انطلقت أعمال السنة التشريعية الجديدة للبرلمان التركي وسط توتر سياسي حاد ومقاطعة من جانب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، احتجاجاً على موجة الاعتقالات في بلدياته، والمتابعات القضائية التي يتعرض لها.
كما قاطع حزب العمال التركي الجلسة الافتتاحية، التي تحدث فيها الرئيس رجب طيب إردوغان، الأربعاء، احتجاجاً على عدم تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية في تركيا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عن نائبه المعتقل، جان أتالاي.
وتناول إردوغان، في كلمته خلال الجلسة، العديد من القضايا الداخلية الإقليمية التي تهم تركيا، وأعطى رسالة على ضرورة توحيد الجهود من أجل تركيا قوية.
غزة وسوريا
وركّز إردوغان، في جانب كبير من خطابه، على حرب غزة والسلام في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى «جهود تركيا، ورد فعلها على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، وإرهاب الدولة الذي تمارسه (إسرائيل في المنطقة)».

وعن سوريا، قال إردوغان إن تركيا دعمت بقوة وحدة أراضيها، واليوم تعارض بشدة مخططات تقسيمها. ووجَّه تحذيراً جديداً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تقودها «وحدات حماية الشعب الكردية»، المدعومة أميركياً، التي تعدُّها أنقرة تنظيماً إرهابياً وامتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا، قائلاً: «إذا لم تُلبَّ المبادرات الدبلوماسية، فإن موقف تركيا وسياستها واضحان؛ لن تسمح تركيا بتكرار ما حدث في سوريا».
القضية الكردية
تناول إردوغان جهود «السلام الداخلي» في تركيا، التي انطلقت العام الماضي بمبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، ودعوة زعيم حزب العمال الكردستاني، السجين، عبد الله أوجلان، في 27 فبراير (شباط) الماضي، لحل الحزب ونزع أسلحته؛ حيث يواصل البرلمان العمل على هذه القضية.

وقال إردوغان إن «التحالف التركي الكردي العربي سيضمن إلى الأبد السلام والهدوء والتنمية والازدهار في المنطقة».
وعقدت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، الخميس، اجتماعها الـ13 في إطار مناقشة وضع الأساس القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني. وشهدت الجلسة خلافاً بين حزبي «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي طالبت نائبته، ميرال دانيش بيشتاش، بوضع القوانين التي تضمن انخراط عناصر «العمال الكردستاني» في المجتمع بالنسبة لمن أمضوا 30 سنة في السجون، و«الحركة القومية»، الذي اعترض نائب رئيسه، فتي يلديز، على هذا المطلب، قائلاً إنه «من السابق لأوانه إصدار لوائح قانونية»، و«لا نتفق مع أفكار مَن يتحدثون في هذا الأمر».
مقاطعة المعارضة... وعودة الرفاق
وفي إشارة ضمنية إلى مقاطعة حزب «الشعب الجمهوري» لجلسة افتتاح البرلمان، قال إردوغان: «لا يوجد سوى مصدر واحد للشرعية في تركيا، هو الإرادة الخالصة للأمة، ولا مكان في تركيا لامتيازات لا تستند إلى إرادة الشعب».

وقال رئيس الحزب، أوزغور أوزيل، في تصريحات من أمام مقر الحزب الإقليمي بإسطنبول، قبل انطلاق جلسة البرلمان: «لقد رحّبنا بإردوغان خلال افتتاح البرلمان العام الماضي، ووقفنا احتراماً لمنصبه. حالياً، يمر حزب الشعب الجمهوري بعملية احتجاز 18 رئيس بلدية من الحزب لم تُوجّه لهم أي اتهامات، لكنهم في السجون». وأضاف: «لا ينبغي لأحد أن يتوقع منا أن نمنح الشرعية لمن يتوسلون الشرعية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب. لقد فعل كل ما في وسعه، منذ العام الماضي، ليضمن أننا لم نعد نرى شرعية لمنصبه».
وانتقد رئيس حزب الحركة القومية الحليف لحزب العدالة والتنمية الحاكم، دولت بهشلي، موقف حزب الشعب الجمهوري، ووصفه بـ«غير الأخلاقي»، وأنه يُعد تعميقاً للأزمة التي يعيشها الحزب، والتي قد تؤدي إلى تفكيكه.

وبينما غاب رئيس حزب الشعب الجمهوري ونواب الحزب، كان رفاق إردوغان القدامي المنشقون عن حزب العدالة والتنمية حاضرين. وللمرة الأولى، شارك كل من رئيس الوزراء السابق، رئيس حزب المستقبل المعارض حالياً، أحمد داود أوغلو، ونائب رئيس الوزراء السابق رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، المعارض حالياً، علي بابا جان، في لقاء مع إردوغان خلال الاحتفال بافتتاح السنة التشريعية الجديدة.
وصافح داود أوغلو وباباجان إردوغان، للمرة الأولى بعد انفصالهما عن الحزب الحاكم وتأسيس حزبين معارضين، احتجاجاً على سياساته في إدارة الدولة والحزب، كما جلسا إلى جواره وتبادلا معه كلمات ودية.
كما حضر الرئيسان المشاركان لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب ونواب من الحزب اللقاء مع إردوغان للمرة الأولى أيضاً.








