تشديد يمني على الحزم الدولي لمواجهة التهديد الحوثي

هجمات الجماعة فتحت بوابة لعقوبات أوروبية مرتقبة

الحوثيون يدعون أن هجماتهم على السفن لدعم الفلسطينيين في غزة (أ.ف.ب)
الحوثيون يدعون أن هجماتهم على السفن لدعم الفلسطينيين في غزة (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني على الحزم الدولي لمواجهة التهديد الحوثي

الحوثيون يدعون أن هجماتهم على السفن لدعم الفلسطينيين في غزة (أ.ف.ب)
الحوثيون يدعون أن هجماتهم على السفن لدعم الفلسطينيين في غزة (أ.ف.ب)

دخلت الهجمات الحوثية المتكررة على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن منعطفاً جديداً، مع تصاعد الدعوات الأوروبية لفرض عقوبات على الجماعة المتحالفة مع إيران وعدّها تنظيماً إرهابياً، وذلك على خلفية الهجوم الأخير على السفينة الهولندية «مينيرفاغراخت» الذي تسبب في اندلاع حريق وإصابة اثنين من طاقمها.

وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن هذه التطورات قد تفتح الباب أمام حزمة أوروبية من العقوبات ضد الجماعة، شدّدت الحكومة اليمنية على أهمية اتخاذ المجتمع الدولي خطوات حازمة لردع الحوثيين، وتحجيم تهديداتهم المتصاعدة للملاحة العالمية.

وأكد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، أن البحر الأحمر تحوّل إلى «ساحة تهديد خطيرة» بفعل الهجمات الحوثية على السفن التجارية والملاحة الدولية.

وأوضح الزنداني في كلمته خلال «لقاء قادة ميونيخ» المنعقد في محافظة العُلا السعودية، أن هذه الممارسات انعكست بصورة مباشرة على حركة التجارة العالمية، ورفعت تكاليف الشحن والتأمين، وأثرت سلباً على الأمن الغذائي وإيصال المساعدات الإنسانية، فضلاً عن تهديدها للسلام والأمن في المنطقة.

وزير الخارجية اليمني دعا إلى وقف التدخلات الإيرانية في بلاده (سبأ)

وأشار الوزير اليمني إلى أن هذه التهديدات «متداخلة مع شبكات ممتدة عبر القرن الأفريقي تشمل جماعات تهريب السلاح والبشر والتنظيمات المتطرفة والقرصنة البحرية»، ما يجعل البحر الأحمر وباب المندب مسرحاً للجريمة المنظمة والإرهاب العابر للحدود.

وشدّد الزنداني على أن «دعم الحكومة اليمنية يمثل أولوية وضرورة ملحّة، عبر شراكة حقيقية تمكّنها من المساهمة في حماية الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي».

وقال إن أي تسوية سياسية شاملة في اليمن ستظل رهينة بوقف التدخلات الإيرانية التي تمكّن الحوثيين من تقويض جهود السلام واستهداف الملاحة الدولية، مؤكداً ضرورة اتخاذ إجراءات جماعية ضد الجماعة، بما في ذلك تصنيفها «منظمة إرهابية دولية».

تراخٍ دولي

من جانبه، رأى وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن الهجوم الأخير على السفينة الهولندية يجسد بوضوح «حجم التهديد الذي تمثله الجماعة الحوثية، ليس فقط على أمن اليمن، وإنما على الاستقرار الإقليمي والدولي، وأمن وسلامة الملاحة في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم».

وأوضح الإرياني في تصريحات رسمية أن «استمرار التراخي الدولي تجاه جرائم الحوثيين ستكون له نتائج كارثية»، مشيراً إلى أن الجماعة لا تلتزم بأي عهد أو ميثاق، وتمثل «أداة بيد النظام الإيراني لتنفيذ أجندته التخريبية»؛ وفق قوله.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (أ.ف.ب)

وأضاف أن «الصمت الطويل من قبل الاتحاد الأوروبي، واعتقاد بعض الدول أن الحوثي يمكن أن يكون جزءاً من مسار بناء السلام، منح الجماعة ضوءاً أخضر لمواصلة عملياتها الإرهابية وتقويض الأمن البحري».

