دمر بشار الأسد الهارب وجماعته قسماً كبيراً منها»، لافتاً إلى أن الطائفة العلوية دفعت ثمناً غالياً جداً خلال حكمه.

وشدد عثمان على ضرورة أن تأخذ الأجهزة الأمنية دوراً أكثر تشدداً على الأرض باعتقال الرؤوس التي تمول وتدفع إلى هذه الأحداث.

وبعدما وصف أعداد المشاركين في المظاهرات بأنها «متواضعة»، قدر عثمان أعدادهم بما لا يتجاوز العشرين ألفاً على امتداد الساحل الذي يصل عدد سكانه من العلويين إلى نحو 4-5 ملايين؛ أي واحد ونصف في المائة من عدد سكان المنطقة.

وحول نوع الفيدرالية التي يطالب بها غزال وأتباعه، أوضح عثمان: «هم لا يعرفون ماذا تعني الفيدرالية. إذا كانوا يطالبون بفيدرالية سياسية فهي تقسيم. وعندما تسألهم في الشارع عن ذلك لا يعرفون حدودها، وحتى غزال نفسه الذي فر إلى خارج البلاد منذ التحرير لا يعرف ما هو معنى الفيدرالية».