ودعا وزير الإعلام اليمني الدول الأوروبية إلى تحمّل مسؤولياتها السياسية والأخلاقية، والشروع بخطوات تبدأ بتصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»، وتقديم الدعم الكامل للحكومة اليمنية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف الجرائم التي تهدد الأمنين الإقليمي والدولي.

عقوبات أوروبية مرتقبة

في تطور لافت، دعت هولندا الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على الحوثيين، بعدما أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن استهداف السفينة «مينيرفاغراخت» في خليج عدن. وأكدت وزارة الخارجية الهولندية في بيان أن الحوثيين «يشكلون تهديداً خطيراً لحرية الملاحة منذ فترة طويلة».

وبحسب وكالة «رويترز»، فإن أي قرار أوروبي محتمل سيعني إضافة الحوثيين إلى قائمة الإرهاب الأوروبية، التي تضم حالياً 13 فرداً و22 جماعة وكياناً، وهو ما سيترتب عليه تجميد أموال وأصول وفرض قيود اقتصادية.

الهجوم الأخير الذي نفذته الجماعة بصاروخ مجنح - وفق بيان المتحدث العسكري الحوثي يحيى سريع - أدى إلى إصابة اثنين من البحارة وإجلاء الطاقم المكون من 19 فرداً. وأكدت شركة «سبليتهوف» المشغلة للسفينة، مقرها أمستردام، أن الهجوم ألحق أضراراً بالغة وأشعل حريقاً على متنها.

سفينة شحن ترفع العلم الهولندي تعرضت لهجوم حوثي في خليج عدن (أ.ب)

وكان أحدث الهجمات الحوثية المميتة في يوليو (تموز) الماضي، حيث أدت إلى مقتل أربعة بحارة على الأقل واحتجاز 12 آخرين، وغرق سفينتي الشحن «ماجيك سيز» و«إتيرنتي سي» في البحر الأحمر.

ويدعي الحوثيون بأن هجماتهم «إسناد للفلسطينيين في غزة»، فيما تقول الحكومة اليمنية إن هذه الهجمات مرتبطة مباشرة بالدعم الإيراني للجماعة، في إطار استراتيجية للهيمنة على المنطقة.

وإذا ما مضى الاتحاد الأوروبي في خيار العقوبات، فإن ذلك قد يمثل تحوّلاً نوعياً في طريقة التعامل مع الجماعة، بما يعزز مسار المواجهة الدولية، ويضع الحوثيين أمام عزلة سياسية ومالية كبيرة.


مقالات ذات صلة

«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

خاص جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)

«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

دعا مسؤول يمني قادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى المبادرة باتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية تفضي إلى التخلي عن التصعيد المرفوض وطنياً، وإقليمياً، ودولياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية (الشرق الأوسط)

السعودية شريان الحياة للتنمية في اليمن

في إطار جهود السعودية لدعم التنمية المستدامة في اليمن، أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط) play-circle

خاص محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

أكد محافظ حضرموت أن الباب ما زال مفتوحاً أمام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، للانسحاب من المحافظات الشرقية، درءاً لأي اقتتال بين الإخوة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وماركو روبيو وزير خارجية الولايات المتحدة (وام)

عبد الله بن زايد وماركو روبيو يناقشان تطورات اليمن وأوضاع غزة

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، مع ماركو روبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة، العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

الخليج لقطة من مقطع فيديو لمراقبة الشحنة العسكرية قبل أن يضربها التحالف قرب ميناء المكلا أمس (رويترز)

«التحالف» يفند ادعاءات «بيان الإمارات»... خروقات ومخالفات مرتبطة بسفينتي المكلا

أكد تحالف دعم الشرعية في اليمن أن السفينتين اللتين دخلتا ميناء المكلا خالفتا الإجراءات المعمول بها في مثل هذه الحالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.